ضد التيار ..أمينة النقاش تكتب :«يونيو» فى عيدها العاشر

3

أيام قليلة، ويحل العيد العاشر لثورة الثلاثين من يونيو 2013، التى شكلت علامة فارقة ليس فى مصر فقط، بل أيضا فى المنطقة والإقليم والعالم. ومنذ اليوم الأول لنجاحها، أحاطت جماعة الإخوان والمتعاطفون معها داخل مصر وفى العالم الغربى، ثورة يونيو بسيل من الأكاذيب، والشائعات، لم يكن يصمد طويلا أمام صور أكثر من ثلاثين مليون مصرى شهدهم على الهواء مباشرة معظم دول العالم، خرجوا إلى شوارع كل محافظات الجمهورية، يطالبون برحيل دولة المرشد، فساند مطلبهم بجسارة وإحساس بالمسئولية، الجيش وقائده المشير” عبد الفتاح السيسى “.لم يكن أحد فى الدوائر الدولية التى عملت بدأب لكى تتولى جماعة الإخوان حكم دول المنطقة، بزعم أنها أكثر اعتدالا من بقية فصائل الجماعات الإسلامية المتطرفة، يريد أن يصدق أن المصريين الذين شاركوا فى صعود جماعة الإخوان لتولى حكم البلاد، هم أنفسهم من قرروا بعد عام من المرار والخراب والاستبداد وإنسداد الأفق، أن بقاء الجماعة فى سدة الحكم بات خطرا وجوديا يهدد مستقبل بلدهم.

راجت لسنوات أكذوبة الجماعة وأنصارها، أن ماجرى فى الثلاثين من يونيو هو إنقلاب عسكرى على أول حكم مدنى منتخب منذ ثورة 23 يوليو عام 1952، دبره المشير «السيسى» ليستولى به لنفسه على السلطة. شوشت أجهزة الدعاية الإخوانية فى المحطات التيفزيونية والصحف والمنصات الإليكترونية على كل محاولات وزير الدفاع التى سبقت الثورة، وباءت بالفشل، لكى تعتدل الجماعة فى حكمها، وتكف عن سياسات التحكم والإقصاء والهيمنة، وتتصالح مع مطالب الحركة السياسية بالدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، وتتوقف عن حشد أنصارها فى مليونيات شبه يومية لمواجهة المعارضين لها.
كانت الجماعة قد امتلأت بالغرور والثقة المفرطة بالنفس، بعد أن صاغت على مقاس أطماعها دستور 2012 الذى رفضته معظم القوى الحزبية والسياسية، وعززته بإعلان دستورى ينصب الرئيس الإخوانى دكتاتورا من طراز غير مسبوق، لقمع المعارضين ووضع كل السلطات التنفيذية والتشريعية فى يديه، ومنحه السلطة المطلقة فى تعيين وتسريح القضاة، بعد أن كان قد أحكم سيطرة الجماعة على وسائل الإعلام القومية، وعلى تشكيل مجلسى الشعب والشورى.هذا فضلا عن المناخ الاجتماعى المتزمت الذى أشاعه فى المجتمع حكم الجماعة وتحلفاتها الانتهازية مع أشد القوى السلفية تطرفا، مما ساهم فى اصطناع الفتن الطائفية والصراع المذهبى، وخرب فى مصادر الدخل القومى من قطاعى السياحة والفنون، فضلا عن إنعدام الكفاءة فى إدارة اقتصاديات البلاد.
مسحت جماعة الإخوان من ذاكرتها وذاكرة المتعاطفين معها، أن المشير «السيسى» فى اجتماع 3 يوليو 2013 الذى أصدر فيه القرارات التى نفذت إرادة المصريين فى 30يونيو، قد دعا الجماعة للمشاركة فى إصدارها، لكنها بعد الموافقة تخلفت عن الحضور. وحين طلب المشير السيسى فى 26 يوليو تفويضا من المصريين للجيش، بالتصدى لأعمال العنف والإرهاب المحتملة، وحماية الأمن القومى للبلاد، تمسكت الجماعة بمواصلة الاعتصام فى رابعة والنهضة، حين قادها وهم القدرة على تكرار التجربة السورية فى تقسيم مؤسسات الدولة بينها وبين معارضيها، وجلب الاعتراف الدولى بذلك التقسيم.
وفى الميدانين أعلنت جماعة الإخوان حربا لن تتوقف لتدمير مؤسسات الدولة، إذا لم يتم التراجع عن اجراءات 3يوليو، وعودة الرئيس محمد مرسى إلى قصر الاتحادية. ونفذت الجماعة وعيدها بالفعل بعد فض الإعتصامين، بحرق الكنائس والمساجد وتدمير أقسام الشرطة ومديريات الأمن والمحاكم، وتوطين إرهابيين من شتى بقاع الأرض فى سيناء، وبدء حملة اغتيالات لضباط الشرطة والجيش والقضاة، لترويع المجتمع المصرى والمسئوليين الحكوميين حتى تتم الاستجابة لشروطهم!.
وفى العام العاشر لثورة 30 يونيو جرت فى النهر مياه كثيرة، ألهمت أحداثها بعضا من دول الأقليم إن فى تونس أو فى السودان، أو حتى فى الجزائر، وتراجع للمؤخرة الفروع الإقليمية للجماعة فى المغرب وبعض الدول الأفريقية. وفشلت جماعة الإخوان طوال عقد كامل من استغلال الأزمة الاقتصادية -الذى كان التصدى لإرهابها أحد صانئعها – فى تحريض المصريين على الثورة والفوضى من جديد. كما فشلت فى إحداث وقيعة بينهم وبين مؤسسات الدولة الحيوية كالشرطة والجيش والقضاء والرئاسة. أما الظروف المحلية والإقليمية والدولية فقد تغيرت لغير صالحها.ومن الغريب وسط تلك التغيرات أن تشهد الساحة السياسية الآن بالونات اختبار، تطلقها جهات محسوبة للأطراف داخل الحكم أو خارجه، بإمكانية عودة الجماعة لممارسة العمل فى الفضاء العام، إن هى اعتذرت عن جرائمها وغيرت من سياساتها، بعد كل ذلك التاريخ الدامى الذى لم يعرف لها خلاله حفظ العهود وصون الاتفاقات.وذلك فى ظنى استهلال غير موفق للاحتفال بتلك المناسبة التاريخية، فضلا عن أنه استهانة بمشاعر المصريين وتضحياتهم، وهى استهانة محفوفة بالمخاطر، لأنها بمثابة قنبلة موقوتة، لن تنفجر سوى فى وجه المروجين لها والداعين إليها!.

التعليقات متوقفه