صفحة من تاريخ مصر: جماعة الجهاد.. رؤية أكثر عماً (13)

50

وفيما أواصل دراسة تاريخ جماعة الجهاد واسلوب عملها أدهشتني سذاجة الترتيبات المترتبة على سذاجة الفكر المتأسلم واستسهال إراقة دماء الآخرين دون أي تحسب أو تدبير لحماية انفسهم بعد عمليات القتل الوحشية والعمليات الإرهابية التي مارسوها.
ونتابع امثلة مفرطه فى السذاجة وسوء التدبير وضعف الاستعدادات لتلافى تداعيات العمل الإرهابي ونعرض عدة أمثلة:
كان عصام الدين القمري يحتفظ بكمية كبيرة من القنابل ثم قام بتخزينها عند أيمن الظواهري المقيم بالمنزل رقم 1 شارع 154 بالمعادي، ثم قام ايمن الظواهري وخشية من اكتشاف أمره قام بتسلميها إلى صديقه نبيل البرعي (صاحب مكتبة) وبعدها بفترة وجيزة فى 25 اكتوبر 1981 ضبطها العميد محمد شوكت صلاح الضابط بمباحث أمن الدولة.
وفى 21 سبتمبر 1981 أخطر مساعد وزير الداخلية لشئون مباحث أمن الدولة بأن المدعو صابر عبد النعيم وشهرته سمير ابلغ بأن نبيل عبد المجيد المغربي تردد عليه وطلب منه تدبير أسلحة نارية لتدريب أعضاء التنظيم عليها ثم قام نبيل المغربي باحضار سيارة وبها عدد من الاشخاص واتجه بهم إلى طريق الواحات حيث قام بتدريبهم على استعمال السلاح، وبتاريخ 25 سبتمبر أخطر مساعد وزير الداخلية نيابة امن الدولة نتيجة تسجيل الأحاديث التي دارت بين “سمبو” ونبيل المغربي ومنها أسماء الذين قام بتدريبهم وهم عشرة اشخاص وقام “سمبو” بتسليم سلاح اعدته مباحث أمن الدولة إلى نبيل المغربي، وصدر امر النيابة بضبط الجميع وبالفعل القي القبض عليهم.
وعقب ارتكاب خالد الإسلامبولي وعبد الحميد عبد العال، وعطا طايل حميدة وحسن عباس محمد لحادث المنصة الذي قتل فيه السادات وبعض مرافقيه، انسحبوا جريا بعيدا عن موقع ارتكابهم الجريمة، ولم يكن أحدًا من المدبرين لجريمة الاغتيال قد فكر فى تدبير سيارة يستقلها الهاربون فى ظل حالة الفوضي، لكن مرتكبي جريمة الاغتيال وبعد أن افلتوا من موقع الجريمة ظلوا يجرون بشكل عشوائي وطاردتهم أجهزة الأمن واصابت ثلاثة منهم ثم ألقت القبض عليهم بينما تمكن المتهم الرابع الذي لم تتم اصابته من الهرب وهو حسن عباس محمد، لكنه لم يكن قد تدبر أي مخبأ آمن يختبئ فيه فألقت المخابرات الحربية القبض عليه بعدها بيومين.
أما مرتكبو جرائم الهجوم الوحشي على مبني مديرية أمن أسيوط وعلي غيرها من مراكز الامن فقد افتقدوا هم ايضا أي ادراك لتدبير وسائل الانسحاب أو الاختفاء أو علاج من قد يصاب منهم. هكذا وأثناء تواجد الرائد مصطفى السباعي بالمستشفى الجامعي بأسيوط فى ذات يوم المذبحة (8 اكتوبر 1981) وفى الساعة السادسة مساء حضر المستشفى مصابا كل من عاصم عبد الماجد وعلي الشريف وهشام عبد الظاهر وعلي عبدالنعيم وتبين له انهم اشتركوا فى احداث مديرية الامن فتحفظ عليهم. أما الكادر الاكثر اهمية وقائد ومدير جريمة مذبحة مديرية الامن فلم يجد أي مكان يهرب إليه بعد قربه من مبني المديرية فى ظل حالة الارتباك التي سادت خلال المذبحة وظل قابعا فى السيارة الفيات التي سرقها من جراح المديرية بناحية المشايعة بسفح الجبل الغربي حتي قبض عليه هو وعصام دربالة النقيب أحمد جابر مكارم فى مساء ذات اليوم 8 اكتوبر وتم ترحيل الجميع بالطائرة إلى القاهرة فى 11 اكتوبر 1981.
ونأتي إلى مهندس التدريبات والإجراءات الأمنية والذي عمل على تلقينها لاعضاء التنظيم بينما لم يستفد منها هو وعبود الزمر. ونقرأ كيف قبض عليه. فبتاريخ 12 اكتوبر 1981 تلقي مساعد أول وزير الداخلية لمباحث أمن الدولة تحريات تفيد باختباء عبود الزمر وطارق عبد المجيد الزمر فى شقة بالدور الارضي بالعقار رقم 6 شارع المدينة المنورة بالهرم، وفى صباح 13 اكتوبر توجه العميد ايهاب منير مع قوات من الامن العام والامن المركزي وقسمها إلى ثلاث مجموعات مجموعة تصعد لأعلي السطح لتأمين القوات وقت الاقتحام وقوة للاقتحام مكونة منه وستة ضباط وعشرة جنود وقوة ثالثة لتأمين المنطقة، وما أن بدأ الاقتحام حتي اطلق عليهم عبود وطارق نيران مدافع رشاشة وعديدا من القنابل، واستمر تبادل اطلاق النار لمدة وبعدها طلب عبود، أن يسلم نفسه ومن معه وبالفعل قبض عليهم جميعًا وكان طارق الزمر مصابًا بعدة أعيرة نارية.
كان السجناء من أعضاء الجماعة يتندرون على قائدهم عبود الزمر الذي قال لهم فى دروس التأمين بضرورة وجود ناضورجية حول المنزل حتي تتاح الفرص للقادة بالهرب وبضرورة وجود حراسات اعلي سطح المنزل.. ولكنه هو نفسه لم يفعل ذلك.
ونواصل.

التعليقات متوقفه