د. جودة عبد الخالق فى حواره مع «الأهالى»: روشتة عاجلة لإنقاذ الاقتصاد من دوامة الكساد والركود: قضية الإنتاج.. الفريضة الغائبة فى سياسات الحكومة والصندوق

96

أكد د. جودة عبد الخالق، وزير التموين الأسبق، ورئيس اللجنة الاقتصادية لحزب التجمع، أن الحكومة تتمادى فى مخالفة الدستور، مشيرا إلى عدم عرض الإتفاق مع صندوق النقد الدولى على مجلس النواب رغم تطبيقه فعليا وتوقيع الإتفاق منذ ثلاثة أشهر والحصول على الشريحة الأولى من القرض، محذرا من الآثار السلبية لسياسات الحكومة والصندوق التى أدخلت الاقتصاد فى دوامة الكساد والركود نتيجة تعويم الجنيه وإعادة توزيع الدخل بتخفيض نصيب الأجور لصالح عوائد الملكية.. ورفض د. جودة، الاتفاق مع الصندوق، مشيرا إلى الساسيات البديلة التى طرحها حزب التجمع، وقال فى حواره مع «الأهالى» إن برنامج الصندوق يتعامل على أن أزمة الاقتصاد المصرى أزمة مالية فقط، ويسقط من اهتماماته قضية الإنتاج، وبالتالى غابت سياسات الاهتمام بإعادة هيكلة الاقتصاد وزيادة الإنتاجية فى كل القطاعات المختلفة سواء الصناعية أو الزراعية.. فإلى نص الحوار.

■ الوضع الاقتصادى فى مصر حرج.. وبالغ الصعوبة.. هل هناك بدائل لاتفاق الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولى؟
■ ■ لا جدال أن وضع الاقتصاد المصرى صعب.. ولكن لكل مشكلة حل.. وأى مشكلة فى الاقتصاد لابد من دراسة الإمكانيات المتاحة والوسائل البديلة للتعامل مع الوضع الاقتصادى، لكن الحكومة قررت اللجوء إلى صندوق النقد الدولى.. واعتقد أنه خيار خاطئ من وجهة نظري كاقتصادى محترف.. فمصر لديها بدائل عديدة بدلاً من روشتة الصندوق التى سبق تطبيقها ولم تحقق نتائج.
■ أذن أنت ترفض اللاتفاق مع الصندوق.. لماذا؟
■ ■ شروط الصندوق قاسية.. وهى باختصار ترفع الأسعار لخفض فاتورة الدعم من ناحية، ومن ناحية أخرى تفرض على مصر الاقتراض سواء من الداخل أو الخارج لسد الفجوة التمويلية، من خلال السندات الدولارية التى طرحتها الحكومة فى الفترة الأخيرة، أو من خلال الاقتراض من مؤسسات التمويل الدولية، وطرح رؤوس أموال بعض الشركات العامة والبنوك فى البورصة، وبالتالى تزيد من خطورة الدين العام، خاصة إذا حدثت صعوبة فى سداد تلك الديون فستقع مصر فى فخ المديونية الخارجية.. ويتعامل البرنامج مع مصر على أساس أن أزمة الاقتصاد هى أزمة مالية فقط، وهذت خطأ، وبالتالى يركز على المؤشرات المالية فقط، ويسقط تمامًا قضية الإنتاج من اهتماماته، وبالتالى فإن البرنامج بهذه الرؤية لا يحل مشاكل الاقتصاد المصري.
التجمع يطرح البديل
■ وما بدائل الاتفاق مع الصندوق؟
■ ■ البديل الذى نطرحه فى حزب التجمع يستند إلى المعيار الشامل للتقييم، ومن منظور المصلحة الوطنية، أساسه اعتمادنا على الذات وإاستعادة مفهوم الدولة التنموية التى ترتكز على الزراعة والصناعة والتى تكملها وتساندها القطاعات الأخرى وإلى سياسات عامة تحقق التوازن الدقيق بين مقتضيات الكفاءة واعتبارات العدالة وهو ما يتطلب:
1- التركيز على دفع عجلة الإنتاج الصناعى والزراعى وتشغيل المصانع المعطلة لزيادة العرض الكلى وهوما يتيح زيادة حجم ونوعية الصادرات.
