المادة 12 من قانون العمل الجديد تثير الجدل.. أيهما أنفع للعامل :علاوة الـ7% أم الـ3% ؟

145

بينما يواصل مجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق مناقشة مشروع قانون العمل تمهيدا لإرساله إلى مجلس النواب لإقراره ، تظل المادة الخاصة بالعلاوة السنوية محل جدل ،وعدم فهم ،خاصة وأنها تتعلق بمستحقات مالية يستفيد منها الملايين من العمال، في ظل الظروف الراهنة ..البعض يرى أن تخفيض العلاوة من 7% في القانون الحالي إلى 3% في مشروع القانون الجديد، يعتبر إنتقاصا مباشرا في دخل العامل ، بينما يرى البعض الأخر أنه ليس إنتقاصا لأن هذه النسبة أصبحت تحتسب على الأجر التأميني الشامل ، الذي إرتفع إلى أكثر من الضعف، بينما كان في السابق على الأجر الأساسي والذي كان يقل عن الأجر الشامل بنسبة كبيرة جدا ..طرف ثالث يكشف عن قلقه لا سيما أنه لا توجد ضوابط وقرارات حاسمة تلزم أصحاب الأعمال على تطبيق الحد الأدني للأجور المقرر بـ2400، ووجود أبواب خلفية في القانون وقرارات المجلس القومي للأجور للهروب من هذا الإلتزام، فما بالنا بالعلاوة؟!! ..فما هي الحكاية؟…
بدأت الحكاية بقرار المجلس القومي للأجور برئاسة د.هالة السعيد وزير التخطيط ، بحضور ممثلي اطراف العمل الثلاثة من حكومة واصحاب أعمال وعمال، والذي أثار ردود فعل حائرة بشأن تطبيق قرار الحد الأدنى للأجور بقيمة 2400 جنيه، وتخفيض العلاوة السنوية من 3 إلى 7% ، وبما لا يقل عن 70 جنيها، وذلك بدءا من شهر يناير الجاري..ثم استقر مجلس الشيوخ، على الموافقة على المادة 12 من مشروع قانون العمل، والمتعلقة بإقرار علاوة سنوية دورية بنسبة لا تقل على 3% من الأجر التأميني، وجاء في نص المادة :”يستحق العاملون الذين تسري في شأنهم أحكام هذا القانون علاوة سنوية دورية في تاريخ استحقاقها لا تقل عن (3%) من أجر الاشتراك التأمينى، وتستحق تلك العلاوة بانقضاء سنة من تاريخ التعيين، أو من تاريخ استحقاق العلاوة الدورية السابقة، وذلك في ضوء القواعد المنظمة لهذه العلاوة، والتي يصدرها المجلس القومى للأجور..وجاءت موافقة المجلس، بعد حالة من الجدل الواسع،بعدما طالب بعض النواب بزيادة نسبة العلاوة الدورية، بنسبة لا تقل عن 7% بدلا من 3%..
*ليست إنتقاصاً !
مصدر موثوق به في وزارة القوى العاملة قال لـ”الأهالي” إن هناك إجراء حدث كانت “الوزارة ” طرفا فيه بشأن “العلاوة”، حيث نص خطاب رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى إلى وزير القوى العاملة محمد سعفان بشأن إعداد دراسة لحساب المقابل الموازى لنسبة الـ7% من الأجر الأساسى المنصوص عليها في قانون العمل الحالي وما يعادلها من نسبة في أجر الاشتراك المنصوص عليه بقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019، وأفاد بأنه بالرجوع إلى البيانات الإحصائية بقاعدة بيانات “الهيئة” يتضح أن متوسط نسبة الأجور الأساسية من أجور اشتراك المؤمن عليهم تقدر بنسبة 40% من إجمالي أجور الاشتراك، وبحساب نسبة الـ7% من أجور الاشتراك الأساسية تبين أنها تمثل حوالى 2.8% من أجور اشتراك المؤمن عليهم، ومن ثم يتضح أن النسبة التقديرية لزيادة الـ 7% السنوية للعاملين بالقطاع الخاص تقدر بنسبة 2.8% تقريباً من إجمالي أجر اشتراك المؤمن عليه، وهو ما يؤكد أن نسبة الـ3% لا تعتبر إنتقاصاً من “العلاوة” بل زيادة ..
