في حواره مع “الأهالي” :”هانى رسلان” يفتح الملفات الشائكة ويعرض القضايا المثارة على الساحة المحلية والإقليمية

517

*”التنعت والمراوغة” استراتيجية إثيوبية معتمدة ومخططة من البداية
*الطرف الإثيوبى لن يغير موقفه فى الملف إلا بضغوط قوية أو شعوره بتهديدات جدية
*العلاقة بين “مصر والسودان” ليست فى أحسن حالتها الآن.. وتوصف دائمًا بـ”المصير المشترك”
*جنوب إفريقيا متعاطفة مع إثيوبيا ولديها حساسية التنافس مع مصر
*الولايات المتحدة مترددة فى الضغط على إثيوبيا والملف ليس على قمة أولوياتها هذه الفترة
*إثيوبيا تطمح فى استخدام المياه كسلاح للهيمنة المائية ومنها للهيمنة الاستراتيجية فى منطقة القرن الإفريقى وحوض النيل
*الاتفاق الإماراتى الإسرائيلى إعلان وفاة للنظام الاقليمى العربى
*النظام الإقليمى العربى تم اختراقه وتعرض لضربات وانهيارات أفقدته تماسكه
*تنسيق تركى إثيوبى لمحاصرة مصر من الاتجاهات الاستراتيجية وتشتيت جهودها
*”تركيا وإيران وإثيوبيا” ثالوث يتعاون لتقويض المنطقة العربية وتخريبها وإعادة رسم خرائطها
*حال استمرار اثيوبيا على عدم توقيع اتفاق ملزم  فسوف تعيش تتحول الاوضاع فى حوض النيل الشرقى الى حالة صراعية 

حوار وتصوير – رضا النصيرى

تشهد اجتماعات المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبى، تطورًا فارقًا فى الملف بأكمله، بداية من انعقاد جلسات اللجنة الفنية المصغرة المكونة من عضو فني وآخر قانوني من كل دولة من الدول الثلاث، لإعداد مسودة أولية تتضمن تجميع مقترحات الدول في مستند واحد يحدد نقاط الخلاف والتوافق، مرورًا باجتماع وزراء المياه برعاية الاتحاد الإفريقى وبحضور مراقبين من الدول الاعضاء بهيئة مكتب الاتحاد، إضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، وخبراء مفوضية الاتحاد الإفريق، لاستكمال المفاوضات والوصول إلى اتفاق مُلزم بخصوص الملء والتشغيل، واخيرا التوافق بين السادة الوزراء على الخطوات المستقبلية حيث تم الاتفاق علي أن تبدأ اللجنة الفنية القانونية عملها حتى بعد غد “الجمعه”..
“الأهإلى” تكشف عن التفاصيل الكاملة للملف وأطرافه، بالإضافة إلى فتح ملفات شائكة وموضوعات مطروحة على الساحتين المحلية والاقليمية عبر سطور حوارها المطول مع دكتور “هانى رسلان”، رئيس بحوث السودان ودول حوض النيل، ومستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ومؤسس ورئيس تحرير مجلة “رؤى مصرية ” الصادرة عن مركز الاهرام للدراسات التاريخية والاجتماعية.. وإلى نص الحوار…
*فى البداية.. ما تقييمك لخط سير المفاوضات حتى الآن؟
لا توجد أى مؤشرات على ان هناك اختلافًا فى الاجتماعات المنعقدة مؤخرا فى هذا الشأن بداية من الاجتماع السداسى الأخير لوزراء الخارجية والرى للدول الثلاث، والسبب فى ذلك التعنت الإثيوبى المستمر، خاصة أنه ليس تعنتا بالصدفة أو وليد اللحظة ولكنه استراتيجية معتمدة ومخططة منذ البدايات الأولى حتى من قبل إنشاء السد نفسه، حيث توجد سوء نية “مبيت”، فإثيوبيا دائما تقول شيئًا وتفعل شيئًا آخر، وهو أسلوب معروف عنها بـ”المماطلة والتسويف”، لإضاعة الوقت، حتى يكتمل بناء السد، والآن ومع المراحل الأخيرة من البناء، أسقطت أديس أبابا كل الأقنعة ولن يغير الطرف الإثيوبى موقفه، إلا بضغوط قوية أو أن يشعر بتهديدات جدية، غير ذلك لن يغير موقفه فى التفاوض نهائيا.
