أين تقارير المؤسسات الدولية التى أشادت بالمناهج الجديدة؟

561

د. كمال مغيث: الوزير يغرد بمفرده أين ورش العمل وجلسات الطلاب والمدرسين التى تحدث عنها؟

د. رضا الخولى: منهج رياض الأطفال لم يستعن بمتخصصى المرحلة  

 

تحقيق- رضا النصيرى

تعد المناهج الدراسية المشكلة الأكبر التى أكد خبراء التعليم أنه بحلها يتم إصلاح المنظومة التعليمية بأكملها ،وقد ظل ملف التطويرمطروحا طوال السنوات الماضية إلى ان بدأ دكتور “طارق شوقى”، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، ببعض الخطوات التى تكشف عن خطة مستقبلية أعدتها الوزارة ، وبدأت تطبيقها بشكل جاد من العام الدراسى الماضى، والتى من المتوقع استمرارها حتى العام 2022، حيث اكد الوزيرعلى انطلاق قاطرة التطوير ، والتى تمثلت فى تطوير مناهج مرحلة رياض الأطفال والصفين الأول والثانى الابتدائي، وهى بداية الموجة الأولى من عملية تطوير شاملة تم التخطيط لها بدءًا من رياض الأطفال حتى نهاية المرحلة الثانوية، ووفق رؤية شاملة لما يجب أن يكون عليه خريج التعليم قبل الجامعى عام 2030، وعلى الرغم من الصعوبات التى واجهت عملية الانطلاق فى المرحلة  الأولى، إلا أنها مهدت لمراحل لاحقة من التطوير.

يشير دكتور” كمال مغيث”، اننا امام وهم كبير اسمه” منظومة تطوير التعليم” ، موضحا ان اى متخصص فى هذا الشأن لا يمكنه تقييم هذه التجربة الا من خلال ” وثيقة” تثبتها تقارير توضح ما هى اوجه التطوير ، وذلك هو المنطقى والعملى ، مشيرا الى ان اى تطوير لاى منظومة يبدأ بالتخطيط على الورق ثم الدراسة وورش العمل والحوار المجتمعى واقامة المؤتمرات مع الخبراء والمتخصصين بالشأن المنوط فيه التطوير ، بعد كل ذلك نخرج بوثيقة تطوير منظومة التعليم وهى عبارة عن عقد بين الوزارة و المجتمع تعرض من خلاله اهداف المنظومة الجديدة وفلسفتها وتوجهاتها والاليات وطرق التنفيذ والخطة الزمنية والمالية ثم الشركاء فى التطوير والتقييم ، مؤكدا ان كل هذه الخطوات ليست موجودة وما نحتكم عليه فقط هو تصريحات معالى الوزير وهو يغرد بمفرده ، فيتحدث عن تدريبات لمعلمين وورش عمل وجلسات مجتمعية مع طلاب واولياء امور ومدرسين ، وكل ذلك لم يحدث!

ويضيف “مغيث” الى تصريحات الوزير بأن المنظومة حققت اهدافها بنسبة نجاح 94% ، ولكن هل لدينا جهة بحثية مستقلة تؤكد هذه النسبة او اقل او اكثر؟!، لايوجد.

مضيفا ان ما ذكره الوزير فى مؤتمره الاخير حول وجود تقارير من مؤسسات  دولية متخصصة درست هذه المناهج الجديدة واشادت بها امر عليه علامات استفهام، فما هى هذه المؤسسات المتخصصة؟، وهل ليس لدينا مؤسسات مصرية يمكنها القيام بنفس التقييم؟، ثم اين هذه التقارير ؟ اليس من المفترض ان تنشر ام تمت فى غرف مغلقة ام انها تقارير شفوية او سرية؟!! كل ذلك يؤكد اننا امام ” كارثة تعليمية حقيقية”، فليس لدينا تقارير أو مجالس استشارية قوية توصل اراء المعنيين والمتخصصين الى الرئيس.

اما دكتور” رضا الخولى” ،استاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة الازهر، فيقول ان الأمر الجيد فى خطة التطوير الموضوعة هو وجود منهج موحد لرياض الأطفال على مستوى الجمهورية، موضحا انه كان من الممكن تقديم منهج أفضل بكثير من المنهج الذى تم وضعه، فى حال إذا تمت الاستعانة بمعلمات وموجهات من التخصص نفسه، بدلا من عدم الاستعانة بأى شخص له صلة بمرحلة رياض الاطفال ، مشيرا الى أن من قاموا بوضع المنهج الجديد ليس لهم صلة برياض الأطفال، معتبرا ان ما تم فعله هو “مجرد مسخ” لما يحدث فى دول مختلفة عنا فى معطيات كثيرة ، ومع ذلك تداعب الوزارة المعلمين بوجود خبراء أجانب فى التدريب، مؤكدا على انه لتقديم مناهج دراسية جديدة جيدة لابد من تطوير كل من أدوات التدريس والوسائل التعليمية والإمكانات المادية فى المدارس ومعايير التقييم لتتناسب مع هذه المناهج. واضاف” الخولى”، ان هناك ايجابيات يمكن النظر لها فيما هو مطروح على الورق ولكن على ارض الواقع ،قد يختلف الامر بعض الشىء وفق الاستعداد له ومتابعته، مشيرا الى أن الطفل فى مرحلة رياض الأطفال وفى السنوات الأولى الثلاثة بالمرحلة الابتدائية يكون فى مرحلة يطلق عليها “المرحلة التأسيسية” ويفضل فيها المنهج المتكامل المحوري.

