منتدى خالد محيي الدين يناقش «بناء المجتمع وضرورة التنوير»..بهي الدين مرسي: التعليم الجيد الضمانة الوحيدة لحصانة العقل ضد التطرف

عادل نعمان: التخلص من الاستبداد الديني والسياسي ..أول خطوات التنوير

78

قال الدكتور بهي الدين مرسي الباحث والمفكر: إن الظلامية التي ترعرعت في مصر لم تدخل من باب الاقتصاد أو السياسة وإنما من باب الأديان، وأذكر جيدًا أنه في صبايا كان الدين الاسلامي يعطيني كل ما اريد ويكفيني لإدارة شئون حياتي، فالجميع يعرف الحلال من الحرام ويعرف كيفية العبادات والمعاملات دون أن يكون هناك وسطاء، وكانت مهمة الشيوخ والفقهاء تقتصر على الإضافة لمن يريدون التعمق في إحدى القضايا والتي كانت بالمناسبة دائمًا قضايا شخصية غير مكررة وتخص كل حالة على حدة.
جاء ذلك خلال الندوة الـ 46 بعنوان “المجتمع المصري وضرورة التنوير” من منتدى خالد محيي الدين الذي يعقده حزب التجمع مساء الأربعاء من كل أسبوع في المقر الرئيسي للحزب.
وأضاف الدكتور بهي الدين مرسي انه خلال الـ 40 سنة الماضية ظهر على الساحة إسلام جديد، فوجدنا من يسأل هل الحمام بالمنزل يتجه ناحية القبلة لأن ذلك محرم، ووجدنا من يحرم تربية الكلاب، ومن يتحدث عن جواز أكل لحم الأسرى، وجواز نكاح الزوجة المتوفاة وهي أمور كلها لا تخص حياتنا ولم نطلب اي فتوى فيها ولا يحتفظ اي مصري في بيته بأسير حرب بطلب الفتوى بشأنه مثلًا، ولا أتصور ان هناك عقلا او منطقا سوف يسأل عن جواز نكاح الزوجة المتوفاة، ولذلك في رأيي أن نباشي التراث الذين يطلقون مثل هذه الأمور على مجتمعنا كانوا مغرضين يريدون إرباك المجتمع أو تشكيكه في عقيدته.
وأكمل “مرسي” : أن كل هذا الإرباك والتطرف وعدم المعقولية في طرح الدين لم يكن ليظهر إلا عندما ضاعت فكرة التعليم الجيد في مصر، فجميعنا نذكر فكرة التعليم بالتحصيل التراكمي والمعلومات التي يحصلها الطالب ليختبر فيها وهي في حقيقة الأمر لن تساعده في حياته الشخصية ولا العملية اطلاقًا، فنحن درسنا ان جوتنبرج مخترع الطباعة، اديسون مخترع الكهرباء، وهي أشياء جيدة لكنها تندرج تحت فصل تاريخ العلم، وليس العلم نفسه، وظل العالم يدرس علمًا ونحن ندرس تاريخ العلم، فأصبحنا في هشاشة فكرية تمكن المتطرفين والسلفيين من الدخول منها بسهولة وإقناع شاب في كلية هندسة او طب ان يرتدي حزاما ناسفا ويفجر نفسه وهو مغيب تمامًا ومقتنع انه ذاهب الى حور العين.
واختتم “مرسي” حديثه: أن مصر لديها كارثة في البناء التعليمي، والذي هو الضمانة الوحيدة لحصانة العقل ضد الغزو الفكري، وبناء الإنسان يكون على قصص النجاح والكفاح لا على الخرافات مثلما نبني الأطفال على فكرة قصص ما قبل النوم عن كائن خرافي برجل مسلوخة أو سندريلا التي تمثل خنوع وخضوع المرأة وكل حلمها الزواج من الأمير، وقصص العفاريت والجن وغيرها، فكل هذه الأشياء تظل عالقة في أذهان الأجيال وجعلتهم عرضة للغزو الفكري الوهابي بسهولة، فنحن تم غزونا حيث نعتقد وحيث علاقتنا بالإله، فتم تثوير الشباب على نمط حياتنا وعاداتنا، وأخلاق المصريين، ونصب كل شخص نفسه مدافعًا عن الرب ووكيلًا عنه بل وأحيانا قاتلًا بأسمه وهكذا خلقت الظلامية التي نعاني منها الآن، ولذلك فالتنوير يكون عبر تركيز كل شخص تنويري على مجال واحد لاعادة إعمال العقل واضافة رصيد معرفي يدعم حرية الاختيار.
