يثير الجدل حول كفاءة التعليم الثانوى..” إعلان نسبة النجاح الفرقة الاولى بكلية الطب البشرى جامعة سوهاج بـ 53%

2

،، للعام الثالث على التوالى ، تثير نتائج ” الفرقة الاولى طب” بالجامعات الحكومية جدلاً واسعا فى الوسط التعليمى الجامعى، حيث أعلنت جامعة سوهاج ، مؤخراً النتيجة النهائية لكلية الطب للعام الجامعى ٢٠٢٣/٢٠٢٤، موضحة أن نسبة نجاح الفرقة الاولى للكلية 53% ، حيث بلغ عدد الطلاب الناجحين 511 فقط من إجمالى 965 طالب وطالبة ، الامر الذى تسبب فى حالة من الارتباك واثار الكثير من التساؤلات حول اسباب استمرار ارتفاع نسب الرسوب بكليات الطب بين طلاب الفرقة الاولى ، والتساؤلات حول جودة التعليم الثانوي الذي تلقاه هؤلاء الطلاب، وكيفية معالجة الوضع ، الذى اعتبره البعض ” كارثة حقيقية ” تهدد أجيال المستقبل من ابناء المهن الطبية.

 

ليست الاولى

وقد جدد ارتفاع نسب رسوب طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب البشري بجامعة سوهاج الحديث عن الغش في الثانوية العامة، خاصة ,ان هذه النتائج ليست الاولى من نوعها ، ولا تتناسب مع هؤلاء الطلاب المتفوقين من أصحاب المجموع المرتفع في الثانوية العامة خلال العام الماضي، السابق لالتحاقهم بكلية الطب، حيث أدى 965 طالباً وطالبة بالفرقة الأولى بكلية الطب امتحانات الفصل الدراسي الأول إلكترونياً، في مركز الاختبارات الإلكترونية بالمقر الجديد للجامعة، ولا يوجد تدخل بشري في التصحيح، لضمان المصداقية والنزاهة ولا يوجد أخطاء في النتيجة،

نجح 511 طالبا وطالبة، وتم انتقالهم للفرقة الثانية بنسبة نجاح 53% فقط، الامر الذى تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعى، بشكل شديد الانتقاد لتدنى نسبة نجاح طلاب الفرقة الأولى بكلية طب سوهاج، ورسوب 47% من الطلاب.

وخلال العام الماضي، تكررت نفس الواقعة حيث شهدت مواقع التواصل ضجة كبيرة بسبب رسوب 229 طالباً بالفرقة الأولى بنفس الكلية من أصل 671 طالبًا بالفرقة الأولى بالكلية، انتقادات واسعة لعدم استحقاق الطلبة الراسبين دخول كلية الطب وعبورهم لإحدى كليات القمة بسبب عوامل أخرى مرتبطة بامتحانات الثانوية، وضعف قدرات هذا العدد الكبير من الطلاب ، الامرالذى يعكس أن نجاحهم بتفوق في الثانوية العامة لا يعني نجاحهم في إكمال دراستهم بكلية الطب.

وفى العام الدراسى 2022/2023، أعلنت جامعة اسيوط ، رسوب نسبة كبيرة من طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب البشري بنسبة 60% ، تزامناً مع إعلان جامعة جنوب الوادي رسوب نسبة كبيرة من طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب البشري والأسنان بالجامعة بنفس العام، حيث رسب 366 طالبا من طلاب الفرقة الأولى بكلية الطب البشري بنسبة 72%، ورسب 186 طالبا من طلاب الفرقة الأولى بكلية طب الأسنان بنسبة 80% وذلك لأول مرة في تاريخ الجامعة، بعد أن كانت نسب النجاح تتخطى 90%، في السابق، الامر الذى أرجعه أساتذة بهذه الكليات الى مستوى الطلاب بسبب ما عرف فيما مضى بـ ” لجان الغش الجماعى” بلجان الثانوية العامة خلال هذه الاعوام، والتي أوصلت الطالب إلى هذا المستوى المتدني من التعليم.