*تشهد منطقة حوض النيل الشرقى تحركات دبلوماسية مصرية على اعلى مستوى، وتحديدا مع السودان. هل عادت بالنفع فيما يخص وحدة الموقف المصرى السودانى فى الملف؟
جنوب السودان له علاقة خاصة مع مصر وممتدة من قبل ان ينفصل عن السودان، وكانت مصر تخصص عددا كبيرا من المنح التعليمية لأبناء الجنوب كمساهمة من القاهرة فى تنمية الإقليم عبر دعم العملية التعليمية وتدريب الكوادر والقادة المحليين، وهذه العلاقة امتدت واستمرت بعد انفصال الجنوب، من خلال تقديم الخدمات الطبية أو فى مجال الرى والمياه والدعم بالكهرباء، وهو عمل مستمر وقديم وليس متصلاً بقضية سد النهضة، فهو سابق على هذه الأزمة وسيظل بعدها لأنه جزء من استراتيجية مصر فى حوض النيل، أما إذا تطرقنا إلى ملف السد الإثيوبى، فدائما العلاقة بين القاهرة والخرطوم توصف بأنها ” مصير مشترك”، حتى وأن مرت بنكسة كما حدث فى فترة حكم الإخوان والذين عرفوا إعلاميا بـ”نظام الانقاذ” برئاسة عمر البشير، ورغم اساءات هذا النظام لمصر وتبنيه لعمليات الارهاب ودعمه لها، الا ان مصر حرصت طول الوقت على وجود خط الصلة وعدم انقطاعه .
فالعلاقة بين مصر والسودان فى الوقت الحالى ليست فى أحسن حالتها، لذلك تسعى مصر لاستعادة زخم هذه العلاقة، وإعادة تأسيسها من جديد على أسس المصلحة المشتركة، بعيدًا عن سياسات الكراهية والعداء التى كانت يمارسها النظام السابق، كما حدث فى زيارة رئيس الوزراء “مصطفى مدبولى”، مؤخرا والوفد الوزارى المرافق له، وقد كانت زيارة شاملة تناولت ليس فقط سد النهضة، ولكن جميع القضايا المشتركة بين البدين، من استثمارات فى النقل النهرى والبرى والمنح التعليمية والامداد بالكهرباء، وكذلك التعاون الصحى، خاصة فى ظل جائحة كورونا، إضافة، إلى معالجة الأمراض المتوطنة من خلال ارسالنا قوافل طبية للسودان، وتنفيذ جزء مما تم الاتفاق عليه فى هذه الزيارة سوف يكون دفعة جديدة قوية للعلاقات بين البلدين، ولكن سد النهضة كان مجرد بندا واحدا من جملة بنود، وهو كان الموقف الموجود حاليا فى المفاوضات، والذى يتسم بـ”التعثر” بسبب العراقيل التى تضعها إثيوبيا كل مرة ، وان كان هناك موقف مصرى سودانى مشترك فيما يتعلق بالوضع القانونى للاتفاق حيث ضرورة وجود اتفاق ملزم وان تتواجد آليه للتحكيم، ما يعكس شبه تطابق فى الموقف القانونى بين البلدين، اما فيما يخص الموقف الفنى، فهناك اشياء مشتركة واخرى مصر تعتبرها أولوية والسودان ترى الأولوية فى أشياء اخرى وجميعها فروقات هامشية وفقا لطبيعة المصالح والتهديدات لكل بلد.
