الهجرة غير الشرعية.. بوابة للموت: 58 % من الهجرة غير الشرعية بمصر أطفال قصر!

*سامية خضر: أغلب الشباب الذين يهاجرون بطرق غير شرعية لديهم وعى بالمخاطر ..*ثريا عبد الجواد: مطلوب إيجاد فرص عمل لائقة وتوفير حياة كريمة للمواطنين..*آية ماهر: فتح مشاريع صناعية جديدة والتوسع في التعليم المهني وربطه بسوق العمل.. الحل الأمثل

1٬414

تحقيق: نجوى ابراهيم

أثارت مبادرة « مراكب النجاة» التى أطلقتها وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، تنفيذا لتوصيات «منتدى شباب العالم» الأخير, للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية، العديد من التساؤلات منها: هل تستطيع هذه المبادرة تغيير الاتجاهات وسلوك الشباب، وتوفير الحياة الكريمة والعمل اللائق الذى يجعلهم يعزفون عن فكرة الهجرة؟ .. وهل المبادرات وحملات التوعية وحدها كافية فى التعامل مع مثل هذه القضايا الشائكة ؟.. وهل الحكومة حتى الآن لا تعرف الأسباب الحقيقية وراء هجرة الشباب بطريقة غير شرعية, أم أنها تعرف ولا تهتم بغير عمل المبادرات ؟.
الهجرة غير الشرعية ليست ظاهرة عابرة، بل أنها خطر يداهم شبابنا ومستقبلنا بعد فقدانهم الأمل فى ايجاد فرصة عمل فى بلادهم. هؤلاء الشباب الذين يعتبرون ثروة بشرية وقومية يتعرضون لمهانة الاعتقال والحبس والترحيل وأحيانا الموت غرقا, منهم من يعود لأهله جثة هامدة, ومنهم من يبقى فريسة سهلة للأسماك فى قاع البحر.
تضارب الإحصاءات
تتضارب التقديرات بشأن الهجرة غير الشرعية, فوصل تعداد المهاجرين العاملين في العالم، بحسب تقديرات منظمة العمل الدولية، إلى نحو 150 مليون شخص، يمثلون 65 % من مجموع المهاجرين الدوليين، وتقدر منظمة العمل الدولية حجم الهجرة السرية ما بين 10 و 15% من عدد المهاجرين فى العالم، بينما أشارت إحصائيات منظمة الهجرة الدولية إلى أنه في عام 2017 استقبلت أوروبا 95 ألف مهاجر عن طريق البحر المتوسط، وشهد نفس العام غرق 2112 مهاجرا في مياه البحر المتوسط.
أما بالنسبة لأعداد المهاجرين المصريين غير الشرعيين، فلا توجد أرقامٌ رسميّةٌ بأعدادهم، الذين يتركون الشواطئ المصريّة بحثاً عن عملٍ ومستوى معيشة أفضل في النصف الشمالي من الكرة الأرضيّة، ولكن كشفت الاحصائيات والأرقام الأخيرة الخاصة بـ”الهجرة غير الشرعية” عن حجم الأرواح، التي حصدتها على مدار السنوات القليلة الماضية فهناك 11 محافظة تضم أكبر عدد من المهاجرين غير الشرعيين وهي، “الشرقية، الدقهلية، القليوبية، المنوفية، الغربية، البحيرة، كفر الشيخ، الفيوم، أسيوط، الأقصر، والمنيا”، طبقا لدراسة بحثية أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بين الشباب الذي يرغب في الهجرة بصورة غير شرعية, وهناك نحو 587 شخصا غرقوا في البحر المتوسط نتيجة الهجرة غير الشرعية عام 2018، حسب تقديرات منظمة الهجرة الدولية, و1773 ماتوا بسبب الهجرة غير الشرعية عام 2017، طبقا للجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر, و988 عدد المهاجرين المصريين هاجروا بشكل غير شرعي لإيطاليا عام 2017، وفي نفس السنة، تم تسجيل 1773 حالة وفاة لمهاجرين غرقوا في طريقهم عبر البحر المتوسط منهم 151 طفلا, 58% من المهاجرين غير الشرعيين المصريين أطفال دون الـ18 عاما، طبقا لإحصائية أعلنتها اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر,44177 ضحايا الهجرة غير الشرعية في 2014 حسب إحصائيات مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات.
فتش عن البطالة
