مواجهة الإرهاب بالتتمية في سيناء..رئيس جهاز تعمير سيناء: التنمية التى حدثت فى السنوات الأخيرة لا يمكن مقارنتها بما سبق

د. عباس شراقى: مياه النيل فى سيناء حياة والمشروعات فيها لا ينطبق عليها المعايير الاقتصادية التقليدية

235

عميد / خالد عكاشة: التنمية والبناء أحدث مفاهيم مكافحة الإرهاب وإرساء الأمن والاستقرار

تحقيق- رضا النصيرى
تسعى الحكومة لتعمير سيناء بالمشروعات المختلفة، فتبنت على مدار السنوات الماضية خطة عمل متكاملة لتحقيق التنمية الشاملة في سيناء، شملت تنمية قطاع الخدمات والبنية التحتية والزراعة والصناعة، بعد سنوات من التهميش وندرة الخدمات والمشروعات التنموية، حيث قامت الدولة بتنفيذ 146 مشروعًا تنمويًا بشمال سيناء بتكلفة نحو 5 مليارات جنيه، بهدف تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين من المحافظة، من بينها 3 مدن جديدة و11 تجمعًا تنمويًا ومنطقة لوجستية، كما تحرص الدولة على استكمال جهودها لاستمرار التنمية بسيناء وتدفق المياه لأراضيها في إطار إعمار وإستصلاح مئات الآلاف من الأراضي الصالحة للزراعة، وفقا لإستراتيجية محددة.
وعلى مستوى الموارد المائية والرى فقد تم إحلال وتجديد محطة تحلية وسط سيناء وشبكة مياه العريش ومحطة تحلية مياه العريش وبدء تنفيذ مشروع لإمداد مدينة رفح الجديدة بالمياه ومحطة تحلية الشيخ زويد، كما تم الانتهاء من حفر أكثر من 30 بئرًا سطحية وعميقة بمناطق الشيخ زويد – رفح – نخل – الحسنة، كما تم تنفيذ مشروعات فى قطاع الصحة بقيمة 605 ملايين جنيه، من بينها إنشاء وتطوير مستشفيات العريش العام ورفح المركزى وبئر العبد المركزى ونخل المركزى، وإنشاء مخزن للأدوية بمديرية الصحة بالعريش وعدد من الوحدات الصحية المطورة، كما تم إنشاء صالة مغطاة بمدينة العريش تتسع لعدد 2000 شخص بقيمة 92 مليون جنيه، بالاضافة الى إنشاء جامعة الملك سلمان ولها 3 أفرع في الطور وشرم الشيخ ورأس سدر، وجامعة العريش والعديد من المدارس الجديدة والمعاهد الأزهرية ورفع كفاءة المدارس الحالية، وعلى مستوى الصناعة، علاوة على تطوير مصنع العريش للأسمنت، وإنشاء مجمع لإنتاج الرخام والشركة الوطنية للصناعات الغذائية برفح، وتأهيل تجهيز البنية التحتية الأساسية للعديد من المصانع، كما يجرى العمل في مشروع شرق بورسعيد، وإنشاء أرصفة بحرية ومناطق لوجيستية ومزارع سمكية.
مشاكل تحتاج لحل
ويرى خبراء تنمية أن سيناء غنية بالموارد التى يجب تعظيم الاستفادة الاقتصادية منها وتوفير الاحتياجات التى تساهم فى تنميتها، ففى مجال الزراعة لا تتوافر الخدمات اللازمة مثل حفر الآبار والاسمدة والكيماويات وغيرها ولذلك يجب على وزارة الزراعة أن تتجه نحو استصلاح الاراضى بالمناطق الصالحة للزراعة، وتوفير الخدمات وشق الترع وتوصيل المياه اليها وإنشاء الجمعيات الزراعية، وتقديم قروض من بنوك التنمية والائتمان الزراعى أو الصندوق الاجتماعى لمساعدتهم فى إقامة المشروعات الصغيرة لتوفير فرص العمل، بالاضافة الى رعاية الثروة السمكية من خلال تحديث أسطول الصيد باعتبار أن حرفة الصيد من الحرف الرئيسية لأبناء سيناء لوجود المصادر التى تساعدهم على مزاولتها.
المياه حياة

