موت مرضى الهيموفيليا على أعتاب المجالس الطبية

20

 

نقص الدواء ..عدم تناسب القيمة المالية لقرارات العلاج لعدد الجرعات ..غياب العلاج الوقائى ..أبرز الشكاوى

تحقيق:نجوى أبراهيم

معاناة حقيقية وواقع مخيف ومؤلم يعيشه المصابين بمرض الهيموفيليا فى مصر ..هؤلاء المرضى لا تتوقف تفاصيل معاناتهم عند هشاشة أجسادهم التى توصف بالاجساد الزجاجية أوعند تعرضهم لنوبات الألم التى يشعرون بها بل تتعداه لحالة من الرعب من المجهول الذى يسبب لهم الالم النفسى والاذلال الذين يشعرون به عندما يلجأون إلى طلب العلاج على نفقة الدولة خاصة مع ارتفاع تكاليف العلاج المخصص لهم..فالكثير منهم لا يستطع تحمل نفقات العلاج ..ويصبحون فريسة سهله لمرض ينخر فى نفسيتهم قبل أجسادهم..

صرخة مدوية فى وجه الظلم يطلقها أكثر من 10 آلاف مريض يعانى من مرض الهيموفيليا فى مصر ..مرضى نزف الدم يعيشون رحلة من المعاناة والأوجاع

من أجل استخراج قرارات العلاج على نفقة الدولة لعلاجهم..تتحول كل قطرة دم تنزف منهم إلى نداء واستغاثة ..هؤلاء الأشخاص الذين تخلى عنهم القدر ..وتركتهم لجنة أمراض الدم فى المجالس الطبية فى مهب الريح يكافحون يوميا ليس فقط ضد المرض ولكن ضد نظام صحى لم ينصفهم..

والهيموفيليا مرض وراثى يعرض المريض لنزف الدم بغزارة عند أدنى جرح نتيجة نقص معامل التجلط فى الدم وهناك أكثر من 10 آلاف مصرى مصابون به حسب بيانات المركز المصرى للحق فى الدواء ..

يؤثر النزيف فى المفاصل على حوالى 70 إلى 80% من الأشخاص المصابون بالهيموفيليا وعلى المدى القصير يمكن أن يسبب الام فى المفاصل وبتطور الحالة يصل الأمر إلى ضمور العضلات وعدم استقرار المفاصل وتشوهاتها وعدم الحركة ..يمكن أن يحدث النزيف التلقائى أو الناجم عن الصدمة فى المفاصل وخاصة المفاصل التى تحمل الوزن مثل الركبتين والكاحلين والمرفقين ..ويؤدى النزيف إلى تراكم الدم داخل مساحة المفصل وهو ما يسمى بداء المفصل الدموىوهو ما يتسبب فى تورم وألم فى المفصل..

أكد عدد من الأطباء أن عمليات الحقن المنتظمة بالعلاجات البديلة من عامل التخثر مثل العامل الثامن أو التاسع يمكن أن تقلل من خطر النزيف التلقائى وبالتالى تقلل من تلف المفاصل والالم.

وفيما أشارت السكرتيرة العامة لجمعية أصدقاء مرضى النزف “سونيا حبيب “أنه يتم تعويض المريض بالعوامل الفاكتور السابع والثامن والسابع ..وهناك مرضى تحتاج لمشتقات دم “البلازما”أو “كرايو”..

نقص العلاج

أزمة الدولار وارتفاع سعره أدت إلى نقص حاد فى علاج مرض الهيموفيليا هذا ما أكده د”محمود فؤاد”المدير التنفيذى للمركز المصرى للحق فى الدواءمشيرا إلى أن علاج مرض الهيموفيليا باهظ التكلفة لدرجة لا يتحملها معظم المرضى ..

وأوضح “فؤاد”أن معاناة المريض تتلخص فى عدم تناسب القيمة المالية المقررة فى قرار العلاج على نفقة الدولة مع الجرعات التى يحتاجها المريض وخاصة فى ظل ارتفاع أسعا الدولار وأزمة نقص الأدوية ..فأحيانا يتم استنزاف المبلغ فى مرة نزف واحدة .

أما التأمين الصحى فهو لا يوفر العلاج للطلبة الذين يحتاجون إلى الحقن بشكل دورى حتى لا يتعرضون للنزف خاصة فى ظل أزمة نقص الأدوية حيث يوفر التأمين الصحى أحيانا علاج بديل للمصاب وهو أكياس البلازما إلا أنها لاتغنى عن العلاج الأصلى ..