نتيجة قلة فرص العمل التى تتوافر حاليا فى مجتمعنا المصرى وتزايد معدلات البطالة التى وصلت إلى 12,2% وفقا لما أعلنته وكالة المخابرات المركزية الامريكية بينما وفقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء فان معدلات البطالة انخفضت خلال الربع الثاني من عام 2019 لتبلغ 7.5٪ من إجمالي قوة العمل مقابل 8.1٪ في الربع الأول من العام، غير أن تلك الأرقام تتعلق فقط بالبطالة السافرة, ولا تشمل البطالة المقنعة الإنتاجية كما لا تشمل البطالة الموسمية، أي هؤلاء الذي يعملون في موسم معين ثم يتعطلون باقي العام، كما لا تشمل أولئك الذين يعملون في حرف وقطاعات هامشية لا استقرار فيها، تتسم بضعف الدخل للدرجة التي لا توفر الحياة اللائقة.
معدلات الفقر
ومن دوافع الهجرة غير الشرعية أيضا تزايد معدلات الفقر، التى بلغت 32,5 % من مجموع السكان بما يعادل أكثر من32 مليون مواطن, منهم 6,7 مليون يعيشون فى فقر مدقع, بالإضافة إلى 30 مليون مواطن يكافحون لعدم السقوط فى فخ الفقر, ويضاف إلى ذلك انخفاض الأجور ومستويات المعيشة، وما يقابله من ارتفاع مستوى المعيشة والحاجة إلى الأيدى العاملة فى الدول المستقبلة للمهاجرين كل هذا أدى إلى ارتفاع أعداد الشباب، وخاصة الأطفال القصر الذين يرغبون فى الهجرة غير الشرعية وتعرضهم للعديد من الخسائر منها التعرض لمهانة الاعتقال والحبس والترحيل أو التعرض للموت.. هذا ما أكدته د.ثريا عبد الجواد، استاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية.
وكشفت نتائج الأبحاث، التى أجراها برنامج الحماية التابع لهيئة انقاذ الطفولة فى محافظات الدلتا والاسكندارية والبحيرة والغربية وفى الصعيد خاصة محافظة أسيوط تبين أنها أهم المناطق المصدرة لأبنائها للخارج خاصة إلى دولة إيطاليا، وأكدت النتائج أن صعوبة امتلاك الأراضى الزراعية نظرا لارتفاع ثمنها أهم العوامل التى تدفع الشباب للهجرة، فضلا عن تدنى الظروف المعيشية للمواطنين وعدم رغبة الشباب فى العمل بمهنة الزراعة، وشعورهم بعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية مع نظرائهم، وتطلعاتهم غير الواقعية حول وجود حياة أفضل فى أوروبا.
الإحباط والفشل
أما د.سامية خضر، أستاذعلم الاجتماع، بجامعة عين شمس، فأكدت أن الحالة الاقتصادية المتردية من أهم العوامل التي تدفع الشباب للجوء إلى فكرة الهجرة غير الشرعية.
وأشارت إلى أن أغلب الشباب الذين يهاجرون بطرق غير شرعية لديهم وعى كامل بالمخاطر التى من الممكن أن يتعرضوا لها, والتى تصل فى كثير من الأحيان إلى الموت غرقا، والادهى من ذلك هو أن أسرتهم تعلم أيضا مدى الخطورة، ولكنهم يفضلون أن يذهب في رحلة نسبة النجاح بها 50% حتى يستطيع الحصول علي الوظيفة والمكاسب المادية.
وأضافت «خضر» أن الهجرة غير الشرعية، نوع من الانتحار يلجأ إليها الشاب عندما يشعر بأن حياته أصبحت بلا معني، خاصة عندما يتعرض لضغوط نفسية من جانب عائلته بأنه فاشل ولم يحقق أي نجاح في حياته.
وأوضحت أن الزواج وارتفاع تكاليف المهر والشبكة تجعل الشباب يرغبون فى الهجرة وهم فى سن مبكرة, وفى كثير من الأحيان تكون الأسرة هى صاحبة قرار هجرة الابن ليتحمل مسئوليتها.
سماسرة الموت
يقع الشباب المهاجر بطريقة غير شرعية فى دائرة المحظور، من خلال اللجوء إلى سماسرة الموت ومكاتب السفريات غير القانونية ووسطاء الهجرة الذين يتقاضون من كل شاب ما يقرب من 50 ألف جنيه أو 3000 دولار للسفر.
ومن أبرز حوادث الهجرة غير الشرعية فى مصرفى عام 2016غرق 12 شخصاً على الأقلّ قبل تحقيق حلمهم بالهجرة إلى أوروبا، بينهم 3 أطفال، و3 سيّدات, وكان على متن المركب 105 أشخاص من جنسيّات مختلفة، بينهم 18 مصريّاً، و74 صوماليّاً، و11 سوريّاً، وسودانيّاً، وفلسطينيّاً.
