د.جودة عبد الخالق لـ«الأهالى»:الساحة الاقتصادية يعربد فيها الكبار وتنتشر فيها الاحتكارات..و«صندوق النقد لما يقول عني شعر أعرف انى هاروح فى داهية».

■ قد يفرض علينا حرب لمنع نقل الدواعش

3٬084

الشعب لن يأكل عقارات وبدعة تصديرها احتيال على واقع سيىء.. نحتاج إلى الكثير من التأنى والدراسة قبل طرح شركات الجيش فى البورصة

الصندوق السيادى فكرة وجيهة لدول الفائض.. لكن « مش على مقاسنا» لأننا دولة عجز.. لا يوجد تناسب بين الأسعار والدخول ولابد من تعديل المسار الاقتصادى

سيرة يناير تجعلنى أغالب دموعى.. الثورات لها قوانين« ماتزرعش بذرة وتستنى تطرح تانى يوم».. ما يحدث فى ميدان التحرير جريمة لدفن التاريخ « الميدان ملك الشعب على بلاطة كدة».. التشكيل الجديد للحكومة لعبة كراسى موسيقية «وهما فى واد والناس فى واد تانى»

حوار : نسمة تليمة

“ بما أنني اعمل أكثر من اهتمامي بالمظهر فإنني أفضل أن أحضر اجتماعات مجلس الوزراء بدون رابطة عنق “ كرافتة”، لا أريد وضع كشك حراسة أمام منزلي، فأنا وزوجتي نسكن فى عمارة لها ثلاثة مداخل وبها عدد كبير من السكان ولا أريد ازعاج أحد من جيراني، وأريد أن أذهب الي مكتبي باستخدام المترو كما افعل حاليا للذهاب الي مكتبي بجامعة القاهرة” كانت تلك المطالب التى طرحها د. جودة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة وزير التموين الاسبق، حين هاتفه الفريق أحمد شفيق لعرض الوزارة عليه، وافق شفيق على جميع المطالب ما عدا المطلب الأخير معللا أن سلامة الوزراء تستدعي الانتقال بسيارة وحرس.

تجربة د. جودة عبد الخالق فى الوزراة والتى وضعها فى كتاب احتار كما قال فى وضع عنوانه فى البداية، فمن غير المعتاد أن يدون أحدهم تجربته فى احدى الوزارات، لكنه استقر على اسم “ من الميدان الى الديوان” وهو الكتاب المنتظر صدوره خلال أيام عن دار الشروق.

ما زال د. جودة عبد الخالق يتحدث عن رؤي مميزة للاقتصاد المصري، ويتابع ويهتم ويضع نقاطا مدونة فى أجندته الموضوعة فوق مكتبه الأنيق بمنزله، المتراكم فوقه الكثير من كتب الاقتصاد والسياسة والتاريخ وملاحظات سنوات طويلة من العمل والاخلاص والحماس والتأمل لأنظمة اقتصادية فى كل مرة تحدث عنها بشجاعة وقيَّمها وطالبها بما همه وشغله كأستاذ اقتصاد وكمواطن من الدرجة الأولي مازال متحمسا للأيام وما تأتى به، بل أنه يحرضك على الأمل، سواء بنبرة صوته أو ما يكتبه أو ما يفعله من أجل الانتباه الدائم للحياة والمعافرة بداخلها مهما كانت ظروفه الصحية، يتابع الشباب ويمنحهم مفاتيح يصدق فيها ولو وقف بمفرده ممسكا بها، لنا معه حوار حمل شجونا كثيرة وتصورات عن أوضاع حالية لا يمكننا تمريرها دون رأيه..

إلى نص الحوار:

* هل مصر فى حاجة إلى تعديل المسار الاقتصادي فى 2020؟

** نعم بالطبع تحتاج الى ذلك، وهو سؤال جزء من كل، الكل لدى دائما هو ثورة يناير واهم شعاراتها خبز، حرية، عدالة اجتماعية، البوصلة التى حددها الشعب المصري، وبالتالي أي تركيب للمسار الاقتصادي لابد ان ينطلق من تلك البوصلة

