عاجل للأهمية: لقاء مع الاشتراكيين المغاربة

231

همس”طالع سعود الأطلسي”، رئيس اللجنة المغربية لتضامن الشعوب الأفريقية الأسيوية قائلاً: الرفاق فى “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية “ يريدون الالتقاء بك.
فى اليوم التالي، وصلت سيارة إلى فندق الدوليز سلا فى العاصمة المغربية الرباط لتقلني إلى المقر الرئيسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
رفيقان فى الرحلة إلى المغرب تلقيا الدعوة إلى نفس الجهة، هما الدكتور حلمي الحديدي رئيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية والمحامي الوطني والقطب الوفدي عصام شيحا.
خلال اللقاء، قال لي “إدريس لشكر”، رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إنه يرجو أن يتحقق تعاون وثيق بين حزبه.. وحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي فى مصر، وأنه يتابع نشاط حزبنا منذ أيام المؤسس خالد محيي الدين ورفيقه الدكتور رفعت السعيد. وقلت له ولقادة الحزب المغربي، الذين جلسوا إلى جانبه إن هذا الذي يريدونه من تعاون وثيق هو نفس ما نتطلع إلى تحقيقه.
وقلت أيضا إنني باسم جريدة “الأهالي” أدعوكم لعرض أفكاركم ومساهماتكم الفكرية فى جريدتنا التي يمكن أن تكون منبراً لتوحيد آرائنا ومواقفنا سواء بالنسبة لقضايا العالم العربي أو المشكلات الدولية.
وعندها تلقيت من “إدريس لشكر” سؤالا حول الموقف من التطرف والإرهاب، قلت له إننا نحقق نجاحاً كبيراً فى استئصال جذور هذا الإرهاب ونطالب بأن تواكب الجهود الأمنية الموفقة.. مواجهة فكرية وثقافية تشمل ما يمكن أن يكون ثورات فى مناهج التعليم والثقافة والآداب والفنون وكذلك الإعلام والخطاب الديني.. أي حملة تنوير شاملة.
كنت أشعر بالفخر والاعتزاز لأنني فى ضيافة الحزب الذي أسسه المهدي بن بركه، الذي مازال يعيش فى ذاكرة الوطنيين المصريين.
***
كان اللقاء وديًا وعملياً ومثمراً ويتطلب متابعة من جانب الحزبين واتصالات مستمرة، وخاصة أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يسترجع مكانته داخل المشهد السياسي والحزبي الوطني ويستعيد المبادرة.
أنه حزب له جذوره وتاريخه.. نجاحاته واخفاقاته.
وفى تاريخ مابعد استقلال المغرب يظل حزب القوات الشعبية رقماً أساسياً فى أي معادلة، وثمة مشاركة إيجابية للفريق الاشتراكي بمجلس البرلمان المغربي.
وقد اكتسب الحزب مكانته من قلب المعارضة، ومن استجابته لخدمة الوطن فى الظروف الصعبة، ومن مشاركته اللاحقة فى تدبير الشأن الحكومي، ومن قدرته على تجديد نفسه.
ويسعى الحزب لتحقيق المشروع الاشتراكي الديمقراطي لمغرب حداثي.. عصري.. ومتقدم، وتشييد دولة الحق والقانون، وإقامة مجتمع يتم فيه تقليص الفوارق بين الفئات الاجتماعية، ولا مكان فيه للفساد.
والحزب لا يزرع الأوهام بل يعمل لبناء مجتمع تكافؤ الفرص والمساواة، واحترام الحقوق والحريات، والتوزيع العادل للثروات، وتحطيم حلقات الفقر، وإدماج كل الفئات فى المسلسل التنموي الشامل.
وعمل الحزب على إعادة توحيد الطاقات الاتحادية التي يجمعها التاريخ النضالي المشترك وفرقت بينها ملابسات تدبير الخط السياسي فى مراحل سابقة.
