مع اقتراب خروج استراتيجية النهوض بالصناعة للنور…اقتصاديون: دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير مسلتزمات الإنتاج.. أولوية قصوى

17

 

أحمد خزيم: تقديم حوافز حقيقية للشركات.. وتحليل دقيق لبيانات الواردات

عمرو فتوح: منح مزايا للمشروعات التي تساهم في خفض الفاتورة الاستيرادية

مصطفى بدرة: توفير التمويل الميسر.. وتقديم الدعم للمصانع لتسويق المنتجات

 

تحقيق: محمد مختار

في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة التي تواجهها العديد من الدول، تبرز الحاجة الملحة لوضع استراتيجيات فعالة لدعم الصناعة المحلية وتعزيز قدرتها التنافسية، وهو ما تعكف عليه الحكومة خلال هذه الفترة، حيث يؤكد خبراء الاقتصاد، أن استراتيجية دعم وتوطين الصناعة ستتحقق عندما يكون «الإنتاج» هو العنوان الأساسي للمرحلة المقبلة، مشددين على أهمية تطوير استراتيجية تعتمد على تأمين إمدادات المواد الخام وتحليل فاتورة الواردات بشكل دقيق، وتحسين بيئة العمل من خلال تشريعات مشجعة، دعم حاضنات الأعمال، وتوفير خريطة استثمارية واضحة توضح أبرز الصناعات والمناطق التي تمثل فرصاً استثمارية واعدة، بجانب ضرورة دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر باعتبارها الأساس لخلق بيئة صناعية قوية، فضلا عن توفير التمويل الميسر، وإتاحة أراضٍ صناعية مجهزة، ومساعدة المصانع في تسويق منتجاتها.

استراتيجية النهوض بالصناعة

وكان قد أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن هناك استراتيجية كاملة لقطاع الصناعة، والحكومة في سبيلها لوضع اللمسات الأخيرة لها، مؤكدا أن الخطوة الأهم في مجال الصناعة هي اتخاذ قرار مهم بعدم صدور قرار بغلق أية منشأة صناعية، إلا من خلال نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، بعد العرض على رئيس الوزراء، لافتاً إلى أن شغل الحكومة الشاغل خلال الفترة المقبلة هو تشجيع مختلف المنشآت الصناعية على العمل.

وتتضمن أبرز ملامح الاسترتيجية الجديدة، تحويل مصر لمركز صناعي إقليمي، من خلال سد الفجوة الإنتاجية في السوق المحلي، وتقليل الواردات التي تزيد على 70 مليار دولار، وزيادة الصادرات، وذلك من خلال 7 محاور رئيسية، ويتمثل المحور الأول في إنشاء مصانع جديدة من أجل تلبية احتياجات السوق المحلية، حيث تم تحديد 152 فرصة استثمارية في هذا الصدد، يجري حاليًا دراستها لتحديد الأولويات، خاصة تلك التي تعتمد على خامات متوفرة محليًا.

ويتمثل المحور الثاني في زيادة القاعدة الصناعية من خلال تطوير وتوسيع المصانع القائمة في قطاعات الحديد، والألومنيوم، والغزل والنسيج، ومواد البناء من السيراميك والرخام والكهرباء؛ بهدف زيادة الإنتاج وتوجيهه للتصدير.

والمحور الثالث يرتكز على إعادة تشغيل المصانع المتعثرة والمغلقة، من خلال حل المشكلات الفنية والإدارية التي تواجهها، مثل تراخيص التشغيل، والاشتراطات البيئية، وتوفير اشتراطات السلامة والحماية من الحرائق، ويهدف المحور إلى تحسين جودة المنتج المصري لتمكينه من منافسة المنتجات المستوردة في الأسواق المحلية والخارجية، مع تقديم أسعار تنافسية.

والمحور الخامس يهدف إلى توفير فرص عمل جديدة من خلال إنشاء مصانع جديدة وتشغيل المصانع المتعثرة، للوصول لـ 7 إلى 8 ملايين عامل في القطاع الصناعي بحلول عام 2030، مقارنة بـ 3.5 مليون عامل حاليًا، ويرتكز المحور السادس على الاهتمام بالتدريب والتأهيل من خلال استغلال 41 مركز تدريب تابعة للدولة؛ بهدف تأهيل عمالة ماهرة ومدربة قادرة على العمل بكفاءة عالية، ويركز المحور السابع والأخير على مواكبة التطور التكنولوجي من خلال تبني التحول الرقمي والدخول في مجال الصناعات الخضراء.