د.جودة عبدالخالق

اين نحن من الثلاث مكونات؟

الخبز تجسيد للأمن الغذائي للمواطن، و السلع ربما تكون متوفرة لكنها فوق قدرة المواطن على الشراء، المواطن يشتري زجاجة الزيت بـ17 جنيها فى التموين وهى أقل من ذلك خارج التموين، بالنسبة للخبز حدث ضبط لمنظومة القمح واستيراده، فى مارس 2011 واستعدنا هيئة السلع التموينية من وزارة الصناعة بعد ان كان موكلا لخمسة من التجار باستيراد القمح..ويجب أن نعدل المسار بإعادة ضبط الأسعار، فلا يوجد تناسب بين اسعار السلع والدخل، وبالنسبة للعدالة الاجتماعية فأخر إحصائيات صدرت عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وهى الجهة الرسمية المنوط بها المسوح، أن بين 2015 و2017 ـ2018 معدل الفقر ارتفع من 27.8% إلى 32.5% من السكان وهى طفرة كبيرة فى أقل من 3 سنين بنسبة تصل إلى الثلث بمعنى ثلث سكان مصر تحت خط الفقر، طبقا للتفصيلات هناك نسبة أخري لا يستهان بها تقع فوق خط الفقر يحتمل نزولها تحت هذا الخط مع اي هزة مسبقة..للأسف الساحة الاقتصادية ساحة يعربد فيها الجميع، تنتشر فيها الاحتكارات بلا ضابط ولا رابط وتحتاج إلى إجراءات سريعة كما هو متبع فى كل دول العالم، لا يكفى أن يصدر من رئيس الجمهورية فى عدة اجتماعات توجيهات لضبط الأسعار وجعلها فى متناول الجميع وهو ما لا يحدث، “الناس بتسمع الكلام وتخرج يقابلهم القابضات اللى ماسكين السوق أو الفتوات”، أنا أتحدث من واقع تجربة وزارية رأيت فيها الكثير..المطلوب ان يكون للدولة دور فاعل، الحكومة تصبح أحد الفاعلين فى السوق ولا تترك الساحة.

* البعض يري أننا نأخذ باقتصاد السوق الحر وهذه هى تداعياته؟

** اقتصاد السوق الحر هو مقولة خاطئة لأنه يلزمه أيضا ضوابط يتم تطبيقها حتى فى أمريكا دولة الرأسمالية، أنا عشت هناك 5 مرات رأيت الدولة تتحكم أيضا هى ليست جنة الله فى الأرض، ولكن اى سوق لكي ينتج يستهدف منه بالنسبة للمواطن لابد من وضع اليات

لابد من توجيه الطلب فى اطار سياسة عامة، توجيه المواطنين نحو غذاء أفضل صحيا واقتصاديا، ما يحدث على الأرض، ترك المواطن وتوجه المصريون تدريجيا للغذاء على الطريقة الأمريكية، من أكل الفول والطعمية الى الهامبورجر، وخطورة ذلك أن قاعدة الموارد لدي لا تحتمل لأنني انتج زراعة مروية بكميات مياه قد تقل، وبالتالي احتياجات المواطن من اللحوم الحمراء ستكون أكثر من المعتاد.

ولكن السؤال هل من الممكن إحداث هذا التعديل مع الإبقاء على التركيبة فى السلطة السياسية الحالية، لا أري ذلك فالسلطة ومنها البرلمان رأيناه لا فائدة منه، خصوصا اننا على مشارف انتخابات قادمة واعتقد انه اذا جاءت نفس التركيبة مرة أخري من النواب ونفس العينة سنعيد مرة أخري السؤال والإجابة مرة أخري نحن فى حاجة لتعديل المسار الاقتصادي

* كيف تري مساحة الاستثمارات فى العقارات ؟

** الشعب لن يأكل عقارات ولن يلبس عقارات، مساحة الاستثمار فى العقارات مبالغ فيها ونحن اقتصاديا نعبر عنه باصطلاح “ المرض الهولندي” الذى يصيب الدول وتتجه الدول فيه إلى الاستثمار فى الأشياء بعيدا عن السلع التي يمكن تداولها محليا والاتجاه الى السلع التى لا يمكن تداولها فى الداخل والخارج منها قطاع العقارات الذي تضاعف 100% خلال فترة صغيرة، ضرره أننا نحتاج الى موارد من النقد الأجنبي وهذا القطاع لا يتيح فرصة لزيادة هذه الموارد على الإطلاق، فنحتاج فى إنتاجه حديد مستورد واسمنت وتوسع هذا النشاط خاصة فى الجانب الفاخر منه لا يتيح فرصة لزيادته لأنك لن تصدره وما حدث وأخرجوا لنا بدعة تصدير العقارات وبيعها للخواجات مقابل إقامة او جنسية هو احتيال على واقع اقتصادي سييء.

