صناعات فى خطر..تخسير شركات الأسمدة بأمر الحكومة..و«الدلتا» نموجًا!!

883

*1200 جنيه خسائر للطن الواحد المورد لـ «الزراعة» و 2000 جنيه عند التصدير..*المعدات بحاجة إلى التطوير منذ 40 عامًا.. وهروب العمالة المدربة..*سعر الغاز للمصانع أعلى من المصدر للخارج!!

*رئيس نقابة الكيماويات: 8 نقاط لإنقاذ صناعة الأسمدة.. وضرورة التكامل بين شركات قطاع الأعمال والقطاع الخاص

*شريف الجبلى: 4.5 دولار للغاز لن يصنع منافسه للمنتج المحلى

*«القابضة الكيماوية»: قدرتنا على المنافسة منعدمة

*رئيس «أبو زعبل للأسمدة»: أسعار الأسمدة تؤثر على المنتجات الزراعية.. ومراعاة البنوك تمويل الأنشطة الصناعية ضرورة

*«صناعة البرلمان»: مناقشة الأزمة قريبًا.. والنظر ببعد اجتماعى للشركات وليس اقتصادى

تحقيق: محمد مختار

طالب اقتصاديون وخبراء الصناعة من الحكومة ضرورة العمل على حماية صناعة الأسمدة، وانقاذها من الانهيار، بعد الخسائر الضخمة التى تتكبدها هذه الشركات، بسبب السياسات الخاطئة التى كانت ومازالت تُتبع فى هذا المجال، فضلا عن تقادم الآلات ونقص العمالة المدربة، مشددين على ضرورة إيجاد كل السُبل لحماية الصناعة الوطنية، وتعظيم فرص التنافسية لها، وهو ما يعود على معدلات النمو وتشجيع الاستثمارات وبالتالى تطوير الاقتصاد.

تحديات

قال عماد حمدى، رئيس النقابة العامة للعاملين بالصناعات الكيماوية، إن هناك عددا من الصعوبات التى تواجه صناعة الأسمدةـ وعلى رأسها ارتفاع سعر الطاقة، منوها إلى اهتمام القيادة السياسية بالتصنيع قائلا “قبل الرئيس السيسي كانت شركات قطاع الأعمال تنزف حتى الموت” ومشددا على ضرورة التركيز على تدريب العمالة، والتكامل بين شركات القطاعين الخاص والعام.

وأضاف رئيس النقابة العامة للعاملين بالصناعات الكيماوية خلال مؤتمر خلال فعاليات مؤتمر “تعميق الصناعة وحماية المنتج الوطنى”، أن صناعة الأسمدة تعرضت للعديد من المشاكل ومنها، ارتفاع سعر الطاقة عن الأسعار العالمية، حيث تمثل الطاقة في تلك المصانع نسبة تتعدى الـ 60%، من مدخلات الصناعة، ويبلغ سعر المليون وحدة حرارية 4.5 دولار.

إضافة الى التوريد للبنك الزراعى منتج اليوريا بنسبة 55% من إجمالى الإنتاج، وبسعر جبرى يقل فى بعض الشركات عن سعر التكلفة بـ1200 جنيه، وأيضا وعدم تنظيم منح الرخص لشركات جديدة فى هذه الصناعة، مما يؤدى إلى وجود المعروض أكثر من احتياجات السوق، وفر وقت لا يستطيع فيه التصدير لارتفاع الأسعار عن مثيلاتها بالخارج بسبب فرض رسم صادر بـ 500 جنيه لكل طن.

وطالب رئيس النقابة العامة، بتطبيق عدد من الحلول للنهوض بصناعة الأسمدة ومنها إعادة النظر فى أسعار الطاقة بما يتوافق مع الأسعار العالمية، حيث أن متوسط السعر العالمى للغاز بالنسبة لصناعة المليون وحدة حرارية 2.55 دولار، وأن يتم محاسبة الشركات على الإستهلاك الفعلى فقط والغاء ما يسمى بالحد الأدنى للاستهلاك.