*فى رأيك.. وحدة الموقف المصرى السودانى سببه التحركات الدبلوماسية المصرية الأخيرة أم الفيضانات التى تعرضت لها السودان وأيقنت معها مخاطر السد؟
لا توجد وحدة فى الموقف المصرى السودانى، ولكن يمكن القول إن هناك نوعا من التنسيق لم يصل إلى مستوى الوحدة، بالإضافة إلى أن ذلك ليس نتيجة الجهود المصرية ولكن نتيجة اكتشاف السودان مؤخرا، أن النوايا الإثيوبية تجاهها ليست سليمة وأن هناك سوء نية، وأن ما كانت تقوله أو تحوى به إثيوبيا للسودان لم يكن صحيحًا، السودانيون كانوا فى وقت قريب يعتقدوا أن سد النهضة تقوم إثيوبيا بأنشائه لنفسها وللسودان، وأنه سيكون هناك نوع من التناغم والتنسيق بين البلدين، بحيث أن السودان ستأتى له فوائد ومصالح كثيرة من هذا السد، وأن التنسيق كفيل بتقليل الأضرار، ولكن عندما جاءت ساعة الملء واقترب السد على الانتهاء من البناء، لم تعد إثيوبيا بحاجة إلى السودان، لذلك اظهرت الوجه الحقيقى، والذى كان مكشوفا منذ البداية، ولكن كانت هناك غشاوة على أعين السودانين، بالاضافة إلى الرغبة فى الحاق الأذى بمصر فى فترة الإخوان، كانت تفوق أى شىء، وإذا كان هناك أى إذى أو ضرر من السد سيقع على مصر وحدها، فلا مانع من حدوث ذلك، والأهم انهم كانوا تحت تأثير الكلام المعسول والمراوغات والكذب الإثيوبى، وأن إديس أبابا تبحث عن مصالحها منفردة حتى لو على حساب دولتى المصب، وهو ما جعل هناك تغير فى الموقف السودانى مؤخرًا.
الاتحاد الإفريقى
*هل قام الاتحاد الإفريقى بدوره المنوط به برعاية الاجتماعات الحالية فى التفاوض على الوجه المطلوب؟
الاتحاد له ردود ومواقف فى هذا الشأن” بلا طعم ولا رائحة ولا لون” وهو ما يفقد الوساطة دورها أو يؤثر سلبا على مكانة الاتحاد الإفريقى وعلى كل منظومة القيم التى يطرحها الاتحاد، فعلى سبيل المثال، ارسلت السودان خطابا للاتحاد ووزيرة الخارجية بدولة جنوب إفريقيا، بأن إثيوبيا تخرج عن مقررات القمة الإفريقية الثانية، حيث إنه كان من المتفق أن تنصب المفاوضات للوصول لاتفاق ملزم وأن القضايا المتعلقة بتقاسم المياه أو ببناء مشروعات مستقبلية تناقش لاحقا فى إطار آخر، ولكن إثيوبيا بمجرد أن انتهت القمة، أعلنت إنها لن تقبل بأى اتفاق ملزم، ورفضت الاتفاق فيما يخص تقاسم المياه، أى لا يوجد اتفاق من الأساس!، وهنا جاء رد الاتحاد أن هذه المخالفات والمواقف الإثيوبية تناقش داخل الاجتماعات، الأمر الذى يعكس ضعف الاتحاد.