* من أين تأتى معدلات النمو الحالية؟

** رقم واحد من العقارات والتمدد فى قطاعات الإنشاءات وبالمناسبة معدلات النمو الحالية تحتاج إلى مراجعة، لأنها تترك جزءا لا تنتبه له منها القطاع غير الرسمي وهو غير مرصود، ومن ضمنه تمدد الجيش و القوات المسلحة فى مجال النشاط الاقتصادي، مثلا اعلن منذ فترة عن مشروع الزراعة فى الساحل الشمالى وجاء على لسان رئيس الجمهورية واعلان زراعة مليون فدان.. 12 مليون فدان هى المساحة المزروعة فى مصر، المساحة المحصولية وليست الأرضية هذا النشاط حين يتم فى اطار القوات المسلحة لن يدخل فى مجال الرصد وكأنه غير موجود، لابد من الأخذ فى الاعتبار مساهمات القوات المسلحة خاصة جهاز الخدمة الوطنية

* لماذا لا تنضم مشروعات الجيش الى الموازنة العامة؟

** يعود ذلك الي دستور 2014 لأنه ينص نصا صريحا أن موازنة القوات المسلحة تطرح كرقم اجمالى فى الموازنة العامة ولا يحق لأحد المناقشة أو التدخل، لكنها تناقش فى مجلس الدفاع الوطني، وهي زادت فى السنوات الأخيرة، وفى الحقيقة أن تاريخ دخول القوات المسلحة تلك المشروعات كان تاريخا منطقيا وقت حرب الاستنزاف واعادة بناء جيش،حين كان مطلوبا من الجيش أن يستثمر لخلق دخول ويستخدمها فى تمويل احتياجاته “ وبعدين الموضوع وسع” الآن لدينا كيان قائم بذاته.

* ما رأيك فى كلام رئيس الجمهورية عن طرح شركات الجيش فى البورصة ؟

** “يعني ايه شركات الجيش تدخل البورصة؟ “ رأسمال هذه المشروعات يترجم إلى أجزاء اسمها أسهم ويحصل تقييم، وتحدد قيمة الطرح، السؤال هنا لمن تطرحها. للمواطن المصري؟ ام اى شخص يريد تملكها؟ لذا لابد أن يراعي فى تصميم الأسهم أن تكون أسمية وليست اسهما لحاملها.

* وما الفرق؟

** اذا أخرجنا اسهما لشخص لا يمكنه بيعها لشخص اخر ولكن الأسهم لحاملها يتم تداولها فى أمان وخصوصا فى ظل الالتباس القائم الآن بين الوطني والأجنبي قد يكون المظهر الخارجي للشخص وطنيا ولكن الجوهر لا،لذا الموضوع به تعقيدات، هي خطوة فى الاتجاه الصحيح ولكن تحتاج الى تدقيق، وتحاشي ما يمكن ان يترتب عليه من خطورة على الأمن القومي ويحدث تسلل لعناصر معادية للجيش وليس فقط الاقتصاد المصري، تحتاج الفكرة الكثير، بل الكثير جدا من التأنى والدراسة الدقيقة.

* ما هي جدوى دخول الجيش فى كل تلك الأنشطة؟

** الدخول فى كل تلك الأنشطة الاقتصادية، مثلا التوسع فى بناء القوات المسلحة كبير جدا وتمارس النشاط على قدم منافس للأخرين لكنها تمارسه بطريقة خاصة فهى لا تمارس النشاط طبقا لنفس القواعد التى يخضع لها الجميع، لا تدفع ضرائب وتستخدم عمالة من الجيش، وهو ما نسميه فى الاقتصاد “الملعب المنبسط “ كل اللاعبين يواجهون نفس الظروف ماعدا الجيش وخضوع تلك الشركات للقواعد المعتادة مهم لاستقامة النشاط الاقتصادي، وهو ما لا يحدث لأن المنشآت التابعة للقوات المسلحة لا تخضع للقوانين العادية وهي معضلة ثانية أنا أتحدث هنا كوطني حتى لا يزايد على أحد، انا قلق من تمدد القوات المسلحة فى الأنشطة الاقتصادية “ لأن صاحب بالين كداب”

