المصانع تعاني من أزمة انقطاع الكهرباء

اقتصاديون: خسائر القطاع كبيرة.. وغياب التخطيط والرؤية المستقبلية السبب وائل النحاس: مخاطر جسيمة تتعلق بالاستثمارات والنمو.. وضرورة وجود استراتيجية لمجابهة هذه الأزمات أحمد خزيم: فاتورة الخسائر تتجاوز 10 أضعاف ما يتم توفيره أحمد الزيات: قطاع «مواد البناء» الأكثر تضررا

96

تعد الصناعة عصبا رئيسيا للاقتصاد الوطني، تساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر فرص عمل لملايين الشباب، ولكنها تواجه تحديا هائلا يهدد استقرارها وتطورها، بسبب انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، الأمر الذي قد يؤثر على تراجعها بسبب توقف خطوط الإنتاج، مما يسبب خسائر فادحة في الإنتاجية، وكذلك زيادة التكاليف حيث تضطر المصانع إلى استخدام مولدات كهربائية احتياطية، مما يزيد من تكاليف الإنتاج بشكل كبير، وأيضا التأثير على فرص التصدير مما يؤثر على تدفقات النقد الأجنبي، بجانب تلف المواد الخام والمنتجات، وقد يؤدي تراجع الإنتاجية وزيادة التكاليف إلى تسريح العمال، مما يزيد من معدلات البطالة، فهذا الأمر إذا استمر قد يثني المستثمرين عن ضخ أموالهم في مشاريع صناعية جديدة، مما يعيق نمو وتطور القطاع الصناعي، وطالب اقتصاديون من الحكومة بضرورة وضع استراتيجية وطنية لمعالجة أزمة نقص الطاقة، تتضمن خططًا زمنية محددة وموازنات مالية واضحة.

خطة طوارئ

أكد الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن السؤال الأهم في أزمة تأثر قطاع الصناعة بانقطاع الكهرباء، هو هل توجد خطة واقعية للحل، ومنع تكرار مثل هذه الأزمات مرة أخرى؟ مضيفا، كيف سيكون التصرف إذا قامت بالفعل حرب شاملة بالمنطقة المحيطة بنا؟، وأن أسس أي استراتيجية ناجحة للحد من هذه الأزمة هو وجود مخزون استراتيجي يعمل على سد الاحتياجات عند حدوث أزمات.

وقال النحاس: «الخلل هنا ليس نقص الغاز أو نقص تدبير العملة وإتباع سياسة الأولويات لاستيراد شحنات الغاز.. ولكن الخلل هنا هو غياب وجود استراتيجية واضحة وخطة طوارئ نستطيع من خلالها مجابهة مثل هذه الأزمات»، مضيفا أن هناك بالفعل أزمة في شبكات توزيع الطاقة ساهمت في توسيع الأزمة.

وتابع الخبير الاقتصادي، أن انقطاع التيار الكهربائي المتكرر يشكل تحدياً كبيراً أمام الصناعة المحلية، حيث يؤدي إلى توقف الإنتاج والتأثير على خطوط التجميع والإنتاج، مما يعرض الشركات لخسائر كبيرة، حيث تعتبر الكهرباء العصب الرئيسي للصناعة، وإذا لم يتم توفير استقرار في التزويد بها، فإننا نواجه مخاطر جسيمة تتعلق بالاستثمارات والنمو الاقتصادي.

وأوضح «النحاس» أن تأثير انقطاع الكهرباء لا يقتصر على الإنتاج فقط، بل يمتد إلى الصيانة الدورية للمعدات والآلات التي تعتمد بشكل كبير على التيار الكهربائي، مما يزيد من تكاليف الصيانة ويقلل من كفاءة الإنتاج، قائلا: “يجب ضمان استدامة تزويد المصانع بالطاقة، فهذا يعد الأساس لاستمرارية النمو الاقتصادي وتعزيز قدرة الصناعة على المنافسة العالمية، فالاستقرار الكهربائي يعد عاملاً أساسياً لجذب الاستثمارات وتعزيز الثقة في السوق المحلي”.

واقترح الخبير الاقتصادي، أن يتم استغلال المخلفات التي تنتج من 110 ملايين مواطن و”تملأ الشوارع” في إنتاج وقود للطاقة مثل العديد من الدول، مضيفا أن الولايات المتحدة تتخلص من مخلفاتها عن طريق إنتاج غاز يتم استغلاله في إنتاج الطاقة بصورها المختلفة.

