بعد توجيهات الرئيس السيسى بحملة الكشف عن المخدرات: إجراء تحليل مفاجئ للعاملين بالدولة.. والحملة سلاح ردع لحماية الشباب

■ حسنين عبيد : سرعة تطبيق القانون وتسليط الضوء على الوقائع المضبوطة ■ أحمد أبو العزايم : 3 شهور كافية تماما، للمتعاطي

741

أصبح تحليل المخدرات، إجباريا داخل القطاع الإداري للدولة، بعد توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، بإجراء تحليل المخدرات العشوائي للموظفين، فى أعقاب حادث حريق محطة مصر الأخير فى إطار سعي الدولة للحفاظ على بيئة خالية من الإدمان، وتطبيقا لنص المادة 177 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، بإجراء التحاليل الطبية الخاصة بكشف متعاطي ومدمني المخدرات من موظفى الجهاز الإداري للدولة، وإذا ثبت تعاطي أي موظف للمخدرات بكل أنواعها سيتم منح الموظف فرصة أخيرة فقط مدتها 3 شهور وإذا لم يستجب ولم يتمنع عن تعاطي المخدرات يتم إنهاء خدمته فورا، الأمر الذي يثير تساؤلات حول تلك الإجراءات الرادعة وهل يعد الفصل عن العمل هو الوسيلة المناسبة لضمان عدم العودة إلى الإدمان مرة أخرى.
وتشير الإحصائيات التي أعدها الصندوق القومي لمكافحة الإدمان إلى أن معدلات التعاطي فى مصر خلال عام 2017 وصلت إلى أكثر من 10% وهي نسبة تمثل ضعف المعدلات العالمية كما أن نسبة التعاطي بين الذكور 72%، بينما بين الإناث بلغت 27%، وأكثر أنواع المخدرات انتشارا بين المدمنين هي أقراص الترامادول بنسبة 51.8 % ويأتي فى المرتبة الثانية الهيروين بأكثر من 25 % ويليه الحشيش بنسبة نحو 23 %.
كما أثار تقرير مؤشر الأعشاب weed index 2018، الصادر عن وكالة “ ايه بي سي دي” الألمانية للخدمات الإعلامية، أن القاهرة احتلت المركز الخامس ضمن قائمة مدن العالم الأكثر استهلاكا للحشيش، بعد تقديرات باستهلاكها قرابة 32.59 طن حشيش فى عام 2018، بالرغم من أضراره المعروفة التي قد تصل إلى الإصابة بالسرطان.
إعطاء مهلة
ومن جانبه، قال دكتور أحمد ماضي أبو العزايم، رئيس الجمعية المصرية للصحة النفسية، إن تعاطي المخدرات جريمة، تعاقب ب 3 سنوات سجن، ففى العالم جريمة التعاطي، إذا ثبت بعد التحليل أن الموظف فى جسمه نسبة صغيرة من المخدر، يتم إعطاؤه مهلة 6 شهور للعلاج،وإذا لم يتم العلاج يتم فصله نهائيا من العمل وتحويله للمحاكمة، وكذلك الطلاب بالمدارس والجامعات.
وأضاف أن 3 شهور كافية تماما، لكي يستطيع المتعاطي أن يأخذ العلاج الخاص به، حيث أنه يوجد حالات يتم علاجها فى فترة لا تتجاوز 15 يوما من خلال وسائل العلاج الحديث، التي تشمل أدوية بجانب التعامل النفسي وهو الأمر الذي يجعل المريض بلا حاجة إلى التعاطي مرة أخرى.
وشدد على ضرورة التفرقة بين ما يسمى بالتعاطي الإيجابي والتعاطي السلبي، فالمتعاطي السلبي هو الشخص الذي تعرض للدخان فقط بدون قصد منه، بينما المتعاطي الإيجابي هو الذي يتعاطى بقصد، لافتا إلى أنه يجب مراعاة التفرقة بين الطرفين، حتى لا يؤدي ذلك إلى مشاكل، لمن يتعرض للدخان فقط.
وتابع أن أسباب تعاطي المخدرات واتجاه الكثير من الأشخاص لها كثيرة ومتنوعة، فالأسباب التي تؤدى إلى توجه الشخص نحو الإدمان، قد تكون أسباب عائلية أو اجتماعية أو اقتصادية، ولكن جميعها ما هي إلا مبررات فقط للشخص لاتخاذ هذا السلوك، بالإضافة إلى انحدار مستوى التعليم، وغياب الرقابة من الأسرة.
