بعد تحديد الحكومة 7 سلع إستراتيجية..المديريات تستعد للرقابة ومتابعة التجار لمنع التلاعب فى الأسعار

جودة عبد الخالق: تفعيل قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكارات يسمح للحكومة باختيار سلع إستراتيجية وتحديد سعرها وألزم المتعهدين بالسعر لمدة معينة

14

خمسة تجار يحتكرون الأرز .. وحرب بين التموين وشركات التهريب

إلهامى المغربي: سياسات اقتصادية فاشلة وفوضى وعشوائية في اتخاذ القرار

أزمة الأسعار تعكس غياب الدولة وضعف الرقابة

 

شكلت مديريات التموين مجموعات عمل لاستقبال المتعاملين فى المحافظات بالسلع الإستراتيجية السبعة التى حددها قرار رقم ٤٥٨٥ لسنة ٢٠٢٣  مجلس الوزراء دكتور مصطفى مدبولى بداية الأسبوع الجارى الخاصة بتطبيق حكم المادة (8) من قانون حماية المستهلك الصادر برقم 181 لسنة 2018، التي تحظر حبس تلك السلع والمنتجات عن التداول، وذلك لمدة ستة أشهر وهى (زيت الخليط، والفول، والأرز، واللبن، والسكر، والمكرونة، والجبن الأبيض) .

تختص اللجان بالإفصاح عن مخازن التجار وأماكن التعبئة الخاصة بهم وكميات السلع المخزنة، ومتابعة حركة التداول والبيع لكافة حلقات التداول وفقاً للفواتير المصدرة، لضمان الإتاحة السلعية وزيادة المعروض وضبط الأسواق وتشجيع المنافسة.

ونص قرار مجلس الوزراء على إلزام حائزي السلع الـ 7 من المنتجين والموردين والموزعين والبائعين، ومن في حكمهم بالمبادرة إلى إخطار مديريات التموين على مستوى الجمهورية بنوعية وكميات ما قد يكون مُخزنًا لديهم من هذه السلع على أن يتم الالتزام بضوابط وإجراءات التوريد التي يصدر بتحديدها قرار من وزير التموين والتجارة الداخلية، ومن يخالف أحكام هذا القرار ستطبق عليه العقوبات المنصوص عليها بالمادة رقم (71) من قانون حماية المستهلك، والتى تقضى بمعاقبة كل من خالف حكم المادة (8) بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 2 مليون جنيه أو ما يعادل البضاعة محل الجريمة، وفى حالة العود يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تُجاوز 5 سنوات وتضاعف قيمة الغرامة.

كان مجلس الوزراء قد أصدر قرار آخر مطلع الأسبوع الحالى بتشكيل أمانة فنية دائمة للجنة المعنية بدراسة آليات ضبط الأسواق وأسعار السلع، يترأسها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، على أن تضم في عضويتها ممثلين عن الجهات المعنية من وزارات التموين والتخطيط والزراعة والتجارة والصناعة، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وجهاز حماية المستهلك، وجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وأوكلت للأمانة الفنية للجنة ضبط الأسواق على رأسها: المتابعة الدورية لكميات الإنتاج والاستهلاك والاستيراد للسلع السبع الإستراتيجية السابق ذكرها، ووضع مؤشرات قياس للتحقق من استقرار السعر العادل للمستهلك، والعمل على رقمنة كل عمليات تداول وبيع السلع بدءًا من عملية الإنتاج حتى البيع للمستهلك، إلى جانب دراسة الإخطارات الواردة بشأن تغير الأسعار والمستندات الملحقة بها والمقدمة من قبل الشركات، وأيضًا التنسيق مع الجهات الرقابية المعنية بمتابعة الأسواق، ومتابعة التزام الشركات بتدوين الحد الأقصى لسعر البيع النهائي للمستهلك على المنتجات.

اعتبر الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التموين الأسبق، هذا القرار موضوعًا سيطول أمده وغير ذى جدوى لتعدد الجهات المختصة بين الوزارات التى ستشكل منها الأمانة الفنية ومجلس الوزراء،  فى حين أن قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكارات موجود فى حالة تفعيله ويسمح للحكومة باختيار سلع إستراتيجية وتحديد سعرها وألزم المتعهدين بالسعر موجود بنص القانون لمدة معينة.

