كيف يعود القطن المصري لريادته؟

التوسع في الزراعات التعاقدية.. وعودة التعاونيات مرة أخري

47

تشجيع الفلاح من خلال تحقيق سعر مناسب للبيع.. وتشغيل المصانع بكامل طاقتها

خبراء: مصر لم تشهد أزمة في زيت الطعام أو الأعلاف إلا بعد إهمال زراعة القطن

أحمد عياد: ضرورة تفعيل سعر ضمان لمحصول القطن لتشجيع الفلاح

 مصانعنا لا تستوعب إلا 250 ألف قنطار فقط

حسام رضا: قطاع كثيف العمالة يساهم في حل العديد من المشاكل

«نورت يا قطن النيل، يا حلاوة عليك يا جميل، اسمعوا يا بنات النيل يلا ده ملهش مثيل قطن  ماشاء الله»، ارتبط موسم جني القطن بالتراث والأناشيد التي ينشدها المزارعون وهم يقومون بجني المحصول، فسريعا ما تذكر المصريون بعض هذه الأناشيد.. ومع عودة الحديث عن أهمية محصول القطن خلال الفترة لأسباب كبيرة، أهمها ما يتم الان من خطة تطوير لقطاع الغزل والنسيج من محالج ومصانع، وإنشاء أكبر مصنع للغزل في العالم بالمحلة الكبرى، فضلا عن أزمة زيت الطعام العالمية والتي أثرت السوق المحلي، وما كان يوفره هذا المحصول من خلال بذرة القطن، حيث أكد الخبراء أن مصر لم تشهد أزمة في زيت الطعام إلا بعد إهمال زراعة القطن، بجانب مساهمة المحصول في توفير نسبة كبيرة من الأعلاف للثروة الحيوانية، حيث أنه نظرا لهذه العناصر المهمة، برزت الأهمية الكبرى للتوسع في زراعة القطن وعودته للريادة مرة أخرى.

تشغيل المصانع

أكد أحمد عياد، رئيس الشعبة العامة للقطن بالاتحاد العام للغرف التجارية، أنه لتحقيق المعادلة الصعبة بالاكتفاء الذاتي من القطن يجب أولا تشغيل المصانع التي تستوعب هذه الأقطان وعدم استيراد غزول من الخارج، موضحا أنه يتم زراعة 2 مليون قنطار، ولكن يتم استيراد 3.5 مليون من الخارج، مشيرا إلى أن المصانع المحلية نتيجة عدم العمل بكامل طاقتها فهي لا تستوعب إلا 250 ألف قنطار فقط، ويتم تصدير باقي الإنتاج من الاقتصاد، واستيرادها مرة أخرى على هيئة غزول من عدة دول أبرزها الهند.

وتابع، أن الدولة كانت قديما تقوم بزراعة 13 مليون قنطار وكان يتم تصنيعها وتصديرها، ولكن ما يتم الان هو تصنيع 250 ألف قنطار فقط، قائلا: المشكلة الحقيقية في الصناعة.. فإذا تم حلها سيشجع ذلك الفلاح على الزراعة بكميات كبيرة حيث سيعمل ذلك على تحقيق قيمة مضافة تساعد على رفع الأسعار بصورة مناسبة”.

وناشد رئيس الشعبة العامة للقطن بالاتحاد العام للغرف التجارية، بضرورة تفعيل سعر ضمان لمحصول القطن، قبل بدء موسم الزراعة، حيث سيعمل ذلك على طمأنة المزارعين وتشجيعهم للتوسع في الزراعة، مضيفا أن هناك فجوة كبيرة بين الانتاج والتصنيع، فجميع المصانع لا تعمل إلا على الأقطان المستوردة، وجميع المصانع بأنواعها “قطاع أعمال عام- قطاع خاص”، لا تستهلك من القطن المصري إلا 250 ألف قنطار فقط، ويتم تصدير باقي ما يتم زراعته، وهو ما يقلل من المنافسة العالمية للمنتج المصري.

عودة التعاونيات

وبدوره أكد المهندس حسام رضا، خبير الإرشاد الزراعي، أن الأحداث التي تمت مع هذا المحصول الاستراتيجي قديما هي التي أدت لتدهوره، من خلال فتح الطريق لدخول أقطان أجنبيه، فضلا عما وصلت إليه حالة المحالج من تدهور كبير، قبل بدء خطة التطوير.

وأوضح خبير الإرشاد الزراعي، أن التوسع في زراعة القطن سيعمل على حل العديد من المشاكل، فهو من الأنشطة كثيفة العمالة، خلال زراعته أو أعمال التصنيع، مما سيساعد في حل مشكلة البطالة، بجانب أن القطن المحلي لا يضاهيه أي منتج أخر على مستوى العالم في جودته، ولكنه شهد في فترات سابقة أعمال تخريب متعمدة.

وأضاف «رضا»، أن القطن المصري نظرا لجودته الكبيرة فهو يحتاج إلى نوع خاص من الأنوال، تتآكل بعد فترة وتحتاج إلى أعمال صيانة دورية ولكن تم منع هذا أيضا خلال الفترات السابقة، الأمر الذي منعنا من الميزة التنافسية للقطن طويل التيلة الذي نتميز به، وأصبحت المواد الخام بالمصانع عبارة عن قطن قصير التيلة الموجود في كل دول العالم، ومع التطور التكنولوجي وإهمال تطوير مصانعنا اندثرت الصناعة، وهي بانتظار أن يتم إحياؤها الان.

