ضد التيار ..أمينة النقاش تكتب :نريدها انتخابات تنافسية

6

يواصل مجلس إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات برئاسة المستشار “وليد حمزة” اجتماعاته مع الجهاز التنفيذى للهيئة، لبحث الخطوات النهائية والمتطالبات الضرورية سعيا لإنجاز الاستحقاق الانتخابى الرئاسى بالصورة المثلى. وبرغم أن الهيئة لم تعلن بعد المواعيد المحددة لإجراء الانتخابات الرئاسية، إلا أنها بادرت فى خطوة إيجابية، بقبول جمع الطلبات المقدمة إليها من قبل منظمات المجتمع المدنى والمؤسسات الإعلامية والصحقية، والمواقع الإليكترونية، المحلية والدولية لمتابعة حملاتها.

ووفقا لدستور 2014 وتعديلاته، فإن إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية، تبدأ قبل انتهاء مدة الرئاسة القائمة بمائة وعشرين يوما، على أن تعلن النتيجة النهائية لفوز المرشح بالمنصب قبل ثلاثين يومًا على الأقل من إجراءات تسلمه للسلطة. ومعنى ما سبق أن الفترة الرئاسية القائمة، التى بدأت فى الثانى من إبريل 2018، واستمرت ست سنوات، تنتهى فى إبريل من العام القادم 2024، وبذلك يكون شهر ديسمبر المقبل، هو آخر موعد لفتح باب الترشح لخوض تلك الانتخابات.
لم يعلن الرئيس السيسى عن نيته للترشح حتى الآن. وإلى أن تعلن الهيئة الوطنية للاتنخابات، القائمة الرسمية للمرشحين للرئاسة، فقد أصبح من المؤكد بشكل غير رسمى، أن من أعلنوا عن خوضها لها حتى الآن هم: رئيس حزب الوفد الدكتور عبد السند يمامة، ورئيس حزب الشعب الجمهورى حازم عمر ورئيس حزب السلام الديمقراطى أحمد الفضالى، والنائب السابق فى البرلمان أحمد طنطاوى. فى نفس الوقت أعلن فريد زهران رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، أن حزبه لديه من التجربة السياسية والأطر التنظيمية والقيادات والقواعد الشعبية ما يؤهله للترشح للانتخابات الرئاسية، لكنه يطالب بضمانات لخوضها، تخرجها من أن تكون مجرد انتخابات شكلية، إلى انتخابات تنافسية بشكل حقيقى. وفى أغلب الظن فإن الحزب، سوف يعلن فى الفترة المقبلة عن ترشح رئيسه لخوض تلك الانتخابات. هذا بالإضافة إلى ما ستكشف عنه الأيام القليلة القادمة، عمن يرغبون فى خوضها، لكنهم لم يكشفواعن ذلك، ربما حتى يستوفوا الإجراءات الدستورية المطلوبة، التى تقضى بحصول المرشح لخوضها على تزكية من عشرين نائبا، أو حصوله على تفويض من خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق التصويت، بحد أدنى ألف مواطن من كل محافظة، ينتشرون فى خمس عشرة محافظة على الأقل.
وليس هناك سبب قانونى يمنع أحزابًا صغيرة من أن تقرر خوض الانتخابات رغم ضعف شعبيتها وفرصها فى الفوز، بغرض استغلال المناخ الذى يتسع خلاله هامش الحريات السياسية بما يفتح الفضاء العام أمام المرشحين للرئاسة للترويج لأحزابهم والتعريف ببرامجها، وحشد عضوية جديدة لها. لكن القانون رقم 198 لسنة 2017 الذى ينظم عمل الهيئة الوطنية للانتخابات ويحدد أدوارها واختصاصاتها يمنحها الحق فى تلقى طلبات الترشح وفحصها والتحقق من استيفائها للشروط المطلوبة والبت فيها وإعلان أسماء المرشحين.
ولعل أحد الشروط غير المذكورة بطبيعة الحال والعرفية التى ينبغى للهيئة الوطنية أن تعمل بها، هى رفض أوراق أى مرشح للرئاسة، يكون قد أعلن أنه يخوضها لتأييد الرئيس السيىسى، لمنح تلك الانتخابات الوقار الذى يليق بها، ولتعزيز مبدأ أنها انتخابات تنافسية بشكل حقيقى، ولبعث الثقة المحلية والدولية فى اجراءاتها. إذ الواقع أن المجال مفتوح بأوسع الطرق لمن يريد أن يؤيد الرئيس السيسى فى الانتخابات، دون أن يكون ملزمًا بخوضها، لاسيما بعد أن اتخذ الرئيس خطوة هامة توطد مناخ النزاهة وتضمن أجواء الشفافية والحياد والتكافؤ لكل المرشحين بها، حين قرر إجراء الانتخابات تحت الإشراف الكامل للقضاء، استجابة لمطالب مجلس أمناء الحوار الوطنى.
ولكى تكون الانتخابات الرئاسية تنافسية بحق، فعلى من ينوى خوضها أن يبادر بإعلان برنامجه قبل وقت كاف من بدئها والبدائل التى يطرحها لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الراهنة، لكى يتمكن من لهم الحق فى التصويت ويبلغ عددهم وفقا للمستشار “وليد حمزة” 65 مليون مواطن، المفاضلة بينها، فى وقت مناسب، لا يتسم بالعجلة والتسرع، لكى يستطيع أن يكشف أيهم لديه القدرة على وضع برنامجه موضع التنفيذ، وأيهم مهتم باستكمال الاستحقاقات االدستورية التى تقضى ببناء مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة، تفصل فى حكمها بين السلطات وبين السياسة والدين، وتمنع قيام الأحزاب على أسس دينية وطائفية، وتحول التعددية الشكلية الراهنة إلى نظام حزبى حقيقى وقوى، وتصون حقوق المواطنة وتحقق العدالة الاجتماعية لكل مواطنيها.
كان الهدف الذى قاد الرئيس جمال عبد الناصر إلى إصدار قانون عام 1960 لتأميم الصحف ونقل ملكيتها إلى الاتحاد القومى، وبعد ذلك إلى الاتحاد الإشتراكى، هو دعم خططه لتثبيت وضع الملكية العامة لوسائل الإنتاج فى يد الدولة، وبدء التحول إلى النظام الاشتراكى. أما والدولة الآن تقفز بخطى غير محسوبة نحو اقتصاد السوق الحر، دون أن تفى بالجانب السياسى منه، فلم يعد هناك ضرورة لوضع الاحتكار الذى تقود به وسائل الإعلام والصحف المملوكة لها. وسوف يعزز من المناخ الإيجابى الذى ستجرى فيه الانتخابات الرئاسية، أن تتخذ الدولة خطوة باتت ضرورية، هى الفصل بين ملكيتها لتلك المؤسسات وبين إدارتها إدارة مستقلة، تتوخى الاحترافية والكفاءة المهنية، وتتحلى بالتراكم الثقافى والمعرفى، لكى تصبح بحق منبرًا مفتوحًا لكل التيارت السياسية والحزبية والمستقلة، ولكل الاتجاهات الفكرية والفنية والثقافية، وبرفع الرقابة الأمنية والذاتية والعرفية عنها، بما يجعل حريات الرأى والتعبير والصحافة والإعلام أحد أعمدة الرقابة المجتمعية ولمكافحة الفساد، وإخراج مصر من التقديرات المتدنية فى التقارير الدولية المحايدة عن الحريات الصحفية.

التعليقات متوقفه