* ولكن البعض يري أن وجود القوات المسلحة فى تلك المشروعات أمان ؟

** الأفضل انه من باب الوطنية نقول البديل، بدلا من أن يكون استيراد القمح مرتعا لحفنة من التجار نضع كل الظروف ونهيئها ونحلها وفقا للقانون المعتاد من الجهات المدنية الكفيلة بها، ونغلق السكة لان الجيش مهمته الاساسية الدفاع عن تراب الوطن، ولا ننسي الامبراطورية الرومانية على سبيل المثال، انهارت وفقا للمؤرخين، لأن الأطراف اصبحت بعيدة عن مركز التحكم،مهمة الجيش الأساسية موضوع ليس سهلا للضغوط التى تتعرض لها مصر.

* ما تأثير الصندوق السيادي فى رأيك على الاقتصاد؟

** الصندوق السيادي هو كيان أو مؤسسة تجمع الأموال وتراكمها الدول التي يسمح لها وضعها الاقتصادي بتراكم فوائد مثل الدول التي لديها ثروة بترول فتترك للأجيال القادمة فائضا جيدا، لكن لدينا وان كانت فكرة وجيهة من حيث المبدأ لكنها ليست على المقاس نحن دولة عجز وليست دولة فائض، وفكرة استغلال الأصول غير المستغلة غير منطقية، أن انشاء كيان بديل أو مواز خطر وأنبه له، أنت تترك الشىء المفترض القيام بوظيفته وخلق كيان أخر للقيام به لا يحل المشكلة، أيضا العالم كله يتحدث الآن عن الحوكمة وهو التأكد من أن الكيانات المختلفة ومنها الصندوق السيادي يدار بطريقة تحفظ مصلحة الشعب ولكنه غير حقيقي وسبق أن وصفته “ بالباب الملكى للخصخصة” بدعوة ان لدينا أصولا غيرمستغلة فتنقل ملكيتها للصندوق السيادي وتبيعها أو أي حاجة وفقا لقرار مجلس ادارة الصندوق والجمعية العمومية وترجع لتشكيله فتجد أن وزن ونفوذ الأعضاء لديها أكبر من الخبراء.

* هل تلمح لامكانية تبديد تلك الأصول؟

** الاحتمال قائم، إضافة انه يتم من خلال الصندوق التعامل مع نتاج مشكلة وليس حلها، ما معني أصول غير مستغلة؟ لدينا مصانع منذ سنوات لا تعمل هى اصول غير مستغلة ايضا لماذا لا تنظر اليها، مثل الحديد والصلب.

* بعد ايام تمر 9 سنوات على ذكري ثورة 25 يناير كيف تراها الآن وكيف تقيم تداعياتها؟

** سيرة يناير تجعلني أغالب دموعى، لأنني جزء من هذا الحدث بمعايير كثيرة، ويسيئنى للغاية أن اسمع واقرأ وأري تصريحات ليس فقط للمسئولين ولكن من الناس وتعليقات آسفين ياريس وانها كانت نكبة، وتعليقا على كلام الأستاذ وحيد حامد فى حواره معك، وتشبيهه انها مياه بردت مثل الماء، قد يكون فى الظاهر صحيحا فى حدود الصورة العامة ولكن تاريخيا الثوارت لا تعامل هكذا، تاريخ الثورات يكشف عن قوانين، أحدها ان الثورة حينما تنشأ تمر بعدة مراحل من الصعود والهبوط الى أن تنقل المجتمع الى توازن جديد لانها تستغرق وقتا طويلا، والدليل الثورة الفرنسية، أن تضع بذرة من غير المنطق توقع انباتها اليوم التالى، هذه الثورة سرقت مرتين حتى الان وهى ليست السرقة الأخيرة،مرة من الاخوان ومرة من عناصر نظام مبارك، حاليا مصر يحكمها رجال مبارك.