وفى نفس العام، انتشلت القوات البحريّة 31 شخصاً من جنسيّاتٍ مختلفة، وعُثر على 9 جثثٍ متحلّلة الأجزاء، بينها جثة سيّدة مصرية, وكان المركب على متنه 600 شخص بمياه البحر المتوسط، كما غرق 42 شخصاً على الأقل بعد انقلاب مركبٍ على متنه أكثر من 300 مهاجر.
وفى 2018 أحبطت إدارة مكافحة الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية بمديرية أمن البحيرة، محاولة 26 طفلاً وشاباً، تتراوح اعمارهم بين 14و19 سنة وجميعهم من المصريين المقيمين بمحافظة أسيوط، الهجرة غير الشرعية عن طريق سواحل رشيد فى محافظة البحيرة, وفى نفس العام تم ضبط شبكة للاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية بالقليوبية, وضبط 65 شخصًا قبل تهريبهم بينهم 10 من جنسيات إفريقية, وتبين أن المتهم الرئيسي الهارب من قرية سندبيس مركز القناطر، سبق له القيام بعدة عمليات واسعة للهجرة غير الشرعية بعدد من قرى المحافظة المشهور عنها تسفير أبنائها إلى الخارج بجانب بعض المحافظات المجاورة عن طريق بعض السماسرة مقابل 60 ألف جنيه عن كل شاب.
كما تمكنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن أسوان فى آواخر 2018، من ضبط شخصين ضمن تشكيل عصابي تخصص في استقطاب راغبى الهجرة غير الشرعية، وبصحبتهما 22 شخصا قبل تهريبهم خارج الحدود المصرية.
وفى أواخر العام الماضى تم القبض على 4متهمين كونوا تشكيلا عصابيا للاتجار فى البشر، والنصب على الشباب بزعم تسفيرهم للخارج وتزوير أوراق رسمية، حيث كشفت التحريات والتحقيقات أن المتهمين تخصصوا فى استقطاب الشباب وتهريبهم إلى الدول العربية بطرق غير شرعية مقابل مبالغ مالية، حيث انتهز بعضهم درايتهم فى مجال الرياضة والآخرين فى مجال إلحاق العمالة المصرية بالخارج والحصول على مبالغ مالية من ضحاياهم تراوحت ما بين 40 إلى 50 ألف جنيه عن كل شخص ومحاولة تهربيهم خارج البلاد عبر ميناء القاهرة الجوى بموجب مستندات مزورة تفيد أنهم لاعبون “كونغ فو”.
طرق التهريب
وهناك طرق عديدة لتهريب المهاجرين غير الشرعيين، منها الطرق البرية عن طريق التسلل إلى ليبيا، حيث يتم تهريب المهاجرين إلى ايطاليا ومالطا أو عن طريق الأردن ويتم تهريبهم إلى قبرص واليونان أو تركيا، أو عن طريق السفر على متن قارب صيد تنطلق من السواحل المصرية فى رحلة تستغرق ستة أيام ويشارك ثلاثة أطراف فى هذه العملية السمسار، مالك القارب، والصياد أو البحار.. هذا ما يوضحه هشام الروبى، رئيس جمعية الشباب للسكان والتنمية، التى قامت بتنفيذ مشروع “بلدنا أولى بولادنا” للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية بالتعاون مع هيئة إنقاذ الطفولة، موضحا أن الصياد “المُهرب” يحصل على حوالى 20 ألف جنيه لكل عملية تهريب، ويتراوح تكلفة السفر ما بين 30 ألف و55 ألف جنيه وفقا لمدى معرفة المهاجر بمالك القارب والصيادين وبعد المكان الذى يأتى منه المهاجر.
وأكدت دراسة بحثية أجرتها هيئة إنقاذ الطفولة، عن وجود بعض المهربين الذين يتركون المهاجرين على أحد الشواطئ المصرية ويقومون بإيهامهم بأنهم على سواحل ايطاليا.
روشتة علاج
والسؤال هل مبادرة”مراكب النجاة” وحدها كافية لحماية أبناءنا من براثن الموت؟ وما سبل المواجهة من وجهة نظر الخبراء؟.
