قراءة سياسية واجتماعية لـ”الحشاشين” ج 2.. بقلم الباحث مصطفى الطبجي

95

وصلنا معا لنهاية مسلسل الحشاشين الذي بدأ عرضه مع أولى أيام الشهر الكريم أعاده الله علينا جميعا بالخير واليمن والبركات، ومع الوصول لنهاية أحداث المسلسل اختفى الخلاف الذي أشرنا له في الجزء الأول من هذه القراءة، الخلاف المتعلق باستخدام اللهجة العامية في الحوار بدلا من العربية الفصحى، وظهر على استحياء بدلا منه جدالا آخر… تعاطف بعض المشاهدين مع الحسن ابن الصباح بدلا من رفض هذه الشخصية الدموية.

إن التعاطف مع شخصية الصباح قد يخلق له مبرر في الحلقات الأولى من المسلسل، حيث لم تظهر بعد الشخصية الدموية الحقيقية لابن الصباح، إلا أنه مع تتالي الأحداث، خاصة أوامره بقتل ابنه وصاحبه وزوجته ورفيق رحلته وفتيات حلم الجنة، أوضحت جميعا حقيقة التستر خلف شعارات الدين من أجل تحقيق أهداف شخصية ونوايا سياسية خالصة، لا علاقة لها بصحيح الدين.

وهو ما يدفعنا لتوضيح الإسقاطات السياسية أو القضايا والمواقف التي تناولها المسلسل، فالحشاشين وإن بدا كمسلسل درامي تاريخي شيق يعرف المشاهدين بطائفة باطنية رسخت لمفهوم الحركات والتنظيمات الإرهابية، ملئت العالم الإسلامي رعبا في القرن الحادي عشر، إلا أنه لم يخلو من إلقاء الضوء على قضايا سياسية معاصرة، عانى منها الشعب المصري بمختلف طبقاته.

 

“مفيش هيبة لقصر والشعب جعان”

جملة قالها أمير الجيوش بدر الدين الجمالي في الحلقة الثانية من المسلسل، لن تقوم الدولة (أي دولة) إذا لم يجد مواطنيها قوت يومهم، البطون الفارغة تلغي العقول، والعقول الملغاة يضيع منها الانتماء، وفقدان الانتماء خطر على استقرار الدولة ووحدتها، جملة من خمس كلمات بمثابة رسالة واضحة عن أهمية الملف الاقتصادي لبقاء الدولة راسخة وقوية.

أهمية الملف الاقتصادي وتحقيق الرخاء المادي للمواطنين تكرر التنويه عنها في الحلقة الرابعة عندما وجه الصباح تعليماته لتابعيه “الفقير المظلوم اللي قاعد في بيته هو ده اللي تروح له وتخبط على بابه”، كونه من السهل اقناع الفقير بأية أفكار جديدة لأنه بطبيعة الحال يشعر بالمظلومية، لذا هو من البداية مهيأ لقبول الانخراط في أي تنظيم يحقق له العدالة المرجوة حتى وإن كانت وهمية.

وليس ببعيد عنا أسلوب “الزيت والسكر” الذي اتبعته جماعة الإخوان المسلمين من خلال الجمعيات الخيرية المختلفة، لجذب المواطنين لها وشحذ أفكارهم كي يتحولوا لمؤيدين تابعين لبطونهم الجائعة، إما في انتخابات النقابات، أو انتخابات البرلمان والرئاسة بعد ثورة 25 يناير، وهو الأمر نفسه للأسف الذي تتبعه أحزاب الأغلبية حاليا، من استغلال لحاجة البسطاء وشحنهم إلى صناديق الانتخاب مقابل كرتونة سلع غذائية.

