كيف تكتفى مصر ذاتيًا من الغذاء؟.. وضع استراتيجية لزيادة إنتاجية المحاصيل.. التوسع الأفقى فى الزراعة.. واستصلاح الأراضى

590

تحقيق: محمد صفاء الدين

تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر حكاية وطن عن المشروعات التي شرع فى انجازها على مدار 4 سنوات من حكمه،قائلا شرعنا فى إقامة مشروع عملاق هو استصلاح وزراعة مليون ونصف المليون فدان وذلك فى إطار خطة طموح تستهدف استصلاح 4 ملايين فدان وهو ما يعادل قرابة نصف مساحة الرقعة الزراعية التي امتدت على أرض مصر منذ عمق التاريخ إضافة إلى مشروع أخر لإنشاء 100 ألف صوبة زراعية تعادل فى إنتاجها مليون فدان.

وأضاف السيسي انه مع كل ذلك شرعنا فى إقامة مشروعات كبرى للاستزراع السمكي بشمال الدلتا وشرق القناة بجانب مشروعات ضخمة لمزارع الإنتاج الحيواني والدجاجي، وغايتنا من كل ذلك هي توفير الاحتياجات الغذائية للمواطنين والقادمين الجدد من المواليد فى بلد يعتمد على الاستيراد فى جانب كبير من غذائه كذلك زيادة المعروض من المحاصيل والخضر والفاكهة واللحوم والأسماك للحد من أسعارها بل وتخفيضها بجانب توفير الملايين من فرص العمل فى التجمعات الزراعية الصناعية التي نقيمها حول مشروعات الاستصلاح والاستزراع السمكي والثروة الحيوانية.
وأشار الرئيس إلى أنه فى ذات الوقت أولينا اهتماما كبيرا بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة وقطعنا شوطا وخطوات واسعة فى إنشاء مدن صناعية متخصصة كمدينة الجلود بالروبيكى ومدينة الأثاث بدمياط وغيرها، كما خصصنا 200 مليار جنيه قروضا ميسرة للشباب من البنوك بفائدة مخفضة لا تتجاوز 5% لتوفير التمويل اللازم لهم لإنشاء مشروعات صغيرة منتجة تفتح لهم مصادر الرزق وتوفر لغيرهم فرص عمل واسعة.
مصر تستورد
التقارير تقول إن مصر الأولى عالميا فى استيراد الأسماك المجمدة، حيث تستورد حوالى نصف مليون طن سنويا بما يقارب الـ 400 مليون دولار سنويا رغم وجود 200 مصنع للأسماك فى مصر.. أضاف التقرير، أن أخر احصائية من وزارة الزراعة أكدت أن مصر تنتج سنويا مليون و100 الف طن من الأسماك، ولا يكفى الاستهلاك المحلى فتضطر إلى استيراد ما يقرب من 500 الف طن سنويا، وأن أبرز الأسماك المجمدة المستوردة هى الهارنج والماكريل والسردين والباسا.
تستهدف مصر استيراد نحو 6.2 مليون طن من القمح للعام المالى الحالي 2017/2018، وذلك بعد عدم تحقيق المطلوب من القمح المحلي الذي حصلت عليه مصر 3.4 مليون طن، فى حين أن استهلاك مصر من القمح 9.6 مليون طن سنويا.
وفى السكر بحسب آخر الإحصائيات إنتاج مصر من سكر القصب والبنجر، بلغ حوالى 2.2 مليون طن، من إجمالى الاستهلاك المحلى من السكر الذي بلغ نحو 3.1 مليون طن سنوياً، وتستورد مصر حوالى 900 ألف طن من السكر لسد احتياجاتها فى الموسم الواحد.. وبحسب وزارة التموين تستورد مصر 97% من زيت الطعام المرتبط بسعر الدولار الذي سجل فى الفترة الأخيرة 17.80 جنيه فى ظل اعتماد الصرف على سياسة العرض والطلب التي اقرها البنك المركزي منذ تعويم العملة المحلية فى 3 نوفمبر 2016.
تكلفة الاستيراد
ووفقا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى أحدث نشراته حول حجم التجارة الخارجية لمصر خلال الفترة من يناير – أكتوبر 2017، بلغ حجم الواردات فى تلك الفترة المشار إليها من العام المنتهى 53.884 مليار دولار، مقابل 58.048 مليار دولار فى الفترة المماثلة من 2016.