 

 

طبيب ضعيف

وأعتبر أكاديميون أن حالة الرسوب التى سادت بين طلاب الفرق الاولى من كليات الطب بالجامعات  “كارثة” تدق ناقوس الخطر وتنذر بالأسوأ بشأن مستقبل هذه المهنة، خاصة أن النتائج السيئة لم تكن في كلية الطب فحسب، حيث تم تسجيل رسوب أكثر من 80 % من طلاب الفرقة الأولى من كلية طب الفم والأسنان، علاوة على تدني نتائح طلاب الفرقة الأولى بكلية العلاج الطبيعي في أسيوط” بنفس العام2022/2023.

فيما أعلن عدد من أعضاء هيئة تدريس بكليات الطب جامعة ” سوهاج وأسيوط والوادى الجديد” ، بأنهم لن يسمحوا بتخرج طبيب ضعيف، وأقل من المواصفات والكفاءة المطلوبة، بدليل أن هؤلاء الطلاب رسبوا، فليس هناك واسطة أو مجاملات”، مشددين على انهم لن يسمحوا الا بتخريج طبيب ماهر في تخصصه،  موضحين أنه من الضرورى الوقوف على كيفية وصول هؤلاء الطلاب الى الجامعات ، وأن كان ذلك لا يعنى استاذ الجامعة بإعتبار أنهم وصلوا للجامعات عن طريق مكتب التنسيق طبقًا للقانون.

واضافوا إن هناك عدد من الطلاب التحقوا بالكلية وهم ليسوا على القدر الكافي الذي يؤهلهم للالتحاق بها، مشيرًين إلى الكليات غير مسؤولة عن مستوى التعليم ما قبل الجامعي الذي قد يؤثر على أداء الطلاب في المرحلة الجامعية، موضحين أن أبسط الأشياء التي يجب أن يكون طالب كليات القطاع الطبي ملم بها هو امتلاك اللغة الأجنبية تحدثا وكتابة، إلا أن الامتحانات أوضحت أن الطالب لا يعرف عنها شيئا ويكتب بلغة غير مفهومة، مؤكدين أن أي طالب سيدخل كلية الطب دون المستوى أو دون استحقاق، فلن يكون له مكان فيها.

ووفقا لتصريحات أعلنها دكتور مجدي القاضي، عميد كلية طب سوهاج،بعد إعلان نتائج العام الماضى حيث بلغت نسبة النجاح 39% فقط، فقد تبين أن العديد من الطلاب الذين حققوا درجات مرتفعة في الثانوية العامة من بعض المدارس الريفية لم يستطيعوا النجاح في امتحانات كلية الطب بسبب ضعف مستواهم الأكاديمي، الامر الذى يعزز فكرة أن المشكلة متعلقة بأساس التعليم الثانوي وليس فقط بالتعليم الجامعي، وبناء عليه طالب “القاضى” ، الطلاب ببذل المزيد من الجهد والتحصيل الأكاديمي الجاد، مؤكداً أن التفوق في كلية الطب يحتاج إلى التزام ودراسة مكثفة، وليس مجرد اجتياز للثانوية العامة بمعدلات عالية، حيث أن نظام التعليم الجامعي، وخاصة في كلية الطب، يعتمد على معايير أكاديمية صارمة تهدف إلى إعداد أطباء على مستوى عالٍ من الكفاءة والمهارة.

 

تطوير الثانوية العامة

من جانبه، يرى دكتور حسن شحاتة ، استاذ المناهج بجامعة عين شمس، أنه من المهم تحليل نسب الرسوب بشكل عملى ، من خلال حصر البيئة التعليمية للطلاب فيما يتعلق بالتعليم قبل الجامعى وكذلك مستوى هؤلاء الطلاب الاجتماعى  والاقتصادى ، خاصة بعد أن تم الاعلان عن أن نحو 90 % من الراسبين بكلية ” طب جنوب الوادى وأسيوط من 5 أو 6 مدارس في مركزين محددين”، وهو ما يدلل على أن هناك خللا واضحا في التعليم قبل الجامعي في أماكن محددة،مشيدا بتصرف عميد طب قنا بجامعة جنوب الوادي دكتور عبد الرحمن غويل، والذى قام بحصرالمدارس والمراكز موطن الخلل التي جاء منها الطلاب، وارسال تقريرا بالأسماء إلى الجهات المختصة بالتعليم ما قبل الجامعي لمحاولة علاج الخلل سريعا بشكل كامل تفاديا لتكرار ما حدث، وحول امكانية إجراء اختبارات قدرات قبل الالتحاق بكليات الطب، قال:” الأمر يتعلق بسياسة التعليم العالي، لكن هناك أفكارا تُبحث بشكل عام لتفادي تكرار كارثة النتائج”.