انحدار القيم
كما قال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي والإدمان، إن القرارات التي أصدرتها الحكومة مؤخرا بشأن العاملين بالمصالح والهيئات المختلفة من المتعاطين للمخدرات، وإصدار تشريعات قوانين وتشريعات خاصة بهم تحد من انتشار هذا السلوك، فهي قرارات جاءت متأخرة بعد الانتشار الموسع لكل أنواع المخدرات، مطالبا بضرورة تغليظ العقوبات القانونية على الذين يروجون للمخدرات ويتاجرون فيها.
وأوضح أن السبب الرئيسي لارتفاع نسبة المخدرات، هو انحدار القيم الدينية والأخلاقية والسلوكية والمعرفية، وبالتالي انتشارها بهذا الشكل فى المجتمع، مؤكدا على أن مصر تعرضت لهجمة شرسة بإدخال كميات هائلة من المخدرات خلال السنوات الماضية، لتدمير الهوية المصرية.
وتابع أن الشخص المتعاطي للمخدرات يبحث دوما عن مبرر كي يختبئ وراءه بعد ارتكابه الخطأ فى حق نفسه وحق من حوله، مشيرا إلى أنه فى حالة بحثه عن مبرر قد يكون ناتجا عن مشكلة خاصة أو دخوله مرحلة الاكتئاب، مما يجعله يتعاطى أى نوع من المخدر، كنوع من نسيان المشكلة، وكأن هذا التعاطي سيسهل عليه مواجهة المشاكل، التى يمر بها.
وأضاف أن نسبة تعاطي المخدرات وصلت لأكثر من 21%، ونسبة المدمنين لأكثر من 10 %، وتعد هذه النسبة كارثة كبرى، لأن النسبة العالمية أقل من 5%، مبينا أن سهولة الحصول على المخدر والتراخي فى محاسبة المتعاطين قانونيا، هو ما أدى إلى ارتفاع النسبة بهذا الشكل، بالإضافة إلى أن المدمن يحتاج إلى فترة لا تقل عن 6 شهور، لكي يستطيع أن يقلع ويعود إلى العمل خلال تلك الفترة بعد إجراء التحاليل مرة أخرى، ففصل الموظف من عمله، ليس الحل لهذه المشكلة، فمن الممكن أن يعمل على زيادة انتشار إدمان المخدرات والاتجار فيها نتيجة للبطالة، التي ستجعل هناك تمادي فى تعاطيها والتي تعد أحد المسببات فى اتجاه الشباب للإدمان.
وتابع أن هناك 3 شخصيات يتجهون لتعاطي المخدرات باختلاف أنواعهم وأساليبهم، وهم “ الشخصية السيكوباتية، والسلبية الاعتمادية والشخصية العصبية، حيث إن الشخصية السيكوباتية هي التي تبحث دائما على المبررات وتلقى اللوم على غيرها، خاصة عند الشعور بالانزعاج أو الضيق فأقرب الحلول لديه هو إلقاء المسئولية على غيره.
أما الشخصية السيكوباتية تتصف بأنها ليس لها مشاعر، ولا تمتلك القدرة الخاصة بالشعور بالذنب فى حالة ارتكاب أي خطأ، سواء كان فى حق نفسه أو حق الآخرين، لكن الشخصية السلبية الاعتمادية هي الشخصية التي تعتمد على غيرها فى تحقيق كافة احتياجاتها ورغباتها، لذلك فإن هذا الشخص عندما ينتقل إلى مرحلة الشباب، يواجه العديد من المشكلات والصعوبات، وبالتالي يبحث عن أمر جديد يعطيه الجرأة والقدرة على الإقدام، فيكون أقرب الحلول هو تعاطي المخدرات.