*هل معنى ذلك أن هناك تنسيقًا ما بين الاتحاد الإفريقى وإثيوبيا لمصلحة الأخيرة؟
لا يمكننا قول ذلك بالضبط، ولكن إثيوبيا عندما رفضت فى كلمتها بمجلس الأمن ما يحدث، واعتبرت تحويل الملف للمجلس تصرف خاطىء، ورفعت شعار آخر وهو” الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية”، وقالت إن البيت الإفريقى وهو الاتحاد يمكنه أن يقوم بجهود الإشراف على المفاوضات، وقبلت مصر الأمر بعدما تم إدراج القضية فى مجلس الأمن، وبعد أن أعلنت كلمتها للعالم، ولكن نية إثيوبيا من أول الأمر ليس الوصول لحل عبر الاتحاد الإفريقى، هى تريد فقط توظيف الاتحاد فى كسب مزيد من الوقت والاستمرار فى المراوعات، وتحت هذه المظلة قامت بالملء الأول، ومن المنتظر أن تقوم بالمرحلة الثانية من الملء فى يوليو المقبل، وبالتإلى فإثيوبيا تفاوض بسوء نية وغياب للإرادة السياسية للوصول إلى اتفاق منذ البداية وحتى الآن، وهذا موقف لم يتغير، خاصة أن الاتحاد الإفريقى نفسه مؤسسة “ضعيفة” ليس لديها قدرات وامكانيات، علاوة على أن رئيسة الدورة الحالية “جنوب افريقيا” متعاطفة مع إثيوبيا ولديها حساسية التنافس مع مصر، ما يعنى أن لديها “انحياز ضمنى” مسبق للطرف الإثيوبى، لذلك نرى أن إدارتها للوساطة تتسم بالضعف وعدم الجدية وهناك شبهات قوية حول الحياد لكن مصر تتعامل مع ذلك أيضا بصبر طويل.
*إثيوبيا تصر على عدم الوصول لاتفاق ملزم وأن يكون مجرد قواعد ارشادية توجيهية فقط.. هل ستنجح فى تنفيذ هذا المخطط للنهاية؟
لا يمكن أن يحدث ذلك، لأنه بحكم التعريف أن الاتفاق المقصود به قواعد ارشادية يحق لإثيوبيا أن تقوم لاحقا بتغيره كليا او جزئيا بشكل منفرد، هذا لا يسمى اتفاقا، وهو ما يعكس أن إثيوبيا تقول بشكل أو بآخر أنه ليس هناك داعى لكل هذه المفاوضات، وإنها سوف تتصرف من تلقاء نفسها، وإنها تتعهد شفويا بإنها تراعى مصالح دولتى أسفل المجرى، لكن ذلك مسألة غير منطقية ومثيرة للسخرية، لأن كل ذلك” كلام تهريج” ببساطة.
حسن النوايا
*وزير الخزانة الأمريكى “ستيفن منوتشين” أكد التفاوض بحسن النوايا واظهار الإرادة السياسية من الدول الثلاث، ألم تعلم الولايات نوايا كل طرف؟
الولايات المتحدة تعرف جيدا أن إثيوبيا لا يتوافر لديها حسن النوايا ولا تتوافر لديها أيضا الإرادة الساياسية للوصول لاتفاق، غير أن الولايات قادرة على الضغط على إثيوبيا ودفعها إلى الاتفاق، لكن هذا الأمر فرضت عليه بعض القيود، أولا، الولايات الأمريكية المتحدة الآن تمر بفترة انتقالية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية وبالتالى هذه القضية لم تعد فى أولويات الإدارة الأمريكية، هى تهتم بها ولكنها ليست فى قمة الأولويات، كما أن هناك فريقا داخل الإدارة الأمريكية يرى أن الضغط الكبير على إثوبيا يجعلها ترتمى أكثر فى أحضان الصين، وإخراج الصين أو أضعاف موقفها داخل إثيوبيا هو أحد أهداف الإدارة الأمريكية كما هو فى السودان، لأن أحد أهداف الإدارة الأمريكية بشكل عام فى شرق افريقيا هو تقليص النفوذ الصينى، الأمر الذى أثار تخوف الولايات من أن الضغط على إثيوبيا بأى ممارسات أو وقف أى دعم ومساعدات يدفعها للحضن الصينى.