نفس الأمر تكرر في الحلقة الثامنة مع مقولة المرأة ساكنة القرية “هما فين الخليفة والسلطان إحنا بنسمع عنهم بس”، فلم ينجح الحسن ابن الصباح في نشر دعوته بمنطقة الديلم في إيران لأنه يملك الحق أو لأنه صاحب دعوة سليمة، بل لأنه اختار منطقة سكانها لديهم قبول مبدأي للفكرة، المرأة ساكنة القرية مستاءة من غياب الخليفة العباسي والسلطان السلجوقي عنهم، نموذج مثالي يعاني من المظلومية ويمكن استقطابه بسهولة.

 

“العلماء كدابين ومش هما أصحاب الحجة”

إدعاء ادعاه الحسن ابن الصباح في الحلقة الرابعة من المسلسل، وهو بمثابة المفتاح أو الطريقة التي تعتمد عليها الجماعات الإرهابية في تجنيد الشباب، نفي كل ما يقوله العلم باعتباره بدعة، رفض كل الموروثات الثقافية باعتبارها ضلال، هدم كل الآثار التاريخية باعتبارها أصنام وثنية، ولا ننسى تحطيم جماعة الإخوان بسرقة وتحطيم الآثار في متحف ملوي بمحافظة المنيا عام 2014، ومحاولة تدمير متحف العريش في نفس العام، وتحويل جامعة أون الأثرية إلى سوق للأغنام في أبريل 2013.

وخارج مصر لم يختلف الأمر كثيرا، فلقد هدمت داعش سوق حلب القديم في سوريا، أحد أقدم الأسواق في العالم، وكذلك حصن مدينة حمص، وقلعة صلاح الدين ومدينة تدمر الرومانية اللذان شهدا تدميرا كاملا، وفي العراق قادت داعش حملة تدمير ممنهجة ضد المباني الأثرية، مثل جامع وضريح الشيخ فتحي، وتمثالي الشاعر أبي تمام، وغيرها من المعالم الأثرية المختلفة.

 

“السلجوقي والعباسي مايفرقش كتير عن الصليبي والزرادشتي… كلهم كفرة”

هذا باختصار ما تؤمن به كافة التنظيمات الإرهابية، هي ترى نفسها الطائفة الوحيدة المؤمنة المسلمة والباقي كفرة، والكافر في معتقدهم مهدر دمه وتسبى نسائه، بل إن التنظيمات الإرهابية في أوقات ما تكفر بعضها البعض، وكأن كل واحد منها يملك حقا مفتاح الجنة وصك الغفران، زيد ابن سيحون في جملته هذه لخص المشهد باختصار بارع، فلقد ساوى بين السلجوقي المسلم السنى تركي العرق والعباسي المسلم السني عربي العرق والصليبي المسيحي أوروبي العرق والزرادشتي فارسي العرق، في نظره جميعهم كفرة.

في السنوات الأخيرة عاصرنا تنظيم بيت المقدس في سيناء يكفر القوات المسلحة المصرية ويلقبهم بالطواغيت، جماعة التكفير والهجرة في التسعينات كفرت المجتمع المصري بأكمله، سيد قطب في كتابه “معالم في الطريق” كفر المجتمعات الإسلامية، وزعم أن إسلامهم غير صحيح، وحرض في نفس الكتاب جماعة الإخوان المسلمين على تقويض المجتمعات الجاهلة وهدمها ليقيموا على أنقاضها المجتمع الإسلامي من وجهة نظره الذي يتألف من الإخوان فقط.

 

أخطر واحد على المجتمع هو نصف الجاهل”

في الحلقة الخامسة حذر الشيخ أبي حامد الغزالي من نصف الجاهل، فالجاهل يعلم أنه لا يعلم بالتالي لا خطر منه على المجتمع، أما نصف الجاهل الذي يظن أنه يعلم، الذي يردد أفكارا أمليت عليه دون تفكرها وتدبرها، الذي يوهم الآخرين بامتلاكه الحجة والبرهان، هو في الحقيقة سلاح في يد الضلال، أداة يحركها آخرون يهدفون هدم المجتمع وسلخه عن أفكاره وتراثه وعاداته وتقاليده، وهو ما عاد وحذر منه في الحلقة العاشرة حينما قال “فكرة واحدة باطلة أخطر من ألف طاعون”، والتي تكشف ببساطة خطورة الشائعات على أمن المجتمع ووجود الدولة.