تشريع دولي
أما اللواء رفعت عبد الحميد، مدير إدارة الأدلة الجنائية الأسبق وخبير العلوم الجنائية ومسرح الجريمة، فقال أن فصل العامل بسبب تعاطي المخدرات قرار إيجابي، لأنه يعمل على تطهير قطاع الدولة من السلبيات والمشاكل التي تعتريه والتي يسببها فى العادة من يتعاطى المخدرات ويدمنها، لأن الشخص المتعاطى يكون غير سوي ويوجد لديه مشاكل تتعلق بالانضباط وإنهاء العمل على النحو المطلوب، بالإضافة إلى ضعف وقلة إنتاجه، موضحا أنه يجب أن يكون التطبيق على جميع النواحي وليس على مستوى تحليل المخدرات فحسب بحيث يكون هناك تقييم عام وشامل للأداء فى الجهاز الإداري للدولة ويكون هناك تفعيل لمبدأ الثواب والعقاب.
أشار إلى أن الإدمان يجعل الشخص ضعيف الإرادة، لأنه لا يستطيع تقليل جرعات المخدر، وعند الامتناع عن تعاطي الجرعات، تظهر عليه أعراض الحرمان وهى “ انهمار الدموع، عرق، فقدان شهية، اتساع حدقتى العين، رعشة وقشعريرة “، وتزداد إلى الحمى وارتفاع فى ضغط الدم، وتزول هذه الأعراض فى حالة تعاطي جرعة من المخدر، مبينا أن التجربة هي باب الإدمان، حيث يتم التعاطي بعد ذلك فى شكل جماعي، ثم تعاط منظم، وأخيرا الاعتماد الكلى على المخدر.
وأضاف أن التشريعات العقابية فى قوانين المخدرات، لا تعالج الظواهر الاجتماعية، لذا لا بد من تكاتف المجتمع للقضاء على الظاهرة، مشددا على ضرورة التركيز على دور الأسرة والتعليم فى رفع مستوى الوعي بخطورة المخدرات، كما أنه من الأمور التي تجعل التعاطي شائعا بين هذه الفئات هو اعتبار المنظومة التشريعية “ المدمن “ ليس مجرمًا ومن الحالات المعفاة من العقاب، خاصة أن المشرع اعتبرها حالة مرضية تدمر الفرد والمجتمع.
وطالب بضرورة وجود تشريع دولي، يحد من مكافحة المخدرات عالميا، وذلك إما بتوفير موارد بديلة للدول التي تتعايش على تجارة المخدرات، خاصة الدول الفقيرة مثل أفغانستان وكولومبيا وبعض دول شرق وجنوب شرق أسيا.
سرعة تطبيق القانون
ووافقه الرأي الدكتور حسنين عبيد، أستاذ القانون الجنائي، فقال إن تغليظ العقوبات وخصوصا وضع المواد المخدرة المستحدثة فى القانون، أمر إيجابي، فمنذ ظهور هذه المخدرات وانتشارها بين الشباب وخاصة ما يسمى بـ “ الإستروكس “، مبينا أن تعديلات القانون سوف تقضى على “الإستروكس” وما شبه بعدما تم إضافته فى جداول المخدرات من قبل وزارة الصحة. وتابع أن المخدرات أصبحت ظاهرة خطيرة توثر على الأجيال القادمة وكان لابد من التصدي لها للمحافظة على عقول الشباب من الإدمان، كما أن ظهور مواد مخدرة جديدة أكثر تدميرا لعقول الشباب، أصبح أمرا يستدعى تعديل نصوص قانون المواد المخدرة، مطالبا بضرورة وضع مادة فى التعديل الحالي لأحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات والاتجار فيها، بوضع الشباب فى مصحة للمعالجة الإدمان بدلا من الحبس مع مراعاة إذا تكرر الأمر أن يتم حبسه حفاظا من الدولي على الشباب، لأن الشاب الذي يدرس فى الجامعة أو الثانوية، يكون عقله لم يكتمل نضجه، حتى يتم تدمير مستقبله من خلال عدم وعي وإدراك منه بخطورة تعاطيه للمواد المخدرة.
وشدد على ضرورة سرعة تطبيق القانون وتسليط الضوء على الوقائع المضبوطة لتكون رادعا أمام المتعاطين، ولابد من أن تكون هناك متابعة من جميع الجهات التنفيذية فى الدولة والرقابة الإدارية والجهات الرقابية الخاصة بالرقابة على الصيدليات، مؤكدا أن صرف الدواء من الصيدليات يجب أن يكون من خلال الروشتة المختومة من الطبيب المعالج، حتى لا يتم التلاعب من قبل الصيدليات أيضا.

التعليقات متوقفه