عقب إيقاف بطاقات الخصم المباشر بالخارج.. اقتصاديون: يستهدف وقف نزيف الدولار.. واستعدادًا لقرار مصرفي مرتقب

3

عقب إيقاف بطاقات الخصم المباشر بالخارج..
اقتصاديون: يستهدف وقف نزيف الدولار.. واستعدادًا لقرار مصرفي مرتقب
وائل النحاس: عمليات استغلال كبيرة تمت على هذه البطاقات في الخارج
هاني الحسيني: خطة لخفض وتيرة الاستيراد غير الضروري
مصطفى بدرة: لا تأثيرات على مستلزمات الإنتاج.. والقرار لفترة مؤقتة
أحمد خزيم: ضرورة مراجعة هذا القرار جيدًا.. ولا مفر من «التعويم» المقبل
شريف الدمرداش: الجهاز المصرفي يسعى للتحكم في خروج الدولار خارج البنك المركزي
تحقيق: محمد مختار
«عميلنا العزيز، برجاء العلم أنه سيتم إيقاف المعاملات بالعملات الأجنبية عند استخدام بطاقات الخصم المباشر المصدرة على حساباتكم بالجنيه المصري، وسوف يقتصر استخدام بطاقة الخصم المباشر على المعاملات بعملة الجنيه المصري داخل جمهورية مصر العربية فقط».. رسالة تلقتها جميع هواتف المواطنين خلال الأيام القليلة الماضية تخبرهم بوقف المعاملات بالعملات الأجنبية عند استخدام بطاقات الخصم المباشر، وعدم السماح للدفع بالعملات الأجنبية كالدولار، حيث كان الدافع الأبرز والأهم لمثل هذا القرار، هو وقف ممارسات غير منضبطة كانت تتم باستخدام هذه البطاقات في الخارج للاستفادة من فرق العملة الرسمي في السوق السوداء، واستغلالها في سحب كميات كبيرة من النقد الأجنبي خارج البلاد مما تسبب في نزيف للعملة الصعبة، وأكد عدد من خبراء الاقتصاد أن هذا الإجراء يستهدف بقاء النقد الأجنبي داخل البنك المركزي، موضحين في نفس الأمر أنه يعد من الدلائل القوية أيضا على اقتراب القيام بعملية مرتقبة لتحريك سعر الصرف حيث يقوم البنك المركزي بالعمل على استقرار المركز المالي للبنوك التابعة وانتهاء جميع المعاملات المالية مع البنوك الخارجية.
ووفقا لبيانات البنك المركزي، فإن عدد البطاقات المصرفية بأنواعها المختلفة «بطاقات الخصم المباشر وبطاقات الائتمان والبطاقات مسبقة الدفع» زادت بنحو 5.4 مليون بطاقة في البنوك خلال العام الماضي 2022 مقارنة بالعام 2021، ليصل إجمالي عدد البطاقات إلى نحو 57.5 مليون بطاقة حتى نهاية العام الماضي. وبلغ عدد بطاقات الخصم المباشر نحو 23.8 مليون بطاقة حتى نهاية العام الماضي، مقارنة بنحو 21.6 مليون بطاقة في 2021، بزيادة بنحو 2.3 مليون بطاقة في عام.
فرق العملة
أكد الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي، أن هناك عمليات استغلال كبيرة تمت على هذه البطاقات في الخارج، من أجل أن يستفيد هؤلاء بفرق العملة الكبير والذي يصل إلى نحو 10 جنيهات، موضحا أنه في نفس الوقت تدخل الدولة في التحضير لعملية تعويم مرتقب، حيث ان هذه الخطوات غالبا ما تكون سابقة لهذا الإجراء، فالحكومة قبل القيام بالتعويم تقوم أولا بحسم قضية التعاملات بالكروت الائتمانية بالجنيه للحفاظ على المراكز الائتمانية للبنوك، وثانيا تقوم بخفض الأسعار في الأسواق لفترة تحضيرية قبل هذا الأمر.
