جدل فى الوسط التعليمى..” خطة النواب” تناقش طلب إحاطة يفتح الملف من جديد:هل تصبح الضرائب على مراكز الدروس الخصوصية بداية لتقنين الأوضاع؟

مدرسون: القرار غير قابل للتطبيق وسيصطدم بالواقع

155

ناقشت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، الاسبوع الماضى ، برئاسة النائب فخرى الفقى، طلب الإحاطة المقدم من النائبة غادة كمال قنديل، بشأن إصدار وزارة المالية منشوراً يطالب أصحاب المراكز والدروس الخصوصية بضرورة التقدم لمأمورية الضرائب التابع لها لعمل ملف ضريبي والحصول على بطاقة ضريبية للمحاسبة على الدروس الخصوصية، الامر الذى تسبب فى حالة واسعة من الجدل، خاصة أن هذه المراكز غير قانونية، وسط مخاوف من تقنين أوضاعها والاعتراف بوجودها رسمياً بعد تحصيل ضرائب منها.
فبدأ المدرسون وأولياء الامور والمختصون الدخول فى حالة من النقاش حول جدوى هذا الإعلان وآلية تطبيقه على عمل غير مقنن من الأساس، فشهدت منصات التواصل الاجتماعى حالة من التخمينات حول ما يمكن أن يكون الهدف من وراء هذا القرار، أو كيفية استقبال أصحاب المراكز له، حيث تطالب الدولة ممن يعملون في مجال الدروس الخصوصية لطلبة المدارس بفتح ملفات ضريبية لأنشطتهم في خطوة وصفها تربويون وخبراء تعليم بأنها بوابة لتقنين وضع هذا النشاط الذي من المفترض أن تحاربه الدولة، من خلال حملات أمنية لمداهمة تلك المراكز، بل ويضفي غطاء الشرعية على هذا النشاط المرفوض، والذى سبق وأن قدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الرسمي، إجمالي ما ينفقه المصريون على الدروس الخصوصية بنحو 47 مليار جنيه مصري سنوياً، وفق نتائج بحث الدخل والإنفاق 2017 – 2018، التي أعلنها الجهاز عام 2019.
وكان دكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، قد ذكر أن ” حجم المصالح ذات الصلة بالدروس الخصوصية أكبر كثيرًا مما يعتقد الناس، حيث إن هناك 20 مليار جنيه يتحركون فى اقتصاد غير رسمى من خلال الدروس الخصوصية، ولن يتم القضاء عليها إلا حال اقتناع أولياء الأمور أنه لا طائل من هذه الدروس، ويثقون فى الدولة، ولكن هناك قوى أخرى تحاول جذبهم”.
فيما انقسمت الاراء وتباينت بين القبول والرفض لهذه الخطوة ، فهناك من يرى انه لا تعارض بين خضوع سناتر ومراكز الدروس الخصوصية للضرائب وبين محاربتها وتجريمها تحت شعار” هذه نقرة وهذه نقرة”، بينما يرفض أخرون تماما القرار، معتبرين ذلك خطوة واضحة على طريق تقنين أوضاع مثل هذا المراكز، وبناء عليه قد نرى فى المستقبل تقنين اوضاع انشطة مجرمة اخرى كتجارة المخدرات مثلا.
لا تعارض
من جانبه، يتفق رئيس قطاع التعليم السابق بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، دكتور رضا مسعد ، مع هذه الخطوة ، مؤكدا انه ليس هناك تعارض بين تحصيل ضرائب من مراكز الدروس الخصوصية ورفضها من الوزارة، موضحا أن وزارة المالية لها قوانين تختلف عن التربية والتعليم؛ حيث إن المالية معنية بالتعامل مع الأموال العامة الموجودة في أيدي المواطنين تمارس أي نشاط “غناء- رقص أو حتى دروس خصوصية “، وتحصيل الضرائب قضية تخصها وحدها، ولا تعني أنها تسمح بالنشاط، لان السماح بممارسة أنشطة الدروس الخصوصية يرجع إلى الوزارة المختصة “التربية والتعليم”، وفي ذات الوقت من حق الدولة أن تأخذ حقها حتى ولو كان مخالفًا للقانون، مؤكدًا أنه لا يمكن السماح بوقوع الضرر على الدولة مرتين، مرة بإفساد التعليم “وإضرار الطلاب وأولياء الأمور”، والمرة الأخرى بإضرار الدولة وعدم تحصيل ضرائب، مشددًا على أن الدروس الخصوصية جريمة مزدوجة، ضد وزارتي التربية والتعليم والمالية.