2- محاربة الفساد فعلاً لا قولاً.. فساد القمح والخبز مجرد مثال وهو بالمليارات.
3- برنامج للثقشف وضغط الإنفاق على قائمة المشروعات الكبرى بتأجيل بعضها وإلغاء البعض الآخر، ومراجعة نظام دعم القمح والخبز والسلع التموينية وردع المتلاعبين بأقوات الغلابة.
4- ضبط الواردات بغير طريق تعويم الجنيه،. فلو خفضنا وارداتنا بنسبة 20% بالتفاهم مع شركائنا التجاريين، وتقليل غير الضرورى منها إعمالا لحقوق مصر كعضو فى منظمة التجارة العالمية طبقا للمادة 18- ب من اتفاق الجات، نوفر أكثر من 14 مليار دولار، يعنى أكثر من مبلغ قرض الصندوق.
5- ضبط معاملات البورصة ووضع ضوابط على حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج.
6- زيادة شرائح نظام االضرائب التصاعدية على الأشخاص الطبيعيين ورفع الشريحة العليا إلى 30%، وإعادة الإلزام بإقرار الثروة وإعادة العمل بالضريبة على أرباح البورصة بدلا من ضريبة القيمة المضافة، ورفع كفاءة تحصيل الضريبة العقارية والضريبة على الأرباح الرأسمالية وفرض ضريبة على الزيادة فى الثروة.
7- وتطبيق برنامج جاد للتقشف لتقليل الطلب الكلى.
8- تعزيز الاستقرار النقدى وتدعيم القوة الشرائية للجنيه بوضع حد أقصى لزيادة كمية النقود.
9- تغيير نظام سعر الصرف بربط الجنيه بسلة عملات بدلا من الربط بالدولار.
10- وضع سقف معلن للدين العام حماية للأجيال القادمة ووضع سقف معلن للدين العام حماية الأجيال القادمة.
11- وضع نظام لضبط الأسعار بهوامش ربح عادلة.
12- استعادة نظام الدورة الزراعية وإعادة بنك التنمية والائتمان الزراعى إلى وظيفته الأصلية كبنك زراعى، وتنفيذ مشروع قومى لتأهيل شبكة الصرف المغطى للأراضى الزراعية.وتعديل قانون العلاقة الإيجارية للأراضى الزراعية.
اقتصاد صغير
■ لكن الحكومة اختارت الاتفاق مع الصندوق.. فكيف يمكن العمل على تقليل الآثار السلبية للبرنامج؟
■ ■ بالفعل الحكومة لجأت إلى صندوق التقد الدولى.. ولا أعتقد أنها تستطيع التراجع عن هذا الاتفاق رغم آثاره السلبية الواضحة.. وهنا لابد من أن تعمل الحكومة على تقليل الآثار السلبية على المواطنين، خاصة محدودى الدخل الأكثر عرضه للتأثر بسياسات الصندوق من خلال وضع استراتيجية لذلك.
وهنا لابد من النظر إلى تصنيف الاقتصاد المصرى، فهو اقتصاد صغير من حيث الحجم، ويحتل ما بين المركز الـ40 والـ 60 عالميًا، والاقتصاد المصرى اقتصاد شديد الانفتاح على الخارج، ويعانى بشكل واضح من عدم تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء.. والأهم من ذلك أن المجتمع المصرى بدأ فى عملية التغيير خلال ثورة 25 يناير، ومازالت تلك العملية مستمرة، ونتج عن عملية التغيير تحول المصريين من رعايا إلى مواطنين، فالرعايا هم من يقبلون بالأمر الواقع وقرارات الحكومة دون نقاش، لكن الوضع فى مصر تغير، فخلال ست سنوات خلع الشعب رئيسين، وشكل برلمانين، وكتب دستورين، والبقية تأتى.. فالشعب الآن أصبح طرفًا فى المعادلة، ولابد من أخذ رأيه فى كل مايجري، خاصة فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية التى تتصل مباشرة بالوضع الاقتصادى.