نصف الجاهل حتى يتمكن من نشر جهله، يجب عليه التخلص من العلماء المتواجدين على الساحة، أو التخلص من المؤسسات الدينية ذات الثقل التي يمكنها ضحد أفكاره وفضح جهله، وهو ما وضح في مقولة الحسن ابن الصباح في الحلقة الرابعة والعشرون… “الغزالي سخر علمه لخدمة أهل الضلال”.

التخلص من المؤسسات الدينية وضح في الصراع المستمر بين جماعة الإخوان المسلمين مع مشيخة الأزهر، بدء من عام 2006 عندما نظمت الجماعة عرضا عسكريا داخل جامعة الأزهر، مرورا برفض الرئيس الأسبق محمد مرسي مصافحة شيخ الأزهر أحمد الطيب، في حفل القوات المسلحة لتسليمه السلطة، وصولا إلى هجوم شباب الجماعة على شيخ الأزهر إبان أزمة وجبات المدينة الجامعية، انتهاء بالهجوم الإعلامي الشرس على الطيب عندما أعلن عن مبادرة للمصالحة الوطنية في أغسطس 2013.

 

السمع والطاعة

عدة حلقات من المسلسل كشفت خديعة مفهوم السمع والطاعة داخل التنظيمات الإرهابية، بل إن عضو التنظيم ليس مطالبا فقط بالسمع والطاعة، لكنه أيضا لا يحق له السؤال أو الاستفسار أو الاستفهام، لا يحق له إعمال عقله، محرم عليه التدبر والتفكر، واعتبار السؤال نوع من أنواع نقص الإيمان.

مشهد تكرر كثيرا، إما من خلال الحسن ابن الصباح، برزك أميد، أو زيد ابن سيحون، في حديثهم مع الدعاة أو المختارين أو المؤمنين أتباع التنظيم، المؤمن الحق لا يسأل، المختار لا يستفسر، طريقة سحرية لسلخ العقل عن الواقع وإعداد نصف الجاهل الذي سيتحول لسلاح يهدم به المجتمع.

مبدأ السمع والطاعة وعدم السؤال هام وضروري حتى لا ينتبه أتباع الجماعة الإرهابية لكم التعارض الذي يعيشونه، قادتهم يحثوهم على محاربة المجتمعات الكافرة لكن لم يطلب منهم أبدا تحرير بيت المقدس، قادتهم يزرعون داخلهم الحلال والحرام لكنهم يأمرون بقتل الأطفال الأبرياء والعزل ويبيحون جهاد النكاح ويعدمون الأسرى بأبشع الطرق (الحرق).

 

قشور الدين

في الحلقة الثامنة الحسن ابن الصباح سأل زيد ابن سيحون عن الحكم الشرعي لنبات الجنة (الحشيش)، موقف عبثي ساخر بامتياز، ذكرني بخطاب محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان في ديسمبر 2012، حيث احتشد المتظاهرين أمام قصر الاتحادية رافضين لحكم جماعة الإخوان، توفي يومها 8 من الشباب المتظاهرين، ليخرج المرشد العام يسأل عن النباتات التي تلفت أثناء الاعتصام!!

وصف شهير تميز به المصريون… “أصحاب الإسلام الوسطي الجميل”، وهو في نظري لأن القناعة الدينية لدى عموم المصريين ترسخت في فهم المعنى الأجل الذي يمكن تلخيصه في قاعدة “الدين المعاملة”، لذا إن أردت هدم هذه القناعة وتفتيت هذا المجتمع وتشويه ذلك الإسلام الوسطي، فرق بينهم بالتعمق في التفاصيل والقشور والأمور الثانوية.