الصناعة المحلية

أكد الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، أن المرحلة المقبلة يجب أن تُركز على “الإنتاج” لتجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة، مشددا على ضرورة تعزيز الصناعة المحلية ورفع الناتج المحلي من خلال تشجيع العوامل التي تسهم في تحقيق هذا الهدف.

وأضاف «خزيم»: يتطلب تجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية تضافر جهود الجميع لزيادة الإنتاجية، حيث يجب على الدولة تقديم حوافز حقيقية للشركات المحلية وتعزيز استثماراتها في قطاعات استراتيجية، كما يجب العمل على تحسين جودة التعليم الفني وتطوير مهارات القوى العاملة لتلبية احتياجات الصناعة الحديثة.

وتابع الخبير الاقتصادي، انه من الضروري أيضاً تبسيط الإجراءات البيروقراطية لتسهيل عملية بدء الأعمال ودعم الابتكار في القطاع الصناعي، قائلا: بإمكاننا تحقيق قفزات كبيرة في الاقتصاد إذا ركزناعلى دعم الصناعات المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات.

وأضاف، أن الصناعة المحلية تحتاج إلى دعم بصورة مستدامة لتمكينها من التنافس على مستوى عالمي، حيث يتطلب ذلك توفير التمويل بأسعار فائدة ميسرة وتقديم تسهيلات للبحث والتطوير، بجانب تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص والذي يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير في هذا الأمر.

وأشار «خزيم» إلى أنه يجب علينا الاستثمار في البنية التحتية لتسهيل حركة اللوجستيات مما سيكون له دور محوري في خفض تكاليف الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية، قائلا إن التنمية الاقتصادية تتطلب رؤية استراتيجية طويلة الأمد تركز على الابتكار والتكنولوجيا.

وشدد الدكتور أحمد خزيم على أن توطين الصناعة يتطلب التركيز على محورين أساسيين: الأول هو تطوير استراتيجية قائمة على تأمين إمدادات المواد الخام، بينما الثاني يتعلق بدراسة فاتورة الواردات بعمق لتقليل الاعتماد عليها وتحفيز الإنتاج المحلي.

وتابع: لضمان نجاح استراتيجية توطين الصناعة، يجب أيضا تعزيز التعاون لتأمين سلاسل الإمداد، بجانب تحليل بيانات الواردات بدقة والتي ستمكننا من تحديد المجالات التي يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي فيها، مضيفا أنه من المهم أن تكون هناك خطط لتحفيز البحث والتطوير في القطاع الصناعي، لتشجيع الابتكار والارتقاء بجودة المنتجات المحلية، كما يجب دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لتكون قادرة على المنافسة في السوق.

وأشار «خزيم» إلى أنه لا بد من بناء شراكات مع الجامعات ومراكز البحث لتعزيز القدرات التقنية وتطوير مواد خام جديدة، مؤكدا أن تحقيق هذه الأهداف سيسهم في تقليل الاعتماد على الواردات بصورة كبيرة.

وشدد الخبير الاقتصادي، على أهمية وجود تشريعات تعمل على تهيئة بيئة الصناعة، مشيراً إلى ضرورة تشجيع حاضنات الأعمال لتقديم الدعم اللازم للمشروعات الناشئة، مؤكدا أهمية وضع خريطة استثمارية توضح أبرز الصناعات والمناطق التي تمثل فرصاً استثمارية ناجحة.

وأضاف: يجب أن تكون هناك آلية واضحة لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، حيث تعتبر هذه الفئة من المشاريع حجر الزاوية في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وكذلك دعم القطاع الخاص من خلال تحفيز الابتكار وتوفير التمويل والمساعدة الفنية والتي سيكون لهذا القطاع تأثير كبير في تعزيز النمو الاقتصادي.