ومن المقرر أن يصل خبراء صندوق النقد لإتمام المراجعات المستحقة بشأن برنامج مصر الخاص بهذا الشأن في شهر ديسمبر المقبل، بعد مفاوضات تمت في المغرب مؤخرا حول عدد من النقاط الهامة، وبالتالي فما يتم هو الحفاظ على توازن الجهاز المصرفي والأرصدة الداخلية والخارجية تحسبا لعدم وجود عمليات معلقة عند إجراء التعويم المزمع إجراؤه، حيث إن عملية تسوية المعاملات الخارجية تستغرق حوالي 55 يوما تقريبا.
وتابع الخبير الاقتصادي، أن اجتماعات الحكومة مع ممثلي اتحاد الصناعات الغرف التجارية للعمل على استقرار الأسعار بالأسواق هو عملية تهيئة للأسواق تحسبا لقرار مهم، ولكن المشكلة الكبرى هنا تتمثل في الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة المحيطة، والتي تسببت في ارتفاعات قياسية للنفط والغاز.
وقال إن الهدف الأول من إيقاف بطاقات الخصم المباشر في الخارج هو الحد من استغلالها من مجموعة من المنتفعين ووقف نزيق النقد الأجنبي، ولكنْ هناك بالفعل متضررون حقيقيون من هذا القرار مثل الطلاب الدارسين بالخارج وغيرهم، الأمر الذي يتطلب بمراحعة دقيقة وبعض الإجراءات لتلافي تضرر بعض الأشخاص.
خفض وتيرة الاستيراد
وفي سياق متصل أكد هاني الحسيني الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية لحزب التجمع، أن الحكومة تستهدف من هذا الإجراء خفض وتيرة الاستيراد غير الضروري وأيضا الحد من الاستهلاك غير الضروري، بجانب منع الممارسات غير المنضبطة التي كانت تتم مثل تجميع هذه البطاقات للسحب منها في الخارج كميات كبيرة من الدولار، فالتدخل كان بهدف وقف نزيف العملة الأجنبية والعمل على توفيرها.
وتابع الخبير الاقتصادي أن الحكومة تتخذ خطوات استباقية مرنة نحو تحرير سعر الصرف ولكنه لن يتم قبل بداية العام الجديد، مضيفا أن هناك تنسيقًا قامت به الحكومة مع صندوق النقد كان أخره ما تم الإعلان عنه بشأن رفع قيمة الاقتراض من 3 إلى 5 مليارات دولار الذي يأتي في نطاق الاحتياجات، مضيفا أن الأسواق تعاني خلال هذه الفترة ولا تتحمل القيام بتحريك مفاجئ لسعر الصرف وبالتالي سيتم تحريك مرن لسعر الصرف.
لا تأثيرات على مستلزمات الإنتاج
أكد الدكتور مصطفى بدرة الخبير المصرفي، أن الهدف من إجراء وقف بطاقات الخصم المباشر هو منع عمليات إساءة استعمالها من بعض الأفراد في الخارج من خلال ممارسات غير منضبطة تتم من خلال تجميعها لسحب كميات كبيرة من الدولار في الخارج، وبالتالي تحركت البنوك كرد فعل وأقدمت على اتخاذ قرارات بوقف عمليات السحب من الخارج من هذه البطاقات.
وتابع الخبير الاقتصادي، أنه بعد استقرار الأوضاع والسيطرة على عمليات استنزاف الدولار التي تتم، ستقوم البنوك مجددا بعودة التعامل ببطاقات الخصم المباشر، ولكن التوقيت الحالي يتطلب الحفاظ على النقد الأجنبي ووقف عمليات استنزافه، قائلا: البنوك ترغب في زيادة حجم تعاملاتها وأرباحها، لكن دون إساءة استعمال.
وأشار إلى أن البنك المركزي أصدر نفس التوجيه في يونيو 2016، وقصر استخدام بطاقات الخصم متضمنة البطاقات المدفوعة مقدما والصادرة بالعملة المحلية من البنوك داخل مصر، فيما أن البنك المركزي برر وقتها القرار بحدوث تلاعب كبير من بعض العملاء والحصول على كميات كبيرة من الدولار واستخدامها في غير غرض السفر والسياحة والمشتريات، حيث تجاوزت تلك العمليات وقتها مليارات الجنيهات، مما دفع البنوك لاتخاذ قرار وقف السحب من الخارج.