متوقعا عدم جدوى اللجنة فى ظل غياب الرقابة وتفعيل القانون، وأشار إلى أن الموضوع يحتاج إلى مناقشة خاصة فى مجال السلع الاستهلاكية والسوق المصرية، فهناك سلع لا توجد عليها مزاحمة أو نقص مثل الأرز  والسكر تحتاج إلى تنظيم الأسواق لكن الحكومة تنصاع لطرف واحد، على حساب المستهلك.

وكشف أن هناك حربًا ضروسًا بين التموين وشركات تهريب الأرز التى يسيطر عليها خمسة تجار يحتكرون الأرز وتهريبه للخارج فى حاويات تصدير الخضراوات، لذلك يتم حجب الأرز فى السوق المحلى رغم وجود فائض فى الإنتاج حولى مليون طن، حيث يبلغ إنتاجنا المحلى منه حوالى 4 ملايين طن بينما الاستهلاك فى حدود 3 ملايين طن ويذهب الفارق للتصدير عن طريق التهريب، بغرض التربح من الخلف.

وأوضح أن التربح جريمة فى القانون لأنه عملية استغلال لظروف المجتمع والتلاعب فيه بغرض جنى أرباح مبالغ فيها فلا بد من تطبيق القانون ومكافحة المحتكرين بكل حزم.

خطوة تحتاج لاستكمال

قال إلهامى المرغنى، الباحث الاقتصادي: إن موجة الغلاء الأخيرة كشفت عن عدد من قضايا الفساد في وزارة التموين وتدهور مستوى المعيشة وارتفاع معدلات الفقر فى المجتمع كان لا بد من تدخل مختلف، بدأت الحكومة فى الانتباه واتخاذ خطوات صحيحة على الطريق بدءًا من إلزام المنتجين بوضع الأسعار علي العبوات ووقف تصدير بعض السلع الضرورية وأخيرا قرار إنشاء أمانة فنية ولجنة لمتابعة هذه الإجراءات.

وأضاف المرغنى إن العجز المتزايد في الميزان التجاري للموازنة العامة؛ أدى إلى ارتفاع التضخم وزيادة حادة في أسعار الطعام والشراب، تجاوزت نسبة التضخم الـ40% مع استمرارية الفقر في التصاعد إلى نسبة 33% من إجمالي السكان، بالرغم من ذلك  فإن الحكومة تُصر على المُضي في نفس الطريق، تلجأ دائمًا للحلول السهلة والمؤقتة مما يعزز من تفاقم الأزمة.

وأوضح أن موجة الغلاء لم تمتد إلى السلع الغذائية التى حددها قرار مجلس الوزراء فقط إنما امتدت كل السلع الضرورية التى تمس حياة المواطن منها المواد البترولية والسجائر، والبطاطس والبصل أيضا، فقد ارتفع سعر المواد البترولية فى الربع الأخير من العام الماضى بنزين 80 بنسبة 14.3% والبنزين 92 بنسبة 12.2% والبنزين 95 بنسبة 11.1% فقط.

ووصف المرغنى الوضع الحالى بالسياسات الاقتصادية الفاشلة وانحيازات اجتماعية واضحة وفوضي وعشوائية في اتخاذ القرار، حيث تطالب الرأسمالية ومنظمات التمويل الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بتحرير الأسواق وأن الأسواق ستوازن نفسها بشكل طبيعي ليبقى السعر العادل للسلع، وهى من وجهة نظره أكذوبة كبرى من أكاذيب الرأسمالية لأن الرأسمالية تطمع دائما في المزيد من الإرباح وفي ظل غياب الرقابة تتصاعد نسب الأرباح خاصة في مصر والدول المتخلفة، ولكن في الدول الرأسمالية الكبري يوجد حد أقصي للأرباح في كل قطاع من قطاعات الصناعة والتجارة.

واعتبر ما يحدث في أسعار السجائر بشكل غير مبرر ثم في أسعار سلعة ضرورية مثل السكر رغم أن إنتاجها محلي بالكامل ولا يوجد بها مدخلات مستوردة يعكس فوضي السوق وغياب الدولة ومحاباة التجار على حساب المستهلك الأضعف والذي يعجز عن شراء سلعة ضرورية. مبينا أن أزمة الأسعار تعكس غياب الدولة وضعف الرقابة وهذه ليست الأزمة ولكنها مظهر من مظاهر فوضى السوق.

