20 عامًا من تخفيض الجنيه.. والمحصلة صفر

استمرار خفض قيمة الجنيه دون اتخاذ إجراءات لعلاج الخلل فى الاقتصاد المصري يفتح الباب على مصراعيه أمام سقوط الجنيه إلى هاوية بلا نهاية

5

*ارتباط الاقتصاد المصري بالدولار ليس له أساس اقتصادي

*لا يمكن فى ظل الاختلالات الهيكلية أن يستقر سعر الصرف بمجرد إصدار قرار تخفيض للجنيه

*إصلاح الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد فى الصناعة والزراعة.. الحل

*فرض قيود على الاستيراد من الخارج وتحويل الأموال للخارج إجراءات فى الدول الرأسمالية ترفضها الحكومة

*تشجيع الاستثمار يحتاج إلى تغيير جذري فى قواعد الإنتاج وليس مجرد حوافز للاستثمار

*الحكومة ليس لديها خطة إستراتيجية للمشروعات التى تجذب الاستثمارات الأجنبية

*إنخفاض مستمر فى قيمة الجنيه المصري أمام الدولار..

سنوات عديدة من التجارب لتخفيض قيمة الجنيه تحت مسمى« التعويم» دون تحقيق أى نتائج ملموسة للاقتصاد المصري..إجراءات التخفيض المستمر كانت تجري تحت دعاوى زيادة الصادرات وانخفاض الواردات وجذب الاستثمار الأجنبي، وهو ما لم يحدث من عام 2003 عندما أعلن د. عاطف عبيد، رئيس الوزراء فى ذلك الوقت، بدء إجراءات تحرير سعر الصرف وتركه العرض والطلب وإلغاء السعر المركزي للدولار، خلال مؤتمر « الأيكومنيست» حول الاقتصاد المصري، ليرتفع سعر الدولار من 3.8 جنيه إلى 5.3 جنيه. وواصل الدولار ارتفاعه مرة أخرى، لتدخل الحكومة فى سعر الدولار لتثبت السعر عند 8.8 جنيه.

يستمر ثبات سعر الدولار من قبل البنك المركزي، في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، وشهدت الفترة من 2011 إلى 2014 تدفقات رأس المال إلى الخارج من قبل المستثمرين الأجانب استنفدت احتياطيات العملات الأجنبية، ولم يكن من الممكن تلبية الطلب على العملات الأجنبية عند هذا السعر، مما خلق سوقا موازية للدولار ووصل سعر الدولار إلى 11.8 جنيه.
وفى نوفمبر 2016، ومع بدء الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، بدأ تخفيض جديد للجنيه المصري فى محاولة للتقارب بين السعر الرسمى وسعر السوق السوداء وكما كان متوقعًا، تجاوز سعر التوازن الجديد المستويات المُقدرة له، ليسجل 18.7 جنيه للدولار، لتتدخل الحكومة مرة أخري لتثبيت السعر.
ولكن مع الاتفاق الجديد مع صندوق النقد الدولى اشترط الصندوق عدم تدخل البنك المركزي فى سعر الدولار وترك السعر للعرض والطلب ليلامس سعر الدولار فى البنوك المصرية 31 جنيها، بينما يتراوح سعر الدولار فى السوق السوداء ما بين 39 إلى 41 جنيها. لتتدخل الحكومة مرة أخري لتثبيت سعر الجنيه عند 30.85 جنيه للدولار، وهو ما أثار العديد من المشاكل مع الصندوق.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الحكومة تدخلت في سعر الصرف لتثبيت سعر الدولار، مؤكدا أن مصر ثبتت سعر صرف الدولار مقابل الجنيه عبر إيداع الدولار في السوق والتدخل في سعر الصرف، ثم الحفاظ على قيمة الجنيه، لأن الأمر يتعلق بحياة المواطنين والأمن القومي.
وأضاف الرئيس السيسي خلال كلمته بالمؤتمر الوطني للشباب في الإسكندرية: تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار« لو هيأثر على المصريين بلاش.. حتى لو هيتعارض مع مطالب صندوق النقد».
ولا تزال مصر فى انتظار ما ستسفر عنه مراجعة صندوق النقد الدولى المقرر لها منتصف الشهر الحالى.
والسؤال الذي يطرح نفسه: بعد مضى عشرين عاما على تخفيض قيمة الجنيه المصري .. ماذا استفاد الاقتصاد المصري.. وهل لم تتعلم الحكومة الحالية والحكومات السابقة من تجارب الماضى؟.
فاستمرار خفض قيمة الجنيه دون اتخاذ إجراءات لعلاج الخلل فى الاقتصاد المصري يفتح الباب على مصراعيه أمام سقوط الجنيه إلى هاوية بلا نهاية.
فارتباط الاقتصاد المصري بالدولار ليس له أساس اقتصادي، فالاتحاد الأوربي يمثل 40% من حجم تجارة مصر الدولية تصديرا واستيرادا، هذا الارتباط خلق أزمة الجنيه المصري. وترك الجنيه لقوى العرض والطلب يزيد من انهياره، فالسوق لا يصنع المعجزات دون تدخل الدولة.
كان من الأحرى على الحكومة والحكومات السابقة أن تتخذ إجراءات معروفة فى الدول الرأسمالية وتتفق مع منظمة التجارة العالمية بدلا من الخفض المستمر فى قيمة الجنيه، ومن هذه الإجراءات فرض قيود على الاستيراد من الخارج وتحويل الأموال للخارج والحد من المدفوعات على بعض أنواع الواردات، وتشجيع الاستثمار الذي يحتاج إلى تغيير جذري فى قواعد الإنتاج وليس مجرد حوافز للاستثمار. فضلا عن أن الحكومة ليس لديها خطة استراتيجية للمشروعات التى تجذب الاستثمارات الأجنبية.
وعندما تتحدث الحكومة عن زيادة الصادرات، فمن المهم أن تعرف ماذا سنصدر ولأى الدول وما احتياجات تلك الدول وما المواصفات التى تشترطها.
فهل تعلمت الحكومة الدرس .. فبدلا من تخفيض قيمة الجنيه يجب العمل على علاج إصلاح الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد فى الصناعة والزراعة، فلا يمكن فى ظل هذه الاختلالات الهيكلية أن يستقر سعر الصرف بمجرد إصدار قرار تخفيض للجنيه.

التعليقات متوقفه