وتابع، يجب التوريد للبنك الزراعى بأسعار تحقق ربحا لتلك الشركات، وكذلك تنظيم منح التراخيص للشركات الجديدة، فضلا عن تخفيض رسم الصادر حتى تستطيع المنتجات المنافسة في الأسواق العالمية، وأيضا إرسال بعثات علمية للخارج للربط مع كل ماهو جديد فى عالم الصناعة، وتعميق الصناعة المحلية باستخدام الخامات المحلية بأسعار مناسبة.

سعر الغاز

وقال شريف الجبلى، رئيس غرفة الكيماويات باتحاد الصناعات، إن هناك أزمة كبيرة فى الأسمدة الأزوتيه واليوريا، فالغاز الطبيعى مكون أساسى له وعنصر أساسى فى التصنيع وليس كونه محروقات فقط، ونظرًا لارتفاع سعر الغاز المورد، فالصناعة خرجت من المنافسة العالمية، قائلا “سعر 4.5 دولار لا يمكن أن يصنع منافسه للمنتج المحلى، ومضيفًا أن سعر الغاز فى الولايات المتحدة هو 2.6 دولار.

وتابع أن الحل الأمثل هو توريد الغاز وفقًا للمعادلة السعرية، وهذا سينعش صناعة الأسمدة الازوتيه، ولابد من تطبيق سياسة السعر العادل، قائلا أنه يجب أن يكون الأولوية للغاز المنتج هو توجيهه للصناعات المحلية، ويكون أكبر جزء من الغاز موجهًا للصناعة.

وفيما يخص الاسمدة الفوسفاتية، قال إنه يجب النظر إلى تسعير خام الفوسفات، موضحًا أن الهدف من الصناعة هو المنافسة عالميًا ويجب وضع ذلك فى الاعتبار، مضيفًا أنه عندما يتم استخدام اليوريا سماد زراعى يتم إهدار نسبة 40% منه، وأنه يجب على وزارة الزراعة حسن الاستفادة منه وإدخال التكنولوجيا الحديثة فى الزراعة.

التسويق

ومن جانبه، أكد عماد الدين مصطفى، رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، أن عام 2020 سيكون عام الصناعة، وأنه يجب التركيز بشكل أكبر على الاقتصاد الحقيقى من زراعة وصناعة، مضيفًا أن سعر الغاز رغم وصول مصر إلى احتياطات كبيرة من الغاز، ولكن أن يكون هناك خطة استراتيجية واضحة لتعظيم الاستفادة منه فى الصناعة وعمل قيمه مضافة، وعدم إعطاء الأولوية لتصديره.

وتابع، رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، أن صناعة الاسمدة تستخدم الغاز كمادة خام وليس كمحروقات مثل الصناعات الأخرى، ولهذا يجب تطوير هذه الصناعة لتعظيم الاستفادة من الغاز.

وحول مشاكل شركات الأسمدة التابعة لقطاع الأعمال العام ، قال إن هذه الشركات مرت بفترات صعبة جدًا، وعدم التطوير لفترات كبيرة، وهو ما أدى إلى تحقيق هذه الشركات خسائر كبيرة وصلت إلى أرقام فلكية، مضيفًا أنه يتم الآن تطوير الشركات التابعة، ولكن سعر الغاز المورد مرتفع جدًا، نظرا للشركات المنافسة بالدول الأخرى، قائلا قدرتنا على المنافسة بدأت تنعدم، موضحًا أن سعر الغاز يجب أن يصل للمستوى الذى يمكنا من المنافسة.

وشدد على أهمية التسويق، وأنه يجب أن يكون هناك استراتيجية لتوزيع المنتجات وحتى لا تتوقف المصانع، مطالبًا بوجود دعم من الدولة، حيث أن قدرة الشركات الحالية لا تستطيع أن تقوم بعملها، فضلا عن الدور الرئيسى للجنة الصناعة فى مجلس النواب، وهو فتح ملف الصناعة وسبل تطويرها.