***
كان تجميع القوى اليسارية ضرورة نضالية تفرضها التطورات السياسية وحاجة مجتمعية يفرضها مستقبل البلاد، وحماية مكاسبه الديمقراطية التي قدم الحزب من أجلها التضحيات الجسام، وتم فتح قنوات الاتصال مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب العمالي، ونجحت عملية الإندماج.
كان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يرى أنه لا يمكن إلا العمل ضمن مجموعة أوسع وإطار متقدم يجمع كل القوى الحية فى البلاد حول فكرة اليسار، ولن يتأتي ذلك إلا بالسعي نحو وحدة هذا اليسار.
وتأكد لدى “إدريس لشكر “، رئيس حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن إعادة الاعتبار للفكر التقدمي يتطلب توفير المناسبات لعقد لقاءات بين حاملي هذا الفكر والمدافعين عنه وتقوية جبهة المناصرين لحرية الإبداع والتعبير والحق فى الكلمة والنقد البناء.
***
هذا الحزب أنبثق من “الاتحاد الوطني للقوات الشعبية” الذي أسسه فى عام 1959 الزعيم المغربي الكبير الشهيد المهدي بن بركة بعد أن وجد أن حزب الاستقلال، الذي قاد النضال من أجل التحرر الوطني لم يعد ثورياً بما فيه الكفاية.
وكان المناضل عبدالرحيم بوعبيد، والمهدي بن بركة من بين الموقعين على وثيقة الاستقلال فى 11 يناير 1944 وقاما بتأسيس حزب الاستقلال.
وشهد عام 1963 مع مرحلة القمع اعتقال ومحاكمة قادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ومن بينهم عبدالرحمن اليوسفي.
وفى عام 1965 تم اختطاف المهدي بن بركة فى باريس وقتله بناء على تخطيط الجنرال أوفقير مسئول الأمن فى المغرب.
وفى عام 1975، تم اغتيال عمر بن جلون، أحد القادة المؤسسين للحزب وصحافته وأحد أبرز المناضلين النقابيين فى “الاتحاد المغربي للشغل” ومع ذلك انتصر الحزب، وفى عام 1998 تولي عبدالرحمن اليوسفى رئاسة الحكومة.
وحصل الحزب على خمسين مقعداً من أصل 325 فى الانتخابات البرلمانية المغربية عام 2002 ليصبح أكبر أحزاب البرلمان، وشكل الحكومة كجزء من تحالف الكتلة الديمقراطية التي تضم حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي.
وحصل الحزب على 48 مقعداً فى انتخابات 2007 ورفض الحزب الاشتراك فى الحكومة واتخذ موقعه فى المعارضة.
وحصل الحزب على 20 مقعداً من أصل 395 فى الانتخابات البرلمانية المغربية عام 2006.
ويحاول الحزب باستمرار أن يتعلم من أخطائه، وخاصة أنه يعايش لحظة تاريخية لاتسمح له بالخطأ فى التقدير من أجل إعادة النظر فى تحالفاته التي لم تعد فى تقديره مواكبة للحراك الاجتماعي.
وفى نفس الوقت، يريد الحزب أن يتيح الفرصة لحزب العدالة والتنمية لقيادة الحكومة من خلال تشكيل قطب محافظ يتحمل وحده مسئولية تدبيره للشأن العام.
ومما يلفت النظر أن قيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تعتبر أن خروج الحزب إلى ساحة المعارضة سيمكنه من تكوين قطب حزبي قوي أساسه القوى اليسارية فى البلاد والتفرغ لبناء الحزب على قواعد صلبة للخروج بالحزب من حالة التآكل، التي بدأت تتسرب إلى هياكله، وحتى يصبح الحزب المحرك لكل القوى الحية فى البلاد.
وبالتالي، فإن قرار الحزب بعدم الانضمام إلى التحالف الحكومي الحالي.. يؤدي إلى خلق معارضة قوية تقوم بمراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العامة.
والمغرب فى رأي الحزب فى أشد الحاجة إلى هذه المعارضة فى الوقت الحاضر.

التعليقات متوقفه