وزير القوى العاملة نفسه يرى أن نسبة الـ3% مرضية للجميع ، و قال إن الفكرة فى تحديد النسبة بـ3% بهدف التوافق مع مفهوم الأجر الجديد بالقانون، وهو أمر تم التوافق بشأنه مع ممثلى النقابات العمالية ، كما ان المجلس الأعلى للأجور سيتولى تنظيم الأمر، وأضاف إن ما ادرج بمشروع قانون العمل الخاص بمادة العلاوة الدورية للعامل هو الحدود الدنيا التي لا يجوز النزول عنها، موضحاً أن بعض الشركات تمنح العامل أكثر من النسبة المقررة بالقانون والتي تصل إلى 10-15%، كما أن فى السابق كانت قيمة الاشتراك التأمينى قليلة وثابتة، أما الآن وفقا للقانون الجديد فهى مرتفعة وترتفع كل عام، وبالتالى قيمة العلاوة ستتغير..
*أزمة العلاوة ..
وبشأن حالة الفهم بخصوص العلاوة الجديدة فقد شرح لنا الخبير في مجال العمل والعمال صلاح الانصاري هذا الموضوع ،وقال لـ”الأهالي” إنه في البداية يجب أن نوضح أن المجلس القومى للأجور قرر بموافقة أطراف العمل الثلاث”الحكومة وممثلى العمال وأصحاب العمل”، صرف علاوة دورية بنسبة 3% من الأجر التأمينى الشامل للعاملين بالقطاع الخاص بحد أدنى 70 جنيها، من أول يناير 2022..وهنا يجب التأكيد على مجموعة من النقاط وهي أنه وطبقا للمادة 34 من قانون العمل 12 لسنة 2003 وهو القانون السارى حتى الان، فيختص المجلس القومى للاجور بوضع الحد الادنى للعلاوات السنوية الدورية بما لايقل عن 7% من الاجر الاساسى الذى تحسب على اساسه اشتراكات التأمينات الاجتماعية، ومن هنا فإن القانون حدد مهمة المجلس وصلاحياته، ولكن المجلس في هذا البند الخاص بالعلاوة على سبيل المثال، قد خالف المادة 34 من القانون الحالي بإقراره علاوة بنسبة 3% من الاجر التأمينى الشامل للعاملين بالقطاع الخاص..وأوضح الانصاري أن العاملين بالقطاع الخاص جزء من المخاطبين باحكام قانون الخدمة المدنية، وليس كل المخاطبين، بل ان قانون العمل،هو القانون الذى يحكم علاقات العمل فى مصر، اى ان قانون العمل هو التقنين الجامع للقواعد المنظمة لعلاقات العمل ، ومشكلتنا هنا فى الصياغات التشريعية، ففى قانون الخدمة المدنية فإن العلاوة 7% من الاجر الوظيفى، وتلاحظ انها بدون حد ادنى لأسباب تتعلق بعدم المفاوضة الجماعية للعاملين بالخدمة المدنية – وهذه قضية اخرى- فقانون العمل يخضع له العامل التابع أيا كان القطاع الذى يمارس فيه العمل أمرا ضروريا، عدا ما استثنى بنص المادة الرابعة ، واهمية ذلك تحقيق الشرط الافضل الذى يقره قانون العمل على ما عداه من تشريعات عمالية أو خاصة أخرى…والمشكلة هنا تتلخص في أن علاوة دورية لا تقل عن 7% أى يمكن ان تزيد هذه العلاوة عن حدها الادنى بالمفاوضة الجماعية ، وبشكل عام فإن المزايا الواردة فى قانون العمل تمثل الحد الادنى الذى يمكن التفاوض على اساسه والاتفاق على زيادته..والخوف هنا هو سياسات اصحاب الاعمال وتهربهم من الالتزامات خاصة التي تخص العامل ، فهنا لن نتعرض لقضية التهرب التأمينى ولا التأمين على العاملين بالقطاع الخاص فى الاغلب بدون اجورهم الحقيقة بل ولا لمشاكل العاملين بدون عقود عمل اصلا، ولا عن مشاكل القطاع الخاص غير المنظم، ولكن يجب العلم ان نسبة العلاوة الـ 3% على الاجر التأمينى الشامل هى نسبة ليست على الاقل أى لايمكن زيادتها، حتى حدها الادنى ب 70 جنيها مع غلاء الاسعار تصبح قيمة هزيلة..