استغاثات المرضى

لجأ بعض أهالى المرضى إلى مواقع التواصل فيس بوك يناشدون الحكومة بالنظر اليهم بعين الرحمة ..فمنذ عدة أيام نشرت صفحة “هيموفيليا مصر نحو غدا أفضل “استغاثة مريض هيموفيليا على نفقة الدولة ..فهى ليست حالة مرضية فحسب بل مرآة لواقع مخيف ومؤلم يعيشة مرضى الهيموفيليا وأهاليهم ..وهى حالة” محمود سعد “مريض هيموفيليا مهدد ببتر أطرافه السفلية نتيجة لتراكم صديد بمفصل الركبة لتعدد مرات النزيف دون أخذ الجرعات المحددة لعدم توافر الجرعات ..

كما يشكو مرضى الهيموفيليا سواء من الشباب أوالأطفال من عدم تناسب القيمة المالية للقرار الذى صدر لهم مع عدد الجرعات التى يحتاجها المريض للعلاج ..وهو ما يترتب عليه تعرضهم لاخطار مضاعفة تصل إلى حد بتر أطرافهم أو الموت..

وهناك شكوى متكررة من عدم توافر الفاكتور فى المستشفيات العامة بالاضافة إلى مأساة نفقة الدولة وقراراتهم الهزيلة التى لا تكفى نوبة نزف واحدة وعدم وجود أكواد بها لعلاج مرضى الأجسام المضادة .

شكوى أخرى بتأخر صدور قرارات العلاج فاشتكت بعض الامهات من المنصورة أنها ذهبت لتجديد قرار بالعلاج “الهلمليبرا” من التامين الصحى لم يصدر القرار لمدة 26 يوما ولم بأخذ ابنها علاجه ..فكانت تعيش حالة من الرعب وهى تدور كل يوم من المستشفى إلى التموين الطبى ولا يوجد أى استجابة

أرسل المركز المصرى للحق فى الدواء وجمعية “هيموفيليا مصر نحو غدا أفضل “العديد من الشكاوى والخطابات للرئيس عبد الفتاح السيسى ووزارة الصحة ومجلس الوزراء ونواب البرلمان ..يناشدون جميع المسئولين فى الدولة باصدار قرارات بالعلاج الوقائى لمرضى الهيموفيليا وعدم إيقاف العلاج لأى مريض حتى بعد سن التأمين الصحى ..ورغم صدور قرارات بهذا الشأن من قبل وزير الصحة “خالد عبد الغفار”إلا إنه لم يتم التنفيذ فهناك تعنت من رئيس هيئة التأمين الصحى الذى يرفض استكمال علاج المرضى بعد انتهاء سن التأمين الصحى بالنسبة للطلاب ..

بطاقة الخدمات المتكاملة

أكدت بعض الحالات أن لجنة أمراض الدم فى المجالس الطبية تضع العراقيل أمامهم بدلا من تقديم العون ..حتى وزارة التضامن الاجتماعى التى يفترض أن تكون سندا وعونا لهم تشارك فى الجريمة بتعقيد الاجراءات لحصول هؤلاء المرضى على بطاقات الخدمات المتكاملة التى يكفلها القانون والدستور لهم حتى تضمن لهم العلاج تحت مظلة التأمين الصحى .

تفرض اجراءات الكشف الطبى لاثبات الاعاقة والحصول على ارت الخدمات عمل تحاليل وفحوصات طبية تصل تكلفتها إلى 5آلاف جنيها للمريض الواحد ..فى حين أن أغلب هؤلاء لا يملكون قوت يومهم كما إن مرضهم يمنعهم من التحرك وركوب المواصلات فهذا يعرضهم لخطر النزف .

فيما يؤكد “أحمد صبحى “المحامى”رئيس الوحدة القانونية لجمعية الحق فى الدواء أن القانون رقم 10 لسنة 2018 أعطى الحق لكل شخص يتمتع ببطاقة اثبات الاعاقة ولا يخضع لمظلة نظام علاج الحق فى ادراجه ضمن المنتفعين بالتامين الصحى..لكن للأسف هيئات التأمين بالمحافظات لم تفعل هذا القانون وادراج ذوى الهمم ضمن المنتفعين بخدمات التأمين الصحى..وأوضح أن هناك فتوى من الجمعية العمومية التشريعية بمجلس الدولة تقول أن اى مواطن حاصل على بطاقة الخدمات المتكاملة من حقه الانتفاع بخدمات التأمين الصحى.

