لمعالجة عجز الميزانية: الدولة تلجأ إلى خصخصة التعليم الحكومى.. والفقراء خارج الحسابات

94

المجانية ثم المجانية ثم المجانية..شعارات تبنتها الحكومات المتعاقبة عبر الزمن ليس لها اساس من الصحة، ففى واقع الامر نجد برامج متميزة وتخصصات ذات مصروفات مرتفعة داخل الجامعات الحكومية التى من المفترض جامعات ذات مصروفات اقل مقارنة بالجامعات الخاصة لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية بين طبقات المجتمع، فوصلت مصروفات كلية الصيدلة (كلينكال انجليزي ) لـ22 الف جنيه، وكلية التجارة ( انجليزى ) لـ 10آلاف جنيه، وتجارة برنامج ( جورجيا ) 35 الف جنيه، ومصروفات كلية الحقوق ( انجليزى وفرنساوي ) وصلت لـ9 آلاف جنيه، وكلية الزراعة ( انجليزى ) 8 آلاف جنيه، وكلية العلوم بتخصصات ( بتروكيماويات والبيوتكنولوجي) وصلت المصروفات بهما لـ 12 ألف جنيه، وكلية الاقتصاد ( انجليزى ) وصلت مصروفاتها لـ 6 آلاف جنيه، وقسم العلاقات العامة (انجليزى ) بكلية الاعلام وصلت مصروفاته لـ 5 آلاف جنيه.

فلم يلتقط أولياء الامور انفاسهم بعد “شبح” الثانوية العامة وما تلتهم من مصروفات بفعل الدروس الخصوصية، ويقابلهم فى التعليم الجامعي برامج متميزة بمصروفات مرتفعة بما يضرب بالمجانية عرض الحائط. وفى ذات السياق يري د.على الشخيبي “ استاذ اصول التربية بجامعة عين شمس “ ان التعليم اصبح ليس له قيمة، ودخول سياسة الخصخصة والربح فى إدارة المنظومة التعليمية اصبح عائقا امام المجانية، لما له من تأثيره سلبي على مخرجات العملية التعليمية.
مضيفاً ان هناك اقساما داخل كليات التربية مثل رياضة انجليزى وكيمياء انجليزى بمصروفات مرتفعة، مؤكداً أنه ليس مع التعليم بمصروفات، ومن المفترض ان كل إنسان يأخذ فرصته فى التعليم وفقاً للدستور والعدالة الاجتماعية.
لافتاً الى ان غالبية طلاب المجتمع ذات تعليم حكومى، ومن المفترض يتم تأهيلهم بشكل علمي يوازى متطلبات سوق العمل، ويكون للتعليم دور فى الانتاج وزيادة موارد الدولة.
مخالف للقانون
ويري د.عبد الله سرور “ استاذ بكلية التربية جامعة الاسكندرية “ ان إضافة مصروفات مرتفعة لبعض الكليات يعد ذلك مخالفة للقانون والدستور الذى ينص على المجانية، إضافة الى انه يثير الانقسام والحقد بين طبقات المجتمع المصري.
مضيفاً ان بعض التخصصات فى الكليات ذات مصروفات يطلقون عليها برامج تعليمية متميزة، وبالتالى البرامج او التخصصات الأخري مستواها اقل، ويعنى ذلك ان هناك تعمدا فى تقديم تعليم هابط المستوى.
معتبراً ان التعليم الحكومى فى مصر اصبح لدي الكثيرين عبارة عن شغل اوقات الفراغ، حيث يذهب الطلاب للمدارس والجامعات دون جدوي تربوية وتعليمية، مع انتشار السناتر والمراكز حول الجامعات التى تبيع الملخصات والملازم ووصل الامر الى وجود مكاتب تعد رسائل الماجستير والكتوراه.
مؤكداً اهمية وجود ارادة سياسية للنهوض بالتعليم، والسماع الى الاطراف المختلفة المشاركة فى العملية التعليمية، بالاضافة الى وجود تشريعات جديدة للتعليم تضع نظاما تعليميا شاملا لمراحل التعليم المختلفة.
رفع المصروفات
ويري د. يوسف نوفل “ أستاذ أدب ونقد بجامعة عين شمس “ أن هناك حالة من عدم التوازن فى رفع المصروفات الجامعية، فقد تزيد الجامعات من مصروفات بعض الكليات خاصة العملية على حساب الكليات النظرية ذات مصروفات هزيلة.
مضيفاً ان الدولة عليها ان تكفل مجانية التعليم كاملة حتى المرحلة الثانوية، على ان يكون التعليم العالي بمصروفات معقولة كى يحترم الدارس العلم والجامعة، والقضاء على اهمال معظم الطلاب الحضور للجامعة للمحاضرات وقضاء معظم اوقاتهم مع اصدقائهم فى فناء الجامعة. مشيراً الى تراجع ترتيب جامعة القاهرة بعد ان كانت من اعرق الجامعات على مستوى العالم، وتدنى بها الحال واصبحت فى الترتيب الأخير بين جامعات العالم.
مؤكداً اننا لسنا فى حاجة الى زيادة ميزانية التعليم العالي من الدولة، ولكن يجب تشجيع رجال الاعمال واطراف المجتمع للمشاركة والتبرع كما يحدث فى دول العالم، بالاضافة الى وجود بدائل اخري لزيادة الموارد منها استغلال تخصصات مثل التربية الموسيقية والفنية فى إقامة معارض وحفلات تزيد من موارد الجامعة، وايضاً استغلال كليات الزراعة بعمل إنتاج، وتشجيع الطلاب على الابداع والعمل داخل الجامعة.
مصدر انفاق
وقال د.صلاح عبد السميع “ استاذ المناهج بجامعة حلوان وعضو لجنة التربية بالمجلس الاعلى للثقافة “ ان الاقسام داخل الكليات بمصروفات مرتفعة تعتبر مصدر انفاق على الجامعة فى ظل عجز الحكومة عن تحقيق موازنة كافية للجامعات والبحث العلمي والانشطة الطلابية.
مضيفاً ان الجامعة احد المصادر التى تدفع الطلاب الى سوق العمل وبالتالي عليها ان تقوم بتنمية مواردها وتتفاعل مع المجتمع وتتاجر وتسوق لزيادة مواردها .
مؤكداً ان الدولة عليها ان تتعامل مع منظومة التعليم الجامعي بشكل جدي وتلتزم بالمجانية، كما فى دولة السويد التى تتكلف بمصروفات الطالب كاملة ولا توجد اعباء على أولياء الأمور طالما التزم المواطنين بدفع الضرائب.

التعليقات متوقفه