لذا مع كل عيد للإخوة المسيحيين سنجد نقاشا هابطا من بعض متخصصي القشور عن جواز التهنئة من عدمه، بعد استشهاد الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، وبدلا من النقاش حول أهمية الكفاح من أجل تحرير الأرض، ظهر النقاش حول جواز الترحم عليها من عدمه!!

 

رسالة الحسن ابن الصباح للسلطان ملكشاه

رسالة الحسن ابن الصباح للسلطان السلجوقي ملكشاه، والتي يتغزل فيها بحكمة السلطان وعدله وفي نفس الوقت يحذره من وزيره نظام الملك، ذكرتني برسالة حسن البنا مرشد ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين للملك فاروق الأول عام ١٩٤٦، حيث أرسل له خطاب تغزل في حكمة الملك وبصيرته وأنه المنقذ للوطن والعالم الإسلامي، إلا أنه في نفس الخطاب يضع شرطا لاستقرار الدولة وعدم تظاهر أتباع جماعة الإخوان، الخلاص من إسماعيل صدقي باشا رئيس مجلس الوزراء.

 

“زي ما الناس انضموا لنا بالتعاطف جاه الوقت إنهم ينضموا لنا علشان قوتنا”

منذ عام 1948 عندما صدر قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين، وأفراد الجماعة يرتدون قناع المظلومية، يكتسبون تأييد من حولهم بالتعاطف، يدعون حرمانهم من دخول انتخابات مجلسي النواب والشيوخ (الشعب والشورى وقتها) على الرغم من توغلهم في انتخابات النقابات والأندية ومختلف الجمعيات الخيرية والجهات الحكومية.

منهم من كان يخفي حقيقة انتماءه لينشر مستترا أفكار وتوجهات الجماعة، وكيف يتعرض أتباعها للظلم والحرمان، ينجح في الانتخابات وعلى الرغم من ذلك يؤكد منع الجهات الأمنية لاشتراك أي تابع للجماعة، يتولى مناصب قيادية في الجهات الحكومية، وفي نفس الوقت يدعي كذبا حرمان أتباع الجماعة من تولي أي مناصب قيادية في أي جهات حكومية.

طريقة أخرى اعتمدتها جماعة الإخوان لكسب متعاطفين جدد معها، وهي أحد طرق غسيل الفكر كما حاول الحسن ابن الصباح مع الشاب يحيى، تعتمد طريقة الإخوان على إقامة معسكرات شبابية مشتركة بين شباب الجماعة وشباب التنظيمات والأحزاب الأخرى، إحداث حالة من التقارب الاجتماعي دون الخوض في أي نقاش سياسي أو ديني، كسر الحاجز أو جدار الجليد بين شباب الجماعة الموجهين وشباب باقي التنظيمات لاستغلالهم في وقت لاحق.

قبل عام 2011 ارتدت الجماعة قناع المظلومية والتعاطف لكسب المؤيدين، لكن بدء من عام 2012 خاصة بعد الفوز بأغلبية مقاعد النواب والشيوخ وأيضا الفوز بالرئاسة، ارتدت الجماعة قناع القوة، مهددين كافة معارضيهم بل ومكفرين لهم أيضا، رافضين لوجود رأي آخر، مروجين لخطورة معارضتهم لأنهم يمتلكون من القوة العسكرية الكفيلة لهدم الدولة.

 

“مقدرش أحارب دولة… أقدر أوقع دولة”

في الحلقة الخامسة عشر قالها الحسن ابن الصباح صراحة، يمكن هدم الدولة بدلا من محاربتها بتكلفة عسكرية باهظة وخسائر بشرية كبيرة، وإن كان المسلسل يعني بهدم الدولة اغتيال خليفتها أو سلطانها أو التحكم في وزيرها، فإن العصر الحالي شهد طرقا مختلفة لهدم الدولة من الداخل، إما بإثارة الفتن، أو الثورات الموجهة، أو نشر الشائعات والمعلومات المغلوطة، وربما فرض حصار اقتصادي أيضا.

