مدير المركز المصري للحق فى التعليم لـ “الأهالي” : نعانى من تضخم فى الدرجات العلمية والمخزون العلمى صفر

62

التكنولوجيا حولت تسريب الامتحانات إلى ظاهرة شعبية..ومنظومة التعليم تنمي عقل الطاعة لدي الابناء

 

قال عبد الحفيظ طايل ” مدير المركز المصري للحق فى التعليم” ، اثناء حواره مع “الاهالى” ، ان انخفاض ميزانية التعليم فى مصر ، والتى لا تتعدي الـ2% من ميزانية الدولة ، يعتبر عائقا امام عمليات التطوير ، حيث اقر الدستور نسبة 4% للتعليم قبل الجامعى من الدخل القومى .

واضاف ان التعليم يعد احتياجا تنمويا للمجتمع ، ويتطلب رؤية للتنمية معتمدة على الانسان ونواتجها تعود على المجتمع ، على إعتبار ان إتاحة التعليم حق للافراد ، مؤكداً ان تجريم الدروس الخصوصية يتطلب إصدار قانون وزيادة فى رواتب المعلمين ..

وللحديث اكثر حول قضايا التعليم ، وكيفية تطوير مشروع الثانوية العامة ، وتأثير ذلك على التنسيق بالجامعات ، ومستقبل التعليم فى مصر ، كان لـ “الاهالى” هذا الحوار والى نصه ..

 

*بما تري تأثير نتيجة الثانوية العامة على التنسيق للقبول بالجامعات؟

 

**كما حدث في العام الماضي ، فلست مستغرباً من المجاميع المرتفعة ، فالامر كان متوقعا بعد اعمال الغش والتسريبات التى حدثت بالامتحانات ، وبالتالى سيرفع ذلك من الحد الادنى للقبول بالجامعات الحكومية ، خاصة ان لدينا عجزا فى عدد الجامعات ، بما يخدم بذاته الجامعات الخاصة، ولكن ستظل الفرص التعليمية بالجامعات الخاصة بالنسبة للفقراء معدومة ، فهذا الامر يصيب اجيالا كاملة بالاحباط الشديد عندما يشعر ان الفرص فى الحياة تقل ، والغضب قد يتحول لعنف والدولة بذلك تأذى نفسها من حيث لا تدري ، فمنذ العام الماضى نعانى من تضخم فى الدرجات العلمية ، مع ضآلة المخزون العلمي لدي الطلاب .

 

*البعض يروج بأن نتيجة الثانوية العامة غير قانونية ..وبعض  اولياء الامور والطلاب يهددون بالطعن عليها ..كيف تري ذلك ؟

 

**لا نستطيع الفصل كون النتيجة قانونية من عدمه ولكن يفصل فى ذلك المحكمة ، ولكنى ارى انها نتيجة غير شرعية او غير مشروعة ، لانها لا تعبر عن الوضع الحقيقي لمستوي الطلاب وليست قائمة على مبدأ تكافؤ الفرص الذى اقره الدستور وقانون التعليم .

 

*3644 حالة غش بالامتحانات .. كيف تابعت الامتحانات هذا العام ؟

 

**ما حدث من حوادث غش وتسريبات ليس بجديد فى تاريخ التعليم فى مصر ، فمنذ 2006 اشتغلنا فى المركز على قضية الثانوية العامة، وكانت تحدث تسريبات للامتحانات ، حيث توغل الفساد داخل المؤسسات التعليمية ووزارة التعليم على وجه الخصوص وكان يتسرب الامتحان لابناء القيادات بالوزارة ورجال الاعمال وابناء القضاة وغيرهم ويتم عمل لجان خاصة داخل شقق بالدقى رغم ان ذلك مخالف للقانون ، وتمت إحالة 191عضو كنترول ثانوية عامة من بينهم كبار مسئولى وزارة التربية والتعليم ، للمحاكمة التأديبية ، وعندما جاء الوزير يسري الجمل وزيراً للتعليم اصدر قراراً بالإبقاء على هؤلاء فى مناصبهم لحين انتهاء الامتحانات ، بالمخالفة للقانون، وكانت النتيجة كوارث فى الامتحانات والتصحيح ، بجانب ذلك قد سبق وتسربت الامتحانات فى عام 1962 واذاعته الاذاعة الاسرائيلية وتم الغاء الامتحانات.

 

*بما تقيم دور الوزارة فى مواجهة الغش اثناء فترة الامتحانات ؟

 

**انتفاضة الوزارة ضد التسريب الالكترونى للامتحانات ، يرجع الى ان الغش والتسريبات اصبح “سداح مداح” وبدلا من ان كانت الامتحانات تتسرب لبعض ابناء المسئولين والقيادات فى الدولة ، تحول الامر الى ظاهرة شعبية بفعل التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي .

 

*وما تفسيرك لاسباب الغش وكيفية معالجة الظاهرة ؟

 

**وظيفة الامتحان تكمن فى اننا نستكشف قدرات ومواهب الطلبة وليس تقسيم الطلاب ما بين فاشلين وناجحين ، فالدولة لم تعد مهتمة بالتعليم ، ولم يحقق الامتحان وظيفته ، واصبح يقيس مدي حفظ الطالب للمادة العلمية التى يدرسها طوال العام بعيدا عن معرفة مدي فهمه او استيعابه للمادة ، بالاضافة الى ان ازمة التعليم في مصر تكمن فى انه ملحق بالمشروع التنموى للسلطة السياسية ، فعلى سبيل المثال محمد على باشا كان يريد ان يعمل جيش فاهتم بالكلية الحربية ..والرئيس عبدالناصر كان يريد ان يعمل تصنيعا فأهتم بالهندسة والزراعة ، وهكذا ، فلم يعد هناك برنامج تنموي واضح لدى الحكومة المصرية ، وولى الامر لم يعد يهتم بما الذى تعلمه ابنه كرد فعل لعدم اهتمام الدولة بالتعليم من الاساس.

 

*وكيف يمكن معالجة الغش فى ضوء قانون مكافحة الغش الذى اصدرته وزارة التعليم؟

 

**الغش سلوك سيظل موجودا مثل جرائم اخرى ترتكب فى المجتمع لغياب البعد الاخلاقى والدينى لدى الافراد ، فالغش فى الامتحانات لا يمكن مواجهته بالقانون فقط ، وإنما الامر يحتاج الى” فلترة ” ديوان وزارة التعليم من الفساد ، حيث قد ثبت تسريب الامتحانات من داخل المطبعة السرية ، أيضاً تغيير منظومة الامتحانات بما يتطلب تغييرا فى منظومة التعليم بأكملها التى تنمي عقل الطاعة لدي الطلاب ، بعيدة كل البعد عن تنمية الفكر والابداع .

 

*تقدمت وزارة التعليم بمشروع اختبارات القدرات للقضاء على ” بعبع” الثانوية العامة ..فما رايك ؟

 

**هذا المشروع ليس بجديد ، فقد سبق وتقدم به وزراء سابقون ، وهذا المشروع قائم على الغاء مكتب التنسيق واعتبار شهادة الثانوية العامة شهادة منتهية مثل الدبلوم مؤهلة لسوق العمل ومدة صلاحيتها 5 سنوات ، وكى يتقدم الطالب للجامعة عليه اجتياز اختبارات القدرات لكل كلية ، ولكنى اري ان هذا المشروع غير مجدٍ مع تفشي الفساد والرشاوى والوساطة فى اختبارات القدرات التى تؤهل الطلاب لدخول الجامعة ، وقد تقدمنا بمقترح ان تكون وظيفة المرحلة الثانوية ، إعداد الطالب للتعليم الجامعي ، وجزء من هذا الاعداد التقييم المستمر للطالب بدرجات متراكمة خلال 3 سنوات ، ويكون الامتحان التحريري عليه نسبة من الدرجة ولكنها ليست النسبة الوحيدة الحاكمة ، وبالتالى يستفاد الطالب خلال دراسته بالمرحلة الثانوية ويتدرب على الاختبارات التى تؤهله للجامعة .

 

*وماذا عن دعم الدولة للتعليم ..فى رأيك ؟

 

**الدولة حولت التعليم من كونه حقا لكل مواطن ، الى سلعه تريد ان تتربح من وراءها ، فلدينا تعليم حكومى مجانى فى ظاهره ولكن بفعل الدروس الخصوصية يصرف اولياء الامور مليارات الجنيهات على تعليم ابنائهم ، ايضاً هناك تعليم تجريبي بمصروفات ، فالتعليم ليس فى دائرة اهتمامات الدولة ، لان صانعى القرار والاغنياء يتعلمون فى دائرة تستطيع الاستغناء عن الدولة ، فمنذ السبعينيات وتبنى سياسه الانفتاح الاقتصادى ، اخذت الدولة تنظر للتعليم بوصفة عبئا وليس قاطرة التنمية.

 

*اطلق معلمون مبادرة ” التعليم اولاً ” كيف ترى ذلك ؟

 

**كل المبادرات التى يقدمها المعلمون واولياء الامور والمجتمع المدنى ، تعبر عن استشعار الناس بالازمة ، وإيماناً منهم بأن التعليم قاطرة الدولة للتنمية ، وعلى الدولة ان تنتبه لخطورة التدهور الذى يعانى منه التعليم .

 

*وأخيراً ..كيف تري مستقبل التعليم فى مصر؟

 

**ليس امامنا سوي مواكبة حركة التغيير والتطوير التى يشهدها العالم فى التعليم ، ولا يجب ابداً ان نظل ثابتين ، فالتاريخ لا ينتظر احدا ومن يظل ثابتا يقع تحت “مفرمة ” التاريخ ، فعدم الاهتمام بالتعليم يزود من الاستبعاد الاجتماعى والتمييز بين الطبقات بما يخلق احتقانا بين الافراد فى المجتمع الواحد ، ويتعرض الاطفال في هذا المجتمع الى انتهاكات ، ويحرم الطفل من فرص التعبير عن ذاته وتعرضه للإستغلال وتفشي المشاكل الاجتماعية مثل الزواج المبكر وختان الاناث وعمالة الاطفال.

التعليقات متوقفه