المشروطية المسبقة
■ قامت الحكومة فى نوفمبر الماضى بتعويم الجنيه.. وانخفض سعر الجنيه بأكثر من 50 بالمائة من السعر المتوقع من الصندوق.. كأحد شروط الصندوق قبل توقيع الاتقاق.. فما أثر ذلك على الوضع الاقتصادى؟
■ ■ فى ظل تصنيف الاقتصاد المصرى كما ذكرت، يصبح تعويم الجنيه عصب المشكلة، فطالما أنك اقتصاد صغير ولا تستطع التحكم فى المتغييرات الخارجية، فلا تستطيع مثلا التأثير فى سعر البترول أو القمح، وطالما أنك شديد الانفتاح على الخارج، وتعتمد على استيراد المواد الغذائية، يصبح تعويم الجنيه مشكلة كبيرة بحكم الوضع المالى والغذائى والاقتصادى بوجه عام، وهنا يجب التأكيد على أنه عند اتخاذ أى قرار لابد أن يكون على خلفية تحقيق العدالة الاجتماعية، فالتعويم أدى إلى ارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية، وكذلك مكونات الإنتاج، فضلا عن خطة الحكومة لرفع أسعار الطاقة والمياه.
وبرنامج الصندوق يفرض على الحكومة المصرية عدم استخدام الاحتياطى النقدى للدفاع عن سعر الجنيه، وترك سعر العملة يتحدد وفقا لآلية التعامل بين البنوك، أى بقوة العرض والطلب فى السوق، وهذا حدث فى 3 نوفمبر الماضى، أى قبل توقيع الإتفاق مع الصندوق، كشرط مسبق، فضلا عن رفع أسعار الطاقة، وتمرير قانون الخدمة المدنية، والشىء الوحيد الذي لم يتم رفع سعره حتى الآن هو الهواء!
مخالفة الدستور
■ تزور بعثة من الصندوق مصر حاليًا لمراجعة الاتفاق تمهيدا لحصول مصر على الشريحة الثانية من القرض.. فما تعليقك؟
■ ■ اتفقت الحكومة مع صندوق التقد الدولى فى نوفمبر الماضى، وحصلت على الشريحة الأولى من القرض، وحتى هذه اللحظة الحكومة لم تعرض الإتفاق على مجلس النواب، بالمحالفة للدستور، فطبقا لنص المادة 121 من الدستور والتى تنص على أنه لا يجوز عقد اتفاقيات قروض يترتب عليها التزامات على الخزانة العامة للدولة دون العرض على محلس النواب.. فالحكومة تتمادى فى مخالفة الدستور.. فأكثر من ثلاثة أشهر على توقيع الاتفاق ولم يعرض على مجلس النواب، وهذا عدوان على حق الشعب، باعتباره صاحب الكلمة الأخيرة، والذى يتحمل كل أعباء وتكاليف البرنامج.
برنامج الصندق
■ تحدثنا عن المشروطية المسبقة للصندوق التى نفذتها الحكومة.. فماذا عن المشروطية اللاحقة.. أو برنامج الصندوق؟
■ ■ يتضمن برنامج الصندوق، خفض عجز الموازنة العامة للدولة من 13 بالمائة إلى خانة الآحاد، أى 8 بالمائة فى نهاية البرنامج، عن طريق الاقتراض من مصادر مختلفة سواء من الصندوق، وستحصل مصر على 12 مليار دولار، أوعن طريق طرح سندات دولارية كما يحدث الآن، ووصل سعر الفائدة إلى 10 بالمائة على السندات الآجلة لعشر سنوات، إضافة إلى الإقتراض الحكومى لسد الفجوة التمويلية، فضلا عن خفض دعم الطاقة والدعم بشكل عام، والأهم من ذلك خفض فاتورة الأجور، لتحقيق درجة أكبر من مرونة سوق العمل، دون النظر إلى معدل البطالة المرتفع والذي يصل إلى 13 بالمائة، والبطالة بين الشباب تقترب من 30 بالمائة.. ووصل معدل التضخم إلى أكثر من 25 بالمائة، ومعدل الزيادة فى أجور العاملين بالدولة 7 بالمائة، أى أن التضخم أكثر من ثلاثة أمثال زيادة الأجور، أى أن الأجور الحقيقية انخفضت بمعدل 25 بالمائة، وبالتالى الحكومة تعيد توزيع الدخل فى المجتمع بتخفيض نصيب الأجور لصالح عوائد الملكية.
