شكشكة: ليسوا متعصبين و لسنا مسلمين

155

 

فشلنا فى الفوز بمنصب مدير اليونسكو أكثر من مرة، لم يكن بسبب عدم كفاءة المرشحين، و لا لأن الغرب متعصب ضد العرب والمسلمين، بل لأننا لا نستحق المنصب. الغرب يتابع فى إعلامه معاركنا مع بعضنا البعض ويعانى من استفحال ظاهرة الإرهاب فى مدنه ومدننا باسم الاسلام، ويرى الدرك الذى انزلق اليه مسلمو القرن الحادى والعشرين وتخلفهم و عجزهم المشين عن الحفاظ على تراثهم الفكرى والأثرى. خاض العرب معركة انتخاب مدير اليونسكو مشرذمين، ولم يجمعوا على اختياردولة عربية تمثل الجميع بل طمعت كل دولة فى أن تفوز بالمنصب وكانت النتيجة خسارة لكل من شارك.

نحن العرب لا نحفل كثيرا بتجميل وجهنا القبيح، ونهمل علاقاتنا بالأجانب كما لو كانت لا تعنينا فى شىء، وأحد الأمثلة على ذلك وما أكثرها، أن عدد الدول الأعضاء فى منظمة القلم الدولية بين اثنين وعشرين دولة عربية يعد على أصابع اليد الواحدة، رغم كل ما يعانيه الكتاب العرب من اضطهاد واقصاء وخطف واعتقال وقتل وحاجتهم الماسة للتواصل مع كتاب العالم ورغم أهمية هذه المنظمة التى ينتمى اليها أهم وأشهر كتاب العالم.

وفى عام 2011ترشحت لمجلس ادارة المنظمة ، وتم التصويت فى حضور الدكتور أسامة نصار مدير العلاقات الثقافية فى ذلك الوقت والزميل محمد سلماوى رئيس اتحاد كتاب مصر. وحصلت ورئيس الفرع الفرنسى على أعلى الأصوات، وتكرر التصويت فتعادلنا مرة أخرى وتأجل التصويت النهائى لما بعد الغداء، وفى أثناء ذلك شاهد الأعضاء على هواتفهم حادث اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة  الذى أذاعت تفاصيله قناة CNN وإسقاط الجدار الخرساني المحيط بالمبنى الذي يضم السفارة باستخدام المعاول، وإنزال العلم الإسرائيلي، وتابعوا تجمع آلاف المتظاهرين أمام المبنى وفي الشوارع المجاورة ثم قاموا بهدم السور الاسمنتي، وصعود مجموعة منهم إلى الطوابق التي تشغلها السفارة وانزالهم العلم الإسرائيلي ثم اقتحامهم مقر السفارة حيث قاموا بالقاء ما وجدوا فيها من مستندات من النوافذ. وفى الجولة الثالثة والأخيرة تحولت أصوات سبعة عشر فرعا الى الزميل الفرنسى. لم أخسر الأصوات بسبب تعصب الأعضاء لاسرائيل، فالفرع الاسرائيلى فى منظمة القلم الدولية خامل بل شبه غائب ولم يكن مندوبهم حاضرا فى الانتخابات ، ولا خسرت الأصوات بسبب كراهية الكُتاب للعرب أو لمصر، فقد كان نجاحى فى الجولتين الأولتين دليلا على موضوعية وتجرد الأعضاء. خسرتها بسبب همجية الحدث الذى أشعله الإخوان المسلمون وعجز الأمن عن حماية دبلوماسيين أجانب. نحن ننسى أو نغفل أن عالم اليوم من زجاج، وأن الخارج قد يعرف عن بلادنا أكثر كثيرا منا نحن فى الداخل، وأن أغلبنا يعانى من شوفينية نشأوا عليها و تعصب ضد المختلف عنهم سواء عقائديا أو سياسيا أو دينيا. لدينا تعصب ضد المرأة وتعصب ضد الأقباط وضد الأقليات و لكننا لا نعترف بل نتهم من يرون القذى فى عيوننا بأنهم متعصبون.واذا ما أعلنت منظمة دولية عن رأى فيما يحدث فى بلادنا من غياب الأمن أو ترهل أو فوضى انتفض الإعلام الموالى للسلطة يدافع عنها بغباء الدبة التى أرادت أن تحمى صاحبها من ذبابة فقتلته.

 

التعليقات متوقفه