* ما رأيك فى فكرة تطوير ميدان التحرير؟

** ما يحدث فى ميدان التحرير” دفن التاريخ”، هي ليست قضية جمال فى مواجهة قبح، انا أتحدث عن روح شعب، هذا الميدان على مستوى الفعل والرمز يمثل كفاح المصريين، وليست عام 2011 فقط وثورتها، التاريخ يقول إن ميدان التحرير شهد اعتقال سعد باشا زغلول حين كان اسمه ميدان الإسماعيلية فى معسكرات الانجليز فى ذلك الوقت، وكان احد العوامل التى فجرت ثورة 1919، وبعدها ما حدث فى الأربعينيات من القرن العشرين وكفاح الطلبة ضد الانجليز وسقوط أعداد من القتلى والجرحى برصاص قوات الاحتلال الانجليزي، ثم انتفاضة الخبز 1977 وكان الميدان احد معاقلها، وبعدها مظاهرات أيام السادات التي طالبت بالحرب وحتي يناير 2011 نحن نتحدث عن تاريخ امة وليست مجرد قطعة أرض، ولا يتعارض الجمال مع احياء التاريخ أنا اطلب بديلا أفضل ينصب من خلاله نصب تذكاري يذكر المصريين أن هنا مر كفاح طويل لأمة، هى اكبر جريمة فى نظري والميدان اصبح جزءا من التراث الانساني، هو ملك الشعب” كدة على بلاطة، سألونا ؟ الميدان ده بتاع الحكومة؟ لا بتاع الشعب” اتذكر بعد 2011 مجموعة من الفنانين التشكيليين صمموا نصبا تذكاريا فى الميدان لماذا لم يقم،النصب التذكاري له دلالة رمزية موحية، مثل تمثال نهضة مصر الكباش والنخل الملوكي لا يفعل ذلك

* ونحن نجلس الآن قوات تركية تبدأ فى الاستعداد لدخول ليبيا كيف تري المشهد؟ وهل مصر فى رأيك يمكن أن تدخل حربا؟

** هناك فرق بين أن تختار خوض حرب وأن تفرض عليك حرب، لو اخترت نسأل هل مصر فى وضع اقتصادي جيد للدخول؟ لا الوضع الاقتصادي لا يسمح، ولكن القضية لها وجه أخر هو ماذا لو وضعت مصر رغما عنها فى حرب؟

قد تفرض علينا حرب لمنع نقل الدواعش إلى ليبيا لأننا سنكون الخاسر الأكبر، لأنك تدافع عن أمنك القومي، وتأثير الدخول فى حرب يتوقف على طرح الفكرة للناس بصورة سليمة، وأننا كأمة فى خطر وليس الحكومة، هناك مشكلة لدينا فقط فى الخطاب السياسي الذى يركز مرة بعد مرة على فكرة الدولة بمعني الحكومة والحكومة لا يمكن أن ترقي للدولة، لأنه فى صحيح القاموس السياسي الدولة هي شعب يعيش على ارض ويختار حكومة.

* ما تقييمك لحكومة د. مصطفى مدبولي وتعليقك على التشكيل الأخير؟

** التشكيل الأخير للحكومة كان أشبه بتصعيد موظفين ليس إلا، او كراسي موسيقية، لكن المشكلة الكبرى فى الحقيقة هى غياب السياسة الحكومية الواضحة، فالحكومة فى واد والشعب فى واد أخر.

* قرارات حذف المواطنين من البطاقات التموينية وتنقيحها واعادتها بقرار رئيس الجمهورية كيف رأيتها ؟

** باعتباري كنت وزيرا، ليس لدي قدر كاف من المعلومات لفهم هذه القوانين، هل كانت “بُنط سياسي” أم مسعى سابقا لإزاحة غير المستحقين، فى العموم رأيت الحكومة تخطيء فى التنقية ولمحاولة تحاشي رد الفعل الشعبي يتدخل رأس السلطة، انا لست منعزلا عن الناس هناك مشكلات كثيرة، الأمن الغذائي مشكلته كبري، فيه ناس بتاخد تموين لـ 4 أفراد ولا يكفيهم والدولة خلقت فقراء جددا، هم ضحايا سياسات الإصلاح الاقتصادي، لا معني لاتخاذ اجراءات لاعانة الفقراء من ناحية وأنت تخلق فقرا عن طريق السياسات و” المؤسسات الدولية تهلل لك عشان عايزة تغرقك”، والحديث عن اعلى احتياطي نقدي، الفلسفة التى تطبقها الحكومة الحالية هى الليبرالية الاقتصادية الجديدة وهى التى تخلق الفقر على مدار الساعة.

