صفحة من تاريخ مصر: الإخوان مرة أخرى.. وليست أخيرة انقسامات الجماعة (4)

97

ولم نزل نطالع معا نصوص الاستقالة المسببة التي وجهها الأستاذ مصطفى يوسف والتي تركزت كلها حول مسألتين الأولى خروقات مالية جسيمة محاطة فى أغلبها بهالات من الغموض حول التمويل ومصدره والثانية دكتاتورية حسن البنا فى إدارة الجمعية ومناوراته فى استمرار سيطرته على الجمعية وعلى ماليتها أساساً ونمضى مع بقية نصوص الاستقالة ونقرأ لقد طعن الرئيس أن تمسكنا بالحق تعنتاً منا ومضايقة له، ومن رأينا نحن من جانبنا أن السكوت على الباطل جريمة، وأنه ليس من الجمعيات فى العالم من يملكها فرد واحد وإلا لما كانت جمعية، فكاشفناه برأينا فكان رده أنه لا يقبل معارضة فى رأيه ولا ينزل عن رغبتة ولو انهدمت الجمعية من أولها إلى أخرها، قلنا وماذا لو كانت الأغلبية هي المعارضة ؟ قال ولو الكل مجتمعين وغضب غضبا شديدا، وأقسم بالله العظيم ثلاثا أنه لا ينزل عن إرادته ولو أنطبقت السماء على الأرض، فطلبنا منه أن تستمر المسألة داخلية خوفا على كيان الجمعية وأن يرضى بأن يكون هناك حكم بيننا وبينه، فقال : أما إرادتي وإما ترك الجمعية، والآن أتوقف وأرجو من القارئ والباحث أن يتذكر تماما ودوما هذه العبارات الحاسمة والموقف الدكتاتوري الذي اتخذه حسن البنا إزاء شركائه فى تأسيس الجمعية والذين دعموه عندما وفد إلى الإسماعيلية غريبا مغموراً وساندوه وأسسوا معه الجمعية ومنحوه رئاستها ونعود إلى الوثيقة لنقرأ « ولما رأينا إصراره على العناد والقسوة فكرنا فى عرض الأمر على رؤساء فرعي المحمودية وشبراخيت فدعونا الأستاذ الحاج حامد عسكرية، وأحمد أفندي السكري بخطابات بعلم الوصول الحقناها بتلغرافات، كما أرسل أحدنا خطابا لوالد الأستاذ لعله يتوسط فساءت ردودهم جميعاً « ونعود نحن لنتذكر أن عسكرية والسكري كانا زميلي حسن البنا فى بدايات دخوله إلى الجمعية الحصافية أي قبل سفره إلى الإسماعيلية وأنهما سانداه وأسهما معه فى تأسيس الجمعية ولكنه ورغم وقوفهما معه فى هذه المعركة والذي عبر عنه الأستاذ مصطفى يوسف قائلا : فساءت ردودهم. إلا أن البنا ما لبث أن انقلب على الاثنين وطردهما معلنا بوضوح انهما يتعاملان معه دون كلفة لما كانا يفعلان فى الماضي ولا يحترمان وضعه كرئيس، وأكد أنه لا يصلح فى الجمعية إلا ما بناه بنفسه وما قاده بنفسه. ونعود إلى ما كتبه مصطفى يوسف فى الاستقالة « وفى المدة التي كنا ننتظر فيها حضور أحد المدعوين للتحكيم راجت اشاعات حولنا، ونفخ شيطان الفتنة فى نفوس المرضى والمغرمين بالسوء ونشر الفاحشة، فكنا كلما قابلنا واحدا من اتباع الرئيس نرى منه تبرما ويقولون فينا ما تتنزه السنتنا عنه، وطبعا أحرجوا مركزنا، فأسرعنا بإرسال مندوب من قبلنا إلى حضرتي أحمد أفندي السكري والحاج حامد، فحضر الثاني ولم يحضر الأول واجتمعنا بالأستاذ فلم يكن فى مقدور الحكم إقناعه مع يقينه أن الحق معنا وذلك لأن فضيلة الحاج عسكرية معين لفرع شبراخيت بواسطة الأستاذ فوقعنا فى حيرة جديدة وتأكدنا أن الأستاذ لا يرغب فى العمل مع أحد يعارضه فيما يراه وتأكدنا أيضا أن له غاية يعمل إليها غير التي بايعناه عليها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وبعد كل ما تقدم أن نصح أبديناه وشر نحيناه وسوء تحملناه عرضنا عليه ما يأتي الحل الأول أن يتحمل هو وحده المسئولية عن دين الجمعية الذي يزيد على 350 جنيها وأن يخلينا من المسئولية بتحرير سندات لاصحاب المال باسم الجمعية، وأن يوقع عليها بصفته رئيسا للجمعية،والحل الثاني أن يدعو إلى جمعية عمومية بكامل هيئتها ويعرض عليها الأمر ويدعها تنتخب من الحاضر لجنة مسئولة عن إدارة الجمعية وعن إيراداتها ومصروفاتها وسداد ما عليها من ديون وأن تسير بها فى طريق القانون فاختار الرئيس الحل الأول لأنه يوافق هواه وعليه تحرر السندات على الجمعية بتوقيع حضرته وسلمت السندات لأربابها وسلمنا ما بعهدتنا إليه وقررنا الاستقالة وإعلانها للرأي العام، وما أن فعلنا ذلك حتى تحركت عوامل الشر فى نفسه وتغلبت على كل خلق كريم، فأخذ يتجسس علينا تارة بنفسه وتارة بمن حوله من شياطين الشيطان، ثم التفت إلى كل من كان يقرؤنا السلام من أساتذة المعهد التفاتة الحاقد وحاربهم حربا غير شريفة خرجوا منها شرفاء غير مهزومين، فضلا عن أنه جعلنا مضغة فى الأفواه بما ينشره عنا بما ينضح به أناؤه، ثم نصب المدعو سيد الهندي ناظرا على المعهد وهو قريب من الأمية وكان يشتغل مكوجيا، وكنا قد طبعنا تقريرا عن أسباب استقالتنا موقعا عليه من حضرات الأخوان الشرفاء عبد النبي سليمان ومحمد دسوقي ومصطفى يوسف ومحمود الجعفري وعبد العزيز غالي ومحمد إبراهيم وسليمان البك فلما طبع واطلع عليه الأستاذ حسن البنا أخذ الخوف بنفسه وأرسل للأخ عبد النبي سليمان وكان كبير الجماعة وفعلا تم اقتراح ما يقرب من الصلح.
وبعد هذه المهزلة التي تفضح حسن البنا ومسلكه.. طلب الصلح.. فكيف كان ؟

التعليقات متوقفه