*ما الأثار السلبية والإيجابية لسد النهضة بشكل فعلى؟
لا توجد أى أثار إيجابية للسد، على الأقل بالنسبة لمصر، فكلها أثار سلبية، ولكن مصر تتصرف بناء على أن هناك اتفاقا أو أن هناك قانونا دوليا يقول بعدم الضرر، واتفاق موقع يقول بالتعاون من أجل تقليل هذا الضرر، وأنه فى حالة وقوع أى ضرر، تكون هناك تعويضات، بالإضافة إلى ضرورة وجود دراسات بيئية واجتماعية واقتصادية لأثر السد، سوف تأخذ فى الاعتبار عند التشغيل، لكن للأسف كل هذه الدراسات لم تنجز أصلا، وكان ذلك بتعمد إثيوبى وبمشاركة سودانية فى المرحلة السابقة، وبالتالى بند التعويضات لم يطرح أيضا فى المفاوضات، وإثيوبيا كشفت الغطاء عن أن هذا السد ليس لتوليد الكهرباء، ولكن للسيطرة على المياه واحتجاز حصة من تدفقات النهر، فى حين أن إثيوبيا ليس لديها مناطق زراعية حول السد وإنها دائما تنادى بالاستخدام المنصف والمعقول، وهذا ترجمته الفعلية هى أنها تولد طاقة، وهذه الطاقة تؤثر على تدفقات المجرى، ودول أسفل المجرى وافقوا على ذلك تشجعيا للتنمية، ولكن اتضح فى نهاية الأمر أن السد كله ليس من أجل التنمية وانما من أجل الهيمنة المائية، وبعد ذلك التحويل لهيمنة الاستراتيجية.
*ما التنازلات المطلوبة من كل طرف للوصول لاتفاق؟
مصر ليس لديها القدرة على تقديم أى تنازلات، لأنها ابدت من المرونة الكثير والكثير، وقدمت تنازلا، لأن كل ما تم الاتفاق عليه فى إعلان المبادئ لم ينفذ، وإثيوبيا استهلكت الوقت وافشلت كل الجهود ما افشلت عمل المكاتب الاستشارية الفرنسية ولم يتم انجاز الدراسات، ومصر أبدت مرونة كبيرة جدا، والدليل على ذلك توقيعها وثيقة واشنطن بالأحرف الأولى، وهذه الوثيقة كان 90% منها متفق عليه بين الدول الثلاث والنسبة المتبقية الـ 10% التى كان حولها الاختلاف وضعتها واشنطن بالتنسيق مع البنك الدولى بالتوازن بين مصالح الدول الثلاث، وقبلت ما قالت به واشنطن، والمشكلة كانت لدى إثيوبيا، والسودان كان متراخى جدا فى ذلك الوقت ورفض التوقيع أيضا كما فعلت إثيوبيا.
الاتفاق الإماراتى الإسرائيلى
*ذكرت أن الاتفاق الإماراتى الإسرائيلى فصل جديد فى تاريخ ما كان يسمى بالمنطقة العربية.. ماذا كنت تقصد؟
الإمارات وقعت بتطبيع شامل مع إسرائيل، يشمل السفارات والطيران والترتيبات الأمنية والاستثمارات، بالإضافة إلى ما ورد حول تأجيل أو وقف الضم مؤقتا هو فى الحقيقة مثل ورقة التوت، فهو ليس بندا حقيقيا فى الاتفاق، لكن إذا دققنا فى الموضوع نجد أن هذا بمثابة “إعلان وفاة وموت” للنظام الإقليمى العربى، هذا النظام الذى تعرض لهزات كثيرة ، وتم اختراقه من داخل بعض الدول الأعضاء، لكن الآن هو فقد تماسكه وأصبحت كل دولة تبحث عن مصالحها بشكل منفرد، وبالتإلى لا يمكن القول أن هناك ما يسمى بالمنطقة العربية الآن، فلا تعقد قمم، وإذا عقدت تكون بدون فاعلية وبدون اتخاذ موقف مشترك، وأصبح هناك كل حالة على حدة تتخذ ما ترى أنه يتواءم مع مصالحها الوطنية طبقا لوجهة نظرها الذاتية.
