قانون التأمين الصحى أعباء جديدة على الفقراء.. وخصخصة للمستشفيات الحكومية

46

أرسلت وزارة الصحة والسكان، قانون التأمين الصحى الشامل لقسم التشريع بمجلس الدولة، للبدء فى مراجعته وفقاً لأحكام الدستور تمهيداً لإرساله للوزراء ثم التصويت عليه من أعضاء البرلمان وإقراره لبدء تطبيقيه.
يعتمد مشروع القانون الجديد على تشكيل ثلاث هيئات جديدة تتمثل فى هيئة التأمين الصحى الاجتماعى الشامل، وهيئة الرعاية الصحية، بالإضافة إلى هيئة للاعتماد والرقابة الصحية وذلك بجانب الدور التنظيمى لوزارة الصحة والسكان.
ويتضمن مشروع القانون عدة آليات تمويل تشمل اشتراكات المؤمن عليهم من أصحاب الأعمال والعاملين لديهم، واشتراكات يتحملها رب الأسرة عن أفراد أسرته، بجانب تحمل الخزانة العامة للدولة لاشتراكات غير القادرين.
كما يعتمد التمويل أيضاً على عائد استثمار أموال الهيئات الثلاث، التى يتكون منها النظام بجانب مقابل الخدمات الأخرى، التى تقدمها هذه الهيئات بخلاف المنح والإعانات والتبرعات والوصايا وأموال الزكاة والقروض والمنح الخارجية والداخلية.
نص مشروع القانون فى المادة 12، على أن “تلتزم الدولة برفع كفاءة المنشآت الصحية التابعة لها تدريجيا، قبل البدء فى تطبيق النظام فى المحافظة المقرر البدء فيها، حتى تحصل على الاعتماد”، ليتم تقديم الخدمة عن طريق التعاقد سواء مع مستشفيات القطاع الحكومي أو القطاع الخاص على قدم المساواة، بعد الحصول على شهادة الجودة والاعتماد.
وكانت لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، قد طرحت عدة تساؤلات حول مصير المستشفيات التي ستنخفض بها معايير الجودة بعد ضمها لهيئة الرعاية الصحية التي تؤول إليها كافة المستشفيات المملوكة للدولة، وما هو مصير العاملين بها؟. كما تساءلت اللجنة: هل ستكون الدولة ملزمة عبر أي من هيئاتها ببحث أسباب انخفاض الجودة وعلاجها؟ أم ستخرج المستشفى من التعاقد مع هيئة التأمين الصحي؟ أم ستطرح المستشفى للشراكة مع القطاع الخاص لتطويرها وتشغيلها؟ أم ستطرح للبيع؟ بحجة أن الدولة غير قادرة على ضخ الأموال اللازمة للتطوير والتشغيل ؟.
وقال الدكتور محمد حسن خليل، منسق حملة الدفاع عن الحق فى الصحة، إن مشروع القانون الصحي الجديد والذي وافق عليه مجلس الوزراء، هو امتداد سيئ للقانون القديم، والجوهر هو فتح الباب لخصخصة المستشفيات والتي سيتم تطبيقها فى القانون الجديد، حيث إنه ينص على أن اللجنة التى تنظم الخدمة الصحية هي لجنة غير ربحية لكن فى الحقيقة هي لجنة ربحية، لأنها سوف تقوم ببيع الخدمة الطبية للتأمين الصحي بنفس سعر المستشفيات الخاصة.
وأضاف خليل، أن القانون الجديد يطالب غير القادرين من الطبقات الفقيرة وأصحاب المعاشات وأطفال الشوارع بدفع 20% من تكاليف العلاج، وذلك بالمخالفة لنص الدستو، وعلى الرغم من أن هذة الفئات معفاة من هذه الرسوم فى الوقت الحالي.
وأوضح خليل إن المساهمات التي نصت عليها المسودة تخالف بشكل واضح الدستور، وأيضا فإن مساهمة المواطن فى أشعة مكلفة مثل الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسى قد تصل إلى مائة أو مائتى جنيه، بينما قد يزيد إجمالى المساهمات فى التحاليل والأشعة والأدوية إلى خمسمائة جنيه، وهذا ليس فقط فى الشهر الواحد ولكن فى العيادة الواحدة فى الشهر الواحد.
وتابع خليل: إذا كان قدرُ المواطن أن يذهب فى نفس الشهر إلى عيادة قلب وعيادة رمد مثلا، وطولب بدفع النسبة فى تحاليل وأشعات وأدوية كل عيادة لأصبحت كارثة تعيق إتاحة العلاج له وتنسف القاعدة الأساسية للتأمين الصحى.
واشتملت مسودة القانون التي تجرى مراجعتها لتطبيقها على رفع اشتراك الزوجة التي لا تعمل، من 2% من إجمالي أجر الزوج، إلى 2.5 %، كما تم رفع اشتراك كل ابن من 0.5% من أجر الوالد أو العائل، إلى 0.75 %، ولا تتحمل الدولة أي نسبة للأطفال، كما أن المشروع يربط تقدم الطفل للدراسة بسداد أقساط التأمين الصحي، إضافة الى إلزام أصحاب المعاشات بدفع اشتراك الزوجة والأبناء المعالين ومساهماتهم.
وقالت لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، فى ورقة ملاحظات أعدتها حول القانون، إن البدء بتنفيذ نظام تأمين صحي اجتماعي شامل يستلزم توفير المقومات الأساسية التي تمكن من تنفيذ هذا النظام، مثل التمويل الكافى الذى نص عليه الدستور وتوفيرمستلزمات العلاج والأجور التى تجذب الأعداد الكافية من الأطباء والتمريض، وتوفير قائمة الأدوية الأساسية وحل مشاكل العجز الشديد فى التمريض والعجز فى الأطباء و بالأخص أطباء طب الأسرة و التخصصات الحرجة.
وأشارت اللجنة، الى أن المشروع مقدم بدون دراسة إكتوارية تضمن جدية الطرح المالي، وتضمن الاستدامة، كما يلاحظ أن النسخة الأخيرة حذفت نصًا كان موجودا بنسخ سابقة التزاما بنص الدستور وهو “ الإنفاق الحكومي لا يقل عن 3% من الناتج القومي”، كما حذفت النسخة الأخيرة 10 أنواع من الضرائب التي كانت مفروضة فى النسخ السابقة لصالح التأمين الصحي.
يذكر، إن كل النسخ السابقة من القانون كانت تجعل ضريبة السجائر 10% من قيمة العبوة المباعة، بينما تم تثبيتها بمقدار 50 قرشًا لكل علبة، أى أنها قلت فى السجائر المحلية إلى أقل من الثلث والأجنبية إلى السدس.
وأكدت اللجنة، أن الصياغة الحالية لتعريف غير القادرين الذين تلتزم الدولة بدفع الاشتراك عنهم، ماتزال صياغة طويلة مطاطة لا تعطي معنى واضحا، والمطلوب بدلا منها النص على أن “غير القادر هو الذي يقل إجمالي دخله عن الحد الأدنى للأجور الذى يتحدد على أساس سلة السلع والخدمات الأساسية التى تكفى الأسرة”.

التعليقات متوقفه