لليسار در: قانون لاغتيال المجتمع الأهلى (2)

45

تناولت في الأسبوع الماضي بالنقاش الأسباب والادعاءات التي استندت إليها الأجهزة التي أعدت مشروع القانون رقم 70 لسنة 2017 بإصدار قانون تنظيم عمل الجمعيات وغيرها من المؤسسات العاملة في مجال العمل الأهلي ، ودفعت به إلى ” مجلس النواب ، ليوافق عليه بأغلبية الثلثين في 29 نوفمبر ( تشرين الثاني ) 2016 ، ويصدق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي ويتم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 24مايو (آيار)2017.

والقانون بصورته التي صدر عليها مرفوض من منظمات المجتمع المدني الحقوقية في مصر ، ومن عديد من الأحزاب والقوى السياسية والمنظمات الديمقراطية المصرية ومن أساتذة القانون والمدافعين عن الحريات العامة ، وتعرض لنقد حاد من مفوضي الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان ، ومن منظمة العفو الدولية ، وغيرها من المنظمات الحقوقية الاقليمية والدولية ، لمخالفته للمعايير الدولية وللدستور المصري ، وانتهاكه لحرية المجتمع المدني ، وتسليمه إدارة المنظمات غير الحكومية للحكومة !

ويمكن تلخيص الملاحظات السلبية الرئيسية لهذا القانون فيما يلي:

  • ينص القانون في مادته الثانية أن توفيق أوضاع الجمعيات الاهلية القائمة يكون بـ “الاخطار ” ـ وهو ما نص عليه الدستور في المادة (75) ـ إلا أن مواد القانون ( 3 ، 7 ، 8) تجعل تأسيس الجمعية وتوفيق أوضاع الجمعيات القائمة خاضع لـ “الترخيص ” من الجهة الإدارية .
  • يورد القانون في المادة الثالثة والمادة الثالثة عشر عبارات مطاطة غير منضبطة يمكن تفسيرها حسب الأهواء ، كأحد شروط التأسيس والنشاط ، مثل ” الأمن القومي للبلاد ” و” النظام العام ” و” الآداب العامة ” و” الوحدة الوطنية”.
  • يفرض القانون سداد رسوم لا يجاوز مقدارها عشرة آلاف جنيه مقابل قيد نظام الجمعية في السجل الخاص بالجهة الإدارية ، وهو مبلغ مبالغ فيه ، ويمثل 10 أضعاف الرسم الذي كان مقترحا في مشروع الحكومة !
  • يخضع القانون الجمعيات الأهلية لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات ، متناسيا أن أموال الجمعيات الأهلية ليست أموالا عامة وإنما هي أموال خاصة.
  • يحظر القانون على الجمعية في المادة (14) فقرة (ز) إجراء استطلاعات الرأي أو نشر أو إتاحة نتائجها أو اجراء الابحاث الميدانية أو عرض نتائجها ، قبل عرضها على الجهاز للتأكد من سلامتها وحياديتها ، وهو ما يعني فرض رقابة عليها ومصادرتها إذا كانت النتائج لاتتفق مع رغبة الحكومة وأجهزة الدولة.
  • ويحظر القانون فتح مقرات أو مكاتب لجمعية أهلية مشهرة في أي من محافظات الجمهورية بخلاف مقرها الرئيسي إلا بعد موافقة كتابية مسبقة من الوزير المختص أو من يفوضه.
  • يعطي القانون الجهاز المختص حق الاعتراض على قبول أو تلقي الجمعية الأموال والمنح والهبات من أشخاص طبيعيين أو اعتباريين مصريين أو أجانب من خارج البلاد ، أو من أشخاص عاديين أو اعتباريين أجانب من داخل البلاد ، خلال 60يوما من تاريخ الاخطار وإذا لم يرد الجهاز خلال مدة الستين يوما ، يعتبر ذلك عدم موافقة.
  • أجاز القانون للجهة الإدارية في أحوال مخالفة أحكام المواد 23 و 24 و 25 من القانون أن تقوم بوقف نشاط الجمعية لمدة لا تتجاوز سنة .
  • أباح القانون لممثلي الجهة الإدارية والجهاز المختص دخول مقر أي من الجمعيات والمؤسسات والاتحادات والمنظمات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو فروعها لمتابعة أنشطتها والاطلاع على سجلاتها وفحص أعمالها من الناحية الإدارية والمالية والفنية.
  • أنشأ القانون ما يسمى بـ ” الجهة القومية لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية ” وأعطاه ضمن اختصاصاته الواسعة ، البت في التمويل الأجنبي للجمعيات والمؤسسات الأهلية المصرية ، وتلقي اخطارات التمويل المحلي للجمعيات والكيانات الخاضعة لأحكام هذا القانون من الجهة الإدارية ، والتأكد من إنفاق أموال الجمعيات وغيرها من الكيانات الخاضعة لأحكام قانون الجمعيات الأهلية في الغرض المخصص من أجله أو الذي جمعت له ، وإصدار القرارات اللازمة لتصحيح أي مخالفات تقع في هذا الشأن ، وله في سبيل ذلك الاطلاع على الحسابات البنكية الخاصة بالكيانات الخاضعة لأحكام هذا القانون .
  • وجاء تشكيل هذا الجهاز امنيا بامتياز حيث يتكون الجهاز القومي من مجلس إدارة يصدر بتشكيله قرار من رئيس الجمهورية ” رئيس السلطة التنفيذية ” برئاسة متفرغ يكون بدرجة وزير ، وممثلين لوزارات الخارجية والدفاع والداخلية والتعاون الدولي والوزارات المختصة وجهاز المخابرات العامة والبنك المركزي ووحدة غسيل الأموال وهيئة الرقابة الإدارية .
  • ويفرض القانون عقوبات قاسية تشمل الحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن خمس سنوات ، وغرامة تتراوح مابين خمسين الف جنيه ومليون جنيه على مخالفة نصوص هذا القانون الشاذ ، بما يصد المواطنين عن هذا العمل التطوعي النبيل.

والمحصلة النهائية أن قانون الجمعيات الأهلية يحول الجمعيات الأهلية إلى إدارات تابعة للحكومة وخاضعة للأمن ، ويغتال بدم بارد المجتمع المدني في تناقض صارخ مع الدستور والاتفاقات والعهود والبروتوكولات الدولية التي صدقت عليها مصر ، ويضيف فصلا جديدا مظلما للدولة البوليسية القائمة في مصر .

التعليقات متوقفه