دراسة لـ البنك الدولى حول الإنفاق فى قطاع التعليم بمصر:70% من الطلاب مازالوا غير قادرين على القراءة فى سن العاشرة

نقص عدد المعلمين تجاوز الـ 320 ألف معلم .. و 92% نسبة الرواتب والأجور من موازنة القطاع

35

الفجوة فى كثافة الفصول بين المدارس الحكومية والخاصة تخطت الـ 70%
عدم استقلالية المدارس الحكومية مادياً وراء تدهور العملية التعليمية
التمويل الحكومى يظل ضرورياً لدعم أطفال الأسر الفقيرة والأولى بالرعاية
ارتفاع نسبة الأجور بالموازنة لعدم كفاية الإنفاق العام وليس لزيادة الرواتب
توزيع الطلاب على فترات دراسية متعددة ومعلمو العقود المؤقتة ومسابقة الـ 30 ألف .. إجراءات حكومية لم تؤت بثمارها ولاتزال الأزمة مستمرة

 

دراسة حديثة صادرة عن البنك الدولى حول الانفاق فى مصر، أن التعليم الاساسي تضمن ما يقرب من 25 مليون طالب، 21% بمرحلة رياض الاطفال ، وهو أدنى معدلات التسجيل والقيد فى منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ، وبناء عليه تنخفض نسبة ما يقدمه القطاع العام من خدمة تعليمية فى هذة الفئة، ونفس الامر فى مرحلة التعليم الثانوى ، مفسرة ذلك بأن دور المدارس الخاصة يزداد بشكل أسرع في تقديم خدمات التعليم، مضيفة أن المرحلة الابتدائية مثلت النسبة الاكبر فى القيد بـ 50% ، بينما قيد 23% بالمرحلة الاعدادية، وأن هناك أكثر من مليون معلم فى قطاع التعليم، فى حين بلغ عدد الاداريين 500 ألف موظف. أجندة الإصلاح
وأضافت الدراسة أنه على الرغم من التحسن في التقييمات الدولية التي ترصد مستوى جودة التعليم، الا أن نواتج التعلُّم لاتزال أقل بكثير من احتياجات الدولة، الوضع الذى يعكس التحديات التي تواجه نظام التعليم ، حيث تحتل مصر الشريحة العشرية الدنيا من البلدان ، فوفقاً لتقرير فقر التعلم هناك 70% من الطلاب فى سن العاشرة لا يستطيعون القراءة بينما يصل 25% من الطلاب للمستوى المتوسط.
بينما استهدفت أجندة إصلاح التعليم 25 مليون طالب و 1.3 ملايين معلم و50 الف مدرسة حكومية ، وذلك من تطبيق المناهج الجديدة، وتوفير التدريب اللازم لمعلمى رياض الاطفال والصفوف الاولى من الاول وحتى الرابع والخامس الابتدائى، بالاضافة إلى اجراء دراسة تشخيصية لأوضاع رياض الاطفال وتحديد نقاط القوة والفرص المتاحة لتعزيز تطبيق ممارسات التدريس في رياض الاطفال داخل الفصول، تطوير موارد تعلم رقمية وتليفزيونية للصفوف من الرابع الابتدائى وحتى الثالث الثانوى.
النقص العددى
وأكدت الدراسة فيما يتعلق بأجندة الاصلاح فى قطاع التعليم وما تستهدفه خلال الفترة القادمة ، على ضرورة وضع إطار زمنى للتقييم للصف الرابع الابتدائى وفقا لما استرشدت به الادارة الاساسية فى ديسمبر 2021، وكذلك وضع تصميم لامتحانات التعليم الثانوى واجرائها للصفوف من الاول وحتى الثالث الثانوى مع التركيز على التفكير رفيع المستوى، مشيرة الى التحديات التى تواجهها الحكومة خلال السنوات الاخيرة والتى تحتاج الى امكانيات هائلة ومنها النقص فى عدد المعلمين وعدد الفصول خاصة بمدارس المرحلة الابتدائية الحكومية، حيث تشير تقديرات وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، إلى وجود نقص فى عدد المعلمين يتجاوز 320 الف معلم ، وان كان السبب فى هذا النقص هو وقف التعيينات منذ فترة طويلة شهدت خلالها مدارس المرحلة الابتدائية زيادة مستمرة فى عدد الطلاب، علاوة على أن عملية بناء الفصول لم تستطع مواكبة الطلب على التعليم.
وأشارت الدراسة الى أن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى ، لجأت الى الاستعانة بمعلمين بعقود مؤقتة وتوزيع الطلاب على فترات دراسية متعددة على مدار اليوم، لمواجهة هذا النقص خلال العامين الماضيين، الى أن قررت الحكومة السماح بتوظيف 30 ألف معلم سنوياً بداية من الاونة الاخيرة لـ 2022، مع إعطاء الاولوية للصفوف الاولى من التعليم، رغم انه وحتى الان غير واضح اذا كانوا سيعملون معلمين بعقود مؤقتة أم موظفين؟!
