ماجدة موريس تكتب :في محبة ماسبيرو

24

منذ ثلاثة أيام، الأحد 21 يوليو، أكمل التليفزيون المصري عامه الرابع والستين بدون احتفال، ولكن التاريخ لا يضيع مهما ضاع التقدير، ومن هنا فإن كل لحظة نقضيها امام شاشات التليفزيون المصرية والعربية والدولية الآن تتعلق بهذا التاريخ الذي ولد فيه التليفزيون المصري عام 1960، والذي رأينا فيه كمصريين هذا الاختراع الإعلامي الجديد والذي يعود تاريخ ظهوره الى عام 1884 علي يد الألماني بول نيكو، وبدأت التجارب عليه فورا في دول أخرى، ثم المنافسة علي استخدامه لميزته الكبري عن الاذاعة وهي الصورة، ولتكون بريطانيا اول من يدشن شكل البث التليفزيوني المنتظم من خلال هيئة إذاعتها الشهيرة (البي بي سي) عام 1936 التي كانت اول مؤسسة تصور برامج وتقدم البث الحي من خارج الاستديوهات، وليصل الأمر الي منافسة حامية، خاصة في أمريكا بين ثلاث شبكات كبري، وبداية استخدامه سياسيا في تغطية حملة الرئاسة الأمريكية عام 1952، اما في عالمنا العربي، فقد كان السبق للتليفزيون العراقي عام 1954. وهو نفس العام الذي بدأت فيه. فكرة إنشائه في مصر من خلال صلاح سالم وزير الإرشاد القومي وقتها إلى الرئيس عبد الناصر الذي وافق عليه، وطلب الي المهندس صلاح عامر، وكيل الاذاعة للشؤون الهندسية تنفيذه، وتم اختيار موقعه، ولكن تعطل انشاؤه بسبب العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 حتي أواخر 1959، وبعدها جدد وزير الإرشاد القومي الجديد الدكتور عبد القادر حاتم عرض المشروع، وبدا التنفيذ الفعلي وفي عام 1960 انتهي انشاء مركز الاذاعة والتليفزيون الجديد، ليكون اول بث تليفزيوني مصري يوم 21 يوليو، في مناسبة الاحتفال بالعيد الثامن للثورة.

صورة الرئيس
في هذا اليوم، كانت المرة الاولي التي رأى فيها المصريون في بيوتهم صورة الرئيس وهو يلقي خطابه بمناسبة عيد الثورة امام مجلس الأمة في حفل افتتاحه، وهو ما أعلنه الاذاعي الكبير صلاح ذكي، الذي أصبح اول مذيع تليفزيوني في هذه اللحظة حين ظهر ليعلن مولد التليفزيون العربي من القاهرة (بعدها اصبح اسمه التليفزيون المصري)، وبعد خطاب الرئيس بدأت مجموعة من الأناشيد والأغنيات الوطنية مثل (حكاية شعب ) لعبد الحليم حافظ وغيرها، ليتوقف هذا البث التجريبي في اليوم التالي، ويفتتح رسميا اليوم الثالث -23 يوليو – بقناة واحدة، ولمدة خمس ساعات يوميا، وبعد عام في نفس الموعد (21 يوليو1961) تنطلق القناة الثانية للتليفزيون المصري ويمتد إرسال القناة الاولي الي ثلاث عشرة ساعة يوميا، وبعد عام، 1962، تنطلق القناة الثالثة ويصبح مجموع ساعات الإرسال ثلاثين ساعة يوميا، وفي عام 1970، يصدر قرار الرئيس السادات بإنشاء اتحاد الاذاعة والتليفزيون المصري، وإنشاء مبني جديد ليتسع لكل قطاعاته واتساعاته القادمة وبينها القنوات الإقليمية ثم الفضائية، ثم القنوات المتخصصة، انها قصة مهمة، وملهمة، ومليئة بالتفاصيل التي تحتاج الي دراسة عميقة لتقييمها، واستخلاص دروسها، فتاريخ ماسبيرو (وهو الاسم الذي أطلق علي المبني العملاق منسوبا الي الشارع الذي يحمل اسم عالم الآثار الفرنسي) تاريخ كبير، وشديد الاهمية ضمن تاريخنا الحديث، والذي تطور فيه الاعلام المصري منذ بداية الصحافة الي ظهور الاذاعات الخاصة، ثمّ اختفاءها لاجل اذاعة واحدة فقط، هي الإذاعة المصرية، وأخيرا التليفزيون المصري، وأجياله الجديدة الآن، فكل التحية له ولهذا التاريخ الكبير الرائع.

التعليقات متوقفه