ماجدة موريس:مليحة .. والدراما المنتظرة

14

هل كان من الطبيعي أن نرى أعمالا درامية مهمة في الموسم الدرامي السنوي في رمضان بدون قضية القضايا؟ وهل كان طبيعيا أن تناقش هذا الأعمال قضايا جديدة وبعيدة في حياتنا بدون التعرض للقضية الفلسطينية التي نعيش أزمتها منذ ستة أشهر كاملة بالحرب الوحشية على غزة والمستمرة حتى الآن؟.

من هنا جاء عرض المسلسل الجديد (مليحة) ليعيد الأمور إلي نصابها الطبيعي، ولتصبح الدراما أفضل تعبير، وتذكير للملايين منا بالماضي الذي تمت فيه مؤامرة لسرقة فلسطين وترويع وطرد شعبها، حتي الآن وحتي هذه اللحظة بعد أكثر من مائة عام من التآمر و٧٦عاما من السرقة الرسمية لبلد وكتابة اسم آخر عليها، وهو ما يقدمه لنا هذا المسلسل من خلال أسلوب يجمع بين الوثيقة الحقيقية، في البداية قبل التيتر، وحيث يحكي جد لحفيده- بأداء صوتي لسامي مغاوري- ما حدث من خلال الوقائع الحقيقية وصور الأرشيف العالمي بالأبيض والأسود)، ثم تبدأ الأحداث الدرامية للعمل الذي قامت بكتابته الكاتبة التي أقرأ اسمها للمرة الأولى (رشا الجزار)، وأخرجه المخرج القدير (عمرو عرفة) الذي رأينا له أعمالا عديدة منها أفلام لا تنسي مثل (أفريكانو)، (ومن ٣٠سنة)، (وزهايمر)، (والسفارة في العمارة) الفيلم المهم لعادل أمام عن القضية الفلسطينية وعلاقتها بالمصريين، وهو هنا يعود لهذه القضية من جديد في ذروة أزمة جديدة تعيشها ويعيشها العالم كله معها ليقدم لنا دراما عن أزمة سابقة عاشها نفس البشر عام ٢٠٠٠، واضطرت عائلات كثيرة من أهل غزة للهجرة إلى مكان آخر، وبينها عائلة مليحة الممرضة الشابة (بأداء سيرين خاص) وجدها وجدتها وشقيقتها، وفي ليبيا استقرت الأسرة سنوات حتي جاءت أحداث ٢٠١١ فتركتها إلي السلوم علي الحدود المصرية مع ليبيا، ومنها إلي هجرة جماعية جديدة إلى الوطن، وغزة، لكن هذه الرحلة الصعبة الطويلة لم تكن لتتم بدون دعم كبير من جيش حرس الحدود المصري وبينهم الضابط أدهم (دياب) ومن آخرين كالطبيب هشام الذي كانت مليحة تعمل معه في ليبيا (علي الطيب) ومن كثيرين غيرهم من المعارف والأصدقاء والبشر العاديين الذين كانوا يقدمون المساعدة لأشقائهم قبل ان تطلب، وبينهم عائلة الضابط وأمه حنان (بأداء ميرڤت أمين) وأبنائها، وشقيقها وزوجته (أشرف ذكي وحنان سليمان) لنجد أنفسنا أمام دراما متشابكة بين هموم الرحلة وحاضرها ما بين السلوم حتي القاهرة وبعدها العريش التي نقل اليها الضابط أدهم، وترنو إليها العائلة الفلسطينية كمدخل إلي مدينتها غزة، كيف يتم التفاعل بين الجميع؟ وكيف يصبح الوفاء والدعم من الجميع، خاصة بعد وفاة الجد الفلسطيني أثناء الرحلة، ووفاة الضابط هادي، زميل أدهم في حرس الحدود أثناء اشتباك أصيب فيه ادهم في ذراعه، واللقاء الصعب مع أسرته، وأزمة الجدة والبنات بعد وفاة الجد، بل وأزمات أسرة الضابط خاصة شقيقه علي (أمير المصري) والتي نراها عبر خطوط وملامح وأماكن جديدة على الدراما مثل ساحل مصر عند مرسي مطروح والطريق الطويل إلى القاهرة، أننا أمام عمل درامي له ملامح مختلفة عن كل ما شاهدناه من أعمال أخرى، وقضية كبيرة، وقد مرت نصف حلقات المسلسل وبالتالي فهناك حكم أخير بعد نهاية عرضه، لكن الترحيب به ضروري، وشكر الشركة المنتجة واجب، فبين ما يزيد على ثلاثين عملا، يصبح التوقف أمام أعمال استثنائية مثل (الحشاشين) و(مليحة) ضرورة قصوى.

التعليقات متوقفه