وصف قد يبدو نظري بعض الشيء، إلا أن ما نجت منه الدولة المصرية لم تنجو منه دولا أخرى، فلا وجود للدولة الليبية اليوم، ولا الدولة اليمنية، والدولة السودانية انقسمت ثم حارب كل قسم فيها نفسه، العراق وسوريا ولبنان تمزقوا تماما، نجت البحرين وموريتانيا وتونس من محاولات مماثلة، وسبقتهم للضياع جميعا الصومال ومن قبلها فلسطين.

 

“الفرق كبير قوي بين عظمة النفس البشرية المشروعة وعظمة النفس البشرية المذمومة”

حكمة وردت على لسان عمر الخيام في الحلقة الثامنة عشر من المسلسل، تكشف حالة الالتباس التي يقع فيها البعض، فمنذ ظهور تنظيم داعش والمناداة بعودة فكرة الخلافة، دارت التساؤلات عن سبب رفض فكرة الخلافة وهي التي ظهرت بعد وفاة رسول الله، وبالتالي أوجدوا مبرر ديني لتنظيم داعش كي يفعل ما يفعله من هدم وتخريب.

والفكرة هنا ليست في طريقة الحكم أو طريقة الوصول للحكم (وإن كان الإسلام لم يحدد طريقة لاختيار الحاكم بل تركها مرهونة بمتغيرات العصر)، بل الفكرة الأساسية تنحصر في الهدف من الوصول للحكم، العالم الذي يبتكر دواء يشفي المرضى هو نفسه العالم الذي يخترع فيروسا يمرض الأصحاء، الاختلاف الوحيد بينهما هي النفس البشرية.

الحاكم الذي يصل لكرسي السلطة لا يهم كيف وصل، سواء بانتخابات أو توريث أو خلافة، المهم ماذا فعل بعد وصوله، هل أصلح شأن رعاياه أم أذاقهم من العذاب ألوان، هل اهتم ببناء دولته أم توجه للإغارة على الدول المجاورة، هل حرص على بناء مجتمع سليم الفكر أم وضع قيودا على كل ما يخالف رأيه وفكره.

 

الهدنة بين السلاجقة والحشاشين

بسبب صراع السلطان بركياروق مع إخوته وعمه على الحكم، استجاب السلطان لفكرة الهدنة بينه وبينه الحشاشين ظنا منه أنهم لن يتطاولوا عليه، وهي الهدنة التي تشبه بدرجة كبيرة الصفحة التي فتحها الرئيس الأسبق محمد أنور السادات مع جماعة الإخوان المسلمين عام 1970، بعد زيارة كمال أدهم، المسئول عن المخابرات السعودية ومستشار الملك فيصل، ملك المملكة العربية السعودية.

حيث أفرج السادات عن قيادات الإخوان المسلمين المتواجدين في السجون، وعودة الجنسية المصرية لمن سحبت منهم في عهد جمال عبد الناصر، ظنا منه أن الجماعة ستحفظ الجميل ولن تتطاول عليه وعلى نظام حكمه، إلا أن العكس هو ما حدث، تلاعبت الجماعة على كل الحبال واخترقت الجامعات والمصالح الحكومية، وانبثقت منها الجماعات المسلحة، مثل مجموعة شكري مصطفى التي اغتالت الشيخ محمد الذهبي وزير الأوقاف الأسبق عام 1977.

في خطابه الشهير يوم 5 سبتمبر عام 1981، وقبل اغتياله بشهر، لخص السادات تجربته المريرة مع تنظيم الإخوان، معلنا أنه يمثل خطرا على هوية الدولة المصرية، وعلى كيانها، ووحدتها الوطنية، لأن هذه الجماعات تُعلي الجماعة فوق الأمة، والتنظيم فوق الدولة، وندم على إخراجهم من السجون.

 

زيد ابن سيحون وصهبان البلان

شخصيتان على النقيض تماما، الأول مخادع والثاني متكاسل حتى عن التفكير، الأول وصولي والثاني يعيش أسيرا لطعامه وشرابه، الأول يصنع الكذبة والثاني يصدقها بسهولة، الأول يمثل طمع السلطة والرغبة في الاستحواذ على كل شيء والثاني يمثل حزب الكنبة المغلوب على أمره غير المشارك في تغيير أي وضع خاطئ.