وطالب شحاتة، بإعادة النظر في تطوير نظام الثانوية العامة ومنهجيتها وامتحاناتها، لكي تتناسب مع متطلبات التعليم الجامعي والبحث العلمي، بما يفرز طالب علم قادراً على التفكير، سواء كانت دراسته في الكليات النظرية أو العملية، فالمهم أن يكون الطالب مُؤسَّساً على عملية التفكير وإبداء الرأي.​

أما الخبير التعليمي ، دكتور عاصم حجازي، فيرى إنه لا يجب مطلقا التسرع في إصدار حكم معين على هذه الواقعة لأنها قد ترجع إلى عدة أسباب، فهناك العديد من الأمور التي يجب أخذها في الاعتبار عند مناقشة هذا الأمر ، بداية من حالة هؤلاء الطلاب بالثانوية العامة ، مرورا بغياب الانضباط في امتحانات الثانوية العامة،ولكن الحقيقة أن الأمر يحتاج إلى تفكير علمي وليس تفكيرا انفعاليا .

وأكد عاصم، أن هناك اسباب مختلفة لما حدث من خلال التفكير العلمى منها،وجود بعض المشاكل التى تتعلق بانتظام الدراسة في هذه الكليات ، ومدى تجاوبهم مع متطلباتها ، بالاضافة الى قدرات الطلاب الفردية خاصة فيما يتعلق بإجادة اللغة الانجليزية والتى تعتبر مفتاح الدراسة الاول والرئيسى بهذه الكليات ، علاوة على مدى توافر المحتوى التعليمي للطلاب منذ بداية الدراسة، وطريقة تعامل أعضاء هيئة التدريس مع الطلاب بطرق تعليم جاذبة.

بينما أكد دكتور مجدي حمزة، الخبير التربوي، أن السبب الاول وراء تكرار ارتفاع نسب الرسوب بين طلاب السنة الاولى بكليات الطب لاعوام متتالية هو ” نظام الثانوية العامة”، فهو أحد أسباب رسوب الطلاب في المرحلة الجامعية، موضحاُ أن نظام امتحانات الثانوية العامة والذى تعرض للتغير والتعديل أكثر من مرة سبباً فى فشل الطلاب وعدم تحقيقهم النجاح فى التعليم الجامعى بشكل عام وكليات ” الطب ” تحديداً.

ويرى حمزة، أن الطالب الذى بدأ بالتعود على نظام الامتحانات المقالية المبنية على اسلوب التلقين والحفظ لسنوات طويلة، ثم يتعرض لتغير مفاجىء لنظام امتحانات تقام على الفهم والتركيز بأسئلة اختيار من متعدد، الامر الذى تسبب فى حدوث صدمة للطالب ، مضيفا أن المنهجية في الثانوية العامة، صدمت الطلاب عند أول امتحان في الجامعة، الذي يأتي ليقيس القدرات والمهارات، على عكس ما كانوا معتادين عليه، مؤكدأ أن المشكلة ليست في طريقة أداء الامتحان، بل في الطريقة التي تربى وتدرج عليها الطلاب في سنوات الدراسة، منذ المرحلة الابتدائية حتى الثانوية العامة، فهي عادات ربّت فيهم الحفظ والتكرار، وعندما جاء انتقالهم إلى الجامعة وجدوا عادات عقلية أخرى مختلفة»، أى أن الامتحانات الإلكترونية في التى امتحن عليها طالب الطب ليست لها علاقة بتحقيق نتيجة الطلاب .

 

 

التعليقات متوقفه