العدالة الاجتماعية غائبة فى الموازنة الجديدة د.جودة عبد الخالق: الفقراء والطبقة الـوسطى يتحملون تكاليف الإصلاح الاقتصادى

450

أعدت الملف: شيماء محسن

غابت برامج العدالة الاجتماعية عن الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد 2018/2019، رغم تنفيذ أكثر من نصف برامج الإصلاح الاقتصادي، ومن المتوقع وفقا لتنفيذ النصف الثاني من برنامج الإصلاح الاقتصادي، رفع الدعم عن كل المواد البترولية والكهرباء، فتحريك الأسعار أصبح قرارا اعتياديا بالنسبة للحكومة، خاصة أنها بدأت فى الإعلان التدريجي لرفع الأسعار، وبالتالي موجة جديدة من ارتفاع الأسعار ستشهدها البلاد خلال الفترة المقبلة، مما يزيد من الأعباء على المواطنين، واستمرار تدهور الأحوال المعيشية.
فإجمالي ما يحصل عليه الفقراء والطبقات المتوسطة من دعم فى الموازنة الجديدة، يتآكل من خلال السياسة المالية، التي تتبعها الحكومة، مما يدل على تجيز الحكومة للأغنياء على حساب الفقراء، والتهمت أعباء خدمة الدين نحو 40% من الموازنة الجديدة، فى حين انخفضت نسبة الأجور فى الموازنة،رغم ارتفاعها رقميا، بالإضافة إلى أن دعم المواد البترولية انخفض من 110مليارات جنيه العام الماضي إلى 89 مليار جنيه، بنسبة تخفيض 19%، وأيضا تم انخفاض دعم الكهرباء من 30 مليار جنيه العام الماضي إلى 16 مليار جنيه، بنسبة تخفيض 47% عن العام الماضي وهو ما يدل أيضا على المزيد من ارتفاع أسعار الكهرباء. فهذه السياسات تؤدى إلى المزيد من الإفقار وتدهور مستوي معيشة المواطنين، وبدلا من حمايتهم تقلص المخصص لقطاع الحماية الاجتماعية 2 مليار جنيه عن العام الماضي، كما أن زيادة المخصص لدعم السلع التموينية لا يرجع لزيادة حصة الفرد والكميات التي يحصل عليها بل يرجع للاعتماد على استيراد معظم احتياجاتنا الغذائية وخضوعنا لمافيا الأسواق وتقلبات أسعار الصرف، بل وظل دعم المزارعين ودعم الأدوية وألبان الأطفال، ثابت بنفس قيمة العام الماضي والتي تعني التخفيض لو تم ربطها بمعدل التضخم وسعر الصرف.

قال د. جودة عبد الخالق، وزير التموين الأسبق وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن الحكومة والبرلمان الحاليين تجاهلا مطالب ثورة 25 يناير، التي نادت “بالعيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية “، حيث وافق مجلس الشعب، على قانون زيادة معاشات ومرتبات الوزراء، وتجاهل الطبقات المتوسطة ومحدودي الدخل، وموافقته على مشروع الموازنة العامة للعام الحالي 2018/2019، موضحا أن العالم بأكمله ينادى لإعلاء مبدأ الشفافية، ولكن الحكومة تقضى على هذا المبدأ، فحتى الآن تتم مناقشة الموازنة داخل أروقة مجلس النواب، دون الإعلان عن تفاصيلها حتى على الموقع الرسمي لوزارة المالية.

وأكد، أن الحكومة حملت الطبقة الوسطى والفقراء، تكاليف ما يسمى بالإصلاح الاقتصادي، مبينا أن أهم ما يخص الفقراء فى الموازنة، هو “هيكل الأجور، الدعم”، ولكن هناك بنود أخرى، تلقى الضوء على سياسة الحكومة فى عدم المساواة، البند الأول هو الفوائد والبند الثاني هو شراء السلع. وتابع، أن الأجور فى الموازنة الجديدة، تقدر بـ 266 مليار بنسبة 16% من المصروفات، وارتفعت عن العام الماضي بنسبة 10%، موضحا أن معدل التضخم من المقدر له أن يصل إلى 13%، مما يدل على أن زيادة الأجور أقل من معدل التضخم، وبالتالي فإن الأجور الحقيقية للعاملين فى الدولة،ستنخفض وفقا لآليات السوق وبدون قوانين، وهذا لا يحقق العدالة الاجتماعية، فحصة الأجور فى المصروفات العامة للموازنة، تتناقص منذ 2016 ومن قبلها.
أما فيما يخص الدعم، والذي يقدر 332 مليار جنيه، بما يمثل 23% من المصروفات العامة، مما يدل على أن الزيادة مقارنة بالأعوام السابقة ضئيل جدا، وبالتالي فالدعم ثابت عند هذا الرقم “ 23% “، وبما أن معدل التضخم المتوقع 13%، فإن قيمة الدعم ستنخفض، مما يدل على أن ما تقدمه الحكومة من دعم عيني أو نقدي مشروط وغير مشروط، فالقيمة الحقيقية لهم تنخفض.
وأضاف جودة، أن ما يحصل عليه الفقراء من دعم، يتآكل من خلال السياسة المالية، التي تتبعها الحكومة، وهذا يوضح تجيز الحكومة للأغنياء على حساب الفقراء، مبينا أن الفوائد، والتي تمثل 541 مليار جنيه، بما يعادل 38% من المصروفات، مما يدل على أن ما يدفع للفوائد أكثر من ضعف ما يخصص للأجور.
وتابع، أن مشروع الموازنة يتم عرضه بصورة مضللة، فالقروض سواء محلية أو دولية، تترتب عليها نوعان من الالتزامات، النوع الأول هو دفع الأقساط، والنوع الثاني هو الفوائد، فالمطروح فى الموازنة هو بند الفوائد فقط بقيمة 5 مليارات جنيه، وبالتالي يتم حساب العجز دون النظر، للنوع الثاني من الالتزامات وهو أقساط القروض، حيث أن قيمتها من المتوقع أن تصل إلى 276 مليار جنيه.
وأشار، إلى أن إجمالي الأقساط مع الفوائد، يقدر بحوالي 817 مليار جنيه، وهى الالتزامات خدمة القروض من أقساط وفوائد، مما يدل على أن أكثر من نصف الإنفاق “ 48” فى الموازنة العامة للدولة، موجه لسداد أقساط وفوائد القروض.
أما فيما يخص دعم الطاقة، فالحكومة تحسب الدعم وفقا لتكلفة الإنتاج مطروح منه ما يدفعه المستهلك سواء فى الكهرباء أو مشتقات البترول، مؤكدا عدم وجود شفافية فى تحديد تكلفة الإنتاج، لان الجهة المسئولة عن هذا التحديد هي نفس الجهة المنتجة.

التعليقات متوقفه