ماجدة موريس تكتب :الإبداع والمحبة لا يفترقان

2

ثلاثة مبدعون، ظهروا في أزمنة متقاربة، لكن الحياة ذهبت بكل منهم إلي عمل ومصير مختلف، وهم مقدمة البرامج التليفزيونية فايزة واصف، وأول راقصة باليه مصرية ماجدة صالح، والمعلم الذي ذهب للثورة چورج اسحاق، الثلاثة رحلوا في نفس الاسبوع، وبدا وداعهم لدي الكثيرين منا وكأنه استعادة لما ينقصنا الان من ملامح فكرية وابداعية، وحزن علي الحال، وهو ما يدفعنا لفتح ملفاتهم، والبحث عن أسباب تأثيرهم والحزن علي رحيلهم، وهل هو الحزن الشخصي، ام الاسف علي جسارتهم في الذهاب إلي تحدي المألوف والمعتاد والبحث عن المختلف الذي يضيف جديدا للحياة، والناس. وهو ما قدمه الثلاثة وجعلوه مشروع حياة يستحق بذل كل الجهد، ومقاومة الرفض، والاستمرار، نماذج ابدعت انسانيا برغم تراخي المجتمع في اكمال انجازاتها، ولكن التاريخ وحده يبقيها ولهذا شعرت مثل الكثيرين بأننا قصرنا حين اوقفنا معهد الباليه وألغينا هذا الفن من مصر، فقد كانت ماجدة صالح رائدة في فن الباليه المصري منذ أن قررت مصر في عهد وزير الثقافة العظيم ثروت عكاشة انشاء اكاديمية للفنون، ومعهد عال للباليه، وذهابها مع اربعة طالبات غيرها إلي منحة للدراسة في اهم معهد للباليه في العالم «البولشوي » في روسيا، وعودتهن بعد 4 سنوات ليقدمن اول عرض باليه مصري عام 1966 علي خشبة دار الاوبرا المصرية القديمة التي احترقت بعدها بسنوات قليلة وساعتها ذهبت الي المكان ووقفت تبكي عملها وفنها، ثم ذهبت الي امريكا للدراسة وتوثيق تاريخ الرقص المصري، وحصلت علي الماچستير، ثم الدكتوراه في الرقص الحديث، وعادت الي مصر لتعمل كعميدة للمعهد، وبعدها تذهب الي إدارة دار الاوبرا المصرية الجديدة التي افتتحت عام 1988، ولا تستمر فتعود للتدريس في نيويورك، وتقدم حفلات قليلة قبل ان تعلن اعتزالها عام 1993 مؤكدة ان عمر راقصة الباليه مثل عمر الفراشات في الفيلم الوحيد الذي رأيتها خلاله «هامش في تاريخ الباليه» انا وجمهور مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والذي عرض منذ عدة اعوام، واستطاع مخرجه هشام عبد الخالق ان يوثق فيه رحلتها مع رحلة فن الباليه وأهم محطات هذا الفن في مصر، ولم تكن وحدها ولكنها كانت الاكثر ظهورا وتأثيرا في هذا الفيلم الذي ربما يكون الوحيد الذي حفظ لنا تاريخ هذا الفن.

المذيعة مخ وليست منظرا
هل أثرت ثقافة القنوات الخاصة علي نظرتنا للعاملين بها، أم ان «النظرية» اختلفت؟، الاجابة قدمتها الاعلامية الكبيرة فايزة واصف التي نجحت في تقديم برنامج تاريخي لمدة 35 عاما علي شاشة التليفزيون المصري وهو برنامج «حياتي» الذي كان اسمه «رسالة» قبل ان يصبح برنامجا فريدا يحول شكاوي المشاهدين إلي دراما قصيرة يبدأ بها البرنامج قبل ان تستضيف مقدمته خبراء من كل التخصصات لحل المشكلة التي يرسلها المشاهد، وفي حوارها المهم مع الصحفية الرائعة سها سعيد ضمن حوارات كتابها الاول عن نجوم ماسبيرو، يمكننا معرفة الكثير عن منهج الاعلامية القديرة الراحلة ورؤيتها للعمل الاعلامي بداية من دعمها لنفسها بالدراسة في معهد المسرح قسم اخراج وتمثيل بعد دراستها لعلم النفس في كلية الآداب، وذلك حتي تتغلب علي مشكلة الخجل الذي كانت تعانيه في تعاملاتها مع الناس، ومن هنا ساهمت في كتابة الدراما للبرنامج حين كان هذا ضروريا، كانت تتابع ايضا كل ما يخص مع المخرج وكل فريق العمل، وتناقش العاملين معها حول الاكثر أهمية في رسائل المشاهدين، وتقرأ كل ما يخص مشكلة الحلقة، وتعد نفسها لمواجهة المحاورين من اساتذة الاجتماع والقانون وغيرهم، انها، باختصار، تدرب عقلها باستمرار لتكون قادرة علي حمل ثقل برنامج ينتظره الناس ويعتبرونه المعبر عنهم، ولهذا لم تسمح بعرض بعض المشاكل التي قد تندم عليها وفقا لالتزامها الكامل بالبرنامج وقضايا الناس، ولهذا قلت إن المذيعة زمان كانت « مخ» وحاليا «شكل»» .
من الثقافة إلي السياسة
ولد في مدينة بورسعيد، وتعلم فيها الكثير قبل ان يذهب للدراسة في جامعة القاهرة، ويعمل مدرسا للتاريخ عام 1964، وتدفعه رغبته في تعليم أفضل لأبناء المدرسة الي اقامة انشطة ثقافية وفنية واحضار كتاب ونقاد وفنانين لأجل هذا « وقد عرفته في هذا الوقت وهو يقود النشاط الطلابي» وفي نفس الوقت، لا يتوقف جورج اسحاق ابو الفضل جاد الله عن تأدية واجبه الوطني منذ بدأ نشاطه بمشاركة الفدائيين في بورسعيد في مقاومة الاحتلال البريطاني، ثم مقاومة جيوش العدوان الثلاثي عام1965، والمشاركة في المظاهرات بعد النكسة، دائما كان يشارك في كل نشاط شبابي ضد أي خطر علي وطنه، وحين اصبح التوريث وشيكا في الالفية الجديدة انضم الي مجموعة شكلت حركة اسمها «كفاية» ضد سياسة التوريث في عهد مبارك، وانضم الي الجمعية الوطنية للتغيير، ونزل إلي الشوارع في ثورة يناير، واستقر في ميدان التحرير.

التعليقات متوقفه