كساد اقتصادى
■ لكن ما تأثير خفض الأجور وزيادة عوائد الملكية على المجتمع؟
■ ■ هذا الإجراء مرفوض كليًا بمعيار العدالة الاجتماعية، ومن ناحية أخرى فإن الجزء الأكبر من الطلب على السلع يأتى من خلال أصحاب الأجور، فإذا اعتصرت أجور العاملين أو أصحاب المعاشات بوضع سقف لزيادة أجورهم، بالتالى ستنخفض القوة الشرائية لهم، وهذا يدخل الاقتصاد فى خطر الكساد الاقتصادى والركود…فالعديد من المصانع بدأت تغلق أو تخفض الإنتاج، نتيجة تعويم الجنيه والموجات المتلاحقة من ارتفاع الأسعار، والتى أدت إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبالتالى ارتفاع أسعار السلع فى الأسواق، وبدأ المواطن فى إعاة ترتيب أولوياته طبقا للوضع الجديد، وكان من نتيجة ذلك انخفاض الطلب بشكل واضح على السلع.
إجراءات سريعة
■ كيف يمكن تلافى هذه الآثار السلبية على الاقتصاد والمواطن؟
■ ■ لابد أن تعمل الحكومة بشكل جاد على تلافى هذه الآثار السلبية حتى لايدخل الاقتصاد فى دوامة الركود، ويجب أن تعمل الحكومة على وضع حد لهذا الارتفاع الفاحش فى سعر الدولار، أى الانخفاض الرهيب فى سعر الجنيه، فلا يمكن بمواصفات الاقتصاد المصري أن تترك سعر العملة فى مهب الريح وفقًا لآليات العرض والطلب، فالصين وهى ثانى أكبر اقتصاد عالمى لم تجرؤ على تحرير عملتها بهذه الطريقة التى تمت فى مصر، بل تدير عملتها أمام العملات الأخري.
وبالتالى لابد هنا من النظر إلى العرض والطلب على العملة الأجنبية، والتدخل فى طرفى المعادلة وهما الصادرات والواردات، وبالنظر إلى الواردات.. فمصر عضو فى منظمة التجارة العالمية، وتتيح لها المادة 18 الفقرة ب من اتخاذ إجراءات لحماية اقتصادها بالاتفاق مع الشركاء التجاريين، هذه الإجراءات قد تكون حظرًا تامًا لعدد من السلع لفترة محددة، أو السماح بدخول السلع بنظام الحصص، بالاتفاق مع الشركاء التجاريين، والتقدم للمنظمة بأسباب ذلك وهى صعوبة الوضع الاقتصادى وهناك خطر شديد على قيمة العملة.
فإذا كانت مصر تستورد ما قيمته 74 مليار دولار بحسب أرقام 2015، فيمكن فى المتوسط ان تخفض وارداتها بنسبة 20 بالمائة أى نحو 14 مليار دولار من خلال منظمة التجارة العالمية، لكن المشكلة أن وزير التجارة لا يعترف بذلك، ويرى إن كبح جماح الواردات يكون من خلال التعريفة الجمركية فقط!.
فالسياسة المطلوبة هى سياسة تجارية.. الحذر والحصص.. إضافة إلى وسائل أخرى لتخفيف الضغط على الجنيه المصرى.
