#هاشتاج: ضحايا “مانشستر” و ”ضحايا المنيا”

154

عندما أوقع هجوم إرهابى بضحايا أبرياء فى حفل غنائى راقص بمدينة “مانشستر” شمالى انجلترا فى الثانى والعشرين من مايو الماضى، شرعت عشرات الشركات والمنظمات فى تنظيم حملة لجمع التبرعات لصالح صندوق الطوارىء: “نحن نحب مانشستر” التابع للصليب الأحمر البريطانى.
وأعلنت “فودافون انجلترا” فى بيان عبر موقعها على الإنترنت عن مشاركتها فى الحملة، وتخصيص أرقام سريعة، ورسائل قصيرة للتبرعات لمن يرغب فى المشاركة فى تلك الحملة الإنسانية.
وتحفيزا للحملة، أعلن “صندوق فودافون”، وهو هيئة خيرية مسجلة فى المملكة المتحدة، أنه سوف يتبرع بنحو 100 ألف جنيه استرلينى، مقابل أول 100 ألف جنيه استرلينى يتم جمعها من موظفى الشركة، وأصدقائهم، وعائلاتهم، ومن العملاء، والمزودين، وشركاء الأعمال.
وبالطبع، لا يمكن لأى عاقل إلا أن يدين الإرهاب، وأن يتعاطف مع الضحايا الأبرياء، وأن يثمن موقف جميع الهيئات، والشركات التى أعلنت التزامها بالمشاركة فى الحملة تعاطفا مع الضحايا، ودعما لهم فى تلك الأزمة.
ولكن يبدو أن لون الدم البشرى ليس واحدا، تماما كما أن سياسات “فودافون انجلترا” تختلف تماما عن سياسات “فودافون مصر” (فى بعض الحالات المختارة فقط).
“فودافون انجلترا” تصرفت بمنطق إنسانى، ولم تكتف بإعلان حزنها وتألمها من الحادث (وإن كانت تحركت متأخرا بعد الحادث بأيام) بل، قرنت الفعل بالقول، وسارعت بتخصيص عدة طرق وآليات ووسائل بديلة للتبرع لصالح ضحايا مانشستر.
على العكس تماما من الحالة الإنجليزية من التعاطف الواسع مع ضحايا الحفل الغنائى الراقص، تتعرض مصر منذ سنوات لسلسلة من الهجمات الإرهابية، التى يذهب ضحيتها أبرياء من أيطال الجيش، والشرطة المصريين فى ساحات الواجب المقدس دفاعا عن الوطن، والمواطنين، فضلا عن مئات الضحايا من الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال، الذين تسيل دماؤهم فى دور العبادة، وخلال أدائهم الصلوات، وفى أوقات الاحتفالات بالأعياد الدينية، سواء فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، أو فى كنيستى الإسكندرية أو طنطا، إضافة إلى الأطفال ضحايا حادث الحافلة التى كانت متجهة إلى دير الأنبا صموئيل بصحراء المنيا.
هؤلاء المساكين، لم يجدوا من يحنو عليهم، لأن السياسات المطبقة فى “فودافون انجلترا” تختلف تماما عن السياسات المطبقة فى “فودافون مصر”، ولأن المسئولين عن “فودافون هناك” من طينة تختلف عن المسئولين عن “فودافون هنا”.
ويبدو أن الذنب ذنب الضحايا المصريين، إذ كانوا يؤدون الصلوات، ويحتفلون بالأعياد الدينية، أو فى طريقهم لأحد الأديرة. ولذا، لم يشعر بهم أحد، ولم يهتم أحد بمشاركتهم معاناتهم، أو بتنظيم أى مبادرة للتعاطف معهم، وغابت تماما قيم ومفاهيم المسئولية المجتمعية، أو التبرعات الخيرية الطارئة، لأن الأولويات التى تطبقها الشركات (سواء فودافون أو غيرها) فى مصر غائمة، وغير مفهومة، ولا يحكمها منطق الحاجة المجتمعية ولا الإنسانية، بقدر ما تحكمها، وتوجهها مصالح الدعاية، والإعلان، والشو الإعلامى الذى ستجنيه الشركة جراء ذلك.
تجاوب “فودافون انجلترا” مع ضحايا “حادث مانشستر”، يختلف تمام عن الغياب التام الذى سجلته “فودافون مصر” مثلا عن ضحايا “حادث المنيا”. وهو ما يوضح أن السياسات التى تطبقها الشركات فى مصر، تختلف عن السياسات التى تطبقها نفس الشركات فى الخارج، تماما كسياسة “الكيل بمكيالين”، وكأن: “الدم مش كله أحمر”.

التعليقات متوقفه