التأخير قصاده حياة..

حالة الرعب التى يعيشها مرضى الهيموفيليا فى مصر دفعت النائبة رقية الهلالى عضو مجلس النواب تطالب بحق هؤلاء المرضى فى العلاج بشكل لائق بدون ذل أو مهانة ..وطالبت النائبة بعمل بروتوكول متكامل للعلاج وتوفير الفاكتور المخصص للحالات بأماكن قريبة كع اتاحة الاطباء المتخصصين بالمحافظات ,وتخصيص مستشفيات متعددة لتلقى جرعات العلاج المخصصة لكل مريض بالمحافظات تخفيفا على المرضى من الانتقال لمسافات بعيدة لتلقى الجرعة وقت النزف ..وحصر الاعداد الفعلية وتوفير الجرعات المناسبة ..وتوفير البرتوكول الوقائى الذى يطالب به المرضى منذ سنوات للعلاج المبكر لمنع انتشار الوباء .

العلاج الوقائى

ورغم اتفاق العالم أجمع على أهمية العلاج الوقائى لمرضى الهيموفيليا كما اتفق جميع استشارى وأطباء أمراض الدم على إنه بمكن لمريض الهيموفيليا أن يحيا بشكل شبه طبيعى مع نظام العلاج الوقائى ..فيما أكد د”حسام عبد الغار”المتحدث الرسمى لوزارة الصحة والسكان أن الوزارة تولى اهتماما خاصا بأمراض الدم حيث وصل عدد لجان أمراض الدم على مستوى الجمهورية إلى نحو 18 لجنة بالاضافة إلى أن هيئة التأمين الصحى افتتحت أول مركز لعلاج ورعاية مرضى الهيموفيليا فى مستشفى أطفال مصر منذ عام 2018 ,كما ان الهيئة استحدثت بروتوكولات وأساليب علاجية وفقا للمعايير العالمية وتمثلت فى ادراج العلاج الوقائى للحفاظ على حياة هؤلاء المرضى مشيرا إلى اعتماد بروتوكول لتطبيق العلاج الوقائى لكافة المرضى حسب الفئات العمرية طبقا للجرعات المناسبة والتى تتراوح ما بين جرعة كل أسبوعين ألى جرعة واحدة كل شهر ليفف المعاناة على المرضى من كثرة التردد على المستشفيات…إلا أن هذه البروتوكولات لم تطبق على أرض الواقع حتى الآن ؟!

أكدت د”نجلاء شاهين “أستاذ أمراض الدم للاطفال”على أهمية التوعية للمجتمع على خطور مرض الهيموفيليا مثل مريض السرطان الذى يأخذ اهتمال كبير من المجتمع والناس فمريض الهيموفيليا يعانى طوال حياته منذ مولده حتى وفاته..سيظل ينزف اذا لم يجد له علاج .

وأضافت هناك تحديات عديده يواجهها مريض الهيموفيليا خاصة الطالب عندما تنتهى سنوات دراسته ويتم خروجه من تحت مظلة التأمين الصحى بالرغم من انه مازال مريضا ,فالطفل يجد نفسه تحت مظلة التأمين أما الكبار من الشباب فهم لا يجدون سوى المجالس الطبية واستخراج قرارات العلاج على نفقة الدولة..كما يعانى مريض الهيموفيليا من التجلطات رفم سيولة الدم ويعانوا من السمنة لعدم الحركة ..وآلام المفاصل..فاحيانا لا يجد المريض المراكز العلاجية فى المحافظات بخلاف القاهرة والاسكندرية ..فاحيانا لا يجد مركز لعلاج الهيموفيليا إلات على بعد 300 كيلو ..

وأشارت إلى أن العلاج الوقائى سيرحم كثير من الامهات من الطلاق لأن أغلب الامهات التى لديها طفل مريض بالهيموفيليا يتركها زوجها وتصبح غير قادرة على رحلة العلاج بمفردها ..كما إنه ينقل المريض إلى شبه طبيعى قادر على ممارسة الحياة وممارسة العمل والدراسة..فهذا العلاج رغم تكلفته الباهظة على الدولة ولكنه ينقل الاطفال إلى الحياة الطبيعية,ويرحمهم من المعاناة والا

لم طوال حياتهم.

 

التعليقات متوقفه