الواردات غير البترولية تقلصت من إجمالى حجم استيراد الدولة خلال الأشهر العشرة الأولى من 2017، حيث تراجعت واردات مصر غير البترولية إلى 49.6 مليار دولار فى الفترة من يناير – أكتوبر 2017، بعد أن سجلت 54.8 مليار دولار خلال الفترة من يناير – أكتوبر 2016.. وذكر الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء أن واردات مصر من المواد الخام جاءت بإجمالى بلغت قيمته 5.7 مليار دولار، استوردت الدولة مواد خام متضمنة، قمح بقيمة 2.1 مليار دولار، وذرة بقيمة 1.4 مليار دولار، وفول صويا بقيمة 741.8 مليون دولار، وسمسم بقيمة 29.5 مليون دولار، وتبغ ورق دخان بقيمة 59.5 مليون دولار، وكبريت خام بقيمة 33.3 مليون دولار، وصلصال صينى بقيمة 39.9 مليون دولار، ورخام وجرانيت بقيمة 31.7 مليون دولار، خامات حديد ومركزاتها بقيمة 671.5 مليون دولار، وخامات ألومنيوم ومركزاتها بقيمة 1.6 مليون دولار.
المواجهة
قال الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، والباحث الزراعي، إن مصر تستورد بما يقارب 60 مليار دولار سنويا وهذا رقم كبير فى ظل وجود أزمة فى العملة الصعبة، مشكلتنا أن لدينا فجوة كبيرة فى السلع الغذائية والزراعية بين الانتاج والاستهلاك، حيث أننا نستورد 60% من القمح و40% من اللحوم و98% من الزيوت، و جميع مكونات العلف وتشير التقارير أن مصر تستورد 75% من احتياجاتها الغذائية من الخارج.
وأضاف لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء لابد أن يتم تولية جانب كبير من الاهتمام للزراعة ووضع استراتيجية لزيادة انتاج القمح والذرة وجميع المحاصيل الاستراتيجية لأن لدينا مشكلة فى أن معدلات تزايد الزراعات والسلع الاستراتيجية لا تتواكب مع معدلات زيادة السكان سنويا يوجد زيادة سكانية بمقدار 1.9 مليون نسمة لا تقابلها زيادة فى الزراعة.
وأكد أن الدولة لا تعطي الاهتمام الامثل للزراعة بل للاستيراد حيث أن أسعار الاستيراد اقل من تكلفة الانتاج المحلي وهو ما يجعل القائمين على الدولة يتوجهون للاستيراد ويتجاهلون الزراعات والصناعات المحلية والتي إذا تم الاهتمام بها ستحل مشكلة البطالة، ولذلك لابد من تحسين القدرة التنافسية بين المحلي والمستورد.
وأشار إلى أن هناك منتجات يتم استيرادها لا توجد لها بدائل فى مصر و يزداد عليها الطلب مثل المبيدات والادوية ولذلك لابد من الاهتمام بهذا الجانب لكي يكون هناك بديل محلي لها يسمح بتقليل الاستيراد منها، موضحا ان تحقيق الاكتفاء الذاتي لن يتم إلا عبر آليات ضخمة واهتمام كبير من الدولة.
تخفيف العجز
فى نفس السياق قال الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن مصر لديها عجز فى الغذاء فقط بقيمة 40% من السلع الاستراتيجية الأساسية كالقمح والذرة والسكر يتم استيرادها من الخارج، مؤكدا انه لا يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي السريع لأن العجز يتزايد سنويا بتزايد السكان، مع ثبات الموارد الزراعية الارض والمياه امام الزيادة السكانية.
وأضاف صيام لـ “الأهالي” أن الحل فى التوسع الافقي عن طريق زيادة القدرة الانتاجية للأراضي الحالية حتى يمكن تخفيف الفجوة الغذائية الموجودة بالاضافة الى مشاريع انتاجية مثل زيادة انتاج الاسماك فهذا أمر جيد، أما بخصوص مشروع المليون ونصف المليون فدان فلدي عليه تحفظ بسبب تكلفته المرتفعة ولذلك لن يزرع محاصيل استراتيجية بل محاصيل الخضراوات والفاكهة وهي موجودة لدينا ونصدر منها للخارج، فإذا اردنا تقليل الفجوة الغذائية علينا مضاعفة الاستثمارات فى الزراعة القائمة بدلا من افتتاح مشاريع جديدة فى الصحراء بتكلفة عالية.
وأكد أن الأمن المائي مرادف للأمن الغذائي، ولذلك حاليا لدينا عجز مائي بقيمة 20 مليار متر مكعب يقابله 40% عجزا غذائيا فإذا زاد العجز المائي زاد العجز الغذائي ولذلك يجب على الدولة الاهتمام بحل أزمة ومشكلة سد النهضة.

التعليقات متوقفه