وطالب رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، بوجود هيئة تقوم بضبط تراخيص المصانع الجديدة  الممنوحة للمستثمرين، وذلك وفقا لاحتياجات السوق ومتطلباته ولا يجب أن يكون إصدارها بصورة عشوائية، وأن يكون لهيئة التنمية الصناعية دور فى ذلك.

خسائر

وتحدث عبد الواحد الدسوقى، رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للأسمدة التابعة هى الأخرى للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام، عن معاناة الشركة، قائلا إن الكوادر الفنية فى الشركة تكاد تكون منعدمة ونضبت الخبرات، حيث أنه تم وقف التعيينات منذ 20 عامًا وفقًا لقانون قطاع الاعمال العام وبالتالي فكل العمال من ذوي المهارة تم احالتهم إلى المعاش وبالتالي أثر ذلك على كفاءة الانتاج داخل الشركة.

وتابع الدسوقى، أنه بسبب الإهمال الجسيم الذى طال الشركة، فالمعدات لم يتم تطويرها منذ 40 عام، مضيفًا أن الشركة تستهلك 37 مليون وحدة حرارية من الغاز ويمثل نسبة 70% من تكلفة انتاج طن اليوريا، ونظرًا للظروف الحالية فإننا نضطر للبيع بخسارة كبيرة لتوفير سيولة للشركة.

وحول الأعباء الأخرى التى تؤثر على مستقبل الشركة، قال متطلبات وزارة البيئة بتطبيق معايرها ستتكلف مبالغ طائلة، وتقترب من المليار جنيه، فضلا عن متطلبات وزارة الزراعة وتوفير الأسمدة بسعر مدعم، قائلا الزراعة تستحوز على 55 % من انتاج الشركة وبخسارة قدرها 1200 جنيه للطن الواحد، مضيفًا أنه فى شهر نوفمبر الماضى تم توريد 18 ألف طن لوزارة الزراعة وبخسائر على الشركة بلغت 22 مليون جنيه.

وتابع إنه عند إعطاء الصلاحية للتصدير، لكى تتنفس الشركة، يكون هناك عبء أخر على الشركة، وهو دفع رسم صادر على كل طن يوريا وبخسارة أخرى بقيمة 500 جنيه، موضحًا أنه عند التصدير من شركة الدلتا يكون إجمالى سعر الطن 178 دولارا، وبخسارة قدرها 2000 جنيه للطن، قائلا هذه المعوقات كلها عائق كبير يواجه شركة الدلتا للأسمدة.

تعينات

وقال حمدى جابر، رئيس شركة النصر للأسمدة، إن استقدام العمالة للشركة تعتبر أزمة كبيرة، والشركة بحاجة إلى تعيينات جديدة، مضيفًا أننا نضطر الى استقدام عمالة بعقود مؤقتة، وذلك بعد خروج العمالة المدربة بالشركة إلى شركات القطاع الخاص، وهو ما أدى إلى عجز شديد فى العاملة المدربة وهدر كبير فى طاقات الشركة.

وفى سياق متصل، أكد عبد السلام الجبلى، رئيس شركة أبو زعبل للأسمدة، أن الأسمدة تعتبر سلعة وسيطة وليس منتجا نهائيا، وتكلفته تؤثر على المنتج النهائى وهى المنتجات الزراعية، ويجب مراعاة ذلك، مطالبًا بضرورة وجود دور للبنوك فى هذا الأمر، موضحا أنه لا يجوز أن يكون تكلفة التمويل الصناعى مثل النشاطات الأخرى للتمويل.

وتابع الجبلى، أن جميع المعطيات تؤكد أن مصر لابد وأن تكون رائدة في صناعة الأسمدة، وأنه يجب أن يكون هناك ميزة نسبية لهذه الصناعة فى مصر لخلق نوع من المنافسة، مستشهدا بالتجربة الصينية فى هذه الصناعة وأنه يجب الاقتباس منها، وعمل ثورة فى هذا المجال وبفكر جديد خارج الصندوق.