*مكاسب مستمرة
وكيل لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة نائب حزب التجمع عمرو عزت حجاج الذي قام بعرض وجهة نظر “الحزب” ومطالبه بخصوص مشروع قانون العمل وتأكيده على أن هذا القانون ينتظره الملايين من عمال مصر كي ينتصر لحقوقهم المشروعة خاصة في بنود العقود وعلاقات العمل، من اجل الامان الوظيفي ، وإشارته في كل الجلسات إلى أن مشروع القانون غاية في التعقيد الاجتماعي، ويحتاج لميزان من ذهب لضبط العلاقة بين طرفي العمل، يرى أن حزب التجمع سيظل وبشكل مستمر في المطالبة بزيادة مكتسبات العمال من حقوق مشروعة فيما يخص الاجور والعلاوات حتى تتناسب مع حجم الإنتاج والأرباح ، وكذلك الأسعار موضحا أن الخروج بهذا القانون محققاً عقود عمل لائقة ومستقرة وزيادة في الاجور والعلاوات مكسب كبير ،وسيظل “الحزب” مطالباً بالمزيد من المكتسبات للعمال في إطار علاقة عمل متوزانة لا يطغي فيها طرف على الاخر..النائب خالد عيش عضو لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة يرى المطالبة المستمرة بزيادة العلاوة مسألة ضرورية حتى تتماشي مع حركة الأسعار، موضحاً ان تحقيق العدالة في علاقات العمل قضية جوهرية، فالعدالة تختلف عن التوزان، حيث انه من المنطق أن يكون هناك توازن بين طرف قوى واخر ضعيف لذلك هناك ضرورة للمطالبة بالعدالة في علاقات العمل، وان يحرص صاحب العمل على صرف كل الحقوق المالية التي تتناسب مع حجم ارباح ومكاسب المنشأة ، وأن يكون القانون مجرد الية لتحديد الحد الادني من العلاقة والحقوق، ولكن على أصحاب العمل الإهتمام بروح القانون بالمزيد من تحقيق الحماية للعامل لان ذلك يعود بالنفع على الإنتاج والإستقرار في مواقع العمل..
*الأمان الوظيفي
من جانبه قال أحمد عاطف الخبير العمالي المعروف إنه في كل الاحوال فإن العلاوة هي من أبرز المكتسبات للعامل، وخاصة في القطاع الخاص بصفة خاصة ، لأنها تحقق الإستقرار والأمان الوظيفي، والأداء الجيد في العمل ، وبالتالي زيادة الإنتاج ، والإستقرار في مواقع العمل ،وبالتالي فإن القضية هنا ليست في نسبة العلاوة بقدر ما في علاقات العمل الجيدة بين طرفي العملية الإنتاجية خاصة من جانب صاحب العمل الذي نوجه له رسالة اليوم بأهمية توفير كل أشكال الأمان والدعم للعمال ..
*أجر تأميني وهمي
من جانبه قال عبدالله ابو الفتوح رئيس إتحاد المعاشات ان المشكلة لا تكمن في العاملين في الحكومة، ولكن في العاملين في القطاع الخاص ، حيث ان الاجر التامينى في القطاع الخاص وهمي وغير محدد ،ولذلك لابد من التمسك بنسبة الـ7% علاوة لانها واضحة وصريحة ، أما نسبة العلاوة الـ3% التي حددتها الحكومة في مشروع قانون العمل الجديد والتي صدق عليها المجلس القومي للأجور مخالفة قانونية واضحة ، حيث انه حتى الان لم يطبق قانون العمل الجديد ، وان الساري هو القانون الحالي الذي يقر علاوة قدرها 7% ..وأضاف أبو الفتوح أن ما بني على باطل فهو باطل ، مع العلم بأن النسبة الجديدة والمقدرة بـ3% من الأجور التأمينية مثيرة للجدل خاصة وأن القطاع الخاص غير واضح المعالم بخصوص الأجر التأميني ، وأن صاحب العمل يؤمن على العامل بأجر تأميني غير عادل وغير حقيقي لا يتناسب مع حجم الأجر الشامل ، في ظل عدم وجود تنظيم أو ضوابط لضبط هذه العملية مما يتسبب في ضياع حقوق العمال .

التعليقات متوقفه