وشدد «بدرة» على أن القرار يحمل أهدافا واضحة ومحددة، ولن تكون له تأثيرات على المستوردين ورجال الصناعة، حيث إنه يستهدف فئة وتعاملات محددة جدا تطلبت التدخل لوقفها من أجل الحفاظ على المركز المالي للبنوك.
وشدد الخبير الاقتصادي على أن القرار بحاجة إلى إعادة مراجعة دقيقة لتفادي تضرر بعض العملاء الذين بحاجة ماسة لهذه البطاقات مثل الطلاب الدارسين في الخارج أو المسافرين للعلاج وتلقي الرعاية الصحية، وكذلك للقيام بأنشطة سياحية، قائلا: بالفعل هناك أشخاص يستخدمون تلك البطاقات في الخارج بصورة غير سليمة للحصول على الدولار، ولكن على الجانب الآخر هناك متعاملون ملتزمون وفي أمس الحاجة لتلك البطاقات لتسيير أعمالهم وبالتالي كان على الجهاز المصرفي وضع آلية لمعاقبة من يستخدمون البطاقة بطرق غير سليمة وتحملهم التداعيات والخسائر.
نقص في النقد الأجنبي
وأكد الدكتور أحمد خزيم الخبير الاقتصادي، أن البنوك تعد الأموال سواء في الإيداعات أو الإقراض بمثابة أصولها وكمية الإيداعات يقابلها إقراض غير مردود متمثل في أذون الخزانة الأمر الذي أدى إلى زيادة المخاطر على الإيداعات والمدخرات وبالتالي ينعكس الأمر على تعاملاته مع البنوك الخارجية، مما يدفع البنك المركزي بالتدخل بعدة إجراءت والتي يجب أن تكون منها التقليل من عمليات إصدار أذون الخزانة.
وتابع الخبير الاقتصادي أن الأمر بحاجة لمعالجة دقيقة وذلك لتجنب مزيد من ارتفاع التضخم، موضحا أن توجه بعض الأشخاص حول استخدام بطاقات الخصم المباشر بالخارج يعود إلى وجود نقص في النقد الأجنبي، موضحا أن إجراء التعويم هو أمر لا مفر منه ولكن التوقيت هو الذي سيحدد خلال الفترة المقبلة لعدة اعتبارات داخلية وكذلك بسبب الأحداث المستجدة في المنطقة المحيطة، فالتعويم يعد إضافة حمل جديد على الأسواق مما يزيد المخاوف من ارتفاعات قياسية جديدة للتضخم وقد يصل إلى ركود تضخمي، قائلا: عدم قيام الحكومة بتوليد الدولار من أنشطة اقتصادية سبب رئيسي في هذا الأمر.
تعويم مرتقب
وفي نفس السياق أكد الدكتور شريف الدمرداش الخبير الاقتصادي، إن القيام بوقف بطاقات الخصم المباشر بالخارج يستهدف السيطرة على تدفق النقد الأجنبي بالخارج، وبسبب وجود مشكلة في العملة الصعبة فالجهاز المصرفي يوفر من استخداماته والتحكم في خروج الدولار خارج البنك المركزي، وهو يعد خاضعًا لقانون الندرة.
وتابع الخبير الاقتصادي: الدولة تقوم الآن بالتحكم في تحديد الأولويات ولا يتم تحديدها وفقا للاحتياجات، مشيرا إلى أن كل الشواهد الاقتصادية تؤكد أن هناك تعويمًا قادمًا، وفي نفس الأمر كل ما حدث خلال الفترة الماضية هو نتيجة القيام بتحريك سعر الصرف بداية من عام 2016، والأسواق غير مستعدة لإجراء مصرفي جديد خاص بتحريك سعر الصرف.

التعليقات متوقفه