تجيب د. ثريا عبد الجواد: إن هناك علاقة مباشرة بين التهميش الاجتماعى ومعدل الهجرة غير الشرعية ولذلك يجب على الحكومة المصرية وضع سياسات لمواجهة الظروف المعيشية فى المناطق الريفية والصعيد على وجه التحديد, وأن تنحاز الدولة لتبنى سياسات لصالح الفقراء والمهمشين, وتوفير فرص عمل لائقة لتشغيل ملايين الشباب العاطلين, مشيرة إلى أن القانون وحده غير قادر على مواجهة هذه الظاهرة, وهو وسيلة الحكومات العاجزة, فكيف نطبق القانون ونغلظ العقوبات فى ظل الأوضاع المتردية وتزايد معدلا ت الفقر, فالقانون يحتاج لسياق اجتماعى اقتصادى وسياسى مناسب حتى يتم تنفيذه.
وأضافت، أن مبادرات التوعية وحث الناس بمخاطر الهجرة غير الشرعية لن تجدى فى ظل قسوة الأوضاع الاقتصادية والقهر الذى تحيا فيه الأسر الفقيرة, وتردى الأوضاع المادية, وبالتالى لابد من مواجهة الفقر, وتحسين مستوى معيشة المواطنين, وتوفير الحياة الكريمة لهم وتوفير الخدمات اللائقة, وإجراء تنمية حقيقية لصالح الفقراء, وليس لصالح فئة اجتماعية معينة, والتنمية الحقيقية تعنى تعليم جيد اسكان مناسب, توفير المدارس والمستشفيات, الاهتمام بالبنية الأساسية فى الريف والصعيد, فهناك قرى تشرب مياه مخلوطة بالصرف الصحى .. وبعد إصلاح الأحوال المعيشية للمواطنين ممكن أن نتحدث عن سبل التوعية .
واضافت د.ثريا عبد الجواد، ضرورة أن تعتمد الحكومة على مواردها لإحداث تنمية حقيقية, أما التنمية التى تعتمد على الاقتراض لن تصب فى صالح فقراء هذا الوطن, ولن تؤدى إلى تحسن مستوى معيشة المواطنين, بل سوف تصب فى خدمة الأغنياء والتركيز على المشروعات الاستثمارية والاسكان الفاخر.
التخطيط السليم
ومن جانبها، تؤكد د. آية ماهر، أستاذ الموارد البشرية بالجامعة الأمريكية، أن قوة مصر تكمن فى شبابها فهم قوة بشرية كبيرة، ولكن المهم كيفية توظيف هؤلاء الشباب, لافته إلى أن الحل لهذه المشكلة يكمن فى التشغيل, والاهتمام بالتعليم الأساسى والفنى وربطه بسوق العمل ثم خلق فرص عمل، فلابد من فتح مشاريع صناعية جديدة والتوسع في التعليم المهني الذي يرتبط بسوق العمل.
وشددت استاذ الموارد البشرية على ضرورة الاهتمام بالتخطيط على أساس سليم، ففى النظام التعليمى مثلا لابد أن تعتمد الدراسة على سوق العمل, بأن نقسم الطلاب إلى تخصصات وفقا لاحتياجات سوق العمل, مع تحديد للأعداد التى يحتاجها كل قطاع وتدريب الطلاب عليها بشكل جيد, وعلي الدولة تأهيل الخريجين من خلال دورات ودبلومات متخصصة في المجالات التي يحتاجها سوق العمل, بالإضافة إلى فتح مراكز للتدريب وتطوير قدرات الشباب,لأن فتح الجامعات المصرية لملايين من الشباب دون تحديد احتياجتنا من التخصصات المختلفة يفرز ملايين الخريجين الذين ينضمون لطابور البطالة كل عام.
واكدت، ضرورة الاهتمام بالتعليم الفنى وتغيير النظرة السيئة لهذا التعليم، مشيرة إلى امكانية عمل جامعات للتعليم الفنى, بالاضافة إلى اعفاءات ضريبية للمشاريع الصغيرة التى يديرها الشباب، لأن أغلب الذين يحلمون بالهجرة من الشباب, ويجب اعطائهم القروض الميسرة ومساعدتهم بالخبرات اللازمة لانجاح مشروعاتهم, وتحفيز القطاع الخاص على تشغيل الشباب مقابل امتيازات تمنحها لهم الدولة.
وأشارت، إلى أن وجود عدد كبير من الشباب ميزة تفتقدها كثير من الدول ويجب استغلالها من خلال الاستثمار الأمثل لهؤلاء الشباب وتشغيلهم فى المشروعات المختلفة بحيث يزداد الإنتاج ونصبح دولة منتجة وليست مستهلكة, فنحن لدينا الأيدى العاملة التى يمكن أن تعمل فى الزراعة أو الصناعة وتقلل من نسبة الاستيراد من الخارج, فيمكن منح تسهيلات للخريجين لاستصلاح الأراضى وزراعة القمح الذى نستورده من الخارج وكذلك الفول والأرز، وفى الصناعة هناك العديد من الصناعات كالغزل والنسيج والسجاد .. فنحن لدينا المواد الخام والأيدى العاملة ولكن يبقى التخطيط السليم لاستغلال هذه الموارد.

