مظاهرة وداع للتاريخ

89

مناضلون قدامى وشباب ومثقفون وفنانون وأساتذة جامعات ووزراء حاليون وسابقون ومندوب من رئاسة الجمهورية وصحفيون كبار ورؤساء وأعضاء في أشهر الأندية المصرية وقيادات رياضية يمثلون مختلف الاتحادات واللجنة الأوليمبية ومواطنون من عامة الشعب ، باختصار شديد مصر كلها كانت في سرادق عزاء الدكتور رفعت السعيد أحد رموز اليسار المصري البارزين الذين وهبوا حياتهم دفاعا عن الحريات وحقوق الإنسان وتوفير الحياة الكريمة للإنسان المصري .. وسقط عن صهوة جواده .. بينما قلمه في يده لأخر يوم في حياته .

هذه الحشود التي حرصت على التسابق لأداء واجب العزاء وظلت تنتظر دورها في الدخول لمصافحة مستقبليهم في الطابور الكبير الذي ضم أهل المتوفي وأقاربه ورفاق النضال الحزبي والأصدقاء المقربين .. هذا المشهد الذي ظل على غير العادة إلى ما بعد الوقت المحدد الذي يختتم فيه العزاء بمسجد عمر مكرم في الأيام العادية ، واستمر إلى ما يزيد على الساعة تقديرا واحتراماً لاستمرار قدوم وفود المعزين ، وكان هذا الجمع الكبير فرصة نادرة لالتقاء بعضنا البعض وتبادل عبارات العتاب وقبول الاعذار  لمشاغل الحياة وأن لكل واحد منا ظروفه .

من بين من التقيت بهم بعد طول غياب كان الدكتور مسعد عويس رئيس مجلس الأمناء في المجلس الدولي للصحة البدنية والترويج الرياضي الذي بادرني بقوله لقد خسرت مصر كاتباً سياسياً شديد الموضوعية ، والفكر المستنير في تناوله لمختلف القضايا .. وأن التاريخ سيظل يذكر اسمه لسنوات بعيدة ولأجيال مختلفه قادمة لمواقفه التي لا تقبل التشكيك والمزايدة ، وتحديداً ضد الإرهاب والتطرف الديني وأن كتبه التي أثرى بها المكتبة المصرية .. ستظل أهم وأدق المراجع .

شاركنا في الحديث زميلي و ابن جيلي ماهر فهمى من النقاد الرياضيين الذي يوصف في الوسط الرياضي .. الجيل الثاني الذي خلف جيل الأساتذة عبد المجيد نعمان ونجيب المستكاوي وناصف سليم وغيرهم من رواد النقد الرياضي في مصر .. ورغم معرفتي بالميول الفكرية لصديقي ماهر ، إلا أنه فاجأني بالتأكيد على كل كلمة قالها الدكتور مسعد .. مضيفاً إعزازه وتقديره واحترامه لمواقف الدكتور رفعت المعارضة للجماعة الإرهابية ومناهضته لحركة التأسلم .. وأن التاريخ سيظل يذكر له ذلك . ولندعو له جميعا بالرحمة والغفران بقدر ما أعطى من عمره دفاعاً عن قضايا الوطن والغلابة المطحونين .

التعليقات متوقفه