تأثر قطاعات الصناعة

أكد أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، أن الهدف من خطة تخفيف الأحمال يوفر حوالي مليار دولار وفقا لمخطط الحكومة، موضحا أنه على الجانب الأخر، فإن تأثير الانقطاع على العديد من القطاعات كبير جدا ومثال بسيط على ذلك قطاع الدواجن الذي تأثر كثيرا بسبب هذا الأمر، وشاهدنا ارتفاعا في أسعار الدواجن بالأسواق، مما يزيد من الموجات التضخمية، وبالتطرق للقطاع الأهلي من الورش والحرف الصغيرة فإن معدل تأثيراته على هذا القطاع كبير جدا، هذا بالفضل على ما يحدث في القطاعات الصناعية الضخمة ولعل أبرزها قطاع الأسمدة والتأثر الكبير بوقف إمدادات الغاز قبل أن يعود مرة أخرى.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن انقطاع التيار الكهربائي يمثل خنقا للصناعة المصرية، ويعيق قدرتها على النمو والتنافس، ونحن بحاجة إلى خطة إنقاذ عاجلة لإنقاذ هذا القطاع الحيوي، داعيا الحكومة إلى وضع استراتيجية وطنية شاملة لمعالجة أزمة نقص الطاقة، تتضمن خططًا زمنية محددة وموازنات مالية واضحة، مؤكدا أنه لا مستقبل للصناعة المحلية دون حل جذري لأزمة نقص الطاقة، وتحويل أزمة انقطاع الكهرباء إلى فرصة لتعزيز كفاءة الصناعة المصرية وتطويرها، فالمستقبل للصناعة الخضراء التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، وحان الوقت لاتخاذ خطوات حاسمة نحو مستقبل مستدام لاقتصادنا الوطني.

وأوضح أنه من السهل تدبير العجز في تدبير فاتورة استيراد الغاز دون هذا الانقطاع الذي يسبب تداعياته في خسارة أموال أكثر من التي سيتم توفيره من انقطاع الكهرباء من تراجع الإنتاجية وكذلك تأثير كبير على قطاع السياحة فنحن في عالم رقمي والمغرضون من الممكن أن يستخدموا هذا الأمر لتشويه الدولة، وأيضا يهدد استمرار ضخ الاستثمارات المباشرة، فالأمر تمت معالجته بصورة ليست صحيحة، قائلا «فاتورة الخسائر تتجاوز 10 أضعاف ما يتم توفيره».

وأوضح أن توجه الحكومة لاستيراد شحنات غاز خلال هذه الفترة يؤكد أن هناك عدم تخطيط جيد بخصوص هذا الأمر، فعندما كانت الأسعار مخفضة بالمقارنة بما تم التعاقد عليه الان، واستقرار مصادر النقد الأجنبي وخاصة قناة السويس والتي تأثرت بالأوضاع الجيوسياسية بالمنطقة، كان يجب التعاقد على توريد شحنات غاز ولو بالتوريد في توقيتات لاحقة، ولكن تم الآن التعاقد على نحو 16 شحنة غاز بسعر أعلى بنحو 6 دولارات عن السعر الطبيعي وهو 3 دولارات، مما يزيد العجز في ميزان المدفوعات، مما يحمل المواطن أعباء أخرى، وذلك لغياب قاعدة بيانات بالمخطط العام لاستهلاكنا من الغاز وضرورة توفير الاحتياطيات الآمنة.

تراجع معدلات الإنتاج

أكد هشام كمال، رئيس جمعية دعم وتنمية مستثمري المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، أن تأثير قطع الكهرباء على الصناعة المحلية يمثل تحديًا كبيرًا، مضيفا أن قطع الكهرباء يتسبب في تراجع حاد في معدلات الإنتاج للشركات والمشاريع الصناعية، مما ينعكس بشكل مباشر على أرباحها وقدرتها على المنافسة في السوق مضيفا أن قطع الكهرباء لا يقتصر فقط على توقف الإنتاج، بل يتسبب أيضًا في خسائر مالية كبيرة يصعب تعويضها بسرعة، وهذه الخسائر قد تتجاوز الملايين من الجنيهات نظرًا للتأثيرات الشاملة التي تطال من سلسلة التوريد والتسويق إلى التكاليف الإضافية لإصلاح وصيانة المعدات والآلات التي قد تتعرض للتلف جراء التوقف الفجائي للكهرباء.

وتابع «كمال» بالإضافة إلى ذلك، يهدد قطع الكهرباء بتأثيرات طويلة الأمد على استقرار الشركات والمشاريع، حيث ينخفض مستوى الثقة لدى المستثمرين والعملاء نتيجة لتأثيراته المتكررة، وهذا يجعل التخطيط الاستراتيجي والنمو الفعال أمرًا صعبًا وغير مستقر، مما يقلل من القدرة على تحقيق النمو المستدام والاستفادة القصوى من الفرص الاقتصادية المتاحة.

وشدد على أهمية حاسمة تحسين بنية الكهرباء وضمان استمرارية التزويد بها، بغية دعم الصناعة المحلية وتعزيز قدرتها على المنافسة والنمو في سوق متزايد التحديات، فهو خطوة ضرورية نحو بناء اقتصاد قائم على الابتكار والاستدامة، يعزز من دور المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر في التنمية الاقتصادية المستدامة للبلاد.