 

مواجهة الفكرة

في الحلقة الخامسة والعشرون خرج ابن الصباح من القلعة وواجه منفردا عددا من الجنود السلاجقة، وحينما حاول الجنود مواجهة فكرته بالسلاح كانت النتيجة فشلهم وتحولوا لتابعين له، وهو نمط متكرر في المسلسل، الفكرة كي تندثر وتختفي لابد من مواجهتها بفكرة أقوى وأكثر حجة، العنف قد يؤدي لاختفاء الفكرة أو الانزواء بعيدا لفترة من الوقت، لكن مع مرور الزمن وذاكرة السمك ستعود الفكرة للظهور مرة أخرى.

هذا الخطأ الذي وقعت فيه الدولة المصرية منذ عام 1948 وحتى عام 2013، واجهت الفكرة الشيطانية أو الإرهابية بالقوة الأمنية فقط، مع محاولات متفرقة لنشر الفكر الوسطي المعتدل، إلا أنه لعدم وجود خطة طويلة الأمد ومنهج متبع يرسخ الهوية وينشر الثقافة وتعاليم الدين الصحيحة، سواء من خلال المؤسسات الدينية والجهات المهتمة بالثقافة، عادت الفكرة للظهور مرة أخرى بين الفئات التي تشعر بالظلومية.

 

“الأمل إنك تثق في نفسك… مفيش عدو بيخاف من جبان متداري”

حملت الحلقة السابعة والعشرون من مسلسل الحشاشين نصيحة الشاب يحيى، وهي نصيحة تذكرنا بما كانت تعاني منه الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو وزوال حكم الإخوان، فوضى عارمة وتفجيرات إرهابية وعمليات اغتيال وأحداث عنف الهدف منها فقدان الشعب الثقة في نفسه، فقدان المواطن الثقة في أقاربه ومعارفه وأصدقائه وزملائه وجيرانه، فوضى تهدف لتوقف الحياة بشكل كامل في مصر، أن تتحول دولة يقطنها مليون مواطن إلى الإغلاق التام.

 

برزك أميد

على الرغم من أن برزك أميد شخصية حقيقية تولت قيادة طائفة الحشاشين بعد وفاة الحسن ابن الصباح، إلا أنه ما قدمته آخر حلقتين من المسلسل عن برزك ذكرني بـ عبد الرحمن السندي، مؤسس التنظيم الخاص وقائد الجناح العسكري لجماعة الإخوان المسلمين، موضع ثقة حسن البنا المرشد العام.

السندي مع الوقت شعر بأهميته وقوته التي تخطت قوة المرشد نفسه، وبدأ في تنفيذ الاغتيالات دون الرجوع لقيادات جماعة الإخوان المسلمين وهو ما أثار حفيظة مكتب الإرشاد إلا أن البنا جدد ثقته في السندي إلى أن تم اغتيال البنا واختيار حسن الهضيبي مرشدا عاما، هنا احتل السندي المقر الرئيسي للجماعة وتطاول على الهضيبي بل إنه أمر باغتيال بعض قيادات الجماعة المعارضين له.

أيضا عبد الرحمن السندي هو من فضح لقاء حسن البنا بالمشعوذ الإنجليزي أليستر كراولي في أكتوبر ١٩٤٨، مؤكدا أن كراولي أعجب بأفكار حسن البنا، معتبرا وجود تنظيم الإخوان ضروريا في المنطقة العربية، كما أنه هو من تبرع لحسن البنا في البداية لتأسيس جماعة الإخوان في الإسماعيلية.

 

إعداد المهندس مصطفى الطبجي، الباحث في التاريخ السياسي

 أمين حزب التجمع بالمحلة الكبرى وعضو اللجنة المركزية

 

التعليقات متوقفه