تقرير مفاوضات سد النهضة أمام الاتحاد الإفريقي .. الجمعة

أيمن سلامة : الاتفاق على قواعد التشغيل ممكن .. والمسائل القانونية مؤجلة

204

تواصل اللجان الفنية و القانونية المصغرة من الدول الثلاث أعمالها في التفاوض حول النسخة الأولية المجمعة المُعدة من مقترحات الاطراف ، حيث استأنفت اعمالها ، امس الاول ” الاثنين” ، والتى بدأتها منذ الجمعة الماضية وتستمر لمدة أسبوع ، ويأتي ذلك في إطار محاولة التوصل لتوافق حول النقاط الخلافية وتقريب وجهات النظر، سعياً للوصول الى اتفاق متكامل لملء وتشغيل سد النهضة، وإعداد تقرير لعرضه بعد غد ” الجمعة، الموافق 28 اغسطس الجاري على رئيس جنوب افريقيا، بوصفه الرئيس الحالى للاتحاد الافريقي .
من جانبه، لا يعتقد استاذ القانون الدولى العام، دكتور ” ايمن سلامة”، انه سيكون هناك توافق بين الفرقاء الثلاثة” مصر والسودان واثيوبيا”، على مسائل جادة من الناحية القانونية، مشيرا الى انه ربما يحدث توافق بينهم حول أمور فنية محددة خاصة بسنوات الملء والتشغيل للسد فى فترات الجفاف ، والجفاف الممتد، ولكن المسائل القانونية من الصعب ان تكون الورقة المقدمة بالمقترحات الثلاثة لرئيس جنوب افريقيا متوافقة على النقاط الخلافية القانونية، والتى تبرز فى اصرار اثيوبيا على عدم الالتزام بأى اتفاق او بروتوكول فنيا قانونيا ملزم لها، وفى جانب اخر ترفض مصر والسودان ان يكون ما يتم التوصل إليه بعد كل هذه المشاورات الفنية والمفاوضات السياسية بينهم ، هى مجرد توجيهات ارشادية عامة غير ملزمة ، والتى يعرفها خبراء القانون الدولى ويوصفونها بمصادر القانون الرخو او مصادر القانون المرن وليس المصادر الصلبة للقانون وهى المعاهدات الدولية.
ويرى ” سلامة” ان التسويات الدبلوماسية لتسوية النزاعات الدولية تختلف عن التسويات القضائية مثل محكمة العدل الدولية وهيئات التحكيم الدولية، وطالما ان منظمة الاتحاد الافريقى هى التى ترعى المفاوضات والمشاورات حتى فى وجود مراقبين دوليين من دول ومنظمات دولية ، ففى نهاية الامر لا نستطيع الجزم بأن اى مقترح من رئيس الاتحاد الافريقى هو سيكون له الالزامية الحاسمة مقارنة بالقرارات التى تصدر عن مجلس الامن تأسيسا على الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة او احكام محكمة العدل الدولية او احكام هيئة التحكيم الدولى.
ويؤكد” سلامة”، ان عامل الوقت ، هو عامل مداهم لكل من مصر والسودان ، وتستغله اثيوبيا استغلالا مفرطا منذ الاعلان الاثيوبى الرسمى عن بناء سد النهضة فى ابريل عام 2011، مضيفا ان اثيوبيا لا تكترث بمبادىء حسن الجوار ومبادىء قدسية المعاهدات الدولية وتنفيذها، وتحديدا الاتفاقية الاطارية العامة لسد النهضة ، والتى تم ابرامها فى الخرطوم فى 23 مارس عام 2015 ، مشيرا الى ان المنطلقات الاثيوبية مختلفة تماما عن منطلقات مصر والسودان ، حيث تعتبر اثيوبيا ان نهر النيل الازرق هو نهر ملك لها وبعد ان تستنفد هى انتفاعها منه فأنها تمنح الاخرين ما يتبقى دون اعتبار لأى عوامل او معايير وضعها القانون الدولى للانتفاع بالمجارى الدولية فى غير الملاحة الدولية .
وذكر ” سلامة”، ان الجميع فى مصر تحدث عن الامور الفنية، حيث الجفاف والملء والتشغيل، بينما الاهم هى المسائل القانونية ، التى كشفت هذه القضية المعقدة عن اهمية الرجوع لقواعد القانون الدولى حيث تتنازع الاطراف الثلاثة حول امور اربعة فى هذا الشأن، والدليل على ذلك ان اثيوبيا ترفض ان يكون هناك ثمة اتفاق اى معاهدة قانونية دولية ملزمة ، رغم ان كل السابقات والممارسات فى نزاعات تكاد تكون مماثلة فى أنهار دولية، تقوم الدول بعمل اتفاقية اطارية عامة ويتبعها لاحقا اتفاق اخر فنى تفصيلى تفسيرى للاتفاقية العامة، مشيرا الى انه من الضرورى الوقوف عند طبيعة النزاع المستفحل بين الدول الثلاث ، من خلال عرض حقائق قانونية مجردة ، بداية من ابريل 2011، عندما اعلنت اثيوبيا ” انفرادا” دون اخطار مسبق ودون تشاور مع دولتى المصب ودول حوض النيل ، مبررة فى ذلك ان مصر عندما قررت انشاء السد العالى لم تتشاور مع اديس ابابا، وهنا يكون الرد القانونى الواضح عليها هو ان القانون الدولى لا يؤسس على الانتقام كما يفعل الجانب الاثيوبى!

التعليقات متوقفه