المشروعات القومية
■ توسعت مصر فى الفترة الأخيرة فى المشروعات القومية.. كيف تؤثر هذه المشروعات على الاقتصاد؟
■ ■ البلد توسعت بشكل كبير فى المشروعات القومية الكبرى، ولكن لابد أن يكون لهذه المشروعات دراسات جدوى، لكن كثير من هذه المشروعات لا نعرف له دراسات جدوى أو أنها خضعت لدراسات اقتصادية، مثل العاصمة الجديدة ومشروع الطرق والكبارى ومشروع استصلاح 1.5 مليون فدان.. وعلى فرض أنها ضرورية، ولها جدوى اقتصادية.. لكن فى أصول الإدارة الاقتصادية ما يعرف بالطاقة الاستيعابية للاقتصاد، أي قدرة الاقتصاد على استيعاب هذه المشروعات دون أن يخل ذلك بالطلب الكلى العرض الكلى.. ومشكلة هذه المشروعات أنها تزيد من الطلب الكلى دون أى زيادة فى العرض الكلى، بمعنى أن أخلق طلبًا دون أن يقابله عرضًا، وبالتالي يحدث ارتفاع فى الأسعار وطلب على الواردات وبالتالى زيادة الضغط على الجنيه.. وبالتالى لابد أن تكون هذه المشروعات على جرعات لتحقيق التوازن بين العرض والطلب الكلى… وهذا يتطلب مراجعة قائمة هذه المشروعات، وتحديد أولويات تنفيذها.
بذخ فى الإنفاق
■ فى الوقت الذى تطالب فيه الحكومة الشعب بالتقشف.. تشتري سيارات بـ 18 مليون جنيه لرئيس البرلمان ووكيليه.. فما تعليقك؟
■ ■ يجب مراقبة الحكومة على كل إنفاقها.. فهناك إنفاق ببذخ لا يتفق مع العجز الحالى فى الموازنة العامة للدولة، فمثلا مجلس النواب أنفق 18 مليون جنيه على شراء 3 سيارات مصفحة، وهذا أنفاق بذخ يجب مراقبته فى ظل ارتفاع الدين الداخلى وعجز الموازنة..فالإنفاق الحالى لابد من تخفيضه، ولابد من اتساق السياسات الماية والنقدية. وطلبنا أكثر من مرة بتطبيق اقتصاد الحرب، وهو يعنى ترشيد الإنفاق العام والتقشف.. ونحتاج فى الوقت الراهن لسياسة نقدية واضحة فيما يتعلق بالسيولة المحلية التى تزيد بمعدلات أكبر مما يتحمله الوضع الاقتصادى، ولابد من التنسيق بين السياسات المالية والنقدية لحماية الاستقرار النقدي والمالى فى الاقتصاد.
زيادة العرض
■ بحسب رؤيتكم.. ما الإجراءات التى تطالب بها لزيادة العرض المحلى من السلع لتخفيف الضغط على العملة المحلية؟
■ ■ هناك إجراءات سريعة مطلوبة لزيادة عرض السلع المحلية منها، أولاً: العمل سريعا على إعادة تشغيل المصانع المتوقفة والتى تقدر بالآلاف، بدلا من البحث عن استثمارات جديدة، فمعظم هذه المصانع متوقفة بسبب التعثر المالى، وبالتالى يمكن تسوية أوضاع هذه المصانع بالإتفاق مع البنوك للعودة للعمل مرة أخرى، مما يزيد من العرض الكلى من السلع فى مواجهة الطلب الكلى.
ثانيا: بدلا من مشروع زراعة 1.5 مليون فدان، وهو مشروع مردوده الاقتصادى على المدى الطويل وللأجيال المقبلة، ويحتاج إلى عشر سنوات على الأقل ليصل إلى الإنتاجية الحدية للفدان، إذن لابد من التركيز على التوسع الرأسى فى الزراعة من إعادة تأهيل شبكة الصرف الصحى المغطى فى الأراضى القديمة، وشبكة يزيد عمرها على أربعين عاما، وافتقدت إلى الصيانة، وبالتالى أصبحت متهالكة تماما، وإعادة تأهيل هذه الشبكة يزيد من إنتاجية الفدان بنسبة 20 بالمائة على الأقل، وبالتالى يزيد من عرض السلع الغذائية، ومن دخل الفلاح أكثر الفئات فقرا فى المجتمع، كذلك هذا المشروع يعمل على امتصاص جزء من البطالة، وتشغيل المصانع المحلية، واعتقد أن هذا المشروع له أولوية اجتماعية كبرى.