شروط الترخيص
ويرى دكتور حسن شحاتة، الخبير التربوي ، أنه كان من الأولى وضع ضوابط صحية وتعليمية لتنظيم عمل هذه المراكز قبل فرض الضرائب عليها، معتبرا هذا القرار ” مجازفة كبيرة” ، ويشير إلى عدم الاهتمام بالطلاب، مؤكدا أنه ضد تجريم مراكز الدروس الخصوصية أو إباحتها من دون شروط، مطالباً بمعاملتها معاملة المدارس الخاصة التي تعمل وفق شروط وضوابط محددة، موضحا ان وجود عجز في عدد الفصول والمُعلمين ووجود كثافات عالية يدفع أولياء الأمور إلى إرسال أبنائهم إلى مراكز الدروس الخصوصية التي سيفرض عليها مشروع تطوير التعليم الذي يعتمد على التقويم والتحليل وتغيير طريقة التدريس بها.
مرتبات
على جانب أخر، يرى دكتور” حمدى عرفة”، استاذ الادارة الحكومية والمحلية بالجامعة الدولية ، ان مراكز الدروس الخصوصية تستنزف ما يقرب من ٣٣ مليار جنيه سنويا من جيوب الغلابة، فى ظل ان متوسط مرتبات المواطنين تصل الى 2000 جنيه فقط، حيث يوجد ما لايقل عن اكثر من١١٢٣٤ مركزا للدروس الخصوصية منتشرين فى 27 محافظة ، موضحا أن متوسط دخل عدد كبير من هذه المراكز يصل الى 30 مليون جنيه سنويا على الاقل، وهناك بعض المناطق الراقية فى المدن الجديدة يصل الساعة بها الى ٢٥٠ جنيها خلال مدة الدرس الخصوصى اليومى الذى يصل الى ساعتين وتصل فى المناطق الشعبية الى 50 جنيها حيث انه لابد من زيادة مرتبات المدرسين لكى يتم محاسبتهم على كل تقصير ولكن فى ظل مرتباتهم الضعيفة التى تتراوح فى المتوسط العام من 2000 جنيه ومديرى المدارس تصل مرتباتهم الى 2400 جنيه فقط بعد ان امضوا اكثر من 25 عاما فى الخدمة.
غير قابل للتطبيق
أما ” عبد الله مصطفى” ، معلم رياضيات بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، فيرى أن تحصيل ضرائب من مراكز الدروس الخصوصية يشجع على تكثيف عودة نشاط السناتر، مؤكدا أن الدروس الخصوصية تتعارض مع فكرة التطوير التي تحاول أن تنتهجها الوزارة، وتتنافس مع فكرة مجموعات التقوية التي أتاحتها الوزارة، ويتفق معه ” ايهاب العشرى”، معلم لغة إنجليزية ، فيقول إن قرار إنشاء ملف ضريبي لأصحاب الدروس الخصوصية غير قابل للتطبيق وسيصطدم بأرض الواقع، موضحا أن أصحاب السناتر والمعلمين يخشون وضعهم تحت طائلة القانون؛ خاصة أن الحكومة ممثلة في وزارة التربية والتعليم غير معترفة بشرعية الدروس الخصوصية، مضيفًا: “إذا أرادت الحكومة تحصيل ضرائب من الدروس الخصوصية فيجب التفكير في تقنينها ومنها الشرعية والمظلة القانونية للعمل في النور”.
وأشار إلى أن القرار بالرغم من وضوحه إلا أن الهدف منه غير مفهوم، فكيف لمدرس أو لصاحب سنتر أن يذهب بنفسه لمصلحة الضرائب لفتح سجل ضريبى وهو يعلم أنه من الممكن فى لحظات أن يتم القبض عليه، موضحا أن المدرس لا يرغب فى الأساس فى إعطاء دروس ،لإنه إذا وجد فصلا دراسيا نظيفا وعددا مقبولا من الطلاب، بجانب مرتب مجز، سيوفر وقته ومجهوده لأسرته التى أصبح لا يراها كثيرا بسبب بحثه عن الرزق بين مجموعات الدروس الخصوصية، وهو أمر لا يعمله الكثيرون.