وقال الخبير الاقتصادي إن توفير بيئة تشريعية مشجعة وتعزيز حاضنات الأعمال سيؤديان إلى جذب المزيد من الاستثمارات وتعزيز قدرة الصناعة المحلية على المنافسة، حيث يجب علينا العمل على تطوير السياسات التي تدعم النمو المستدام وتوفر الأسس اللازمة لنجاح المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

مستلزمات الإنتاج

أكد عمرو فتوح، نائب رئيس لجنة الصناعة والبحث العلمي بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن الخطوة الأولى نحو تعزيز قطاع الصناعة تبدأ بتخفيف الأعباء المالية والإدارية التي تثقل كاهله، موضحا أن هناك تكاليف مرتفعة تؤثر سلباً على القدرة الإنتاجية للصناعة المحلية، بما في ذلك الضرائب والرسوم والإجراءات الروتينية، فضلا عن والاستمرار في تدبير العملة الصعبة لتوفير مستلزمات الإنتاج.

وشدد فتوح على ضرورة اتخاذ إجراءات فعالة لتقليل هذه الأعباء وتحسين بيئة العمل للصناعة، مما سيساهم في زيادة الإنتاجية وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة المحلية.

وشدد نائب رئيس لجنة الصناعة والبحث العلمي بجمعية رجال الأعمال المصريين، على أهمية تركيز الدولة على توفير مستلزمات الإنتاج محلياً لتقليص الفجوة الكبيرة في هذا المجال وتوفير الدولار، داعيا إلى تدشين مصانع كبيرة متخصصة في إنتاج مستلزمات الصناعة، مع وضع قائمة بأبرز الصناعات التي يتم استيرادها، والبدء فوراً في توطين صناعتها.

وأشار فتوح إلى ضرورة أن تكون هذه الصناعات ذات أولوية في إصدار التراخيص الجديدة، مع تجنب العشوائية في فتح مصانع ومشروعات جديدة، مؤكدا أهمية اتباع استراتيجية متكاملة تحددها الدولة، مع منح مزايا للمشروعات التي تساهم في تقليل الفاتورة الاستيرادية وتخفيف الضغط على العملة الصعبة.

أضاف نائب رئيس لجنة الصناعة والبحث العلمي بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن المصانع واجهت تحديات كبيرة خلال الفترة الماضية بسبب أزمة الدولار وصعوبة توفير مستلزمات الإنتاج، مشيرا إلى أن التسهيلات التي تم تقديمها للمستثمرين، مثل الرخصة الذهبية، ينبغي أن تكون أمراً طبيعياً وليس استثناء لجذب المستثمرين، بصرف النظر عن جنسيتهم.

المشروعات المتوسطة والصغيرة

وأكد الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، أن استراتيجية توطين الصناعة تهدف إلى خلق فرص عمل جديدة وتسهيل حركة الصناعة، مؤكدا أهمية توفير متطلبات ومدخلات الإنتاج بأسعار معقولة لتمكين الصناعات من التنافس وزيادة نشاط التصنيع.

وأضاف «بدرة» أنه يجب أن تكون هناك رؤية واضحة لدعم المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، إذ يشكل ذلك أساسا لخلق بيئة صناعية قوية وشاملة.

وتابع الخبير الاقتصادي: تشجيع المنتج المحلي والتوسع في التصنيع يعتمد على عدة عناصر أساسية، أبرزها توفير التمويل الميسر وإتاحة أراضٍ صناعية كاملة المرافق، كما يجب تقديم الدعم للمصانع في تسويق منتجاتها بفعالية، مشيرا إلى أن هذه العوامل تشكل الأسس الجوهرية لتوطين الصناعة وتعزيز قدرتها على النمو والتنافس.

وأضاف بدرة أن هناك صناعات مستهدفة كفرص استثمارية يجب منحها الأولوية، ولكن من الضروري أولاً تحديد مدخلات الصناعة التي تسهم في تسهيل حركة التصنيع، موضحا أن صناعات التكنولوجيا ينبغي أن تكون على رأس هذه الأولويات، حيث إن إنشاء بيئة عمل تكنولوجية حديثة سيؤدي إلى عوائد كبيرة، بما في ذلك توفير العملة الصعبة وفتح مجالات عمل جديدة.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أنه يجب العمل وفقاً للمعطيات الحالية وتحديد مكونات الصناعات التي ينبغي التركيز عليها، مثل صناعة المركبات وغيرها، مضيفا أن المبادرات الرئاسية والتيسيرات التي تقدمها الدولة تهدف إلى خلق بيئة عمل ملائمة تشجع المستثمرين، ولكن من الممكن أن تستغرق بعض الوقت لتحقيق النتائج المرجوة.

التعليقات متوقفه