* بطريقة سريعة الأثر هل يمكن تحفيز الاقتصاد المصري وتخفيض نسب الفقر ؟

** أولا يجب أن تديري ظهرك لنصائح المنظمات الدولية، لا أنادى بقطيعة فنحن أعضاء فى صندوق النقد والبنك الدولى ولنا حقوق وعلينا واجبات، ولكن ممارسة الحقوق والواجبات يجب أن تترك مساحة كبيرة لعملية الاختيار بإرادة وطنية، يجب أن اعتمد على الخبرة الوطنية فى تصميم سياسات تتماشي مع متطلبات الشعب فى حالة إطار الدستور والذي جزء كبير منه “مركون “خاصة فى ما يتعلق بالناحية السياسية وما يحدث من تكميم الأفواه ومطاردة أصحاب الرأي ضد بنوده، يجب تركيز الداخل فى مواجهة الخارج، “ صندوق النقد والبنك الدولى لما يقول شعر عني أقلق واعرف انى هاروح فى داهية”، المنظمات عندها أجندة تعمل لمصلحة الأسياد ممكن تقول حكومة الاتحاد الأوربي هم الأسياد لكن الأسياد هي دولية النشاط تحرك كل شيء، علينا أن ننظر لمصالحنا، و نعتني عناية مطلقة بالمنتج المحلى، غير منطقي أن تعلن سعر شراء القمح بعد زراعته وقبل جنيهُ بشهر، ولى الأمر أو المسئول يكون قدوة للناس، هى خطوط عريضة والسيطرة على الأسعار، دعم المنتج المحلى ليس بدعة، نتذكر حين اندلعت الأزمة المالية الأسيوية 1998 ذهب صندوق النقد الدولة واشارعليهم بأساليب بعينها الجميع وافق ماعدا ماليزيا التى رفضت وقالت عندنا حلول وطنية ونجحت.

* سكان الريف تصل نسبتهم الى 57.8% من سكان مصر، كيف تري السياسات الزراعية الحالية وتأثيرها على تدهور حالة الفلاح المصري؟

** الحديث عن الزراعة حديث ذو شجون لان اغلبية السكان فى الحقيقة يحترفون الزراعة ويعيشون عليها، الأرض لا يملكها من يزرعها الآن، وبالتالي الفلاحة أصبحت عبئا، الأرض كائن حى يحتاج الى صيانة لأنها قدرة على الانتاج تتكون عبر ملايين السنين، لابد أن اضع فى اعتباري صيانة خصوبة الأرض وألا اجعل عقد الايجار غير محدد المدة ومحكوم بإرادة الطرفين طبقا لقواعد القانون المدني منذ 1992 بعد تعديل قانون الاصلاح الزراعي وهو مأساة وكان لدينا موقف فى التجمع ضده، أتذكر أنني سألت رئيس رابطة مصدري الحبوب الفرنسية عن عقد ايجار الارض الزراعية لديهم فى فرنسا فأجابني أنه محدد المدة 9 سنوات و لا يملك المالك طرد المستأجر قبلها، والايجار ليس مجمدا يعدل بآلية تتوافق مع الظروف الاقتصادية والفكرة انك حين تزرع ارضا تعلم انها ملكك 9 سنوات “ها تطبطب عليها” بخلاف حين تكون غير مستمر فيها كما أن سوق الارض سوق بائعين مالك الأرض هو الطرف الاقوي لدينا، ويملى شروطه ويفقد الطرف الثاني حماسه، لابد من النظر فى التعديلات ولا اري ان نعود لقانون الستينيات لانه ظالم وضد المالك تماما، بل نبحث عن حل وسط، بجانب الأخذ فى الاعتبار بسياسيات زراعة جيدة تحفز الفلاح على الزراعة. كما أن جزءا من مشكلة الإنتاج الزراعي هى تهالك شبكة الصرف المغطي التى تحتاج إلى إعادة تأهيل، كيف تنشىء مدن العلمين الجديدة ومدن كثيرة وتترك اهم مصدر لك الأرض اللى طبلت” يعني مالهاش صرف وتترك ملح”.

التعليقات متوقفه