بينما ترى ” علا أحمد”، مدرسة تاريخ، أنه حتى لو قرر المدرس عدم العمل فى أى سنتر أو إعطاء درس خصوصي، فإن أولياء الأمور لن يرضوا بذلك، لأن حصص المراكز أو المنزل أصبحت عادة وضرورة لديهم ولا يقتنعون بحصة المدرسة فقط خاصة فى ظل كورونا وعدم التزام الطلاب جميعهم فى الحضور، مشددة على أن المدرسين جميعا لا مانع لديهم أن يدفعوا ضرائب مثلهم كغيرهم بشرط أن يتم التصالح معهم وأن يتم تقنين الدروس حتى إذا تم تغيير مسماها لانها لم تعد خصوصية، فالحضور تعدى الـ 100 طالب فى المراكز، فهى الآن حصص مفتوحة وليست خاصة.
وتقول “داليا الحزاوي” ، مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، إن القرار مخالف لتصريحات وزارة التربية والتعليم بأن كل سناتر الدروس الخصوصية الموجودة تعمل بالمخالفة للقانون، وتشن الوزارة ضبطيات قضائية وغلقها وتشميعها بالشمع الأحمر وإحالة أصحابها إلى جهات التحقيق، مضيفة : “كيف نطلب من أصحاب السناتر ومعلمى الدروس الخصوصية دفع الضرائب كأنه اعتراف ضمنى بموافقة على هذا النشاط الربحى وتقنين الأوضاع، وقرار مثل ذلك يزيد من أعباء أولياء الأمور نتيجة اتجاه السناتر ومعلمى الدروس الخصوصية لزيادة ثمن الحصة، فالضريبة لن يتحملها إلا ولى الأمر، لذا نطالب بإعادة التفكير فى هذا القرار من جديد، واصدار قرارات أخرى تصب فى مصلحة الطالب وولى الأمر مثل حلول لمشكلات الكثافة ولتدريب المعلمين وتهيئة المناخ المناسب لسير العملية التعليمية فهناك عجز صارخ فى عدد المعلمين ومحاولة تحسين ظروف المعلم المادية والمعنوية.
قرار غير قانونى
من جانبه، أكد الخبير القانونى، أحمد حامد ، عضو مجلس نقابة المحامين بالقليوبية، ، أن تحصيل ضرائب من الدروس يعد تقنينًا لها، موضحا أنه ليس هناك ضرائب على عمل غير مشروع، ولا يمكن للحكومة تحصيل ضرائب من تجار المخدرات باعتبار أنها تحقق أرباحًا، مشيرا الى أن تحصيل الضرائب يتم من العمل المشروع فقط، موضحًا أنه إذا قامت الحكومة بتحصيل ضرائب من مراكز الدروس فهذا يعني أنها حصلت على حقها الضريبي.
ويرى حامد ، أن هذا القرار يعد أحد القرارات الغريبة التى لا تتضح الجدوى من تطبيقه، مؤكدا أنه كيف يمكن أن يتم فرض ضريبة على نشاط ممنوع مزاولته وغير قانونى من الأساس، موضحا أنه حتى إذا التزم أصحاب مراكز الدروس الخصوصية بالتقدم لفتح ملف ضريبي، فهنا وجب على وزارة المالية بعد تحصيل مبلغ الضريبة منه أن تقوم بالإبلاغ عنه لأنه ممارس غير قانوني، وبالتالى فالعملية غريبة شكلا ومضمونا، مؤكدا أن هذا القرار لن يجد مستجيبا له من أصحاب المراكز أو المدرسين لأنه لن يقوم بتسليم نفسه بيده، فهو على علم كبير بأنه مخالف، وبالتالى فهذا القرار غير ذى جدوى ولن يتم تحقيق أموال من ورائه بأى شكل من الأشكال، مضيفا انه من جهة أخرى فالمدرس أو صاحب المركز فى حالة عدم تقدمه لفتح الملف الضريبى ، وفقا للقرار، سيكون على سبيل المثال متهربا، لكنه من الأساس مخالف بإعطائه الدروس الخصوصية، فمن الأولى ضبطه كمخالف للقانون قبل الحكم عليه بأنه متهرب.

التعليقات متوقفه