الطبقة الوسطى
■ إجراءات الصندوق أدت إلى أنهيار فى الطبقة الوسطى.. كيف يمكن حماية هذه الطبقة من الانهيار؟
■ ■ الإجراءات التى أطالب بها من شأنها ان تخفف الضغط على الجنيه، وعندما يحدث ذلك نستطيع حماية الطبقة الوسطى.. ولما نشغل المصانع المتوقفة ونتحكم فى معدلات التضخم بالخفض نقدر نحافظ على الدخول الحقيقية للمواطنين، وهنا تظهر العدالة الاجتماعية، فالتضخم فى علم الاقتصاد بمثابة ضريبة على المجتمع، فعندما يصل التضخم إلى 25 بالمائة معني ذلك أنك فرضت ضريبة 25 بالمائة على المواطن.. أيضا مطلوب توزيع عادل للأعباء، فبدلا من ضريبة القيمة المضافة وهى ضريبة تضخمية، نحتاج إلى تطبيق الضريبة التصاعدية، وزيادة سعر الضريبة على الشريحة العليا من الدخل إلى 30 بالمائة، وفرض ضريبة على الثروة، وتطبيق الضريبة على الأرباح الرأسمالية فى البورصة، لاحظ أن الصندوق كان معترضا على تأجيل تطبيق ضريبة البورصة.
فشل البرنامج
■ أخيرًا.. هل ينجح برنامج الصندوق فى تحقيق أهدافه.. ووضع الاقتصاد المصرى على الطريق السليم؟
■ ■ مشكلة الاقتصاد المصرى القائمة ناتجة عن سوء إدارة الحكومة للاقتصاد بسبب إنحيازها وتطبيقها لحزمة السياسات الجارية منذ أربعة عقود، بما دفع الكيان الاقتصادى أخيرآ إلى أزمة هيكلية فى دورة النشاط والتشغيل، وأدت السياسات المطبقة وخضوع الحكومة لضغوط دوائر المحتكرين إلى تلك الأزمة الناتجة عن تحول الكيان الاقتصادى عن الاستثمار فى قطاعات الصناعات الأساسية والتحويلية والإنتاج الزراعى وتراجع دور الدولة فى إدارة التجارة الخارجية، وكذا فى الرقابة على دورة النشاط الاقتصادى بما فى ذلك الرقابة على النقد والاستيراد وهو ماعرض الاقتصاد للتأثر بعدة صدمات خارجية سلبية.
البرنامج جوهره تقليص دعم الطاقة للمنازل وإلغاء دعمها للمصانع تمامًا مما يعنى زيادة تكاليف الإنتاج، وتجميد الأجور وفرض ضريبة القيمة المضافة مما يعنى خقض الدخول الحقيقية للعاملين، والخصخصة، وتخفيض قيمة الجنيه، ومزيد من الاقتراض الداخلى والخارجى وتباطؤ النمو.. من الناحية الاقتصادية قد يحقق هذا البرنامج بعض الإيجابيات، مثل جذب استثمارات أجنبية إلى البورصة لشراء أسهم شركات وبنوك القطاع العام التى ستطرح للاكتتاب بنصف الثمن بعد قرار تعويم الجنيه. فالبرنامج سيولد موجة غلاء شديدة تؤدى إلى إفقار متزايد للطبقات الدنيا والوسطى ويضر بالعدالة الإجتماعية. وسيُجرِّد المصريين من ممتلكاتهم العامة لصالح أصحاب رؤوس الأموال الأجنبية بأبخس الأثمان، ولن يعيد للاقتصاد المصرى توازنه المفقود، وقد ينتهى بزعزعة الاستقرار الاجتماعى والسياسى.. فالبرنامج يتعامل على أن أزمة الاقتصاد المصرى أزمة مالية فقط، ويسقط من اهتماماته قضية الإنتاج، وبالتالى غابت سياسات الاهتمام بإعادة هيكلة الاقتصاد وزيادة الإنتاجية فى كل القطاعات المختلفة سواء الصناعية أو الزراعية.

التعليقات متوقفه