لقطات..د. جودة عبدالخالق يكتب:الحوار الوطنى والحكومة الجديدة..شركاء أم فُرقاء؟

114

مصر كلها في حالة ترقب لمولود طال انتظاره: إنه الحكومة الجديدة. ومعلوم أن الرئيس السيسى كلف الدكتور مدبولي بتشكيل حكومة من ذوي الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة، تعمل على تحقيق أهداف محددة فى إطار تطوير شامل للأداء الاقتصادى للدولة: (1) الحفاظ على محددات الأمن القومى المصرى فى ضوء التحديات الإقليمية والدولية. (2) وضع ملف بناء الإنسان المصرى على رأس قائمة الأولويات، خاصة فى مجالى الصحة والتعليم. (3) مواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية. (4) تطوير ملفات الثقافة والوعى الوطنى والخطاب الدينى المعتدل بما يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعى. (5) مواصلة الإصلاح الاقتصادى  لجذب وزيادة الاستثمارات المحلية والخارجية وتشجيع نمو القطاع الخاص. (6) بذل كل الجهد للحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق. ومعروف أن هذه القضايا بالتحديد هي موضوع النقاش فى الحوار الوطنى الذى بدأناه منذ سنتين بكثير من الحماس وفيض من الأمل في غد أفضل لمصر والمصريين.

أعتقد أن الحكومة الجديدة محظوظة، لأن المناقشات والمداولات الواسعة للحوار الوطنى قد خلصت حتى الآن بعدد كبير من التوصيات المعتبرة التي قُدِّمت للحكومة السابقة في المجالات كافة. ومن هذا المنبر، أطالب الدكتور مدبولى في مستهل عمل حكومته الجديدة أن يفتح الملف وأن يتم التعامل مع هذه التوصيات بجدية وبحسن نية تحقيقا للمصلحة العامة ولتحسين حياة المواطنين. وأذكِّر دولة رئيس الوزراء بأن هذه التوصيات جاءت استجابة مسئولة لدعوة فخامة رئيس الجمهورية للحوار. وهى في صميم مهام الحكومة الجديدة كما حددها رئيس الجمهورية.  وهى عصارة تفكير طويل ومناقشات ودراسات معمقة عبر ماراثون من الجلسات المفتوحة بمشاركة واسعة من معظم ألوان الطيف السياسى والاجتماعى والخبراء (حوالى 600 شخص). وهذه مجرد المرحلة الأولى، التي انتهت بعدد كبير من التوصيات المتعلقة بأولويات العمل الوطنى في المحاور الثلاثة للحوار: السياسى والاقتصادي والمجتمعى. ولا شك أنها فتحت أبواب الأمل ورفعت سقف التوقعات وخلقت حالة من التفاؤل لدى عموم الناس.

 

مجرد أمثلة: في المحور السياسى قدمنا للحكومة السابقة بدائل لنظام انتخابات البرلمان بمجلسيه، ومشروع قانون متكامل لانتخابات المحليات. ولم تتخذ أي خطوة لبحث تنفيذ أي من تلك التوصيات، رغم أن الانتخابات البرلمانية تحل بعد حوالى عام من الآن. كما أن انتخابات المحليات معطلة منذ 12 عاما. وفى المحور الاقتصادى قدمنا توصيات حول سياسة سعر الصرف والسياسة النقدية تحفظ قيمة الجنيه المصرى واستقرار الجنيه المصرى.  وتوصيات لمكافحة الغلاء وضبط الأسواق …إلخ. ومع ذلك استمرت الحكومة في اتخاذ قرارات تتعارض مع توصيات الحوار الوطنى. فماذا يفعل مجلس الأمناء في مواجهة الرأي العام؟

إن الحوار الوطنى ليس ملكا لمجلس الأمناء وحده. وهو لا يعنى الحكومة أو البرلمان أو الرئيس فقط. إنه ملك للأمة المصرية بجميع طوائفها. فهو نتاج أوسع عملية تفاعل شهدتها مصر لتبادل الآراء والأفكار والتصورات والرؤى ووجهات النظر. عملية كان التوافق هو المبدأ الحاكم لها في كل مراحلها. وقد استنفد جهودا وطاقات وموارد كبيرة من الأحزاب والقوى السياسية غير الحزبية ومنظمات العمل الأهلى والنقابات والخبراء والمسئولين وعموم الناس. والنتيجة أكثر من 100 توصية تغطى المحاور الثلاثة للحوار: المحور السياسى والمحور الاقتصادى والمحور المجتمعى. وليس هنا مجال سرد هذه التوصيات كلها. فقد أحيلت جميعها الى الحكومة السابقة. ولكن المدهش أن تلك الحكومة لم تبدِ القدر المطلوب من الحماس أو الجدية تجاه تلك التوصيات. ومن المهم أن يعرف الرأي العام ذلك. وأتمنى مخلصا ألا تكرر الحكومة الجديدة  نفس الخطأ السياسى للحكومة السابقة في التعامل مع الحوار الوطنى، الذى هو عملية استراتيجية بامتياز.

وأخيرا أطرح السؤال: إذا كانت الحكومة ومجلس النواب معترضين أو غير متحمسين للحوار الوطنىى، فما الذى يمكن لمجلس الأمناء عمله؟

التعليقات متوقفه