تكدس المواطنين أمام صيدلية الإسعاف يكشف حجم المعاناة…

91

 

معاناة حقيقية يعيشها المرضى الفقراء بسبب نقص الأدوية .. حيث يعانى سوق الأدوية منذ عدة شهور متتالية من نقص شديد فى العديد من الأصناف ..وهو الأمر الذى دفع المواطنين إلى التكدس أمام صيدلية الاسعاف فى طوابير طويلة لشراء تلك النواقص بعد اختفائها من جميع الصيدليات ..
زحام.. فوضى.. تكدس المئات من الرجال والسيدات فى طوابير طويلة تمتد لعدة ساعات ..هذا هو المشهد أمام صيدلية الاسعاف بوسط البلد, فأصحاب الأمراض المزمنة من سكر وضغط وقلب وأعصاب وقولون أصبح أملهم الوحيد أن يجدون الأدوية الأساسية لهم بالصيدلية ..وعدم وجود هذه الأدوية لا يعرضهم فقط للشعور بمزيد من الألم ولكن قد يعرضهم إلى الموت ..فهم لا يستطيعون الاستغناء عنها ..

أزمة نقص الأدوية..ليست أزمة جديدة ولكنها توالت مرات عديدة أثناء فترة ولاية الوزير “خالد عبد الغفار “السابقة..وبدلا من محاولة حل الأزمة إلا أن الحكومة تسير عكس التيار، حيث أشار نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة د”خالد عبد الغفار “فى تصريحات له عقب بيان الحكومة أمام البرلمان إلى ضرورة ارتفاع أسعار الدواء فى مصر لأنها الارخص فى العالم وتباع فى الخارج ب 50 ضعفا وتجاهل الوزير أن هناك العديد من الاصناف الدوائية ارتفعت أسعارها بشكل مبالغ فيه خلال سنوات قليلة بنسب تصل إلى 50% للمحلى و80% للمستورد, ووفقا لبيانات منصة Medbelle العالمية للرعاية الصحية والممولة من الصندوق الاوروبى للتنمية الاقليمية فى عام 2021 فإن مصر تأتى فى المرتبة التاسعة فى قائمة أرخص دول العالم فى بيع الدواء, ولم تأت فى المرتبة الأولى كما ذكر الوزير
ورغم تصريحات رئيس الوزراء ووزير الصحة المتكررة بحل الأزمة وتوفير الأدوية الناقصة, ورغم حديث الحكومة المتكرر عن توطين صناعة الدواء فى مصر إلا أن الواقع عكس ذلك تماما.. فهناك كمية من الشكاوى المرعبة بشأن نقص الدواء فى المستشفيات العامة والصيدليات منها شكوى جماعية من مرضى المستشفيات الجامعية بمحافظة أسيوط من عدم توافر الأدوية وعدم وجود حقن الصبغة مما يعرض حياتهم للخطر, ورغم أن المرضى تقدموا بشكوى للمحافظ منذ أسبوعين ولكن بدون جدوى, وهناك استغاثات متكررة بعدم وجود حقن مذيبات الجلطات فى المستشفيات العامة…ومن أبرز الأدوية المختفية من السوق فى الوقت الحالى “الانسولين” والمشهد أمام صيدلية الاسعاف والطابور الممتد لساعتين أو ثلاثة للفوز بعلبة أنسولين مكستارد رغم زيادة السعر من 60 جنيها إلى 93 جنيها يؤكد حجم المعاناة التى يعيشها المرضى ..كما أن اختفاء حقن اندوكسان المستخدمة فى جلسات العلاج الكيماوى يهدد مرضى الأورام حيث يعانى آلاف المرضى فى معاهد ومستشفيات علاج الأورام من تأخر جلسات الكيماوى لنقص واختفاء حقن اندوكسان ورغم إرسال استغاثات لمكتب رئيس الوزراء والمكتب الفنى لرئيس الوزراء من قبل جمعية الحق فى الدواء إلا أن الأزمة لا تزال قائمة ..
كما أن هناك نقصا فى أدوية عديدة منها أدوية سيولة الدم ومذيبات الجلطات، وأدوية علاج أمراض الأورام السرطانية ,وأدوية التصلب المتعدد وكذلك اختفت من الأسواق عقاقير علاج أمراض الكبد، وأدوية قرحة المعدة وضغط الدم، وأدوية الجيوب الأنفية وأمراض القلب والغدة الدرقية، وعشرات الأنواع من المسكنات والمضادات الحيوية والفيتامينات، كما اختفى البنج المستخدم فى عمليات التخدير والمحاليل فى المستشفيات العامة وأدوية الشلل الرعاش ولبن الأطفال المدعم الأمر الذي استغلته مافيا السوق السوداء فى رفع الأسعار إلى ضعف ثمنها الأصلى فعلبة اللبن يصل سعرها إلى 500 جنيه ..
كما أن كل أصناف علاج مرض الصرع والاكتئاب والوسواس القهرى والرهاب ومرض فرط الحركة مازالت غير متوفرة بسبب عدم استيراد مواد خام ..
مرضى التأمين الصحى
الأزمة غير قاصرة على المستشفيات والصيدليات فحسب بل تعانى فروع التأمين الصحى من نقص كبير فى الدواء وأيضا المستلزمات الطبية مما أدى لاغلاق غرف العمليات فى فروع التأمين فى محافظة بنى سويف ..