وأكد عيد عبدالله الحوت، رئيس شركة كيما أسوان، أن التعويم ضاعف خسائر الشركات، موضحا أن الشركات التى تعانى الآن هى التى كانت تعطى كل انتاجها للدولة ولهذا يجب أن يكون لها نظرة مغايرة وانهاء مديونياتها، والعمل على تطويرها.

مراجعة دورية

وفى الجانب الأخر، قال أحمد الكمالى، نائب وزيرة التخطيط، إن الصناعة هى القاطرة الأساسية للتنمية ، وأنه تم إهمالها لسنوات كبيرة، موضحًا ان الحكومة تهتم الآن بوضع الصناعة فى مصر، وماهى الاصلاحات التى تتم فى كل صناعة على حدة.

وتابع الكمالى ، أن نسبة الصادرات السلعية بالنسبة للناتج المحلى فى مصر هى 10% فقط وهى أضعف النسب الموجودة وهو متدنية جدا، وأنه بناء على ذلك يتم استيراد المنتجات الناقصة وبالتالي الضغط على ميزان المدفوعات.

وفيما يخص سعر الطاقة، قال إنه يجب التفريق بين سعر الطاقة فى الاستخدام كمحروقات وبين ادخاله كمكون فى الانتاج، قائلا  أنه لا يصلح أن نقدم الغاز للصناعة بسعر والتصدير بسعر أخر مغاير، حيث سيكون نتيجة ذلك هو دعم الصناعة الخارجية، ويجب التوجه نحو السعر العادل، قائلا :”الدولة متنفعش تكسب أوى على حساب الصناعة”، وأنه يجب أن يكون هناك مراجعه دورية لسعر الطاقة وخاصة للنشاط الصناعى.

وتابع نائب وزيرة التخطيط، أنه يجب النظر لتطوير شركات قطاع الأعمال من زاويتين، أولهما، مشاكل فينة ووالأخرى هى مشاكل المديونيات، وأنه يجب التحسين من وضعها ومساعدتها حتى تقوم بتحقيق ربحية.

وقال إن النظر لشركات قطاع الأعمال على أنها شركات خاسرة، ولا تعطى قيمة مضافة، غير صحيحة، قائلا “مينفعش نخسر المصنع عشان ندعم المستهلك والفلاح”.

وحول نقص الكوادر بقطاع الاعمال، قال إننا نعاني من هذه الأزمة ولكن القوانين قديمه جدًا، وهذه الأزمة كبيرة، وتسبب فى خفض الكفاءة الانتاجية، مطالبًا بوجود ورقة سياسات تضم جميع المعنيين، لحل جميع المشاكل وعلى أهمها مشاكل نقص العمالة.

وحول التراخيص الصناعية، قال إنه يجب الالتزام بمبدأ التنظيم الصناعى، موضحا أن هناك صناعات طبيعتها وجود عدد معين فقط من الشركات، ولكن توافر البيانات والمعلومات حول حجم السوق واستيعابه هو الفيصل.

شركات جديدة

ومن جانبه، قال محمد عبدالله، أمين عام لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن هناك 4 نقاط  تؤثر على صناعة الأسمدة أولها سعر الغاز، وأزمة العمالة بهذه الشركات، ودور جهاز هيئة للتنمية الصناعية فى دخول وخروج شركات جديدة . والأمر الرابع هو توافق الشركات مع البيئة، موضحا أن المجلس سيأخذ على عاتقه هذه الأمور وستعمل لجنة الصناعة على إصلاحها.

وقال طارق متولى، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إنه تم عمل عدد من جلسات الاستماع للنظر للسعر الخاص بالغاز المورد للمصانع، وأنه سيتم ذلك لاحقا فنحن لدينا فائض فى الغاز.

وشدد على تطوير قطاع الأعمال وانه ليس للبيع، قائلا “النصر للأسمدة كان بها أكثر من 5000 عامل والأن لا يتخطوا 800 عامل”، ويجب ايجاد معادلة للتوافق البيئى، وأنه يجب النظر ببعد اجتماعى للشركات وليس اقتصادى فقط.

التعليقات متوقفه