*البعض يرى أن التصعيد التركى بالتنسيق مع إثيوبيا لتشتيت جهود مصر.. إلى أى درجة صحة الأمر؟
فى عام 2015 قام ” داود اغلو”، والذى كان وزير خارجية تركيا فى ذلك الوقت، بزيارة إلى إثيوبيا ووقع اتفاقية دفاع مشترك والبرلمان الإثيوبى صدق على هذه الاتفاقية، وجاء فى البيان المشترك عن الزيارة إن تركيا تسعى إلى نقل تجربتها فى بناء السدود التركية إلى إثيوبيا، ونحن نعلم أن السدود التركية هى عبارة عن تحكم فى تدفقات دجلة والفرات، ووضح أثر ذلك الآن، وتركيا استخدمت أيضا سد ” ايليسو” الذى اكتمل وبدأ تشغيله هذا العام كسلاح حربى ضد الأكراد فى شمال سوريا بقطع المياه، وهذا يرجعنا إلى فكرة أن المنطقة العربية كانت محاطة بثلاث دول اقليمية هى فى الحقيقة معادية للمشروع العربى وهى ” تركيا وإيران وإثيوبيا”، والآن هذه الدول تتعاون بشكل أو بآخر فى ملفات مختلفة لتقويض المنطقة العربية وتخريبها وإعادة رسم خرائطها وتمديد نفوذها على حساب المنطقة العربية، فنجد مثلا تركيا تتعاون مع إثيوبيا لتهديد مصر، وتتعاون مع إيران فى الملف السورى، والآن إثيوبيا طامحة لا ستخدام المياه كسلاح كى تعيد صياغة التوازن الاستراتيجى فى منطقة القرن الإفريقى وحوض النيل، ونلاحظ أيضا فى ظل اشتداد الأزمة اللبيية وإعلان الرئيس المصرى “سيرت وجفرة” خط أحمر، عشية الملء الأول لسد النهضة، كان هناك مبعوث خاص من رئيس الوزراء الإثيوبى فى تركيا للتنسيق بين الطرفين حول هذا الأمر لإشغال مصر بالجبهة الجنوبية والغربية فى نفس الوقت، وتشتيت جهودها ومحاصرتها من الاتجاهات الاستراتيجية الثلاث، فى الجنوب أزمة قضايا مياه النيل، ومن الغرب التهديد الإرهابى التركى، ومن الشمال الشرقى والذى فيه تركيا ضلع أيضا عبر نقل عناصر إرهابية لداعش وغير داعش إلى سيناء.
حرب المياه
*وأخيرا.. هل حرب المياه قادمة لا محالة؟
الوضع الحالى بالاستراتيجية الإثيوبية وطبيعة الحال سوف ينتج عنه صراع إذا استمر الوضع بهذا الشكل دون اتفاق، حالة صراعية سوف تنتج فى حوض النيل الشرقى، هذه الحالة ليست بالضرورة” الحرب”، قد تتضمن فى مرحلة من المراحل الحرب، لأنه فى العلاقات الدولية إما أن تكون العلاقات تعاونية أو صراعية، ومصر بذلت جهودا كبيرة للحفاظ على العلاقات فى إطار التعاون لمصالح الشعوب، لأن الحالة الصراعية سوف تكون خصما على مقدرات الشعوب وعلى قدرتها على التنمية وعلى توفير الأمن الانسانى والاجتماعى، لأن 250 مليون نسمة فى الدول الثلاث “مصر والسودان وإثيوبيا”، محتاجين، بمعنى إن ظروفهم الاقتصادية ليست فى أفضل حال وأوضاعهم الداخلية تحتاج الكثير من الإعمار والجهود وتوفير المتطلبات، لكن إثيوبيا بطموحها الجامح سوف تنقل الأمر إلى حالة صراعية، هذه الحالة بها درجات ومستويات كثيرة، كما أن هذه الحالة الصراعية سوف تعطى لإثيوبيا سلاحا تستخدمه فى مرحلة من المراحل للضغط والإكراه على دولتى أسفل المجرى “مصر والسودان”.

التعليقات متوقفه