وسلط رئيس جمعية دعم وتنمية مستثمري المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، الضوء على الأثر السلبي الذي يتركه قطع التيار الكهربائي على الشركات والمصانع، وخاصة تلك الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد بشكل كبير على استمرارية التيار الكهربائي لإنتاجها وعملياتها، لافتا إلى تقديم شكاوى متعددة من قبل هذه الشركات يعكس حجم التحديات التي تواجهها، حيث يؤدي قطع التيار الكهربائي إلى توقف الإنتاج وزيادة في التكاليف التشغيلية.

وناشد الحكومة بضرورة استثناء قطاع المشروعات الصغيرة من التدابير المتخذة لتخفيف الأحمال، حيث إن هذه الشركات تلعب دورًا أساسيًا في دفع حركة الاقتصاد المصري وتوفير فرص العمل للعديد من العمالة، قائلا: إن تقديم هذا الاستثناء يعزز من استدامة هذه المشروعات ويساهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي على المدى البعيد، من خلال توفير بيئة أكثر استقرارًا للأعمال والاستثمار.

استدامة تزويد المصانع بالطاقة

أكد المهندس أحمد الزيات، الخبير الاقتصادي، وعضو جمعية رجال الأعمال المصريين، أن انقطاع الكهرباء يؤثر بكل تأكيد على قطاع الصناعة، ولكن بالنسبة للمناطق الصناعية يكون هناك مراعاة في توقيت هذا الانقطاع، حيث يكون في فترات متأخرة وقت توقف المصانع، فضلا عن التنسيق مع هذه المناطق لتشغيل “محولات الطوارئ” لتغذية هذه المصانع مؤقتا وحتى يعود التيار الكهربائي الأساسي مرة أخرى، قائلا: بالتاكيد التأثير سلبي.. ولكنها ستكون لفترة مؤقتة وتعود الكهرباء للانتظام.

وتابع الزيات: هناك قطاعات حيوية والتي تعتبر كثيفة استهلاك الطاقة، هي التي تأثرت بشدة مثل قطاعات «مواد البناء» مثل الحديد والأسمنت وغيرها، عكس قطاعات أخرى مثل المواد الغذائية والتعبئة والصناعات المغذية، فهي لم تتأثر بصورة كبيرة، حيث إن حجم استهلاكها من الطاقة ليس بالصورة الكبيرة مثل القطاعات الأخرى، مؤكدا أن انقطاع الكهرباء يعتبر عائقاً كبيراً أمام عمليات الإنتاج في الصناعة المحلية، ويؤدي إلى تعطيل الخطوط الإنتاجية وتأثير سلبي على الجودة والكفاءة، وعدم توفر الكهرباء بشكل منتظم يقلل من إمكانية التخطيط الإنتاجي ويضعف الثقة في السوق المحلي، حيث تمتد التأثيرات السلبية لانقطاع الكهرباء إلى خسائر كبيرة في الإنتاجية وارتفاع تكاليف التشغيل، مما يعرض الشركات للمخاطر المالية ويقلل من القدرة على التنافسية.

وأكد أنه يجب على الحكومة أن تولي الأولوية لضمان استدامة تزويد المصانع بالطاقة، حيث إن هذا يعد أساساً لجذب الاستثمارات وتعزيز دور الصناعة في تحقيق الاكتفاء الذاتي، فضلا عن أن الاستثمار في الطاقة يعد استثمارا حيويا لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة، ومن ثم يجب أن تكون الكهرباء على رأس أولويات السياسات الاقتصادية.

تابع الطاقة الجديدة والمتجددة لا يمكن أن تحل محل الوقود الأحفوري، والتي تعتبر عنصرا أساسيا لقطاع الصناعة وستظل الطاقة التقليدية مسيطرة بشكل كبير على الصناعة ولسنوات طويلة، فالطاقة النظيفة مكلفة في إنتاجها وكذلك تكلفة الصيانة، ويمكن أن نستعين بها في إضاءة الشوارع، ولكن قطاع الصناعة يعتمد بصورة كبيرة على الطاقة التقليدية.

وحول توجه الحكومة لاستيراد شحنات غاز بصورة عاجلة لسد هذا العجز، أكد أن أزمة النقد الأجنبي والتي كنا نعاني منها بصورة كبيرة الفترة الماضية، وشهدت انفراجة واستقرارا خلال هذا التوقيت، قد تم حلها بشكل مؤقت وليس بشكل نهائي، فمازال هناك التزامات خارجية ومستحقات ديون وفجوة في الميزان التجاري بحوالي 33 مليار دولار على مدار 3 سنوات، الأمر الذي يتطلب خفض عجز الميزان التجاري وزيادة الصادرات وزيادة مصادر دخل النقد الأجنبي، قائلا: إذا اعتمدنا على أن أزمة النقد الأجنبي انتهت فإنه في غضون عام او أقل ستعود الأزمة مرة أخرى.

 

 

التعليقات متوقفه