محمد فهمي يكتب : لغز.. السفارة البريطانية!

70

الخلاف بين السلطات المصرية والبريطانية.. حول تأمين السفارة البريطانية بحى جاردن سيتي.. يعود لسبب واحد.. هو أننا نمثل النموذج الإنسانى العلمي.. الذى حقق درجة عالية من الإبداع وأنجز من أدوات العلم والتكنولوجيا ما يسمح بتأمين الممتلكات.. بلا أسوار عالية ولا أكشاك حراسة.. ولا عتاولة المخبرين السريين الذين يصرخون فى منتصف الليالي.. مين هناك؟

فى الوقت الذى لاتزال فيه السلطات البريطانية.. تعيش ثقافة جنود الاحتلال البريطانى الذين كانوا يتعرضون للضرب فى الشوارع والأزقة فى أوائل القرن الماضي.. وتطالب بإقامة أسوار أسمنتية فى الشوارع المؤدية للسفارة.. من باب التأمين والحماية!

فالقضية إذن.. هى قضية حضارية.. ونحن أمام مجموعة طويلة من الحقائق العلمية التى لا يمكن إنكارها.. ولم يكن لسائر البشر تصورها ولو فى الخيال.. ابتداء من الأقمار الصناعية التى تنقل للسماء كل ما يجرى على الأرض.. والتى تستطيع مراقبة حركة المرور.. وتصوير أرقام السيارات التى تخالف التعليمات.. وصولا إلى صور القاتل فى قضية الفنانة سوزان تميم.. وإلى حد استطاعة طبيب أمريكى إجراء عملية نقل قلب لمواطن مصرى يعيش فى عشوائية اسطبل عنتر.. عن طريق التليفزيون.

لقد انتهت فى الدول الراقية أساليب التأمين التى كانت سائدة فى الأزمنة الغابرة.. وأصبحت ثورة العلم والتكنولوجيا تأتينا كل يوم بما هو جديد وفريد.. من الوسائل والأدوات التى أزالت الهوة بين الدول الأكثر تقدما.. والدول التى تحاول اللحاق بركب التقدم.

وأصبحنا نرى فى قاعة واحدة لا تزيد مساحتها على 60 مترا.. عددا من أجهزة التليفزيون وأمام كل جهاز ضابط متخصص.. يتابعون حراسة وتأمين أكثر من 300 سفارة وقنصلية علاوة على مقار إقامة السفراء.. ويستطيع الضابط التنقل عن طريق أزرار الريموت كونترول من سفارة لسفارة.. وهو جالس فى مكتبه.

الدنيا تغيرت.. والعالم تقدم.. فى الوقت الذى تتقهقر فيه بريطانيا.. كل ساعة.. ولاتزال تحكمها الثقافة القديمة.. فى عالم لم يعد له وجود.. فى الوقت الذى أطلت علينا فيه قوى عظمى جديدة تتقدمها الصين والهند واليابان وألمانيا وروسيا.

لقد فشلت بريطانيا فى العديد من المجالات على مستوى السياسة الدولية.. كما فشلت فى العديد من قضايا الداخل.. ومن بينها على سبيل المثال فشلها فى تأمين مئات المدارس التى مولها التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية.. والتى نشرت بين الأطفال.. أفكار ومذاهب التطرف.. والقتل وسفك الدماء.. وهى الأفكار التى لم تكن تمت للثقافة البريطانية بأدنى صلة.. وهى القضية المعروفة باسم “حصان طروادة”!

ومن حقنا أن نتساءل:

ماذا جرى فى قضية حصان طروادة.. يا أصحاب السعادة؟!.. ولا نجد فى كل مرة أى إجابة!

يبقى بعد ذلك لغز الإعلان فى أجهزة الإعلام الكونية عن تعليق السفارة البريطانية العمل.. لأسباب أمنية.. ثم تبعتها السفارة الكندية التى أعلنت عن إغلاق أبوابها للأسباب نفسها.. دون التشاور مع وزارة الخارجية المصرية.. أو حتى إخطارها من باب الآداب المرعية فى السلوكيات الدولية.. وهو ما يشكل لغزا جعل البعض يتصور أن القضية تتعلق بهز الثقة فى الأوضاع الأمنية أو سحب ثقة المستثمرين أو ترويع السياحة إلخ.. وكل هذا فى رأينا غير صحيح.

الصحيح أن بريطانيا.. أعلنت على العالم أننا نسير فى الطريق الصحيح.

إذا أتتك مذمتى من ناقص

فهى الشهادة لى بأنى كامل

التعليقات متوقفه