د. عادل وديع فلسطين يكتب :قانون الإصلاح الزراعي

325

شجون مصرية

تمر في هذه الأيام، ذكري مرور الاصلاح الزراعي الاول في مصر, فبعد قيام ثورة يوليو 1952 وضعت الثورة بعض مبادئها الستة موضع التنفيذ ومنها إقامة حياة ديمقراطية سليمة وعدالة اجتماعية وجيش وطني قوي, ولتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية صدر قانون الاصلاح الزراعي مبكرا في 9 سبتمبر 1952 في عهد الرئيس محمد نجيب وطبقه جمال عبد الناصر, وينص القانون علي تحديد الملكية الزراعية للافراد, واخذ الارض من كبار الملاك وتوزيعها علي صغار الفلاحين المعدمين, وصدرت بعد ذلك تعديلات متتالية حددت ملكية الفر والاسرة متدرجة من 200 فدان الي خمسين فدانا للملاك القدامي وعرفت هذه التعديلات بقانون الاصلاح الزراعي الاول والثاني, وانشئت جمعيات الاصلاح الزراعي لتتولي علمية استلام الارض من الملاك بعد ترك النسبة التي حددها القانون لهم وتوزيع باقي المساحة علي الفلاحين الأجراء المعدمين العاملين بنفس الارض ليتحولوا من أجراء لملاك.

وقد صاحب هذا القانون تغييرات اجتماعية خطيرة في مصر, رفع الفلاح الذليل هامته واسترد ارضه التي حرم منها. وكان نتيجة ذلك ان توسعت زراعات القطن وبدأ الفلاح يجني ثمار عمله.. يعلم ابناءه ويطعمهم من خير الارض فقد كان هذا الاجير لا يملك ان يأكل بيضة او يذوق طعمك ما يربيه من طيور.. وانعكس هذا الفقر المدقع علي بنيته.. فاصيب بالانيميا وفقر الدم والبلهارسيا والطفيليات والاهم من ذلك شعوره بالمهانة وسوط البكوات والبشاروات ينهال علي ظهره اذا استراح وفرد منديله ليتناول الخبز البتاو والمش والفجل.

هل ننسي عمال التراحيل.. هؤلاء الاولاد والبنات في عمر الزهور الذين كانوا يساقون مثل المواشي مكدسين فوق عربات تنقلهم للعمل في اراضي الملاك في عز الصيف وبرد الشتاء.. جوعي وعرايا.. والغريب انهم كانوا يطلقون اغاني الفلاحين كما لو كانوا سعداء.. نعم كانوا كذلك لانهم لم يروا حياة اخري.. لم يعيشوا الا ايامهم السوداء لم يعاينوا الستر ولا الشبع ولا الكسوة ولا العلاج ولا حتي الكلمة الحلوة.. كانوا عبيدا تلزمهم الحرية والعتق..

وفي هذا الجو المظلم تجد ذووا المصالح الذين يتهمون الاصلاح الزراعي بانه قام بتفتيت الارض الزراعية.. متناسين ان الفلاح يعمل ويشقي اجيرا كان او مالكا.. فاذا حدثت نتائج عكسية فهي من صنع صانع القرار.

د. عادل وديع فلسطين

التعليقات متوقفه