فيما اعتبر خبراء موارد مائية ورى أن فترة هطول الأمطار والسيول تعد من أكبر المشاكل التى تواجه بعض المناطق فى سيناء، لما تخلفه من خسائر بشرية ومادية، تتمثل فى هدم البنية الأساسية من طرق ومرافق واتلاف الزراعات وهدم منشآت سياحية ومنازل وتشريد سكانها أو تعرضهم للموت، على الرغم من أن تلك السيول تعد نعمة على الجانب الآخر من البحر الأحمر تستغلها المملكة العربية السعودية فى زراعة مساحات شاسعة من الاراضي، مشيرين الى انه يمكن الاستفادة بإقامة السدود والحواجز لتجميع مياه الأمطار وتخزينها واستخدامها فى زيادة المساحات المزروعة بالقمح لزيادة الانتاجية وتقليل استيراد تلك السلع الاستراتيجية وتوفير العملات الأجنبية التى يتم انفاقها فى الاستيراد.
من جانبه أكد دكتور “عباس شراقي”، خبير الموارد المائية الدولي، أن مياه النيل فى سيناء تمثل حياة، موضحا أن مشروعات التنمية فيها لا ينطبق عليها المعايير الاقتصادية التقليدية من حيث حسابات المكسب أو الخسارة، فهى مشروعات استراتيجية يتم دعمها من أجل الإعمار والتوطين فى سيناء التى تبلغ مساحتها 60 ألف كم2 (6% من مساحة مصر) ويسكنها أقل من 1.5 مليون نسمة فقط (1.5% من سكان مصر) الذى يجب أن يصل إلى 6 ملايين نسمة حتى تصبح مثل باقى الأراضى المصرية، موضحا أن سيناء يصلها حالياً حوالى 5 مليارات متر مكعب سنوياً، عن طريق سحارة سرابيوم حوالى 365 مليون متر مكعب لرى 100 ألف فدان بتكلفة 13 مليار جنيه، وعن طريق سحارة السلام حوالى 4.5 مليار متر مكعب نصفها من مياه النيل النقية والنصف الآخر من مياه الصرف المعالجة عن طريق محطة بحر البقر بتكلفة 18 مليار جنيه لرى حوالى 450 ألف فدان، وتكاليف أخرى تتعدى 130 مليار جنيه منذ 1994 حتى اليوم فى انشاء الترع وسحارة السلام ومحطات الرفع ومحطة الكهرباء ومجموعة الكبارى واستصلاح أراضى وشبكات رى وغيره.
واضاف شراقي، إن وصول مياه النيل الى سيناء ليس فقط من أجل الزراعة بل من أجل حياة جديدة عن طريق خلق مجتمعات عمرانية، كما أن وصول مياه النيل إلى سيناء يزيدها ارتباطا اجتماعيا واقتصاديا بوادى النيل، وليس بالضرورى زراعة المساحات المقررة السابقة، ولكن استخدام جزء من المياه فى أنشطة متعددة على رأسها الصناعة والسياحة سوف يعطى عائدا أكبر ويحقق الهدف الرئيسى حيث أنها من المشروعات الصناعية كثيفة العمالة.
التوطين
فيما اكد مهندس محسن سعيد حامد، رئيس جهاز تعمير سيناء، إن الإنشاءات والمشاريع لتحقيق التنمية المنشودة قد بدأت منذ عام 2014، حيث تم انشاء 5 انفاق للربط بين الدلتا وسيناء، بالإضافة لنفق الشهيد أحمد حمدي القديم، وطريق 30 يونيو الاستراتيجي، موضحا أن الجهاز عمل على إنشاء المدن في شمال وجنوب سيناء، فكان من المفترض أن يوجد 3 ملايين مواطن في سيناء خلال عام 2017، ولكن هذا لم يتحقق، بسبب انخفاض معدلات التنمية، مشددا على أن التنمية التي حدثت في سيناء السنوات الاخيرة لا تقارن على الإطلاق بما حدث طيلة المراحل السابقة، مشيرًا إلى أن الهدف من تنمية سيناء هو توطين 3 ملايين.
بينما يرى العميد خالد عكاشة، الخبير الامنى، ومدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن ما جرى في سيناء بداية من يناير 2011 حتى يونيو 2013 من عمليات إرهابية، كان سببا رئيسيا لقيام ثورة 30 يونيو، مشيرا الى ان المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” نجحت فى الارتقاء بحياة المواطنين بسيناء، موضحا أن ذلك مفهوم أمني وليس اجتماعيا أو سياسيا فقط،، بل خطوة جديدة لإحداث طفرة في سيناء.