بينما اشار دكتور ” عاشور ابراهيم” استاذ المناهج بكلية التربية، الى جزئية اخرى تخص فكرة “تدريب المعلم”، والتى نفذتها الوزارة خلال فصل الصيف ولفترة محدودة، الوضع الذى اعتبره غير عملى على الاطلاق ، موضحا ان التدريب على هذا الشكل لن يأتى بثماره، وان كانت فكرة التكامل التى اضيفت للمناهج جيدة ولكن بالنظر الى التطبيق نجد انه لا يوجد معلم لتدريس مثل هذه المواد ، وكان ينبغى قبل سنوات ،البدء اولا بالتغيير فى نظام إعداد المعلمم لمثل هذا النظام حتى يصبح معلما يستطيع تدريس هذه الأنظمة، مشيرا الى وجود اشكالية مهمه تتعلق بعدم وجود معلم لطلاب الصفوف الرابع والخامس والسادس الابتدائى على وجه التحديد ويوجد “فراغ”، ومن الصعب أن تستعين بفريق معلمين يدرسوا للطفل، وبالنسبة لتدريب المعلمين،ليس من شأن الوزارة ان تقوم به وفى الاغلب سيكون تدريبا ” شكليا”، على الورق فقط  ، لان ذلك دور كليات التربية ، حيث اعداد معلم يتناسب وهذا التغيير ، ولكن كليات التربية حاليا ليس بها أى إدراك لإعداد المعلم لتنفيذ هذا النظام الجديد، فهى تخرج نوعين من المعلمين، نوع متخصص فى مادة علمية ويسمى الشعبة العامة، ونوع آخر لشعبة التعليم الأساسى وتخرج معلما متخصصا فى التدريس للسنوات الثلاثة الأولى للمرحلة الابتدائية ويسمى معلم فصل، وهناك نوع ثالث من المعلمين بكليات رياض الأطفال ويتم إعدادهم لمرحلة رياض الأطفال .

أطراف أخرى

اما عن الاطراف الاخرى للمنظومة فنجد الطلاب واولياء امورهم ضلع مهم جدا ، بسؤال” الاهالى” عن رؤيتهم لما يحدث من تغيير بالمناهج وكيفية التعامل ، وجدنا ان اكثرهم يعيشون متاهة، رغم صغر سن ابنائهم ، فتقول ” هند عبد الرازق” ان ابنتها بالصف الثانى وانها عاشت تجربة منهج الصف الاول العام الماضى وكان صعبا نوعا ما على الاطفال خاصة فى منهج مادة اللغه الانجليزية والذى يضم كما كبيرا من الكلمات اغلبها صعب على طفل فى سن الـ “ست سنوات” ، مشيرة الى ان وجود منهج” علوم ودراسات” لاطفال الصف الثانى وحتى ولو بسيط هو عبء ، بينما يرى ” اشرف دراز” احد اولياء الامور انها تجربة جيدة رغم صعوبتها على الطلاب ، منتقدا عدم ادراك معلمى هذه الصفوف للمناهج الجديدة وعدم تقديمها بشكل مبسط للطلاب.

فيما ظهرت وبشكل ملحوظ ” فجوة” ليست بالبسيطة بين معلمى الصفوف الاولى فيما يتعلق بالمناهج الجديدة ، فمنهم من حصل على تدريب ولم يستوعب منه شيئا ،وذلك لعدم وجود متخصصين لتدريبهم ، وهناك من اجتهد بشكل فردى وحاول “يذاكر” هذا المنهج ويضع لنفسه ادوات تساعده على تبسيط المعلومة وتقديم بأيسر الطرق للطلاب، فيقول” محمد بدوى” معلم صف اول ، انه حصل على التدريب الخاص بمعلمى الصفوف الاولى ولكن ماتم استيعابه من التدريب امورا قليلة جدا ،فكان اغلب ما تم طرحه هو طرق التحضير فى السجلات والعرض فقط ، دون معرفة الادوات التى تساعدنا على توصيل المعلومة للطفل ، الامر الذى ترك للمدرس ، وبما ان هناك فروقا فردية لدى الجميع ، فكل مدرس عليه ان يضع لنفسه ادواته وطرق تقديمه للمناهج داخل فصله ،وهو ما سوف يميز مدرسا عن غيره وفى نفس الوقت يظلم طالبا عن غيره.

التعليقات متوقفه