ومن جانبه قال الكاتب الصحفي عادل نعمان المتخصص في الشؤون الاسلامية، إن قضية التنوير الآن تكاد تكون أهم من المأكل والمشرب، وأن أول خطوات التنوير تكون عبر التخلص من الاستبداد الديني والسياسي في آن واحد، فالشيخ علي عبدالرازق في كتابه الإسلام وأصول الحكم قال ان رجال الدين في جميع الأمم وعلى مر العصور كانوا يطلبون الحكم، ويريدون التحكم في مصائر البلاد والعباد، يأمرون فيهم وينهون عنهم، وإذا لم تتح هذه الفرصة لهم فأنهم يلتصقون بالحكام ويتحكمون فيهم، وعلى الجانب الآخر رجال الحكم يريدون ان تكون لهم سلطة دينية ليكونوا ظل الله على الأرض، وهو ما تؤكده كل الخطب التي ألقاها الخلفاء المسلمون على مسامع الناس منذ سقيفة بني ساعدة فتحدثوا عن انهم جاءوا بإرادة الله ويحكمون باسم الله، بل ان كل خليفة منهم كتب التاريخ الذي عاصره على هواه لذلك فالتاريخ الإسلامي كله منسوخ، ونحن الآن نرى بأم أعيننا تاريخًا عشناه وعاصرناه يتم تحريفه وهو خير مثال على ما حدث منذ الـ 1400 سنة الماضية.
وأضاف “نعمان” ان عملية فصل رجال الدين عن الحياة العامة، والتخلص من الاستبداد السياسي لا يمكن أن يكون عن طريق الثورات والعنف، لما يشهده العالم من ظروف لا تسمح بذلك، فلم يعد أحد يحتمل الثورات الشعبية، فالناس إذا ثاروا ليس هناك ضمانة إلى ان الأمور ستذهب الى الافضل، كما انه ليس هناك ما يضمن ان لا يستغل تلك الثورة الانتهازيون والفئات الأكثر تشددًا ليتصدروا المشهد، لذلك الحل الوحيد هو القتال في معركة الاستنارة ومحاولة تنوير الناس ليكونوا أحرارًا من الاستبداد الديني والسياسي.
وأضاف “نعمان” ان عملية التنوير في أساسها هي البحث عن مجموعة من القيم الجديدة التي تناسب هذا المجتمع لهذا العصر، فنحن نمر بما يسمى الواقع الافتراضي والتكنولوجيا الحديثة، بينما مازلنا نتحدث عن أمور لا تفيد ولا تناسب مجتمعنا وفي غالبيتها ايضًا غير صحيحة وملفقة، لذلك يجب أن نبحث عن مجموعة قيم تناسب مجتمعنا نحن، وعصرنا نحن، ونعرف ان العلمانية أمر جيد يخدم المجتمعات ويجعلها تتقدم بينما التمسك برجال الدين كوسطاء والاعتراف بسلطتهم في الدساتير والقوانين والرجوع إليهم في كل كبيرة وصغيرة هو أمر يعطل عملية التقدم بشدة، فأنا كل ما أعرفه انه في النظام العلماني الذي يعتمد على العلم، عندما تطرأ مشكلة ما في مجال ما نستجلب المتخصصين في هذا المجال ليقولوا كلمة العلم وإلى ماذا توصلت أبحاثه، لا لرجل دين ليفتي في كل شاردة وواردة دون اي تخصص ومن وجه نظر دينية وحيدة يأتي أساسها من ألف سنة ويزيد، ولذلك نريد ثورة فكرية وتنويرية لتغيير المناخ القائم في مصر والذي يفرز لنا ممثلين نيابيين عن الشعب كل مهاراتهم انهم دفعوا 200 جنيه في الصوت الممنوح لهم في الانتخابات ليصبح الأمر ان جهلاء يحكمون جهلاء.

التعليقات متوقفه