وقال إن التوسع في زراعة محصول القطن سيعمل على سد فجوات كبيرة أهمها توفير الزيت وخاصة لما تمر به هذه السلعة من أزمة كبيرة عالميا وارتفاع سعره بصورة كبيرة محليا، مؤكدا أن بذرة القطن كانت توفر للسوق المحلي حوالي 92% من متطلباتنا من زيت الطعام الأمن والصحي، ولم تشهد مصر أزمة في هذا المنتج إلا بعد أن تم إهمال زراعة محصول القطن.

وتابع أن محصول القطن كان يوفر أيضا الأعلاف للثروة الحيوانية والتي تشهد أزمة كبيرة أيضا خلال هذه الفترة، وارتفاع أسعار اللحوم والدواجن بصورة كبيرة، مشددا على أن القطن هو محصول مثالي، تم التفريط فيه، ويجب عودته للريادة مرة أخرى، نظرا للأهمية الكبيرة والمزايا الكبيرة التي يتم بها هذا المحصول.

وقال إن الحل الأمثل لزيادة الرقعة الزراعة المخصصة لمحصول القطن، هو عودة التعاونيات مرة أخري، فهي يجب أن تمتلك المحصول بداية من الزراعة وجمع المحصول والتصدير، ويستفيد الفلاح من محصوله بصورة كبيرة، مؤكدا أن هذا الذي يشجعه على الزراعة، فضلا عن  التوسع في الزراعات التعاقدية لهذا المحصول.

زيادة المساحة المنزرعة

وتستورد 21 دولة الأقطان من مصر خلال الموسم الجارى، من أهمها الهند وباكستان وسويسرا وتركيا وألمانيا وبنجلاديش والصين وسلوفينيا وإيطاليا والبرازيل والبحرين، والولايات المتحدة الأمريكية، والبرتغال وماليزيا وتايلاند، وقد كشفت البيانات عن ارتفاع زراعات القطن المصرى طويل التيلة الموسم الجارى لـ236.7 ألف فدان بزيادة بلغت نحو 55.3 ألف فدان عن الموسم الماضى، وتمت زراعته فى 17 محافظة.

خطة تطوير

من جانبها أكدت وزارة قطاع الأعمال، أن أسعار القطن شهدت ارتفاعات كبيرة، حيث وصلت في بعض المزادات وصل سعر صنف “جيزة 96” نحو 8255 جنيها للقنطار الواحد، كما وصل سعر القنطار لصنف “جيزة 94” نحو 7515 جنيه، بعد أن كان بنحو 3 آلاف جنيه في بداية الموسم.

ووجه المهندس محمود عصمت وزير قطاع الأعمال العام، قيادات الشركة القابضة للغزل والنسيج، بضرورة تنشيط عمليات البيع والتسويق في السوق المحلي والأسواق الخارجية بأسلوب احترافي، يتناسب مع الاستثمارات الضخمة ،الجاري ضخها في تطوير قطاع الغزل والنسيج، وما يترتب عليه من زيادة في الطاقات الإنتاجية بجودة عالية، بهدف الحفاظ على مكانة القطن المصري عالميا بمنتجات مصنوعة بالكامل في مصر، وإعادة تعريف المستهلك بمنتجات الشركات التابعة وزيادة الحصة السوقية.

وقال الوزير، إن منظومة التداول الجديدة، تعتمد على استلام الأقطان مباشرة من المزارعين دون وسطاء في مراكز للتجميع في مختلف المناطق المزروعة بالقطن، وتطبيق نظام المزايدة العلنية مع ربط سعر الفتح بالسعر العالمي للأقطان، بما يحقق السعر العادل للمزارعين.

وتقدر التكلفة الاستثمارية لمشروع تطوير شركات القطن والغزل والنسيج التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام تتجاوز 23 مليار جنيه، منها نحو 540 مليون يورو للمعدات والآلات الحديثة الجاري توريدها من كبرى الشركات العالمية في أوروبا وآسيا.

وأكد وزير قطاع الأعمال أن التطوير الذي يتم تنفيذه بشركات القطن والغزل والنسيج، يعد الأكبر في تاريخ القطاع باستثمارات ضخمة، حيث يستهدف استعادة ريادة مصر فى هذه الصناعة وتعظيم القيمة المضافة للقطن المصرى وزيادة الصادرات وفرص التشغيل، موضحا أن مشروع التطوير لا يستهدف منافسة القطاع الخاص وإنما تحقيق التعاون والتكامل وتوفير المادة الخام اللازمة للتشغيل بجودة عالية وبأسعار منافسة بما يخدم الصناعة الوطنية، مشددًا على  ضرورة الانتهاء من التصرف في المخزون الراكد قبل بدء الإنتاج في المصانع المطورة، مؤكدا ضرورة الالتزام بالجدول الزمني المحدد للانتهاء من تنفيذ المشروع، والتأكد من تدريب العاملين سواء في المحالج المطورة أو المصانع الجديدة على كيفية استخدام الماكينات الحديثة.

التعليقات متوقفه