 

الشباب: السفر أفضل من البهدلة والعمل “سواقين توكتوك”

“بوابة الموت ” أو ما يعرف باسم “الهجرة غير الشرعية “.. يلجأ إليها الشباب للبحث عن فرصة عمل بالخارج، قد تكون مصحوبة باعتقاله، أو وقوعه فريسة لتجار البشر، وربما سببا لمفارقته الحياة.

تعالت صيحات العديد من الشباب، الذين التقينا بهم منددة بسوء الأوضاع الاقتصادية وعدم حصولهم على فرصة عمل, مؤكدين أن فرصة العمل أصبحت أشبه بالحلم الذى لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع.

“سألوك ايه اللى رماك على المر قال اللى أمر منه” بهذا المثل القديم بدأ علاء زهران “ليسانس حقوق” كلامه، مؤكدا أن الهجرة غير الشرعية طبعا لها العديد من المخاطر, ولكن احنا غلابة, ومش لاقيين شغل, فأنا مثلا فكرت اشتغل بشهادتى ورحت ادرب عند محامى لكنى فوجئت آخر الشهر بأخد ملاليم , ودلوقتى بشتغل فى محل بلايستيشن وسايبر.
وقال إسلام رضا، انا مثلاً متخرج من 4 سنين، والدولة مش بتوفرلي شغل، لا بالمؤهل، ولا غيره، يبقي أكيد أول حاجة هفكر فيها السفر، سواء كان شرعيا، او غير شرعي، لاني فاقد الأمل في بلدي.
أما هشام مصطفى، معهد خدمة اجتماعية: الشغل في مصر دلوقتي كله خاص، ومفيش تعيين، ولا وظائف.. طيب ما يلغوا التعليم في مصر أحسن!, وتابع : الشغلانة الوحيدة اللى موجودة سواق على توكتوك. يعنى الواحد يقعد يتعلم اكثر من 16 سنة عشان في الآخر يتخرج ويشتغل على توكتوك؟!.. علشان كده الواحد لازم يفكر فى السفر، حتى لو هيدفع 50 ألف جنيه.. ولو ها تقولي الـ 50 الف جنيه افتحلك مشروع بيهم أحسن.. اقولك هفتح مشروع والا اتجوز والا ابني مستقبلي ومستقبل ولادي؟!.