واضاف عكاشة، أن التنمية والبناء أحدث مفاهيم مكافحة الإرهاب وإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة، مستشهدًا بتحركات الدولة المصرية في سيناء لتحقيق الأمر، مشددا على أن التنمية في سيناء والتى بدأت بالفرع الثاني من قناة السويس، كانت خلالها الدولة المصرية والمصريين على قلب رجل واحد، ووراء هذا المشروع بالجهد والمال والتأييد السياسي، كأحد أهم بنود ومحاور الخطة الاستراتيجية للتنمية في سيناء، مؤكدًا أن وضع خطة تنموية شاملة الحل الأمثل لمواجهة المشكلات الاجتماعية بكل أنواعها، مشيرًا إلى أن تأمين سيناء لن يتم إلا من خلال التنمية الشاملة، حيث تم تخصيص 600 مليار جنيه من أجل ذلك، وهو ما يساوي ربع ما تم تخصيصه لتنمية مصر بالكامل، إذا مصر تسير على النهج الصحيح، مضيفا أن المكسب من تنمية سيناء هو الأمن القومي لمصر وحفظه، مشيرًا إلى أن المشروعات التي تم افتتاحها هي أولى خطوات التنمية، لأن مصر تستهدف نقل سكان الوادي إلى سيناء، حيث تم افتتاح مدن جديدة مثل مدينة رفح الجديدة والإسماعيلية الجديدة.
واكد عكاشة، أن الدولة المصرية لم تدخل سيناء من قبل بالمشروعات والجهد وفتح سبل للعمل والاستثمار والتنمية، كما يحدث الآن، مستشهدا بضم ميناء العريش إلى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، معتبرا ذلك خطوة في غاية الذكاء والأهمية وتخدم استراتيجية الدولة، التى لا تبذل أي خطوة إلا لخدمة المواطن والمنتقل إلى سيناء، مضيفا أن هناك نقاطًا في سيناء تقع تحت بؤرة الاهتمام من التنظيمات الإرهابية التي تحاول محاولات دؤوبة لدخول تلك المناطق.
أرض الفيروز
ورأى خبراء الاقتصاد أن الدولة وضعت شبة جزيرة سيناء على خريطة التنمية الشاملة والاستثمار، ضمن خطة طموحة وغير مسبوقة لتعمير أرض الفيروز وجعلها منطقة جاذبة للمستثمرين والسكان وربطها بالدلتا والمحافظات، وذلك من خلال التوسع في تنفيذ المشروعات القومية والتنموية التي تغير وجه الحاضر وتضع أسس المستقبل، لتنتصر يد الخير والنماء بعد 7 سنوات من الحرب على الإرهاب.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي، سيد خضر، أن القيادة استطاعت العبور بمصر إلى بر الأمان السياسى والاقتصادى وأوضح أن الدولة تسعى إلى التنمية الشاملة من خلال “انفاق الخير” التي تعد قاطرة الاستثمارات فى سيناء، خاصة فى ظل تخفيف العبء عن المواطنين وتوفير الوقت والجهد في عملية العبور إلى سيناء فى وقت قصير جدا، كذلك تساهم فى جذب مزيد من الاستثمارات المستخدمه فى عملية الانتاج من اجل خدمة المشروعات التنموية ودعم استصلاح اراضى سيناء الزراعية ومن أجل زيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتى.
وأضاف خضر، أن القيادة السياسية لديها رؤية كبيرة في تطوير سيناء، حيث كانت الفترة الماضية ذاخرة بافتتاحات لطرق وأنفاق ومشروعات تربط سيناء بمدن في قلب مصر وهذه استثمارات كبيرة جدا، موضحًا أن الدولة تعمل على تنفيذ عدة مشروعات حيوية في وقت واحد، حيث كانت مؤجلة منذ سنوات طويلة وكان من المفترض أن تتوافر هذه المشروعات في كل قرية أو مدينة بشكل طبيعي.

التعليقات متوقفه