وعن ارتفاع أسعار المنتجات والسلع الزراعية مثل البطاطس، البصل والطماطم والمحاصيل الزراعية الأخرى في الفترة الماضية، ارجع المرغنى ذلك إلى غياب السياسة الزراعية القائمة على تحديد الاحتياجات الغذائية الحالية والمستقبلية، فضلا عن السماح بالتصدير دون النظر إلى مدى توفير كامل احتياجات السوق المحلي من عدمه، هذا بخلاف غياب الرقابة على الأسواق ومعاقبة المحتكرين الذين يتلاعبون بالأسعار لتحقيق أعلى أرباح بغض النظر عن حالة الناس وغذائهم.

ولفت إلى أن البطاطس تعد من المحاصيل الإستراتيجية التي تحقق مصر فيها اكتفاءً ذاتيًا، وبلغت صادراتها العام 2022 حوالى 871 ألف طن، في حين وصلت في أول 9 أشهر فقط من عام 2023 إلى 932 ألف طن، أي زادت بنسبة 42%، مؤكدًا أن هذا يدل على غياب التحديد لحجم احتياجات السوق المحلي وحجم الصادرات والتي ترتفع على حساب الاستهلاك المحلي وتؤدى بدورها إلى قلة المعروض وارتفاع الأسعار، وارتفاع أسعارها بهذا الشكل دليل على وجود خلل في السوق وسيطرة للاحتكارات.

مشيرا إلى تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الذى أعلن في بيانات رسمية عن ارتفاع أسعار مجموعة الطعام والشراب أكثر من 73% في سبتمبر 2023 مقارنة بالشهر ذاته في العام الماضي.

 

مستكملا: رغم اختفاء السكر من المحلات والسوبر ماركت، تقوم منافذ التوزيع التابعة (لتحيا مصر ومستقبل وطن) وأكشاك أمان ببيع السكر بسعر 32 جنيها للكيلو ولكن هذه العبوة ليست كيلو ولكنها 750 جرامًا فقط، أعلنت وزارة التموين أن سعر كيلو السكر وفقاً لبوابة الأسعار التابعة لمجلس الوزراء تبلغ 27 جنيهًا للكيلو، فان سعر كيلو السكر فى نوفمبر وديسمبر الماضيين سجل 42 جنيهًا للعبوة سعة 750 جرامًا بذلك تكون أكشاك تحيا مصر ومستقبل وطن وأمان والتي تعد مصدرًا رئيسيًّا لحصول الفقراء ومحدودي الدخل علي احتياجاتهم من السكر الحر، تحقق صافي ربح في كل كيلو سكر يبلغ 15 جنيهًا من كل كيلو (42 جنيهًا – 27 جنيهًا = 15 جنيهًا) والكميات الموجودة علي البطاقات التموينية لا تغطي احتياجات الأسر الفقيرة التي لا تملك القدرة علي الشراء بالأسعار الحرة.

وأثنى المرغنى على القرار واعتبره خطوة على الطريق الصحيح قائلا: إن تحديد سعر استرشادي لسبع سلع إستراتيجية وهي خطوة هامة على طريق ضبط الأسواق، ومواجهة الاحتكارات، تأخرت كثيرا ولكنه يحتاج لاستكمال بمجموعة من القرارات والإجراءات التي تعمل على حماية المستهلك بشكل حقيقي ورادع للمتلاعبين. منها تفعيل دور جهاز حماية المستهلك ومكافحة الاحتكار ووزارة التموين ومركز معلومات مجلس الوزراء، والقى بالكرة في ملعب المستهلك الفرد وجمعيات حماية المستهلك لتفعيل هذه الإجراءات والرقابة على تنفيذها وكشف وفضح المخالفين، وتبنى حملة توعية للمستهلكين بكيفية مراقبة الأسواق والإبلاغ عن المخالفات حتى تكتمل منظومة شاملة لحماية المستهلك وضبط الأسعار ومواجهة الاحتكار.

التعليقات متوقفه