التوعية.. وتغليظ العقوبات.. حلول غير كافية
“مراكب النجاة” تطوف المحافظات المصدرة للظاهرة

تقوم الدولة حاليا بتنفيذ مبادرة “مراكب النجاة”، التى كلف الرئيس “عبد الفتاح السيسي” في ختام منتدى شباب العالم وزارة الهجرة بإطلاقها، والتنسيق مع الجهات المعنية للتوعية بمخاطر «الهجرة غير الشرعية» ,وبدات أولى محطات المبادرة فى محافظة الفيوم التى تأتى على رأس المدن المصدرة لظاهرة (الهجرة غير المشروعة) خاصة للأطفال القصر.
وتشارك وزارة التضامن الاجتماعى فى تنفيذ المبادرة فى محافظات الفيوم والشرقية والدقهلية والمنوفية والبحيرة والمنوفية والغربية وكفر الشيخ والأقصر والمنيا لأنها الأكثر من حيث عدد المهاجرين غير الشرعيين, وأشارت وزيرة التضامن “نيفين القباج” إلى أن أعداد المهاجرين زادت في الفترة من ٢٠١١-٢٠١٣ ثم بدأت في التناقص حيث في ٢٠١٧ وغرق أكثر ١٧٧٣ فردًا ثم قل في ٢٠١٨ إلى ٥٨٧، وهو ما يدل على نجاح جهود الدولة في مواجهة هذه الظاهرة, وأكدت الوزيرة ، أن هناك أسبابا كثيرة للهجرة غير الشرعية منها تدني مستوى خدمات في بعض المناطق والتطلع لما حققه شباب سافر يود تحقيق الربح السريع، وقلة وعي لدى الشباب وغياب آليات الحماية في وجود أشخاص يتاجرون في عملية الهجرة غير الشرعية.
وطرحت «القباج» حلولا تقدمها الوزارة اقتصاديا واجتماعيا وتوعويا من خلال برامجها، عن طريق تطور برنامج فرصة من خلال منحة للإقراض متناهي الصغر, وهناك مبادرة حياة كريمة, وبرنامج وعي لتعزيز المواطنة والتوعية.
وأعلنت الوزارة، عن تخصيص عدد من التدخلات ضمن المبادرة تصل إلى ٥٠ مليون جنيه، يُقدم منها ٢٠ مليونًا في المرحلة الأولى، وتشمل تخصيص 10 ملايين جنيه في صورة تمويلات لقروض حسنة بدون فوائد بمتوسط 15 ألف جنيه للقرض، وبفترة سماح ٦ أشهر، وكذلك تخصيص 5 ملايين جنيه في صورة مشروعات إنتاجية جماعية وفردية تتم دراسة نوعيتها وأماكنها تبعًا لطبيعة الأنشطة في المناطق المستهدفة، إضافة إلى ٥ ملايين أخرى لتمويل التدريب والتأهيل لسوق العمل.
وفى العام الماضى، تم تنفيذ 17 برنامجاً تدريبياً استفاد منها 16,4 الف مواطن واعتماد عدد 397 من مدربي التوعية ضد الهجرة غير الشرعية، بالاضافة إلى تنفيذ 115 برنامجاً لتوعية الأسر والشباب ضد الهجرة غير الشرعية، وذلك لعدد 3896 من الشباب والأسر بمحافظات أسيوط والأقصر وقنا وبني سويف, كما شاركت مصرفي المؤتمر الدولي لاعتماد “العهد الدولي للهجرة غير النظامية”، والذي نتج عنه أول وثيقة أممية عالمية حول الهجرة في مختلف أبعادها, وعلى مستوى التشريعات تم إنشاء كيان مؤسسي لحل الظاهرة وهي اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، وعملت اللجنة منذ تأسيسها على وضع إطار تشريعي خاص يعطي تعريف واضح لجريمة تهريب المهاجرين، وجاء قانون 82 لسنة 2016 بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين.
ورغم أن اللائحة التنفيذية للقانون حددت الخطوات الواجب اتباعها من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين ومنها : رفع الوعى العام والقدرة المعلوماتية ذات الصلة بقضية الهجرة غير الشرعية, وتعبئة الموارد اللازمة لدعم جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية, ودعم التنمية كأساس لمكافحة الهجرة غير الشرعية, اقتراح وتوفير البدائل الإيجابية لفرص العمل، ودعم مسارات الهجرة غير الشرعية, حماية الفئات الأكثر عرضة لمخاطر الهجرة غير الشرعية, وتفعيل الإطار التشريعي الداعم لأنشطة مكافحة الهجرة غير الشرعية.. الا أن الحكومة المصرية اهتمت بالتوعية وتجاهلت ايجاد فرص العمل ورفع مستوى معيشة الفئات الأكثر عرضة لمخاطر الهجرة غير الشرعية.

التعليقات متوقفه