صفحة من تاريخ مصر: الإخوان مرة أخرى.. وليست أخيرة انقسامات الجماعة (7)

74

ولأن حسن البنا قد أمر الصادقين من أتباعه قائلا « اسأل الأخ الصادق أن يسأل نفسه هل هو مستعد أن يفترض فى نفسه الخطأ وفى القيادة الصواب إذا ما تعارض ما صدر له من أمر مع ما يعلم من المسائل الجهادية ؟ هل تملك القيادة فى نظره الترجيح بين مصلحته الخاصة ومصلحة الدعوة العامة ؟ « نقلا عن جريدة الأساس 8 مارس1949»، الأمر الذي دفع الاتباع إلى الاعتقاد بأن من يخالف المرشد عدو للإسلام،وعند تفتيش المركز العام للجماعة بعد مقتل النقراشي باشا عثر الأمن على رسالة وردت للبنا فى زمن سابق موجهة من محد سعد العجرودي فى 8 شعبان 1365هـ إلى المرشد يتحدث فيها عن مشادة وقعت بين الإخوان والوفديين ويقول عن أعضاء حزب الوفد « اعتقد أنه ينطبق عليهم حكم الردة، وماعقاب هؤلاء إلا الحرب وقتالهم حتى يفيئوا إلى امر الله، ألم يأذن الله لنا أن نجهز عليهم وعلى رأسهم ذلك المدعو زعيمهم المقدس. أننا فى انتظار أوامرك الجديدة ولعلها تشفى صدورنا وتمكننا من إبادة هؤلاء جميعا حيث ثبتت خيانتهم وظهر غدرهم «، وعلى الرسالة تعليق بخط حسن البنا « يشكر ولاداعي للقلق وإذا جد جديد فستكون هناك توجيهات بهذا الشأن « نقلا عن روز اليوسف 15ـ12ـ1949».. بل إن أحد الاعضاء واسمه أحمد العبد طالب بتغيير قسم البيعة إلى « نشهد الله تعالى على الطاعة والعمل والإخلاص والولاء لوارث الرسالة المحمدية، وحامل ميراث القرآن الكريم، وإمام الدعوة ورمز الجهاد الصادق المرشد العام الأستاذ حسن البنا أعز الله به الإسلام أنه على ما يشاء قدير «.
وقد أثار ذلك كله تململ وارتياب قادة كبار فى الجماعة فعقدوا اجتماعا تداولوا فيه الأمر، ويفسر السيد الحراني فى كتابه « أسرار الكهنة كهنوت جماعة الإخوان « صفحة 110 ما قال أنه نقله عن الأستاذ جمال البنا ( الشقيق الأصغر والمتمرد على دعوة الإخوان « بأنه وجده فى أوراق حسن البنا ( بعد اغتياله ) تقريرا مذيلا بتوقيع شقيقه كتبه فى مرحلة متقدمة من عمر الجماعة يوضح ملامح تمرد جديد أوشك أن يحدث فى صفوف الجماعة.. ونقرأ نص التقرير ( الذي يوحي بأن آذانا كانت تتجسس على المرشد وعلى لقاءات القادة ).
« بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هو مالك النواصي ومقلب القلوب وهو حسبنا ونعم الوكيل.
بعض ما جاء فى الاجتماع التاريخي يوم السبت 5 ربيع الثاني سنة 1365 هـ 5 مارس 1946م، بمنزل الحاج صالح عشماوي وهي كلمات قادة الإخوان متوجهين بها إلى إمام الدعوة فضيلة الأستاذ المرشد العام.
* قال صالح أمين عشماوي : يجب أن نطمئن على أماكننا فى المكتب حتى نستطيع أن نعمل بثقة وإنتاج، ويجب أن يكون المكتب هو الموجه لا المرشد، ويجب أن نكون قادة حوال المرشد لا قشا.
* وقال الدكتور سليمان إنه يشعر أن الأستاذ الآن ليس هو حسن البنا بتاع زمان، الذي كنا نجلس إليه فيسمع لنا ويقدرنا، أما الآن فنشعر أن الأستاذ قد تعالى وترفع وأصبح شيئا كبيرا حتى يحتاج الدكتور سليمان إلى واسطة إذا ما أراد أن يكلم فضيلة الأستاذ ثم قال إنه لا يستطيع أن يسير على مبدأ الطاعة لأنه ليس آلة أو ماكينة أو عربية،، وقال إن الاستاذ يتحدث بوجهين.
* وقال سالم أمين غيث : إن المكتب يجب أن يلزم المرشد ويوجهه، واستفاض فى الفقه الاسلامي عن نظرية الشوري فى الاسلام وانها واجبة وملزمة للقيادة.
* وقال فضيلة الشيخ عبد المعز :إنه يشعر بهدم الكرامة إذ يُنحى عن قسم نشر الدعوة دون إبداء الأسباب ولماذا يعطي قسم نشر الدعوة لفلان.؟ وبماذا يفضلني هذا الفلان ؟.
* وقال الدكتور إبراهيم حسن :وكذب وافترى أذ يخاطب فضيلة المرشد إنك تحب أن تظهر وحدك ولا تحب أن يظهر أحد بجانبك وسأل لماذا لم يخصص له مكتب عند تأثيث الدار الجديدة،وقال إن الاستاذ يروى الأمر بوجهين.
* وقلت إن الساهر الآن فى المقهى ما لم يرتكب كبيرة فهو أرضى عند الله منا، وأقسمت أنني لو أخذت إلى المشنفة بدل أن أرى هذا الاجتماع لكانت المشنقة أهون، وقلت إنني أستطيع أن اقرر الدعوة من كل ناحية لو فرض واجتمعت القادة ولكن لم أعط الفرصة لتوضيح ذلك،وعقيدتي أن ما يلزم ثلاثة أصول : 1. استعداد فطري وكفايهة. 2. استمداد وشرب من روح القائد واتباع حسن 3. الاقدام خشية الله وإخلاصا لوجهه.. والاولى موهبة،أما الثانية فأنني أكون كالثور يدور فى الرحى وقد غمى صاحبه بصره وحدد له خط السير فأمن الشرور وجلس صاحبه بالمقرعة ولم يتخل عنه، وإنقاد هو للعمي فأبصرب جوارحه جميعا،والثالثة منة من الله وتوفيق.
وكان هذا هو رأي قادة الجماعة فى شيخهم.. وفى انفراده بالنفوذ والسلطان، ومع ذلك انقادوا قابلين صاغرين.

التعليقات متوقفه