ماجدة موريس تكتب:مهرجان الموسيقي العربية.. والعدالة الثقافية

140

مهرجان الموسيقي العربية.. والعدالة الثقافية

ماجدة موريس

انتظر ملايين المصريين من عشاق الموسيقي والغناء مهرجان الموسيقي العربية الذي يقام  بدار الأوبرا المصرية سنويا في هذا الموعد، أي شهر نوڤمبر، وكأنه مكافأة نهاية عام للمصريين الأوفياء لفنهم وتراثهم الموسيقي والغنائي العظيم، غير أنهم أصيبوا بخيبة أمل، ومرارة كبيرة، فقد اتضح ان المهرجان ممنوع عليهم، إلا من بعض حفلاته التي تعرض في وقت متأخر، وحتي مساء الاثنين الماضي، وحتي يومه السابع، عرضت فقرات من ثلاث حفلات فقط، (مدحت صالح، وائل جسار، وعفاف راضي) بجانب حفل الافتتاح الذي عرض كاملا، والمحزن في هذا الامر انه بينما اعلن السيد محمد منير، المتحدث الاعلامي لوزارة الثقافة التي تقيم المهرجان، انه سيعرض على قناتين هما: (سي بي سي) و(الحياة دراما) على صفحته الرسمية، إلا انه اتضح بعدها انه ليس عرضا يوميا مستداما كما كان يحدث من قبل بالنسبة لهذا المهرجان تحديدا، إضافة الي ان العروض التي أعلن عنها تبدأ من الحادية عشرة والنصف مساء، وتتوغل الي ما بعد هذا، وهو ما يعني أن المسؤولين عن المهرجان لا يهتمون كثيرا بملايين المصريين من متابعي المهرجان خارج قاعات مسارح الاوبرا، سواء في القاهرة، او الاسكندرية او دمنهور، أقول هذا لان ذهاب حفلات المهرجان للناس هو حق من حقوقهم الثقافية، وهو حق قديم حدث قبل هذا مرارا على مدي سنوات طويلة، أيام كان التليفزيون المصري العام هو التليفزيون الاول، وحتي حين بدأت القنوات الخاصة وتعددت، استمر نقل حفلات المهرجان للبيوت المصرية، وزاد الشغف به في زمن تال، ومنذ سنوات قليلة جدا تولت إحدى القنوات الخاصة المهرجان بالعرض الجيد، في موعده اليومي لتؤكد أهميته إلى ان جاء عامنا هذا.

نحن ووديع الصافي

في يومه الخامس، احتفل المهرجان بمئوية الفنان الكبير وديع الصافي، ولأن عشاق الموسيقي والغناء الجميل في مصر يعرفونه جيدا، ويعرفون ان الفنان اللبناني صاحب الصوت والأداء النادر عاش في مصر فترة وغني لها (عظيمة يا مصر ) و(عندك بحرية ) وغيرها إضافة لتراثه الكبير فإن المسؤولين عن المهرجان حرموا اغلب المصريين من الاحتفاظ به، وقصروه علي من اشتروا تذاكر الحفل في مسرح النافورة، (ولا يضيف كثيرا الآن أن يذاع المهرجان علي إحدى موجات الاذاعات الخاصة ) وغير وديع الصافي يأتي المهرجان بكثيرين من مبدعي الطرب العربي، أغلبهم لا يتألقون غنائيا طوال العام (وربما لا يقدمون حفلات  مستمرة كمدحت صالح وعلي الحجار ومحمد الحلو،) وبالتالي فهم يقدمون افضل ما عندهم الا في هذا المحفل، اضافة الي مبدعي الموسيقي الكبار كالفنان الموسيقار عمر خيرت الذي سيقدم إبداعاته لمن دفع التذكرة فقط، وليس لمن لم يدفعها، اما لأنه لم يلحق الحجز، او أنه يعيش خارج القاهرة، او لا يقدر علي ثمنها،. والسؤال الان هو، لماذا هذا التطور، غير الطبيعي وغير الانساني، تجاه علاقة هذا المهرجان بالناس، وعلاقته بالاعلام المرئي ؟ ومن المسؤول عن حقوق بث حفلات المهرجان بشكل ثابت، في مواعيدها، للملايين من المصريين والعرب، هل هي وزارة الثقافة ووزيرتها التي لا تتوقف عن دعم كل الاحداث الثقافية في المحافظات المصرية، ام انها إدارة دار الاوبرا نفسها ورئيسها الدكتور مجدي صابر، ام انها قنوات التليفزيون نفسها والشركة المتحدة، في كل الاحوال ليس مهما من المسؤول، ولكن من المهم ان يعرف ان مهرجان الموسيقي والغناء يختلف عن مهرجانات السينما والمسرح، في قدرته علي اجتذاب الناس كلها الي نفس المكان والاستمتاع بنفس القدر، بعيدا عن جدل التفكير في الاسلوب والمعني، فالغناء والموسيقي اكثر الفنون سهولة وشعبية في التلقي، وأكثرها تأثيرا في الوجدان، ومن هنا جاء الشغف الكبير بهما، وياليت  المسؤولين يدركون ان مهرجاناتها هي مناسبات لاحتفالات شعبية، ووصولها للجميع تحقيق لعدالة ثقافية مطلوبة، و(حتي لا تتضخم اغاني المهرجانات )، ويا ليتهم يدركون أيضا ان اختفاء الموسيقي والغناء من القنوات التليفزيونية المصرية كلها (باستثناء ماسبيرو زمان) أمر غير طبيعي، ومؤشر غير جيد يؤدي الي انحدار التذوق  وجمود التفاعل مع جماليات الحياة  في كل صورها .

التعليقات متوقفه