الوضع الاقتصادى يمزق الأسرة المصرية: حالات الطلاق تتزايد والفقر ليس وحده السبب

93

“التفكك الأسري” من أخطر التحديات التي تواجه المجتمع، فالحياة الاجتماعية للفرد، هي أساس التنشئة السليمة، التي قد تحدد طريقه فى الحياة، فمن المعروف أن الحياة الأسرية لا تخلو من المشكلات، وقد يتمكن أحد أفراد الأسرة أو الأقارب من حلها. فبعد أن احتلت مصر المركز الأول فى ارتفاع معدلات الطلاق، لتصل لـــ240 حالة يوميا. حاولت الأهالي معرفة الأسباب الخفية حول انهيار العلاقات الأسرية، والخلل الاجتماعي الذي قد ينتج عنه عدة ظواهر منها “زيادة أطفال الشوارع، الجهل، اضطرابات نفسية للأطفال، حيث وجهت عدة تساؤلات لبعض المختصين من علماء الاجتماع والطب النفسي، لمعرفة الأسباب الاجتماعية، النفسية، الدينية، للتفكك الأسري، وكيفية مواجهاتها، فضلا عن دور رجال الدين فى الحياة الاجتماعية.
الأسباب
ومن جانبه يرى دكتور “سعيد صادق” أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية” أن سبب التفكك الأسري، ليس واحدا ولكن قد ينتج نتيجة لفشل الوالدين فى التنشئة الأسرية السليمة، فى الفقر، البطالة، عمل المرأة، عدم تجانس العلاقات الأسرية، عدم احترام الأخر، اجبار الأهل على الزواج، وجود أطراف أخرى فى الأسرة، الخيــانة الزوجيــــة، السوشيال ميديا.. مؤكدا أن الزوجة فى الزمن الماضي كانت تعاني من ظلم واضح وخاصة فى الأرياف، فضلا عن زواجها من شخص غير راضية عنه، وبعدها تتحمل عيوب الزوج، علاوة عن أعباء الحياة الزوجية فى كل ما تحمله من معاني شاقة، ورغم ذلك لم يرضوا لها الأهل بالطلاق، فأصبح هناك وسائل كثيرة لمساعداتها الآن، عكس الماضي، وذلك من خلال المراكز الحقوقية، المجلس القومي للمرأة، منظمات نسائية، موضحا أن ذلك جعلها أكثر جرأة وتفتحا لما يجري فى المجتمع، مشيرا إلى أن الانفصال أكثر عقليا من الاستمرار فى علاقة قد تنشأ أضطر بات نفسية للمرأة والأطفال.
الأطفال
بينما أكد دكتور “جمال فرويز” أخصائي الطب النفسي بجامعة القاهرة، أن هناك عدة عوامل قد تصيب الطفل نتيجة للمشاكل الزوجية سواء إذا كان بالانفصال أو الاستمرار فهناك عدة أسباب ناتجة عن التفكك الأسري، منها لجوء الأطفال للشارع، عدم الرقابة الكاملة، الكذب، الانحراف، التهته فى الكلام، إهمال الدراسة، الاكتئاب، العنف، الحقد على المجتمع. وتابع “جمال فرويز” أن هناك ما يسمى “باضطرابات التواصل” التي قد تحدث نتيجة للخلاف المستمر بين الزوجين أمام الأبناء منها اللجوء للسرقة، الكوابيس الدائمة، التبول اللا إرادي، وفى بعض الأحوال قد تزيد الحالة من خلال وجود استعداد جيني للطفل، فقد تؤدي إلى الوسواس القهري،، انفصام فى الشخصية، والأعراض الوهمية للأمراض، وذلك لكسب عطف الآخرين، نتيجة لنقص العطف وإشباع رغباته، وتلبيه طلباته. ولذلك فلابد من مراعاة الجوانب النفسية للطفل من قبل الزوجين، أولها عدم ذكر الأب أو الأم بأي شيء غير أخلاقي، ثانيها الابتعاد عن المشاجرات أمام الأبناء، فضلا عن مراعاة الجوانب النفسية لهم.
الطلاق الشفوي
ومن جهته أكد دكتور “خالد الجندي” الداعية الإسلامي، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الطلاق الشفوي من أول وأبرز المشكلات التي تسبب التفكك الأسري، فقد انحاز المجتمع لرفض الطلاق الشفوي، وعدم الاعتماد به والعمل على التسجيل فى العقود للأحوال الشخصية، ولكن فتاوى الشيوخ تنادي بوقوع الطلاق الشفوي لتصبح النتيجة خرابا للأسرة وتشتت الأبناء، وترسيخ للصراع بين أفراد الأسرة الواحدة، فكم من بيوت خربت وأطفال شردت بسبب هذا الطلاق، فضلا عن تهديده للدين بأكمله، موضحا أن مصر عندما تحصل على المركز الأول فى الطلاق على مستوى العالم ولدينا الأزهر الشريف، يعلن ذلك أن معظم رجال الأزهر الحاليين ليسوا على مستوى الحدث ولا علاقة لهم بفهم الواقع، وذلك لإصرارهم وتمسكهم بالفتاوى التراثية القديمة التي تؤكد وقوع الطلاق الشفوي على غير الواقع، فقد أوجدوا وضعا غريبا لا يوجد فى العالم إلا عندنا، وتابع “الجندي” أن الزوج يقول لزوجته أنت طالق شرعا وليس قانونا، مؤكدا أن المرأة أصبحت فريسة لوضعين مختلفين ومتباينين وضع شرعي والأخر قانوني، من الجهة الشرعية طالق والقانونية زوجة، ويعد هذا خرابا وانفصاما فى الشخصية.
التصدى لها
وعن الخروج من هذه الأزمة أشارت دكتور”سامية خضر صالح” رئيس قسم الفلسفة والاجتماع بجامعة عين شمس، لابد من الاختيار السليم فى البداية وذلك من خلال الرقي فى التعامل، الذوق، الأخلاق، ثانيا الابتعاد عن النظر للجوانب المادية والمستويات العالية، احترام الأسرتين، احترام تكوين الأسرة، تحمل المسئولية، عدم الإنجاب السريع حتى لا يورطوا الأطفال فى خياراتهم الخاطئة، وأوضحت “أستاذ علم الاجتماع” أن هناك أسبابا ثقافية من بينها الاختيار الخاطئ للجواز سواء أن كان للرجل أو المرأة، وعدم وجود احترام متبادل بينهم، علاوة عن الأسباب الاقتصادية التي أدت لتفكك الأسرة وارتفاع معدل الطلاق، لتصل حالة كل 6 دقائق.

التعليقات متوقفه