وفى عيادات التأمين الصحى بالقاهرة والجيزة اشتكى الكثير من المترددين على تلك العيادات انهم يأتون من الساعة السابعة صباحا لحجز أدوارهم من أجل صرف أدويتهم وينتهى بهم المطاف للجلوس فى الصيدلية انتظارا للصيدلى الذى يصرف لهم بعضا منها, وباقى أدويتهم يقوم بفصلها فى روشتات جديدة لصرفها من صيدليات التامين ان وجدت، أهم نواقص الأدوية فى صيدليات التأمين الصحى أدوية سيولة الدم ومذيبات الجلطات، بعض أدوية الضغط وأدوية التصلب المتعدد وأدوية قرحة المعدة والغدة الدرقية, والسكر والمضادات الحيوية والفيتامينات وأدوية الشلل الرعاش, وبرتوكول علاج مرضى فرط الحركة .
حالات كثيرة اشتكت من نقص أدويتهم التى يقومون بصرفها منذ سنوات..و تصرف لهم بشكل دورى كل شهرين لمدة سنة بعد موافقة لجنة الدواء على صرف تلك الأدوية ومنها دواء خاص بالسيولة أدوية مستوردة, ومرضى السكر وأمراض الدم كانت شكواهم أن أى دواء مستورد وسعره غالى يتطلب صرفه موافقة عليا من لجنة بمجلس الوزراء ..رغم أن المرضى يصرفون نفس الأدوية من عدة سنوات..هذه الشكوى متكررة من مرضى التأمين الصحى الشامل.
احتجاز المواد الخام
فيما أوضح د”على عوف”رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية أن سبب تفاقم أزمة نواقص الأدوية هو احتجاز المواد الخام فى الموانئ مشيرا أن هناك نحو 1000 صنف غير متوفر .
سعر الصرف
فيما رأى “محمود فؤاد ” المدير التنفيذى لجمعية الحق فى الدواء أن تفاقم الأزمة يرجع إلى قيام الشركات بتخزين الأدوية انتظارا لارتفاع الأسعار ..موضحا أن الأزمة بدأت منذ حوالى عامين بسبب نقص المواد الخام نتيجة ارتفاع سعر الصرف وعدم قدرة الشركات على توافر المواد الدولارية لاستيراد المواد الخام.
وأكد “فؤاد “أن هناك أكثر من 1000 صنف دوائى ارتفعت أسعارها خلال العام الماضى بنسب تراوحت بن 25%و 60% مشيرا إلى أن الزيادة وصلت خلال الايام الحالية إلى 60% للمحلى و80% للمستورد .
ووصف “فؤاد” تصريحات وزير الصحة بشأن سعر الدواء المصري بأنه أقل ٥٠ مرة من الخارج بالصادمة مشيرا إلى وجود تحريك أسعار بشكل متتال من لجنة تسعير الدواء التابعة للهيئة المصرية للدواء بداية من عام 2023 ونتج عن ذلك تحريك نحو 1000 صنف .
وأوضح أن مصر عانت خلال آخر سنتين من ظاهرة نقص الدواء بسبب نقص المواد الخام المستوردة كنتيجة للأزمة الاقتصادية وتذبذب سعر الصرف …وطالت الأزمة أصناف تعتبر منقذة للحياة .
وأكد فؤاد أن مبيعات الدواء فى مصر وصلت إلى نحو 3 مليارات دولار فى السنة عام 2023 بدون مبيعات القوات المسلحة والداخلية ومناقصات وزارة الصحة وهذا يعنى أن مصر تعتبر أكبر سوق فى المنطقة ..
نظام تسعير غير عادل
وأوضح أن مصر منذ عشر سنوات كانت تخضع لتسعير الأدوية وفقا لقرار وزير الصحة بنظام ( التسعير الأقل للدول المجاورة ) ثم تم التسعير وفقا للقرار 413 لسنة 1991 وهو “حساب التكلفة وهامش الربح للشركات والتوزيع ثم الصيدليات “وفقا للتسعير الاجبارى الذى بدأ عام 1988.
وأوضح أن التسعير يتم وفقا لأرخص سعر فى دول المرجعية التى حددتها منظمة الصحة العالمية ب 36 دولة (للاسترشاد بأسعارها وعلى الوزير الأخذ بها أو لا مشيرا إلى أن هذه الدول هى الدول الصناعية الكبرى وبها قوانين تأمين صحى شامل وهو الأمر الذى تفتقده مصر .
وتابع فؤاد أن هذا النظام فى التسعير غير عادل حيث أصبح الدواء يخضع لآليات السوق والعرض والطلب وشبهات الاحتكار, فالمتحكم فى السعر هو سياسة العرض والطلب وهو ما يجعل الدواء سلعة تباع لمن يستطيع خاصة أن هناك أكثر من ملايين من الشعب المصرى غير مشتركين فى نظام التأمين الصحى الذى يشترك به 63% من المواطنين فقط ..والملايين الأخرى لديهم مشاكل فى الحصول على الدواء.
وأشار فؤاد أن مصر بها حوالى 17 صنفا دوائيا مسجل رسميا تتم صناعة 90% منها وتقوم بالتصنيع 176 شركة تمتلك مصانع و7 شركات قطاع أعمال و22 فرعا لشركات أجنبية و1200 شركة تجارية لا تمتلك مصنعا .
وأكد أن ازمة نقص الدواء والارتفاعات المتتالية ستجعل المواطن المصرى يئن وغير قادر على تحملها. وحذر فؤاد من خطورة الزيادات فى أسعار الدواء المتوقعة خلال الفترة القادمة.

 

التعليقات متوقفه