الإنفاق والرواتب
لايزال الانفاق على قطاع التعليم منخفضاً ، حيث أن الزيادات المتتالية فى الموازنة لم تكن كافية لتترجم إلى أن انفاق حقيقى اكبر، خاصة فى ضوء زيادة عدد الطلاب المستمرة ، حيث انخفض الانفاق على التعليم بنسبة 2.8% من اجمالى الناتج المحلى لعام 2015/2016 لـ 1.7% للعام 2019/2020، حيث تستحوذ رواتب الموظفين الاجمالية على غالبية الموارد المالية المخصصة لقطاع التعليم، رغم انها على المستوى الفردى منخفضة وغير كافية، ففى عام 2021 مثلت الرواتب والاجور والتى شملت رواتب المعلمين والانفاق على الاداريين ، أكبر بنود الانفاق فى موازنة قطاع التعليم بنسبة 92% ، بينما شملت النسبة المتبقية الـ 8% كلا من السلع والخدمات والمنح والمزايا الاجتماعية وانفاق الهيئة العامة للابنية التعليمية بنسب 5.6%، .1% ، 2% على التوالى.
وأوضحت الدراسة أن نسبة الانفاق العالية على رواتب العاملين فى قطاع التعليم فى مصر ليست نتيجة لارتفاع رواتب المعلمين بل هى انعكاس لعدم كفاية الانفاق العام، حيث أن المقارنات الدولية أوضحت أن رواتب المعلمين كمضاعف لنصيب الفرد من الناتح المحلى تبلغ 1.1% وهى أقل نسبة فى بلدان أخرى نظيرة ففى تركيا على سبيل المثال تمثل 1.5% ، وفى الاردن 2.5%، وهو ما ينعكس واضحاً فى تدنى المهارات المناسبة والابقاء عليها وتؤثر ايضاً على الحافز على العمل ويدفع الكثيرين إلى العمل فى الدروس الخصوصية كعمل اضافى ، وبمقارنة عدد ارتفاع نسب الطلاب إلى المعلمين نجد أن أعداد المعلمين ليست زائدة عن الحد.
الفجوة بين الحكومى والخاص
تختلف كثافة الطلاب فى الفصول على مستوى المحافظات اختلافاً كبيراً بين المراحل التعليمية خاصة بالمرحلتين الابتدائية والثانوية، حيث تصل الكثافة الطلابية فى الفصول بالمرحلة الابتدائية لـ 50% وتنخفض لـ 40% بالمرحلة الثانوية، فى حين تبلغ أقصى نسبة 71% بالمرحلة الابتدائية مقابل 54% بالمرحلة الثانوية.
وكشفت الدراسة أن الفجوة بين التعليم الحكومى والخاص فى اتساع مستمر، فعلى مدار السنوات الخمس الاخيرة زادت نسبة الطلاب الى المعلمين فى المدارس الحكومية بمقدار 21% فى حين انخفضت بالمدارس الخاصة بمقدار 7%، بينما زادت كثافة الفصول فى مدارس المرحلة الابتدائية الحكومية بـ 44% عن المدارس الخاصة عام 2017 ، وسجلت نسبة كثافة الطلاب بالمدارس الخاصة فى الفترة مابين 2017 وحتى 2021 انخفاضا طفيفاً بمقدار 2% لتسجل 32% فى حين زادت النسبة بالمدارس الحكومية بمقدار 15% لتسجل 56% وهذا يعنى أن الفجوة بين المدارس الحكومية والخاصة تخطت الـ 70% فى عام 2021.
وأضافت الدراسة أن ضعف استقلالية المدارس الحكومية يسهم بشكل كبير فى تدهور بيئة العملية التعليمية، مشيرة الى عدم القدرة على توفير الامكانيات اللازمة لتلبية احتياجات المدارس، علاوة على محدودية استقلالية هذه المدارس مادياً لانها تحصل على مخصصاتها من بنود الموازنة مما يحول دون اتخاذ مديرى المدارس قرارات مستقلة بشأن المخصصات.
توصيات
فيما أوصت الدراسة لرفع كفاءة الانفاق العام على قطاع التعليم وفعاليته لعدد من النقاط ابرزها زيادة الموارد المخصصة للتعليم الابتدائى بما يزيد من مستوى الاداء والعدالة ، حيث أن توفير موارد اضافية له تأثير كبير على المراحل الادنى من التعليم الاساسى، بالاضافة الى زيادة القدرة على الالتحاق برياض الاطفال، من خلال توفير خدمات التعليم الحكومية والخاصة لتأهيل الاطفال بشكل أفضل للالتحاق بالمرحلة الابتدائية ليزيد من احتمال بقائهم فى التعليم لفترة اطول، خاصة الاطفال من الفئات ذات الدخل الاكثر انخفاضاً والذين هم أكثر عرضة للتسرب من التعليم، مؤكدة على أن التمويل الحكومى يظل ضرورياً، خاصة للاطفال من الاسر الفقيرة والأولى بالرعاية.

 

التعليقات متوقفه